صمود وانتصار

في ظل العدوان.. لماذا يجب أن تدرس هندسة “الميكاترونكس” في اليمن؟

في ظل العدوان.. لماذا يجب أن تدرس هندسة “الميكاترونكس” في اليمن؟

الصمود../

تتعلق دراسة الميكاترونكس بوضع منظومة متخصصة للتحكم في الأنظمة المختلفة للوصول إلى التكامل بين الإلكترونيات، والميكانيكا، ونظرية التحكم، وعلوم الحاسب الآلي في تطوير تصاميم المنتجات المختلفة…

يُعرف مجال هندسة الميكاترونكس بكونه يختص بالجمع بين الهندسة الكهربائية، والميكانيكية، وهندسة الإلكترونيات، وهندسة الحاسوب، كما يهتم بتصميم المنتجات التي تعتمد في عملها بشكل أساسي على المزج بين الأنظمة الإلكترونية والأنظمة الميكانيكية، ويسعى لتطوير الأجهزة المختلفة والمعدات والآلات، لتتميز بالأداء الجيد والسرعة الفائقة والدقة العالية.

تتعلق دراسة الميكاترونكس بوضع منظومة متخصصة للتحكم في الأنظمة المختلفة للوصول إلى التكامل بين الإلكترونيات، والميكانيكا، ونظرية التحكم، وعلوم الحاسب الآلي في تطوير تصاميم المنتجات المختلفة، والصناعات التحويلية، والأجهزة الذكية، والأنظمة التي تتضمن المحركات لتساعد على تحريك الأجزاء الميكانيكية، إضافة إلى أجهزة القياس التي تقوم بتحديد حالة النظام وحركته.

يوضح الدكتور عبد الله ذيبان، أستاذ مساعد في قسم الميكاترونكس في كلية الهندسة بجامعة صنعاء، في تصريح للميادين نت أنّ قسم الميكاترونكس افتُتح في جامعة صنعاء خلال العام 2012، “كما افتُتح التخصص في كثير من الجامعات الخاصة، ومؤخراً في كلية المجتمع التابعة لجامعة صنعاء، في دلالة على وعي المسؤولين بأهمية البرامج الهندسية النوعية في المرحلة الراهنة، والتي تحقق الوقوف بقوة في وجه العدوان بكل الوسائل المتاحة “.

يضيف: “بفضل الله، نلمس إقبالاً جيداً على التخصص، نظراً إلى حداثة القسم وشموله مجالات هندسية متعددة، ما يتيح للطالب العمل في مجالات مختلفة. والجدير بالذكر أن نسبة من الطلاب الحاصلين على معدلات عالية في الثانوية العامة تلتحق سنوياً بالقسم”.

 

شغفٌ متّقد وطموح لتحقيق الاكتفاء الذاتي

تتمثّل دوافع بعض الطلاب للالتحاق بقسم الميكاترونكس في الشغف والفضول لاكتشاف أسرار هذا التخصص الشامل لمجالاتٍ هندسية متعددة. تقول الطالبة ملاك الشامي للميادين نت: ” لمجال الميكاترونكس أهمية كبيرة، وكون اليمن بلداً نامياً فهو يفتقر إلى الأنظمة الحديثة والمتطورة في مختلف جوانبها من التصنيع والاكتفاء الذاتي المجالات كافة. شغفي بتعلم الجوانب الهندسية التي تصل إلى الابتكار وتصنيع الروبوتات والآلات وغيرها هو ما دفعني إلى الالتحاق بهذا المجال “.

البعض الآخر يطمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي من دون الحاجة إلى الاستيراد من الخارج، تقول الطالبة رفيداء أبو كحلاء للميادين نت: “التحاقي بمجال هندسة الميكاترونكس جاء من شغفي وحبي للهندسة بشكل عام، وفضولي لاكتشاف أشياء جديدة، أيضاً لكونه تخصصاً شاملاً أستطيع من خلاله أن أحقق أحلامي، بإذن الله، وأسهم في تحسين الإنتاج المحلي وجعل الوطن مكتفياً ذاتياً، وأن تكون جميع أجهزتنا محلية الصنع لا نحتاج إلى الاستيراد من أي دولة أخرى، بل نسعى للتصدير إلى الخارج”.

 

طموح طلابي لتحقيق نهضة وطنية مدنية وعسكرية

في سياق الحديث عن دوافع الطلاب للالتحاق بمجال هندسة الميكاترونكس وارتباطها بتحقيق النهضة الوطنية، يؤكد الدكتور ذيبان أنه يمكن الاستفادة من هذا التخصص في رفد مجالات التنمية الوطنية، بما فيها الجانب العسكري، وتلبية حاجة السوق المحلية من الصناعات المختلفة: “باعتبار هندسة الميكاترونكس حلقة وصل بين علوم هندسية متعددة مثل الميكانيك والكهرباء والإلكترونيات والبرمجيات التي تعدّ هذا التشعب واقع الأنظمة والتجهيزات الحديثة. ونظراً إلى الحاجة الماسة إلى مهندسين ذوي خبرة علمية وتقنية شاملة، تم افتتاح القسم بهدف تلبية حاجة السوق المحلية”.

يضيف: “كما نعلم، فإنّ التنمية الشاملة تتطلب تنمية وتطوير مختلف جوانب الحياة، ومنها الصناعية، وتشمل التصنيع العسكري الذي يمثل حجر الزاوية في كبح أطماع قوى الخارج التي تعمل اليوم على العبث بثروات اليمن ومصالحه، ومن أولويات المرحلة توفير حلول بديلة لكسر الحصار المفروض من دول العدوان، ويتعدى الأمر إلى تحقيق توازن للقوى”.

تقول الطالبة رفيداء أبو كحلاء: “ستطيع أن يدخل تخصص الميكاترونكس في الجانب العسكري، إذ يمكن صنع أجهزة حربية عسكرية ذاتية وذكية كالطائرات المسيّرة، وكاشفات الألغام، والصواريخ الذكية، والآلات والمعدات الحربية ذاتية الأتمتة، وغيرها من البرامج والمعدات التجسسية، وما إلى ذلك”.

وتؤكد المهندسة مرام الجرموزي أنها أصبحت قادرة على تصميم عدد من الأجهزة، بما فيها الصناعية والعسكرية، وتقول في تصريح للميادين نت: ” تُعدّ الصناعات العسكرية أحد جوانب الصناعة الشاملة. بعد تخرجي من قسم هندسة الميكاترونكس، أصبحتُ قادرة على تصميم عدد من الأجهزة الصناعية وتنفيذها واستنساخها “. 

 

هندسة الميكاترونكس والارتقاء في الصناعات 

يمكن لخريجي هذا التخصص أن يُحدثوا نقلة نوعية في الارتقاء في مجالات الصناعة المتعددة، وخصوصاً بالنسبة إلى بلدٍ نامٍ كاليمن، تتعرض ثرواته وخيراته للنهب والسلب والاعتداء، ومعارف مهندس الميكاترونكس ومهاراته تمكنه من العمل في مجالات الصناعة والتطوير المختلفة، يقول الدكتور ذيبان: “التصنيع الحديث يشمل التكامل بين مجالات هندسية متعددة، هذا التخصص هو من الخيارات المناسبة لمهندس قادر على التطوير والإبداع والعمل في مجال الصناعات، فمهندس الميكاترونكس قادر على توطين التكنولوجيا وإنتاجها محلياً، وقادر على تطوير الحلول المحلية لمتطلبات الصناعة والطاقة، سواء كانت مدنية أو عسكرية”.

يردف قائلاً: “يمكن القول إن خرّيجي قسم الميكاترونكس وخرّيجي أقسام الهندسة الأخرى مثل الكهرباء والميكانيك يمكنهم خدمة مجال الصناعة بشكل جيد، لكن ما يميز خرّيج قسم الميكاترونكس هو امتلاكه معارف ومهارات تمكنه من العمل في مجالات الصناعة والتطوير المختلفة”.

 

الكف الذكي نموذج إبداعي

والجدير بالذكر أن كثيراً من المشاريع، سواء كان القائمون عليها طلاباً أو خريجين، ظهرتْ في الآونة الأخيرة، كمشروع الرادار، والرافعة الميكانيكية، وصناعة طائرة من دون طيار، وآلة فصل الحليب عن السمن، ومشروع المزرعة الذكية، وغيرها… 

أحد هذه المشاريع مشروع الكف الذكي لمخترعه المهندس بازل رمضان، مدير عام المبدعين والمبتكرين في الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار.

يقول المهندس بازل للميادين نت: “كانت الفكرة الأساسية للمشروع تحويل لغة الإشارة إلى أوامر صوتية بنظام يعمل على تحويل حركة اليد إلى عبارات صوتية مسموعة، مستهدفاً الأشخاص الذين لا يقدرون على الكلام. يساهم هذا المشروع بشكل كبير وفعال في سهولة التواصل بينهم وبين الأشخاص الآخرين بشكل طبيعي”.

يضيف أن “السبب الرئيس لاختيار هذا المشروع هو توظيف التطور في العلوم التطبيقية بما يخدم الإنسان بشكل عام وذوي الاحتياجات الخاصة (الصم والبكم) بشكل خاص، إذ يسهم في تعزيز دمجهم بالمجتمع. يأتي هذا المشروع بهدف التوجه إلى الاستفادة من التطور في التقنية الحديثة بما يخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، استشعاراً لمعاناتهم وبحثاً عن تخفيفها بشتى الطرق والوسائل المختلفة والمبتكرة”.

 وفي الحديث عن تفاصيل المشروع وماهيته، يقول: “المشروع عبارة عن كف ذكي يتم ارتداؤه في إحدى اليدين، يتكوّن من: 

_ الكف  Gloves: ويعدّ الجسم الذي يحمل مكوّنات المشروع. 

_ الحساس: هو الجزء الرئيس المسؤول عن تحويل الحركة إلى إشارة تتم معالجتها (flex sensor)، ونحتاج إلى 5 قطع منه لكل أصبع.

_ المعالج: يعد قطعة أساسية، ويمثل الوسيط بين حركة اليد وترجمة هذه الأوامر ومعالجتها.

_ البطارية: مزود الطاقة لجميع القطع الإلكترونية، حجمها صغير وتسمّى (power bank).

_ قطع أخرى: تتمثل في عدد من الأسلاك، ومقاومة، وشاشة عرض.

يتم تثبيت هذه القطع على الكف، وعمل البرمجة اللازمة المعتمدة في لغة التخاطب التي تدرس في مراكز تأهيل الصم والبكم، بحيث تُعدّ قاعدة بيانات تعرّف وتترجم معنى كل حركة لليد، تحمل هذه البيانات إلى ذاكرة المعالج وفقاً لحركة اليد التي ينقلها الحساس إلى المعالج ليتم التعرف إلى نوع الحركة بمقارنة البيانات الموجودة في قاعدة البيانات وتحويلها إلى أوامر صوتية تُسمع بواسطة الميكروفون”.

يضيف: “الميزة الرئيسة لهذا المشروع هي إضافة وسيلة فعالة وجديدة لتعليم الصم والبكم وتأهيلهم، ما يعزز دمجهم بالمجتمع، إذ لا يقتصر التواصل على فئة الصم والبكم فيما بينهم فقط، بل يمكنهم التواصل مع غيرهم، بتحويل لغة الإشارة لديهم إلى أوامر صوتية مسموعة، وهذا يساعد على تطوير علاقاتهم الاجتماعية والمعرفية والثقافية، كذلك يساعد على النمو الذهني والتعبير عن حاجاتهم المختلفة، ما يحد من الضغوط النفسية لديهم ويعزز ثقتهم بأنفسهم. يتميز الجهاز أيضاً بخفة وزنه وسهولة استخدامه وطول عمره، كما أن سعره متاح ومناسب للجميع”.

وفي الحديث عن النتائج التي حققها المشروع يقول: “النتائج التي سيحققها المشروع ستساهم بشكل فعال في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة بنسبة 70% وسيكون لذلك أثر ملموس “.

وأوصى بضرورة الاهتمام بالمشروع نظراً إلى ميزاته المتعددة والخدمات الإنسانية التي يمكن أن يقدمها: “نوصي بالاهتمام بهذا المشروع لخدمته فئة خاصة في المجتمع تحتاج منّا أن نتضافر جميعاً لتقديم الدعم لها، كما أنّ هناك خططاً بديلة واستراتيجية لتطوير المنتج بما يضمن استمراره في السوق”.

المصدر: الميادين نت