صمود وانتصار

الإدارة الدولية للعدوان في مهمة إجهاض جهود السلام: بريطانيا تدعم التجويع

الإدارة الدولية للعدوان في مهمة إجهاض جهود السلام: بريطانيا تدعم التجويع

الصمود../

واجهت بريطانيا تزايُدَ السخطِ ضد قرار رفع سعر الدولار الجمركي الذي يضاعِفُ معاناةَ الشعب اليمني بإعلانٍ وقحٍ عن دعمِها للقرار الكارثي ولكل إجراءات التجويع والحرب الاقتصادية التي تنفذها حكومة المرتزِقة بإيعاز من دول العدوان، الأمر الذي مثل اعترافا واضحًا بوقوف المملكة المتحدة وراء استخدام الورقة الاقتصادية كسلاح حرب ضد اليمنيين، كما مثّل دليلًا واضحًا على أن بريطانيا تعمل بشكل واضح على عرقلة جهود السلام الجارية إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية.

إعلان بريطانيا عن دعمها لتجويع الشعب اليمني، جاء على لسان سفيرها ريتشارد أوبنهايم الذي أكّـد أن بلاده تقف إلى جانب حكومة المرتزِقة فيما أسماه “الإجراءات الاقتصادية” المتبعة لتجنب تداعيات توقف بيع ونهب الثروة الوطنية، في إشارة إلى الخطوات التي حاول من خلالها المرتزِقة تعويض ما كانوا يسرقونه من مبيعات النفط الخام، وآخر تلك القرارات رفع سعر الدولار الجمركي وفرض جرعة سعرية قاتلة على السلع والبضائع المستوردة.

أوبنهايم أكّـد أَيْـضاً وبكل وقاحة أنه يتم العمل مع سفراء دول ورعاة العدوان لدعم حكومة المرتزِقة في “المضي قدما” نحو فرض المزيد من هذه الإجراءات، في تحدٍّ واضح للغضب الشعبي المتزايد والمطالبات المتصاعدة برفض التعامل مع قرار الجرعة.

وزارة الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني ردت على تصريحات أوبنهايم ببيان إدانة أكّـد أن “بريطانيا تصر على مفاقمة معاناة الشعب اليمني وعرقلة جهود السلام، وتتورط كُـلّ يوم في معادَاة اليمن وتقف بكل وقاحة في خندق الفاسدين واللصوص والإرهابيين”.

وأكّـدت الوزارة أن تصريحات أوبنهايم تكشف وقوف بريطانيا وراء إجراءات الحرب الاقتصادية وسياسات الحصار والتجويع وهندسة الجرعة السعرية الأخيرة.

وأضافت أن “بريطانيا تحاول جاهدة إعاقة وعرقلة جهود السلام والدفع بالأمور نحو استئناف العمليات العسكرية” محذرة من “المضي في هذا التوجّـه التصعيدي” ودعت إلى “الامتناع عن الإصغاء لبريطانيا وأمريكا ومَن لف لفهم من أعداء السلام والإنسانية”.

وأكّـد البيان أن تصريحات أوبنهايم تمثّل دليلًا إضافيًّا على تورط بريطانيا في جرائم الحرب المرتكَبة ضد اليمن، وأن الشعب اليمني له كامل الحق في ملاحقة المملكة المتحدة ومسؤوليها بكل الطرق والوسائل الممكنة.

ودعت الخارجية “الأمم المتحدة وكل الأحرار في العام إلى إدانة التدخل البريطاني السافر والمعيق للسلام”، كما دعت إلى “إيجاد تقييم منصف وعادل للوضع الاقتصادي للحد من المعاناة الإنسانية التي قد تتسبب في جر المنطقة لكارثة محتملة”.

من جانبه، علّق رئيسُ حكومة الإنقاذ الوطني الدكتور عبد العزيز بن حبتور قائلاً: إن” لندن تلعبُ دور الحامي لحكومة المرتزِقة وتصريح سفيرها غير مسؤول”، وأشَارَ إلى أنها “لن تقدم من خلال الرباعية جنيهاً واحدةً لإنجاح قرارات المرتزِقة فهي تعيش أزمةً اقتصادية وتبحث عن مساعدة الآخرين”.

وَأَضَـافَ أن “بريطانيا جزءٌ رئيسٌ من العدوان على اليمن على مستوى التخطيط والممارسة حتى هذه اللحظة، وقرار حكومة المرتزِقة برفع سعر الدولار الجمركي موجه في هذا الظرف ضد الشعب اليمني بأكمله”.

يشار إلى أن بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية كانتا قد عملتا بشكل مكثّـف خلال الفترة الماضية للالتفاف على قرار منع نهب الثروة الوطنية الذي اتخذته صنعاء لإيقاف سرقة عائدات النفط الخام من قبل دول العدوان ومرتزِقتها، حَيثُ حاولت واشنطن ولندن الضغط على صنعاء للتراجع عن هذا القرار، وعندما فشلت محاولات الضغط لجأتا إلى اتِّخاذ خطوات عدوانية انتقامية، بدءاً بمنح حكومة المرتزِقة مبالغَ طائلةً من حقوق السحب الخَاصَّة في البنك الدولي، وُصُـولاً إلى فرض الجرعة السعرية القاتلة.

ويأتي هذا التوجّـه الأمريكي البريطاني العدواني؛ بهَدفِ عرقلة أي حَـلّ يمكن أن يفضيَ إلى تخصيص إيرادات البلد لصرف مرتبات الموظفين والتخفيف من المعاناة المعيشية والاقتصادية، فقد سبق أن أعلنت الولايات المتحدة أنها تعتبر صرف المرتبات ورفع الحصار ومعالجة المِلف الإنساني “مطالِبَ مستحيلة”، الأمر الذي ترجم بوضوح حرص الإدارة الدولية للعدوان على مواصلة استخدام التجويع كسلاح ضد الشعب اليمني.

ويؤكّـد ناطق حكومة الإنقاذ الوطني وزير الإعلام ضيف الله الشامي أن “بجاحة السفير البريطاني” في تصريحاته الأخيرة توضح “الدور الرئيسي المباشر لأمريكا وبريطانيا” في العمل على مضاعفة معاناة الشعب اليمني.

وتأتي تصريحاتُ السفير البريطاني في الوقت الذي ترتفع فيه أصوات تطالب بوقف الاستيراد عبر ميناء عدن والتوجّـه نحو ميناء الحديدة والاستفادة من التسهيلات التي أعلنتها صنعاء للتجار، مثل تخفيض سعر الدولار الجمركي إلى 250 ريالاً؛ مِن أجل تجنُّب التداعيات الكارثية لقرار المرتزِقة.

لكن تصريحات أوبنهايم تؤكّـدُ أن الإدارةَ الدوليةَ للعدوان لن تكتفيَ برفع سعر الدولار الجمركي بل قد تتصاعد إلى المزيد من الإجراءات التي ربما تؤدي إلى تفجير الوضع في حال لم تتخذ دول العدوان وفي مقدمتها السعوديّة قرارًا واضحًا بشأن الاستجابة لمطالب الشعب اليمني.

ويرى مراقبون أن انكشافَ الموقف الأمريكي البريطاني المعادي لتوجّـه السلام من شأنه أن يؤدي إلى خطوات مقابلة من جانب صنعاء، خُصُوصاً إذَا واصلت دول العدوان المماطلةَ على طاولة المشاورات.

وليست هذه المرة الأولى التي ينكشف فيها إصرار الولايات المتحدة وبريطانيا على مواصلة استخدام التجويع كسلاح؛ لأَنَّ هذا الإصرار يمثل العُقدةَ الأبرزَ التي يواجهُها مسارُ التفاوض على معالجة الملف الإنساني منذ بدء الهُــدنة، وبشكل أكبر منذ نهايتها، حَيثُ يتحَرّك الأمريكيون والبريطانيون بشكل معلَن وواضح لإبقاء الحصار والسيطرة على موارد البلد، حتى لو على حساب فشل التهدئة وعودة التصعيد.

وكانت صنعاء قد ألمحت أكثرَ من مرة إلى أن دول العدوان معنية بمراجعة حساباتها بعيدًا عن الموقف الأمريكي والبريطاني؛ لأَنَّها ستكون المتضررة في حال فشل مسار السلام.

ويرى محللون أن تصريحات أوبنهايم في هذا التوقيت تأتي في سياق الانزعَـاج الأمريكي البريطاني من بروز بعض المؤشرات الإيجابية المحدودة على المشهد التفاوضي خلال الفترة الأخيرة، حَيثُ كانت صنعاء قد تحدثت عن “أفكار إيجابية” حملها الوفد العُماني في زيارته الأخيرة بخصوص معالجة المِلف الإنساني وصرف الرواتب ورفع الحصار وفتح الطرق وتبادل الأسرى، الأمرُ الذي يبدو أنه “أقلق” الأمريكيين والبريطانيين.

وقد عبّرت الولاياتُ المتحدةُ عن هذا الانزعَـاج والقلق بشكل واضح من خلال بيان الرئيسِ الأمريكي الأخير الذي أكّـد فيه استمرارَ تقديم الدعم العسكري لدول العدوان، وحاول فيه ابتزازَ السعوديّة والإمارات بما أسماه “التهديدات القادمة من اليمن”؛ مِن أجل تحريضِهما على رفض مطالِبِ الشعب اليمني، الأمر الذي ردت عليه صنعاءُ بالتأكيد على أنها لن تتراجعَ عن موقفها، كما لن تتخلى عن حقِّها في الدفاع عن نفسها أبداً.

(المسيرة)