صمود وانتصار

لا كرامة للنساء ولا حماية ولا كيان ولا أسرة ولا زواج.. مباحة لكل المحرمات

هكذا سُحقت المرأة الأمريكية والغربية تحت شعار المساواة

الصمود|| تقارير||

أكثر أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة شيوعاً على نطاق العالم هو العنف الذي تتعرض له النساء في أمريكا والغرب، تتعرض امرأة واحدة على الأقل من بين ثلاث نساء في المتوسط للضرب أو الاغتصابات، والقتل، ففي أستراليا وفي كيان العدو الصهيوني وفي كندا والولايات المتحدة، تتراوح نسبة الإناث اللائي قتلن على أيدي عشرائهن بين 40 في المائة و70 في المائة من بين ضحايا جرائم القتل، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

يزيد احتمال تعرض نساء الشعوب الأصلية في كندا للموت نتيجة للعنف خمسة أضعاف على غيرهن من النساء في العمر نفسه. أما في أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا، فما زال ما يزيد على نصف النساء المعوقات يتعرضن للإيذاء البدني، مقارنة بثلث عدد النساء غير المعوقات.

في كندا، 60 في المائة من الرجال يمارسون العنف، وبنسبة 66 في المائة تتعرض العائلة كلها للعنف. وفي فرنسا، 95 في المائة من ضحايا العنف من النساء؛ 51 في المائة منهن نتيجة تعرضهن للضرب من قبل عشقائهن.

تكاليف شعار مساواة المرأة الذي يرفعه الغرب وأمريكا باهظ للغاية على النساء، الصورة المقززة للعمل المتساوي في كل الميادين في الغرب وأمريكا لا يتم تسليط الضوء عليها من دعاة مساواة المرأة، في بلداننا الذين يكتفون بالتنظير والكلمات المنمقة والملتفة.

الواقع المؤلم للمرأة الغربية طويل جدا لا ينشر منه في الإعلام إلا طرفا يسيرا منه فهناك مشكلات المرأة المسنة العاجزة والوحيدة والتي تجني كل مساوئ أطروحة المساواة، ويوجد في جيل الشابات من النساء الغربيات من ينظر بعين الريبة للأفكار النسوية ويراها شديدة التطرف، والكثيرات منهن زاهدات بفكرة المساواة المطلقة لكن دون رؤية محددة للخروج من القالب النمطي التي وُضعن فيه، والذي هو مكون أساسي في المنظومة الغربية الأمريكية التي تريد أن تحكم العالم كله.

نشأت المرأة الغربية المعاصرة في ظل نظام قيَمي لم تشارك في صنعه، ذلك النظام الاجتماعي الذي يستمد شرعيته من اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو)، فجميع مناحي الحياة الغربية مصممة كي تكون تطبيقا عمليا للسيداو، تدرس الفتاة كما الفتى نفس المنهج الدراسي في نفس المدرسة ثم تتاح لها نفس فرص العمل.

والمرأة الغربية بوجه عام مندفعة تماما ومستغرقة في هذه المنظومة ربما لأنها لا تملك فرصة حقيقية للقيام بعملية نقدية ومراجعات لهذا النظام الذي تخضع له وتلهث في السعي للحصول على موضع قدم فيه، فماذا قدمت السيداو للمرأة الغربية وما الذي انتقصته منها؟

 

خطر المساواة في إباحة للمرأة

للمرأة الغربية نفس الحقوق الجنسية التي يحصل عليها الرجل، حيث يتفتح وعي المرأة فتجد أنه لا محرمات ولا ممنوعات في التعاطي مع الرجال، وتتعلم في المدرسة مبادئ الثقافة الانحلالية ويكون الرقص والتبرج أمرا عاديا بالنسبة لها ولا تشعر بالخجل من ارتداء ملابس مكشوفة، ويصل بها الأمر إلى ممارسة الرذيلة مع أي كان.

ومع تبرجها ونشوئها عارية، ومع تعليمها أن لديها الحرية في جسدها تلهبها الأجواء المحيطة تبدأ بالسقوط في الانحلال ووحل الجريمة وهي في سن مبكرة، وتشير الأرقام إلى أن ممارسة الرذيلة الأولى للمرأة في الغرب غالبا ما تتم قبل العام الـ 15).

وتتعرض فتيات كثيرات للحمل بالزنى، ففي الولايات المتحدة وحدها يولد سنويا حوالي 800 ألف طفل من أمهات تتراوح أعمارهن بين 15 و19 سنة بلا زواج، والفتاة الغربية تستطيع أن تهجر بيت والديها وتنتقل للعيش مع صديقها أو للعيش وحدها وتستطيع الحصول على دعم حكومي مادي لإعانتها على هذا السكن.

لكن هذه المساواة التي يتشدق بها الغرب أحدثت خللاً هائلاً في بنيان الأسرة، ودمرت المرأة وقوضت كيانها وحمايتها، وأحدثت خللا نفسيا هائلا لدى المرأة في الغرب وأمريكا، ففي أمريكا وحدها (تشير بيانات بعض المراكز الوطنية المتخصصة في الولايات المتحدة إلى أن الانتحار هو ثالث سبب رئيس للوفاة بين المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 15 و الـ 19، وأشارت البيانات إلى أن نسبة طلاب المدارس الثانوية الذين فكروا جدياً في الانتحار ارتفعت من 14 % عام 2009 إلى 16 % عام 2011) ، وفي كل يوم ينتحر 14 شابا (تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما).

 

انهيار الأسرة
فكرة الزواج باتت مدمرة تماماً في الغرب وأمريكا، (بلغت نسبة الزواج لكل ألف من السكان في بلجيكا 4.2 % ونسبة الطلاق 2.9 % (أي 69 %) وفي السويد 4 % والطلاق 2.4 %، وفي النمسا 4.2 % و 2.5 %، وفي فنلندا 4.8 % و2.6%، وفي ألمانيا 4.7 % و2.4 %، وفي بريطانيا 5.1 % و2.6 %، وجميعها نسب ترتفع فوق الـ 50 % من حالات الزواج).

وحول فكرة المساواة يقول الكاتب الأمريكي ذو الأصل الياباني فوكوياما «إن فلسفة المساواة كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى انهيار الأسرة الغربية وانهيار مؤسسة الزواج (تراجع الأسرة كمؤسسة اجتماعية والتي ظلت مستمرة لأكثر من 200 سنة بشكل متسارع في النصف الثاني من القرن العشرين، تراجع الزوجات والولادات وارتفاع معدلات الطلاق، واحد من كل ثلاثة أطفال في الولايات المتحدة وأكثر من نصف الأطفال في الدول الاسكندنافية ولدوا خارج إطار الزواج.

اليابان وبعض الدول ذات الأغلبية الكاثوليكية استمرت بالتمسك بالقيم العائلية التقليدية بشكل أوضح من الدول الاسكندنافية أو العالم الناطق باللغة الإنجليزية، وهو ما وفر عليهم الكثير من التكاليف الاجتماعية السلبية، لكن الخطورة في المستقبل حول ما إذا انخرط العالم مع هذه القيم.

أحد أهم أسباب انهيار مؤسسة الزواج هو تلك المساواة المطلقة التي نصّت عليها المادة 16 من وثيقة السيداو ووجدت التطبيق الكامل في المجتمعات الغربية حيث نصت على أن:

•تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، وهذا الأمر أدى إلى الانهيار للزواج والأسرة، وحتى أنه أباح لها ممارسة الرذيلة مع أكثر من رجل، تحت شعار «حرية المرأة في تعدد الشريك».

 

مشكلات الأمومة

ضُربت الأمومة في مقتل عندما تم تطبيق السيداو بشكل دقيق في البلاد الغربية وأمريكا، فالمرأة التي تعلمت كالرجال وعملت كالرجال وتم تطبيق قوانين الرجال عليها وأجبرت على الاعتماد على نفسها من أجل الحصول على لقمة العيش من أين لها أن تجد الوقت والجهد للأمومة؟

تلك الأمومة التي تشكل أكبر عائق في طريقها للنجاح في العمل خاصة وأنها غالبا ما تتحمل وحدها مسئولية هذا الطفل في ظل انهيار مؤسسة الزواج، وعلى الرغم من ذلك فإن في غريزة المرأة -مهما انحرفت عن الفطرة- ميلا كبيرا نحو الأمومة وتشعر معظم النساء العاملات أن العمل أفقدهن ميزة الأنوثة والعاطفة والميل الفطري إلى الأمومة، وأوضحت الاستقصاءات التي أجريت مؤخراً على النساء العاملات في أوروبا وأميركا وكندا واليابان أن 78% منهن يفضلن البقاء في المنزل من أجل تربية الأطفال.

ويمكن إدراج مثال “برندا بارنز” التي حصلت على أعلى المناصب القيادية في شركة بيبسي كولا كنموذج على الورطة التي ولدتها المساواة بين الجنسين، حيث عملت بارنز رئيسة لعمليات الشركة في أميركا الشمالية مدة اثنتين وعشرين سنة، وتقاضت راتبا شهريا قدر بمليوني دولار سنوياً.

ولكن مع ذلك كان عليها أن تختار بين الاستمرار في العمل أو العودة إلى البيت، ويعود سبب عودتها إلى البيت إلى أنها أم لثلاثة أولاد (في العاشرة والثامنة والسابعة)، وذات مرة قال لها أحد أبنائها: “لا يهمني أن تكوني امرأة عاملة إذا كنت ستحضرين المناسبات العائلية (أعياد ميلادنا)”.

وتضيف بارنز: “لقد كنت أحترق من جهتين، لقد قمت بجهود كبيرة جداً من أجل شركة بيبسي كولا، لقد كان لدي جدول مزعج ومتعب، وكنت أحضر موائد العمل من غداء وعشاء، وتضيف إن ترك العمل سيكون مؤلماً ولكني أحتاج أسرتي أكثر”. وإن كانت بارنز امتلكت القوة المالية التي استطاعت بها اتخاذ هذا القرار فإن الكثير من النساء الغربيات يعانين اقتصاديا وبشدة خاصة مع الأجور الأقل التي يحصلن عليها ويكون عليهن الاختيار بين الأمومة والعمل.

 

أزمة الأجور
تشكو النساء الغربيات من التمييز ضدهن في الأجور فهنّ يتقاضين أجوراً تقل بنسبة 38% عن أجور الرجال، وفي السنوات الأخيرة للأزمات الاقتصادية الأمريكية، كانت النساء هن الأكثر تضررا من توفيرهن كعمالة والأكثر تضررا للتنازل عن مساكنهن التي تؤويهن والتي لم يؤدين كامل أثمانها للبنوك.

تكشف إحصائية للأشخاص الأكثر ثراء في أمريكا، وتبين أن واحدة من كل ثماني نساء تستطيع الحياة بصورة كريمة.

تكشف الرسوم البيانية المتاحة على مواقع التمييز الأمريكية بعنوان –مجرد حقائق– عن مشكلة التمييز عام 2008 التي أظهرت حصول النساء على أجر أسبوعي يقل عن أجر الرجل بحوالي 200 دولار أسبوعياً، بل وكشف نفس الرسم البياني عن تمييز ضد الملونين لتصبح المرأة الملونة هي الأدنى أجرا بين العاملين في نفس المهنة).

 

عرضة للانتهاكات في أماكن العمل

العمل الذي اعتبرته السيداو المعادل الموضوعي لمساواة النساء بالرجال وقامت الكثير من نصوص الاتفاقية لدعم المرأة وتعليمها للحصول على فرصتها في سوق العمل هو أكبر مكان تتعرض فيه النساء للانتهاكات فقد أظهرت دراسة أجراها مؤتمر النقابات العمالية أن نصف النساء العاملات ببريطانيا يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن العمل، موضحة أن غالبيتهن يحجمن عن تقديم شكاوى لمواجهة المواقف المحرجة وإنهاء التصرفات الخادشة للحياء.

وقالت الدراسة المسحية التي شملت 1500 امرأة إن 52 % من النساء أكدن تعرضهن لسلوك غير مرغوب فيه بأماكن عملهن وإن ثلثهن سمعن نكاتا غير لائقة بهن، بينما تعرض ربعهن للمس أجسادهن.

وإن قلة قليلة من النساء شعرن أن مديري العمل أخذوا تلك التصرفات الشائنة على محمل الجد، وهو ما يشير إلى وجود فجوة كبيرة بين التصور السائد بأن نسبة التحرش في مقار العمل ضعيفة والواقع الصادم.

وأوضحت الدراسة أن غالبية التحرشات الجنسية يقترفها الموظفون في العمل، وأن خُمس هذه التحرشات يجترحها المسؤولون المباشرون في أماكن العمل.

وأظهرت الدراسة أن نحو 80 % ممن وقع عليهن التحرش تحمّلن تصرفات غير لائقة خوفا من التعرض لفضائح تسيء لسمعتهن وعلاقاتهن مع بقية الزملاء أو لخشيتهن من فقدان العمل.

ومن نتائج الدراسة أيضا ظهر أن نسبة كبيرة ممن تعرضن للتحرش الجنسي لا تتجاوز أعمارهن منتصف العشرينيات، ويشتغلن في وظائف متدنية وتربطهن عقود مؤقتة مع شركات التشغيل).

ومن أكثر الأماكن التي تتعرض فيها النساء للتحرش أو الاغتصاب الكامل العمل المختلط في الجيش وهذا نموذج لمعاناة مجندة أمريكية يصلح للتدبر والتفكر في المآلات السيئة للسيداو على المرأة الغربية.

يقع ما يقرب من 19 ألف اغتصاب داخل الجيش الأمريكي في الولايات المتحدة كل عام، وقعت روث مور، وهي في سن 18 عاما، ضحية لاعتداءين من هذا النوع. وقد تطوعت روث للخدمة في البحرية الأمريكية خلال سنتها الأخيرة بالمدرسة الثانوية بحثا عن حياة أفضل. لم تكن لأسرتها القدرة على إلحاقها بالجامعة وكان الجيش أفضل فرصة لها للحصول على شهادة جامعية. وفي عام 1987، بعد معسكر الأساس ومدرسة السلاح، تم تعيين روث في الخارج في جزر الأزور. وبعد أقل من ثلاثة أشهر من وصولها، اغتصبها رئيسها المباشر ونقل إليها العدوى بأحد الأمراض الخطيرة «الإيدز»، حاولت الشكوى لكن القوانين تمنح الضحية من النساء أن تقاضي المغتصب، تقدمت روث إلى القسيس بشكوى عن هذا الاغتصاب، وعلى قدر علمها، لم يجرِ التحقيق مع مغتصبها في أي وقت، وكان الرد الوحيد على غضبها هو الانتقام منها – إذ تعرضت روث للاغتصاب مرة ثانية من قبل رئيسها.

أصيبت روث بالاكتئاب وحاولت الانتحار، وبعد نجاتها من هذه المحاولة، ذهبت إلى القسيس مرة أخرى لتلتمس المساعدة، فتم إعادتها إلى الولايات المتحدة، وإلحاقها بوحدة للطب النفسي وتشخيصها خطأ بأنها تعاني من شبه اضطراب في الشخصية، وهو تشخيص شائع يعطى لضحايا الاعتداء الجنسي العسكريين في ذلك الوقت. ومن ثم تم تسريح روث من البحرية.

كان التخلص منها أسهل على الجيش من أن يعترف بتعرضها للاغتصاب. ولم يوجه الاتهام لمغتصب روث أو تأديبه مطلقا. ونتيجة للاعتداءات الجنسية عليها، عانت روث من اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة، بما في ذلك إصابتها بنوبات الذعر والصداع النصفي والأرق. وتقدمت بطلب للحصول على مخصصات العجز من خلال إدارة شؤون المحاربين القدامى عدة مرات، ولكن طلبها رُفض.

وأبلغت بأنه لا يمكنها الحصول على تلك الاستحقاقات لأنها لم تقدم أدلة كافية لإثبات تعرضها للاغتصاب، فواصلت الطعن في هذا الزعم والنضال من أجل حقوقها، لكنها انتحرت في نهاية المطاف.