في حوار مع 26 سبتمبر.. اللواء خالد باراس: الوَحْـدَة ثابتة؛ لِأَنها ليست معزولةً أَوْ بعيدة عن الواقع وَستبقى وَإن كانت ستتعرض لبعض الهزات
– الحلُّ بانتهاء الحرب ورفع الحصار والبدء بمهمة ضرورية أن تنهض كُلّ محافظة بنفسها وتُدعم من الدولة المركزية دعماً سخياً كي لا يشعر الناس فيها بضيم أَوْ بتفرقة أَوْ بشيء من العنجهية والعشوائية
– مَن يقودون المعارك في مختلف الجبهات قادةٌ عباقرة، وَبعد أن تنتهي الحرب ونبدأ بالتسويات السياسية سنعرف أَكْثَــر من عبقري من قادة الجيش واللجان الشعبية الذين أبدعوا فعلاً ووفروا لأهلهم الأمن في المدن
– بالتعامل القاسي والتهجير والتعرض لإهانات ومظالم وتراكمات يريدون أن يخلقوا شرخاً يبعد الجَـنُـوْبيين عن الشماليين ويصبحوا وحدَهم لينفرد بهم الاحتلال
– بعض الجَـنُـوْبيين حصلوا على وعود بأنهم سيكونون جزءاً من مجلس التعاون الخليجي
– المشكلة التي يجبُ أن نتساءل حولها تتمثل في العداء الشخصي لأَبْـنَــاء المحافظات الشمالية
– مَن يحمّلون الوَحْـدَة الأخطاء سواءٌ أكانوا في الجَـنُـوْب أَوْ في الشمال هم أنفسهم الذين أوجدوا هذه الأخطاء
– القضية الجَـنُـوْبية هي عبارة عن حُزمة من المظلوميات أفرزتها أحداث 94
– الأقاليم تكونُ صالحةً فقط لو كانت الـيَـمَـنُ في حالة من التطور والاستقرار والتضخم
حاور: أحمد ناصر الشريف
– وشعبنا الـيَـمَـني يحتفل بالعيد الوطني السادس والعشرين الـ22 من مايو.. كيف تقرأون المشهد السياسي الـيَـمَـني في ظل العُـدْوَان الظالم إلَـى يتعرض له الوطن؟
لا شَكَّ أن يومَ 22 مَايو 1990م الذي نحتفلُ بذكراه السادسة والعشرين هو يومُ الجمهورية الـيَـمَـنية الذي تم فيه تأسيسها، ونحن ننتظر الاحتفال بهذه المناسبة من خلال إقامة الفعاليات المختلفة رغم أجواء الحرب العُـدْوَانية وما تعرض له الشعب الـيَـمَـني من ظلم ولكن لَا بُـدَّ لهذا اليوم الذي يشكل علامة فارقة في تأريخ الـيَـمَـن أن يكون حاضراً؛ لِأَنه حدث تأريخي هام جداً وفريد أيضاً.
لا أدري كيف أبدأ توصيف وشرح ما أتوقعه خلال الفترة القادمة لوضع الوَحْـدَة أَوْ ما يمكن أن تتعرض له بسبب العُـدْوَان من مؤامرات.. وبالتأكيد أن التداعيات ستكون سلبية وخطيرة ليس بالنسبة للوحدة كوحدة تحققت للشعب الـيَـمَـني في 22 مَايو 1990م ولكن للوطن كله.. هي تداعيات سلبية ليس هناك فيها ما يمكن أن نقول عنه إنه إيجابي.. هي سلبية تماماً على الـيَـمَـن كوطن كامل وعلى وحدته وعلى نسيجه الاجتماعي وعلى سلامة أَرَاضيه.. وما حدث له من تدمير وتخريب ملفت ومزعج وغير معقول خلال فترة العُـدْوَان.
ومع كُلّ ذلك أقول: إن الوَحْـدَة ثابتة؛ لِأَنها ليست معزولة أَوْ أنها بعيدة عن الواقع.. أَوْ أن ليس لها أصولها وحيثياتها الوطنية.. فهي ليست بعيدة أَوْ قريبة بمعنى أنها تحققت هكذا عشوائياً وليست لها ما يبرر ضرورة تحقيقها.. ولأنها كذلك فالشيء الطبيعي والضروري أنها ستبقى وَأَن كانت ستتعرض لبعض الهزات نتيجة لما أشرنا إليه قبل قليل من تداعيات الحرب العُـدْوَانية وما أحدثته في واقع الوطن نفسه.. لكن هي ستكون باقية؛ لِأَنها أصلاً نشأت من واقع مهيأ في ذلك الوقت؛ لِأَن تتحقق.. ولو رجعنا إلَـى ذكرياتنا قبل خمسين عاماً سنجد أنه في الجَـنُـوْب عندما كانت دولة قائمة وبالتحديد في السبعينات من القرن الماضي تأسس هناك وترسخ شعار يدل على أصل الإيمان الصادق بالوَحْـدَة الـيَـمَـنية وبوحدة الوطن الـيَـمَـني كوطن.. هذا الشعار هو الذي كان سائداً ونردده في المعسكرات وفي الجامعات وفي المدارس ونردده في مؤسسات الدولة في كُلّ الاحتفالات والمناسبات هو: «لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة الـيَـمَـنية وليس عن ثورة 14أكتوبر وإنما الثورة الـيَـمَـنية بما معنى أنها هي ثورة 14أكتوبر وثورة 26سبتمبر وتنفيذ الخطة الخمسية الخَـاصَّـة بالجَـنُـوْب، وهذه الخطة الخمسية هي عبارة عن مجموعة مشاريع بما فيها ما يتعلق بالوَحْـدَة من حيث التوعية والثقافة في المدارس أَي أنها خطة خمسية متكاملة مع التنمية الناشئة وتحقيق الوَحْـدَة الـيَـمَـنية».. هذا الشعار دليل قاطع على أن الوَحْـدَة كانت هدفاً وطنياً هاماً وضرورياً، ولابد منه في الجَـنُـوْب.
وهناك من يقول: إن الجَـنُـوْبيين أَكْثَــر وحدوية من الشماليين أحياناً.. أنا أنظر لهذا القول بشكل آخر.. الجَـنُـوْبيون؛ لِأَنهم كانوا حينها عائشين ضمن مشروع ونهج سياسي وحزب سياسي واحد، ونظام سياسي ذو توجه ممنهج وواضح كانت الدعاية والعمل من أجل الوَحْـدَة عمل مشروع ورسمي ويتبناه النظام.. بينما ما كان حادثاً في الشمال وضعٌ مختلفٌ، حيث لم يكن يوجد فيه مثل هذا الإطار السياسي الواحد الشامل المنسق لمشاعر الناس نحو الوَحْـدَة.. هم كانوا في الشمال يفهمونها على أَسَـاس أن الجَـنُـوْب جزء من الشمال.. الجَـنُـوْب هو يمن والجَـنُـوْب أرض يمنية مثل ما تقول هذا حقنا.. كانت هذه النظرة عند المواطن العادي.. لكن عند المثقفين وقد كنا نراقب ذلك في كتاباتهم وأشعارهم بأن الوَحْـدَة والنظر إليها ومفهومها كان متماسكاً تماماً مثلما هو حادث في الجَـنُـوْب.
وما دام الأمر كذلك فستظل الوَحْـدَة قائمة ولكن كما هناك ما يجب أن يكون عملاً منظماً لدى الذين يؤمنون حقاً أن الـيَـمَـن بحاجة أن يبقى دولة واحدة بأي شكل وبأية كيفية وهذا يدرسه ويبت فيه ممثلو الشعب أنفسهم وفقاً لواقع ما بعد العُـدْوَان وليس بمفهوم ما قبل العُـدْوَان؛ لِأَن العُـدْوَان ونتائجه وما خلفه وما حدث وما قد يحدث شيء مرعب وشيء هائل من المشاكل التي لا يمكن تجاوزها بأي حال، ولذلك لَا بُـدَّ أن يكون لكل شيء نفكر فيه حساباته ضمن تقديراتنا؛ لِأَن الأمر مختلف تماماً عما كان عليه الوضع قبل العُـدْوَان.
– كنتم نائباً لرئيس لجنة تحديد الأقاليم في مؤتمر الحوار الوطني.. ألا ترون بأن الأقاليم كان الهدف منها تقطيع أوصال الـيَـمَـن.. أم أن لكم حولها نظرة أُخْــرَى لا تضر بالوَحْـدَة الـيَـمَـنية؟
الذي يتحدث اليوم عن مخرجات الحوار الوطني لا شك أنه سيقول إننا متمسكون بمخرجات الحوار الوطني ولن ننعزل عنها.. أنا كنت نائب رئيس لجنة تحديد الأقاليم ومن المتحمسين للأقاليم لكني لم أنظر لها كما ينظر لها البعض من أن الأقاليم هي تقسيم وتشتيت الـيَـمَـن وتجزئته وتمزيقه بحسابات فيها من المنطق الكثير.
لكن أنا لما كنت متحمساً للأقاليم أتخيل أمامي أن محافظة حضرموت لوحدها مهيأة لتكون أفضل إقليم في الدولة الاتحادية الـيَـمَـنية حتى بدون محافظتي شبوة والمهرة وبدون أية محافظة أُخْــرَى وستكون أُنموذجاً للإقليم الحي الداعم المرسخ لوحدة الـيَـمَـن.. هذا تقديري.. وأنا أعتقد أنه حتى محافظة الحديدة- تهامة- تشبه إلَـى حد كبير حضرموت ولذلك لم أكن أنظر لها نظرة تشاؤمية، وبأنها تفتيت وتشتيت.. ربما أكون أنني لم أكن مطلعاً على خفايا النظرة التي تتشاءم أَوْ التي ترفض مسألة الأقلمة وتعتبرها تجزئة للـيَـمَـن بالكامل.. لكن أنا اعتبر أن المركزية الشديدة جداً والقابضة على كُلّ شيء هي من ضمن أخطر الأسباب التي يمكن أن تتسبب في تجزأت الـيَـمَـن.
إذاً نحن أَمَـام احتمالات كثيرة ما بين تصور والبحث عن الحل الأفضل.. إلَـى الآن مازال البعض منا يقول الأقاليم هي العلاج وهي الصح، وأنا اعتبر هذا النفر الذي يقول هذا الكلام انه يعتمد قوله من أجل يطلع الضغط وهو يعرف أنه يتجاهل الحقائق والواقع.. مش معقول أبداً.. نحن الآن لَا بُـدَّ أن نفكر كيف نبحث عن بقايا سلطة الدولة الـيَـمَـنية المبعثرة حالياً من أجل تجميعها في أربع أَوْ ثلاث محافظات دفعة واحدة، أَوْ حتى نجمعها في مديرية ومن ثم نوصلها إلَـى المحافظة ونمسك المحافظة بحدودها الراهنة ونقول هذه هي السلطة الإدارية والمحلية والأمنية ونحصل على صلاحيات ممتازة جداً بحيث تنهض ثم يستطيع الناس أن يفكروا في ماذا بعد وأي الأفضل.
أما أن نقول إن هذه الأقاليم والأقلمة هي شر وهي شيطان فهذا اعتقد ليس صحيحاً.
– هل تعتقد بأن الأقاليم صالحة للـيَـمَـن ويمكن أن تبنى على أَسَـاسها دولة اتحادية؟
الأقاليم تكون صالحة لو كانت الـيَـمَـن في حالة من التطور والاستقرار والتضخم وسائرة على ما يرام والسلطة المركزية قد أعطت بعض الصلاحيات ولم يبقَ إلا أن تجمع الكتل ونمنح الصلاحيات لكل محافظة على حدة مثل أن نعطي صلاحية لكل أربع محافظات ونحسبها إقليماً، ونرتبه ونكون في هذه الحالة قد خطينا خطوات تمهيدية له.. هذا هو المنطق الحقيقي.
– ما هو الحل لإخراج الـيَـمَـن من أزماته؟
الحل يتمثل في انتهاء الحرب ورفع الحصار وعندما يبدأ الناس بإعَــادَة البناء وهنا ستكون أمامنا أول مهمة رئيسية ضرورية هي أن كُلّ محافظة تنهض بنفسها وتدعم من الدولة المركزية دعماً سخياً بحيث لا يشعر الناس في هذه المحافظة أَوْ تلك بضيم أَوْ بتفرقة أَوْ بشيء من العنجهية والعشوائية والمواطن هنا وهناك يشعر بالظلم وعلينا أن نعتبر بما حدث خلال السنوات الماضية، فبعد قيام الوَحْـدَة مباشرة حدثت الكثير من الأمور المنفرة والناس جدد خصوصاً أولئك الذين جاءوا من عدن إلَـى صنعاء وكانوا يشعرون أنهم مثل الأجانب وواجهوا كثيراً من الصدود ومعاملة غير سليمة منفرة للجميع وكان لكل واحد من له حكاية حتى أنا حدثت لي حكاية وهو ما يجعل الإنْسَـان يخرج عن طوره كوحدوي فيتحول إلَـى انفصالي.
على سبيل المثال أنا واحد من الذين تعرضوا للمضايقات وأتذكر أنه في يوم الـ17 من أغسطس 1993م حدثت لي حادثة نرفزتني وخرجت بسببها عن طوري، وقد شعرت بها أنها محاولة اغتيال لي أنا وأولادي وكانت عندي دلائل تؤكد صدق ما أقول، ولكن لم أجد من ينتبه لهذه المسألة ويوقفها.
هذا حدث بحقي في الدم الثائر الوطني والمناضل الذي ناضل والذي ثار لا يقبل على نفسه أن يعامل بتلك المعاملة وبالنسبة لي أنا تصرفت بسرعة وزايدت في هذا التصرف.. على كُلّ حال الآن نحن بحاجة إلَـى خلق ظروف مناسبة تمهد لوحدة جاذبة، وأعني بذلك ينجذب لها الناس ومتى ستكون جاذبة إذا اختفى الظلم أَوْ الحد من هذا الظلم يؤشر إلَـى أن الإرادة السياسية للبلد الدولة هي إنهاء الظلم ويتنازل المركز المقدس عن صلاحياته ولا يبقى منها إلا ما هو ضروري فقط، ويعطى لكل الوحدات الإدارية التي هي المحافظات حتى تنهض وتقف على أقدامها ثم يشعر المواطن أن هناك عدالة وهناك قانون يخضع له الجميع.. وإذا ما حدث ظلم ولا توجد عدالة لمواطن أَوْ لقبيلة أَوْ لحزب أَوْ لمنظمة أَوْ لتكتل معين يجد النافذة أَوْ القناة التي يوصل إليها شكواه وفقاً للقانون ويجد من يلتقطها ويملكها وبحيث يشعر هذا المواطن المظلوم أن هؤلاء الذين استلموا قضيته لا يخضعون لأحد من هذه الكتل وأنهم سينظرون في قضيته حتى لو تأخروا فيها.. وهذا المواطن المظلوم الذي تم إنصافه لاشك أنه يحكي للناس ويجد الآلاف يتابعونه.. لكن عندما يشعر أن قضيته لم يهتم بها أحد وأَصْبَحت حبيسة الأدراج فإن الناس سيفقدون ثقتهم في العدالة نهائياً.
– هناك تصاعُدُ حالات عداء للوحدة من بعض المكونات في الجَـنُـوْب كيف تنظرون إليها أَوْ تفسرونها؟
العداءُ للوحدة سبق أن حدث لدرجة إعلان الانفصال عام 1994م وحدث فيما بعد المطالبة بفك الارتباط عن طريق الحراك الجَـنُـوْبي وحدثت أَيْـضاً فيما بعد من قبل شخصيات شاركت في الحوار الوطني وقدموا رؤية معقولة وتقبلها المتحاورون، ووصلوا إلَـى نتائج لمعالجة العداء للوحدة، وكانت الأمور تسير سيراً حسناً لكن العُـدْوَان الذي تم شنه على الـيَـمَـن خلط الأوراق وتوقفت الكثير من هذه الأمور التي كانت ستأتي ثمارها.
لكن المشكلة التي يجب أن نتساءل حولها تتمثل في العداء الشخصي لأَبْـنَــاء المحافظات الشمالية.
– هل تقصد ما يحدث من تهجير من عدن لأَبْـنَــاء تعز؟
نعم هناك عداء موجود لأَبْـنَــاء الشمال وبالذات في عدن.. هذه الظاهرة هي ظاهرة خطيرة وَأَن كنت لا اعتقد أنها من إنتاج جَـنُـوْبي، وإنما هي من إنتاج خارجي الهدف منها الفصل نفسياً وقطع علاقات وغير ذلك، والتأثير على التفاهم والإخوة بين الجَـنُـوْبي والشمالي بل والفصل ليس للشماليين فحسب وإنما للجَـنُـوْبيين الذين سيأتي اليوم يكونون فيه محتاجين لإخوانهم في الشمال حتى إذا انفصلوا فإنهم بهذه التصرفات يضعون حواجز تشكل سداً حديدياً بينهم وبين إخوانهم من خلال هذا التعامل القاسي والتهجير والتعرض لإهانات ومظالم وتراكمات يريدون أن يخلقوا شرخاً يبعد الجَـنُـوْبيين عن الشماليين ويصبحوا وحدهم لينفرد بهم احتلال ربما من نوع آخر وليس ذلك الاحتلال الذي يتصوره الناس..
الآن بعض الجَـنُـوْبيين الذين حصلوا على وعود يمكن يتوقعون بأنهم سيكونون جزءاً من مجلس التعاون الخليجي وأَبْـنَــاء حضرموت يرفعون علم السعودية وصور حاكمها ويعتقدون أنهم سيصبحون جزءاً من السعودية، لكن هذا التوجه قد لن يكون، سيأتون بمشاريع أُخْــرَى يقسمون من خلالها الجَـنُـوْب وسيختلفون حتماً على ثروات الجَـنُـوْب وسيختلفون أَيْـضاً على مساحته الكبيرة كمساحة وسيأتي اليوم الذي سيتصادم فيه الجَـنُـوْبيون مع بعضهم نيابة عن الآخرين وربما يكون المخطط في النهاية بأن الذي سيستعمرهم شركة وليس دولة من الشركات عابرات القارات ولا يعلم إلا الله إلَـى أين تنتمي هذه الشركات.. والى أية دولة.. ولا يستبعد أن تكون منتمية إلَـى إسرائيل.
– بعد هذه المقدمات التي بدأت تطفو إلَـى السطح.. هل تعتقد أن التواجد العسكري الأَمريكي والبريطاني في المكلا وعدن والعند سيكون له تأثيرات كارثية على وحدة الأَرْض الـيَـمَـنية.. ما قراءتكم لهذه المعطيات؟
أنا أتصور أن الذي يحدث حالياً هو مدفوع من جهات خارجية والسعودية والإمَـارَات لا اعتقد أنهم وراء مخطط ما يحدث وإن كانوا مشاركين في تنفيذه لاشك أن المخطط كبير.. قد تكون وراءه بريطانيا التي لها ثأر مع الجَـنُـوْب؛ لِأَنه أنهى امبراطوريتها التي لا تغيب عنها الشمس وربما أن بريطانيا رأت أن الثور على وشك السقوط فحدت سكاكينها لتقطيعه.
وهناك شخصيات مرتبطة بها وجواسيس كثيرون ورجال استخبارات كانوا يعتقدون أن الشمال مغلوب على أمره وأنه بمجرد شن العُـدْوَان عليه سينتهي ويتفتت وأنه لن يصمد أَمَـام هذا التحالف الكبير، وما عليهم إلا أن يأخذ كُلّ منهم قسمه من هذا الثور.
– حالياً هناك جيش يتشكل في حضرموت على غرار جيش البادية.. ما الهدف من تشكيل هذا الجيش؟
ليس في حضرموت وحدها وإنما قد تم تشكيل جيوش كثيرة ودربت.. دربوا كثير من الشباب وخَـاصَّـة الشباب العاطلين وبعضهم يسمونهم الميليشيات وبعضهم مقاومة.. يدربونهم في عدن وفي صلاح الدين، وفي صبر ونفس الشيء في حضرموت، حيث كانوا يتدربون في منطقة رماه، لكنهم بَعيداً عن تشكيل جيش البادية الحضرمي، فذلك تختلف تشكيلته تماماً كان بطريقة منتقاة ومحددة وفق الخارطة للقبائل والعائلات المعروفة في حضرموت، لكن الآن في ظل ظروف الحرب والبطالة والمشاريع المطروحة مثل مسألة قيام دولة حضرموت وتسمية الجَـنُـوْب العربي ويقولون إنه جزء من الخليج ومن السعودية.
أنا أعتقد أن ما يحدث كان مخططاً له من قبل ولم يحدث فجأة.. لقد كنا متابعين، والكل كانوا يعرفون أنهم كانوا يتدربون في معسكرات، لكن يوجد شيء خطير حدث في عدن بالذات، ويتمثل في تشكيل ما أطلقوا عليه الجيش الوطني.. فما سمي بالمقاومات التي نشأت مع وجود الجيش الـيَـمَـني واللجان الشعبية في عدن كان كُلّ من يعلن استعداده لمقاتلة الحوثيين وميليشيات صالح- حسب زعمهم- يتم تسليمه سلاح وينضم إلَـى المقاومة والمقاومات المنظمة هي تلك التي لها علاقة بداعش أَوْ بتنظيم القاعدة أَوْ بفصائل من السلفيين أَوْ بحزب الإصْــلَاح.. هؤلاء هم الذين استفادوا من هذه التشكيلات وزجوا بمقاوماتهم في القتال.. الآن لديهم مشاكلهم وستظهر هذه قريباً.. خصوصاً عندما تبدأ الصراعات السياسية والخلافات بين الكتل سيجدونها موجودة داخل المعسكرات.
– ما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به الحراك الجَـنُـوْبي وتحديداً مكون الحراك المشارك في مؤتمر الحوار الوطني؟
الحراك الجَـنُـوْبي تأثر جداً عندما انتقل الرئيسُ المنتهية صلاحيته عبدربه منصور هادي عندما جاء إلَـى عدن وبدأت الخلافات والصراعات، وأجواء الحرب انعكست على الحراك نفسه، حيث طرح السلاح الفتاك الذي كان بيده والمتمثل في السلمية التي تخلى عنها.. تخلى عن هذا النهج السلمي وتوزع الكثير منهم في المقاومات بعد أن حملوا السلاح، وهذا أثر كثيراً جداً على العقلاء والذين فهموا أن هذا السلاح السلوك غير السلمي لن يأتي بخير بقوا في منازلهم وآخرون كان عندهم وعد, بل وعود اكتشفناها على أن التحالف العربي أصلاً جاء يؤدب الشماليين ويوقفهم عند حدهم ويعطيكم حق الانفصال وتشكيل دولة وهم صدقوا واعتبروا أن هذا الوعد حقيقة، وتعاملوا معه انفرادياً وليس كقيادة جَـنُـوْبية متكاملة لها هيكلها ولها شخصياتها، واتفقت مع هذه الجهات ووقعت محضر اتفاق معها تحت مسمى نحن ممثلو الجَـنُـوْب نتفق مع التحالف العربي بدعمه والسماح له بإنزال قواته في الأَرَاضي الجَـنُـوْبية على أَسَـاس أن يساعدنا للخروج من الوَحْـدَة مع الشماليين، وفي هذه الحالة سيكون الاتفاق موقعاً بوثيقة، لكن عندما يأتي رجل استخبارات سعودي أَوْ إمَـارَاتي أَوْ أَمريكي أَوْ بريطاني ويقول: إنه شخصية كبيرة يمثل دولته وهو مجرد رجل استخبارات يريد أن يمشي عمله ويرفع تقارير ويربط ويحدد مصير ناس آخرين وهؤلاء في الحراك يعتقدون أنهم يوقعوا اتفاقاً مع قيادات كبيرة.
– بعد أن أثبت العُـدْوَان فشله في تحقيق أَهْـدَافه ووعوده لهم.. هل هناك من تراجع عن حساباته الخاطئة؟
بالنسبة للذين يفكرون بعقولهم نعم.. هؤلاء من المؤكد أنهم راجعوا حساباتهم.. لكن الذين يفكرون بعواطفهم ورغم اكتشافهم أن تلك الوعود لن تتحقق إلا أنهم استمروا في غيّهم؛ لِأَن لهم مصالح شخصية ويتغاضون ويروجون أنهم ماشون، وأن الجَـنُـوْب خلاص أَصْبَح بأيديهم.. الآن الذين يتصرفون ويهجرون إخوانهم من المحافظات أَبْـنَــاء الشمالية لا يقوم بهذا العمل إلا من يكون قد واستولى على السلطة وأَصْبَح الأمر كله بيده، ويكون الجَـنُـوْب تحت أمره وسلطته وأجهزته وتياره وسلاحه وجيشه ويكون ماشياً في ترتيبات الفصل بالقوة من طرف واحد.. لكن هؤلاء يقومون بمثل هذه الأعمال عبارة عن مزاج ويقولون أن ذلك العمل يتعلق بناحية أمنية وكأن هؤلاء هم سبب الاختلالات الأمنية وحتى الذين في حضرموت يسيرون في نفس الطريق الخطأ، فالانفجار الذي حدث في الشرطة العسكرية أعلنوا في البداية أن الانتحاري شمالي ولكن اتضح أنه حضرمي من آل تميم، وللأسف الشديد هناك من يدعي أن الجَـنُـوْب الـيَـمَـني هو الجَـنُـوْب العربي.. وهذا الادعاء صار يصدر من شخصيات محسوبة على التيارات القومية والناصرية وغير ذلك يقولون جَـنُـوْب عربي، وهم الذين حددوا من الخمسينيات أنه جَـنُـوْب يمني، وعندما استلقينا وطردنا الاستعمار البريطاني أطلقنا على الدولة الوليدة جمهورية الـيَـمَـن الجَـنُـوْبية الشعبية.. ومثل هذه الأمور لاشك أنها تعمق الخلافات فيما بينهم وعليه يجب على الجَـنُـوْبيين أن يتفقوا فيما بينهم أولاً على شكل الوَحْـدَة ربما يكون مقبولاً معقولاً ومنطقياً، ولازم يتفهموا ماذا يريد المجتمع الدولي والإقليمي.. أيضاً هؤلاء جميعهم يقولون إن الـيَـمَـن سيبقى موحداً.
– لكن هذه الأحقاد قلبت المعادلة وحولت الإخوة إلَـى أعداء.. منْ أوجدها؟
جزءٌ كبيرٌ من هذه المعادلة هم من أَبْـنَــاء الشمال التقت مصالحهم مع الجزء المقابل من أَبْـنَــاء الجَـنُـوْب وهم الفاسدون والأنانيون، والطيور كما يقال على أشكالها تقع.. الجَـنُـوْبيون الفاسدون والشماليون الفاسدون مصالحهم توحدت بعد عام 1994م وانتشروا في الجَـنُـوْب يقطعون الأَرَاضي بالكيلومترات ويستولون على المباني الحكومية ويحولونها إلَـى شخصية، واستولوا على مساحات كان يطلق عليها البعض تندراً بالمستوطنات، فحدثت أشياء كثيرة أثرت في نفوس الناس، والغريب أن بعضهم يدّعي أنه هو المخلص الوحدوي؛ لِأَنه من الشمال، بينما لا يعرف من الوَحْـدَة إلا اسمها، ويفرض على الآخر من الجَـنُـوْب الذي عليه الشبهة أن يستمع له بالقوة وإلا في نظره هو انفصالي، ومثل هذه التصرفات شكلت تراكمات في نفوس الناس، أما الجَـنُـوْبي المتعصب مع نفسه ورأسه فارغ فقد وجد له أناس مثله فارغة رؤوسهم، وهؤلاء جَميعاً بتصرفاتهم ساهموا في عرقلة مسيرة الوَحْـدَة وأنتجوا لنا هذه التركة الصعبة.. وهي الأحقاد والضغائن التي تحولت إلَـى عداوة وبغضاء.. وإن كنت متأكداً أن هذه الأحقاد ليست شعبية.. ليست على مستوى الشعب، وعلينا أن نبحث لنعرف من الذي يحركها من الناس الموجودين في عدن ومن أية فئات اجتماعية ومن أَي منطقة ينطلقون، ومن أَي حي في عدن، من دار سعد، أَوْ من المنصورة، أَوْ من الممدارة، ومن هؤلاء؟ وإذا ما اكتشفنا نوعيات معينة ستهدينا للوصول إلَـى الفاعل الحقيقي.
– لماذا يتم تحميل الوَحْـدَة الأخطاء وإدارة دولة الوَحْـدَة هي المسؤولة عن ذلك؟
هؤلاء الذين يحملون الوَحْـدَة الأخطاء سواء أكانوا في الجَـنُـوْب أَوْ في الشمال هم أنفسهم الذين أوجدوا هذه الأخطاء.. هنا مثلاً بعض الإخوة في المحافظات الشمالية يقولون إن الجَـنُـوْبيين متعودون على الاستعمار، ولذلك فهم لا يقاومون الاحتلال، ومثل هذا الكلام يولد رد فعل لدى الجَـنُـوْبيين.. ومثل هذا الكلام ينطلق من شخصيات لديهم عقليات تعودت على الاستبداد، وبذلك ينتجون استبداداً جديداً، لكنهم لا يشعرون به، وهذا يذكرنا بذلك المثل الذي يقول: «ضربني وبكى وسبقني واشتكى».. هم من المعطلين والواقفين في وجه مسيرة الوَحْـدَة ويأتي اليوم ويقول: لماذا لا يدافع الإخوة في الجَـنُـوْب عن الوَحْـدَة؟، أما المناضلون الحقيقيون والوطنيون من أَبْـنَــاء الجَـنُـوْب والذين كان لهم الفضل في إخراج الاستعمار والدفع بتحقيق الوَحْـدَة هم اليوم يعيشون في المحافظات الجَـنُـوْبية داخل بيوتهم ولا يحصلون على قوتهم اليومي.. لا سرقوا.. لا نهبوا، وتحملوا مسؤوليات، والآن فقراء في البلاد وموجودون في بيوتهم ولا أحد يسأل عنهم.
أنا أعتقد أن من يدعون إلَـى الانفصال أَوْ فك الارتباط سيصطدمون بجدار موقف المجتمع الدولي الذي لا يريد تقسيم الـيَـمَـن ليس حباً في الـيَـمَـنيين وإنما للمحافظة على مصالحهم، فأي إحباط وأية كآبة يمكن أن تنعكس على تفكيرهم وعلى أشكالهم عندما يصطدمون بهذا الواقع وخَـاصَّـة الذين تصرفوا انطلاقاً من أن كُلّ شيء قد أَصْبَح متاحاً أمامهم لتنفيذ مشاريعهم الصغيرة والضيقة.
– هناك معلومات تؤكد أن مقاتلين انتقلوا من المناطق الغربية في الجَـنُـوْب إلَـى المناطق الشرقية للقتال فيها.. هل سيكون لذلك انعكاسات سلبية؟
هناك من يرى ذهاب المقاتلين إلَـى حضرموت من أجل مساعدة الحضارم ويحافظون على حضرموت ويساعدون في استتباب الأمن والاستقرار.. أنا شخصياً انظر إلَـى هذا التصرف بأنه خاطئ حتى إذا كان أصحابه الذين قرروا يعتبرونه أنه واجب وطني عليهم لمساعدة أَبْـنَــاء حضرموت للدفاع عن حضرموت.. اليوم مثل هذا التصرف غير مناسب إذا كان مثلاً في السبعينيات أَوْ حتى بعد الاستقلال الوطني عام 1967م تحصل مثل هذه الحركة حيث كان ينتقل عسكريون وميليشيات إلَـى حضرموت أَوْ إلَـى المهرة أَوْ إلَـى أية منطقة لاستتباب الأمن فذلك الوقت كان متميزاً، بوجود ثورة شعبية لها نفوذها في جميع مناطق الجَـنُـوْب والقيادة واحدة وموجود أَيْـضاً إضافة إلَـى ذلك المؤسسات التابعة لها وفي نفس الوقت موجود في كُلّ محافظة رموز وقيادات وهامات من الثوار الوطنيين لهم نفوذهم ويتم الاستماع لهم، ويشكل وجودهم كقيادات بارزة في ثورة الجَـنُـوْب وفي الدولة وفي جميع المحافظات إذا أرسلوا أية قوة أَوْ دخلوا في أَي شيء كان مقبولاً في ذلك الوقت.
فمثلاً على عنتر وسالم ربيع رحمهما الله وعلي البيض موجود في حضرموت ويأتون إليه ناس من أبين أَوْ من الضالع يساعدون، فكانت الرموز الوطنية البارزة تغطي مثل هذه الأمور ولا تسمح بالحساسيات. لكن اليوم الناس مشتتون، ويادوب أية محافظة تقبل تدخل مديرية من داخلها أصلاً، فكيف تقبل محافظة مثل حضرموت أن يأتوا إليها من محافظة أُخْــرَى رغم أنهم ليسوا تابعين لدولة، ولو كان الجَـنُـوْب دولة بعلمها وجاءوا من أَي مكان هذا سيكون مقبولاً، لكن اليوم لا يوجد مثل هذا التوصيف، وهذا حتماً سيؤدي إلَـى حساسيات وإلى تناقضات، وأنا لماذا أقول هذا الكلام وأعرف أن البعض سيزعل منه،؛ لِأَنني أحسب حساباً وأعرف طبيعة تفكير الناس في الظروف الحالية.. فماذا لو تحولت الناس إلَـى صراعات ولو أن الذين جاءوا من عدن إلَـى حضرموت يمثلون دولة من دول التحالف، ودولة أُخْــرَى من دول التحالف مع أناس آخرين في حضرموت وقالوا اتركوا هؤلاء يتقاتلون نيابة عنا، الناس في حضرموت حافظوا عليها خلال فترة الحرب من بدايتها إلَـى اليوم وصبروا على الباطل الذي حدث لهم وصبروا على الإرْهَــاب، وعلى الظلم، عندما كانت داعش والقاعدة هي المسيطرة، وحسبوا حسابهم، وارتفعوا عنهم مع وجود ناس مدربين من أَبْـنَــاء حضرموت ومحافظ من أَبْـنَــاء حضرموت.. ليس هناك لزوم أن تأتي جماعات مسلحة من مكان آخر.. وقد حدث مثل هذا بعد الاستقلال عندما كنا في حضرموت يوم رفعنا شعار اليسار المتطرف.. يسار وما يسار.. خوف الدولة المركزية في عدن عندما كان قحطان الشعبي – رحمه الله- رئيساً.. القوات المسلحة في عدن قررت إرسال كتيبة لإخضاعنا في حضرموت، وهناك تحرك الناس وتجمعوا في المدخل الشرقي لوادي حضرموت، وجاءت الكتيبة ومسكت المنطقة ولم تكن بعيدة من المكان الذي يتجمهر فيه الناس وقد تداركناها.. الرئيس قحطان الشعبي- رحمه الله- كان رجلاً عاقلاً ورجلاً وطنياً، ومباشرة ونحن واقفون عنده رفع السماعة واتصل بقائد القوات المسلحة وقال له: «اسحبوا الكتيبة التي أرسلتموها إلَـى حضرموت».
– ما هو التوصيف المنطقي الذي يراه اللواء خالد باراس للقضية الجَـنُـوْبية؟
لا أجد أفضل توصيف للقضية الجَـنُـوْبية إلا ذلك الذي توافقت عليه كافة الأطياف السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني التي رأت أن القضية الجَـنُـوْبية هي عبارة عن حزمة من المظلوميات أفرزتها أحداث عام 1994م وعلى ضوء ذلك تم تقديم ما وصفوه بالاعتذار ليس لقضية الجَـنُـوْب فقط، بل ولقضية صعدة أيضاً.. كذلك وهنا دعني انتهز الفرصة من خلال صحيفتكم الموقرة وفي الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد الشهيد حسين بدرالدين الحوثي لأقول إنه كان رحمه الله عنواناً بارزاً للحكمة والعقلانية والإنصاف من تلك الأحداث مطلع تسعينيات القرن الماضي.
– أَيْـضاً كيف تصفون علاقة مكون الحراك الجَـنُـوْبي الذي شارك في مؤتمر الحوار الوطني بمكون أَنْـصَــار الله؟
علاقتنا كمكون الحراك الجَـنُـوْبي المشارك في مؤتمر الحوار الوطني والموقع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية وهذا يميزنا عن أَي مكون آخر أَوْ أَي تجمع حراكي آخر؛ لِأَنه موجود في الساحة الجَـنُـوْبية مكونات وفصائل للحراك وعلاقتنا طيبة مع الموجودين الأَسَـاسيين.. الإخوان في مكون أَنْـصَــار الله والإخوان في المؤتمر الشعبي العام وقد حاولنا بكل جهدنا أن نبقى على مسافة واحدة من الكل حفاظاً على الدور الذي يمكن أن يقوم به هذا المكون في حال المفاوضات بعد التسوية السياسية للأزمة، ولهذا علاقتنا طيبة وتجمعنا لقاءات شبه دورية وليس هناك ما يشوب علاقتنا، ومن الممكن أن نطور العمل في المستقبل، بحيث تكون هناك علاقة أوسع غير العلاقة على أَسَـاس مكون حراك.. وإذا كانت هناك حراكات أُخْــرَى ساءت علاقاتهم مع أَنْـصَــار الله والمؤتمر الشعبي فإن هذا لا يعنينا.
– هل هناك توجه لتوحيد كُلّ الحراكات الموجودة؟
نحن نتمنى أن يكون الحراك واحداً ولا يكون في صنعاء وإنما يكون في الجَـنُـوْب.. بالنسبة لنا الموجودون في صنعاء لو سمعنا أن هناك تحركاً لتوحيد فصائل الحراك ومكوناتها الموجودة في الداخل نحن سنكون مباشرة مع هذا العمل وسندخل بالشكل الذي نراه مناسباً، أما تحالف المكونات أَوْ تذوب كُلّ المكونات وتكون مكوناً واحداً لا يوجد مشكلة لدينا أبداً.
– بعد عام وشهرين على العُـدْوَان الظالم ضد الـيَـمَـن.. كيف تقيمون صمود الشعب الـيَـمَـني في وجه ستة وثلاثين دولة؟
لا شك أن الجيش الـيَـمَـني واللجان الشعبية قد أثبتوا على أرض الواقع من خلال دفاعهم عن الوطن وسيادته ومواجهتهم لتحالف العُـدْوَان أنهم أبطال وشجعان وأبدعوا كُلّ الإبداع في مقاومة هذا العُـدْوَان الغاشم لعدة دول بكل إمكاناتها.. هذا السؤال كيف هذا يصح وكيف سيكون سيرد عليه القادة العباقرة الذين يقودون المعارك في مختلف الاتجاهات والجبهات، وإن شاء الله بعد أن تنتهي الحرب ويرفع الحصار ونبدأ بالتسويات السياسية للـيَـمَـن من جديد سنعرف أَكْثَــر من عبقري من قادة الجيش واللجان الشعبية الذين أبدعوا فعلاً ووفروا لأهلهم هذا الأمن في المدن رغم القصف وَأَن القصف لا يعنيهم؛ لِأَنه يأتي من الجو ونحسبه شيئاً مفروغاً منه.. لكن إخواننا وأولادنا وأهلنا في الجيش وفي اللجان الموجودين في جميع الجبهات والأمنيين الموجودين في المدن وموجودين في كُلّ مكان وكل يوم نسمع عن اكتشاف مخزن أسلحة أَوْ عبوات ناسفة قبل انفجارها أَوْ عصابة أَوْ مجموعة من المرتزقة يتم القبض عليهم.. كُلّ هذه الأمور تجعلني أحيي من كُلّ قلبي كعسكري رجال الجيش واللجان الشعبية، وليتني في سن يسمح لي أن أكون مثل واحد منهم.
وأريد أن أقول لهم: أنتم دافعتم وضحيتم وتقدمون الشهداء كُلّ يوم دفاعاً عن منازلكم وبيوتكم دفاعاً عن أهلكم ودفاعاً عن الذين لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم من العجزة والأطفال، وأنتم الآن تخوضون معركة هي بمثابة حرب وطنية.. حرب الوطن لمواجهة ما يجري ضد الوطن.
أكيد في المدارس الأكاديمية والعسكرية وغيرها قد سمعتم وقيل لكم ما هي الحرب الحقيقية وكنتم تتصورونها هذه هي الحرب دفاعاً عن الـيَـمَـن سيكون لكم في المستقبل تأريخ انتصاركم في حرب وطنية كبرى لم تحدث لأي قطر عربي آخر.. فعلاً أنكم تخوضون هذه الحرب التي قرأتم عنها أَوْ سمعتم عنها وتحققون هذا النجاح البطولي الذي قلت عنه قبل قليل إن من يخطط له أَوْ يقاتل في صفوفه هم عباقرة سنتعرف إن شاء الله عليهم شخصياً، وأقول إنكم ستنتصرون وقد انتصرتم وحتماً منتصرون؛ لِأَنكم تدافعون عن الحق ضد الباطل.. فقط خذوا منه حق انكم تدافعون عن هؤلاء العجزة وكل الأطفال، أما النساء فإنهن يشاركنكم الدفاع عن الوطن.. يكفيكم شرف أنكم تدافعون عن هذا الشيء المقدس وكيف لا ينتصر هذا؛ لِأَن عمر الباطل ما انتصر في يوم من الأَيَّــام، ومن الآن فعلاً يحق لكم أن تفتخروا وتعتزوا بالميري الذي تلبسونه، لقد لبسناه قبلكم في زمن لم نخض فيه معركة وطنية كبرى مثلكم، وثقوا بأن كُلّ وطني حر شريف سيحترم هذا الميري.. البسوه وافتخروا به؛ لِأَنه يستحق وتستحقونه أنتم.
– قادة عسكريون غربيون قالوا إن الجيش الـيَـمَـني واللجان الشعبية غيروا معادلة استراتيجية الحروب.. هل أنت مع هذا الرأي؟
نعم هذا صحيح وهذه هي العبقرية التي تحدثت عنها آنفاً.. الحرب التي يخوضونها اليوم لا هي حرب نظامية ولا هي حرب عصابات، وإنما هي حرب ما بين هذا وهذا تكييف للظروف ولطبيعة العدو وتفوقه، هنا من جانب وعدم تفوقه في الجانب الآخر، ولكن تفوق العدو شيء وتفوقهم شيء آخر، وهذا هو الإبداع.