اليمن: 7 تحذيرات وتفويض .. ماذا بعد؟
اليمن: 7 تحذيرات وتفويض .. ماذا بعد؟
الصمود../
“الحصار حرب”، لم يكن مجرّد شعار لمسيرة، بل هو عنوان لمرحلة، الهدف منه إنهاء حالة المراوحة، ووضع حد لمرحلة اللاسلم واللاحرب. ذلك أن المسيرات الشعبية التي خرجت في أكثر من اثنتي عشرة ساحة في اليمن، أعقبت عاماً من المراوحة وعدم حسم الملفات الإنسانية وأبرزها ملف الحصار الشامل بحراً وجواً.
لم يُكشف بعد عن نتيجة الجهود التي بذلها الوفد العماني نهاية العام المنصرم 2022، لكن على ما يبدو فإنّ ردّ التحالف على مقترحات صنعاء، كان مخيباً للآمال ولا يعكس جدية في الذهاب نحو السلام بدءاً من الملف الإنساني وفي مقدمته دفع مرتبات موظفي الدولة كلهم من إيرادات النفط والغاز ورفع الحصار، الأمر الذي استدعى هذا التفويض الشعبي عبر مسيرات ” الحصار حرب” تمهيداً لما هو آتٍ.
ما يعزّز ذلك بعض المضامين الصارمة التي وردت في البيان التحذيري الموحّد لملايين المحتشدين في مسيرات “الحصار حرب” في العاصمة وإحدى عشرة محافظة يمنية، تضم 80% من الكتلة السكانية في البلاد.
لقد تضمن بيان الشعب سبعة تحذيرات، وتهديداً، وتفويضاً، وأربع دعوات، وأكثر من عشرين مبرّراً، يوحي بأنّ الردّ العسكري آتٍ لا محالة على الحصار، وهذا يذكّرنا تماماً بالمسيرات والبيانات التي سبقت ” عمليات كسر الحصار الثلاث” في الشهر الثالث من العام 2022.
أما التحذيرات، فقد وجّهها الشعب لدول العدوان من ” مغبة وعواقب أي تصعيد عسكري”، ومن “عواقب استمرار الحصار”، “استمرار حجز سفن الوقود والبضائع والسلع”، ومن “تجاهل مطالب الشعب اليمني في فتح المطار أمام الرحلات الجوية كما كل مطارات العالم”، ومن “الاستمرار في رفض صرف رواتب الموظفين من عائدات الثروات النفطية والغازية التي نهبت إلى البنك الأهلي السعودي”، وكذلك تحذير “الشركات والكيانات والأنظمة التي تتعامل مع مرتزقة العدوان بأن كل إجراءاتها باطلة ولا أصل لها، وهي بيع ممن لا يملك لمن لا يستحق”. في إشارة الى ما أبرمته الإمارات مع حكومة المرتزقة بخصوص ميناء قشن في المهرة وتحت عنوان “مكافحة الإرهاب” وبخصوص جزيرة سقطرى وغيرها.
وأما التهديد فإن الشعب لوّح مجدّداً في مسيراته المليونية بعودة عمليات كسر الحصار، وأعتبر أن استمرار الحصار ” سيواجه برد عسكري سيؤثر ويوجع تحالف العدوان بشكل غير مسبوق ولا متوقّع، بل ربما يكون الرد أكثر إيلاماً ووجعاً من تلك العمليات التي ضربت منشآت أرامكو، إذ أعلنت تلك الحشود المكتوية بنيران الحصار والحرب الاقتصادية بـ “تفويض القيادة باتخاذ خيارات عسكرية لكسر الحصار”.
ثمة ما يبرّر لأيّ عمل عسكري، ومن أبرز ما ساقه البيان من مبررات أن تحالف العدوان كان ولا يزال “يغلق الموانئ والمطارات والمنافذ ويمنع وصول سفن الحاويات ويصر على “قطع مرتبات الموظفين، ونهب الثروات والموارد إلى بنوكه الخاصة، ومع كل ذلك، “يعتبر المطالب المشروعة شروطاً مستحيلة وغير مقبولة، ويحاول استغلال المعاناة لتفكيك الجبهة الداخلية وزعزعتها بما يمكّنه من تحقيق أهدافه، ويضمن في مقابل ذلك “عدم تعرض منشآته للضربات اليمنية”. من أجل ذلك كان التحذير والتهديد والتفويض، وبموازاة ذلك كانت الدعوة للشعب بالحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية تفويتاً لكل رهانات تحالف العدوان، وكانت الدعوة للقوات المسلحة برفع الجاهزية.
إن المسيرات حملت عدة رسائل في الشكل أيضاً كما في المضمون، بأن جسدت عمق العلاقة والارتباط بين القيادة والشعب والقوات المسلحة على عكس ما خطط له تحالف العدوان، فالمسيرات الشعبية مثلت ضربة قوية لإمبراطوريات الإعلام والتحريض التي عملت طيلة الأشهر الماضية للدفع بالشعب إلى الخروج ضد حكومة صنعاء، كما مثلت رداً قوياً على مساعي التحالف لتأليب وتثوير الشعب ضد القيادة في صنعاء مستغلاً سوء الحالة الاقتصادية والإنسانية التي هي نتيجة طبيعية للعدوان والحصار.
ماذا بعد مسيرات التفويض
قد يعتقد البعض أن الخروج الشعبي المليوني في أكثر من 12 ساحة لمجرد الاستعراض والحرب النفسية، ومن يعتقد ذلك فهو مخطئ تماماً ولم يعرف الشعب اليمني، وقيادته وقواته المسلحة حق المعرفة. ولمن يعتقد ذلك، نذكّره بمسيرات مليونية مشابهة حملت العنوان ذاته في خميس السابع من مارس/آذار عام 2022، عندما أعلن الشعب تأييده “الخطوات العسكرية التي تتخذها القيادة كافة في ردع العدوان وكسر الحصار على الشعب اليمني”، ولم تمضِ سوى 5 أيام، حتى جاءت رسائل القوات المسلحة ترجمة عملية لمطالب الشعب ضمن عمليات كسر الحصار الثلاث باتجاه العمق السعودي، وباتجاه عصب الاقتصاد السعودي.
على دول العدوان من الآن ألا تتجاهل مطالب الشعب وألا تستخف بها، وأن تتلقف الرسائل والتحذيرات والتهديدات بمنتهى الجدية بعيداً عن المراوحة ومحاولات وضع العربة قبل الحصان، فسيناريو الهدنة في غزة لن يتكرر في اليمن، بأن يحمي المجرمون أنفسهم النيران مع انطلاق نيران الحرب الاقتصادية إلى كل منزل على امتداد الخريطة اليمنية، ولا نستبعد أن تكون المعادلة المقبلة مطاراً بمطار وميناء بميناء وحصاراً بحصار وقد سمع الوفد العماني من القوات المسلحة هذه الرسالة شفوياً لنقلها إلى دول العدوان.
*الميادين نت – علي ظافر