صمود وانتصار

مرضى الفشل الكلوي في اليمن.. حصار وسبات أممي يهدد حياتهم

مرضى الفشل الكلوي في اليمن.. حصار وسبات أممي يهدد حياتهم

الصمود../

يواجه مرضى الفشل الكلوي في اليمن، خطر الموت بسبب النقص الشديد في إمدادات ومحاليل غسيل الكلى وانعدام الأدوية وارتفاع كلفتها، نتيجة تداعيات الحصار الاقتصادي وتوقف صرف المرتبات الذي زاد من الفقر وتدهور معيشة المرضى.

المعاناة التي يمر بها مرضى الفشل الكلوي شديدة، ولا تقتصر على الألم، فالأعباء المالية وتكاليف العلاج الباهظة وتقليص ساعات الغسيل الكلوي فاقمت من تلك المعاناة.

يقول رشاد التويتي مريض بالفشل الكلوي “نحن مهددون بالموت نتيجة نفاد المحاليل والأدوية وليست لدينا قدرة على شراء الأدوية الغالية والتي نحن بحاجة إليها، مثل إبر الدم والأدوية المصاحبة للغسيل وغيرها نتيجة الحصار والوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلد”.

وأضاف “مرضى الغسيل الكلوي في العالم يغسلون 3-4 مرات في الاسبوع ومدة جلسة الغسيل أربع ساعات، ونحن في اليمن نغسل من مرتين إلى ثلاث مرات ومدة الجلسة ثلاث ساعات وهذا يزيد من معاناتنا”.

وأكد التويتي أن الحصار وإغلاق مطار صنعاء الدولي زاد من معاناة المرضى نتيجة منع العدوان وصول محاليل وأدوية الغسيل الكلوي كما أن توقف المرتبات ومماطلة العدوان في صرفها وسّع دائرة الفقر والمعاناة وعدم القدرة على شراء الأدوية أو السفر للخارج لتلقي العلاج”.

وترتفع حدة الخوف مع كل قطرة دم تنتقل من جهاز الغسيل الكلوي إلى شرايين المرضى نتيجة نفاد المحاليل والأدوية في مراكز الغسيل ومن مخازن وزارة الصحة العامة والسكان.

ومع استمرار العدوان والحصار الجوي والبحري والبري تستمر معاناة مرضى الغسيل الكلوي الذين يحتاجون إلى علاج منتظم للبقاء على قيد الحياة من خلال جلسات الغسيل فضلاً عن الأدوية الأساسية الأخرى للحفاظ على نظامهم المناعي.

وحسب تقرير صادر عن وزارة الصحة يمارس تحالف العدوان ومرتزقته شتى أنواع الحصار على أدوية ومواد ومستلزمات الغسيل الكلوي في اليمن بالإضافة إلى الاستهداف والقصف المباشر لمراكز الغسيل الكلوي..

وأوضح التقرير أن تحالف العدوان استهدف بالقصف المباشر مركز الغسيل الكلوي بمديرية حرض محافظة حجة ومركز اليمن الدولي للغسيل الكلوي بمديرية صالة محافظة تعز مما أدى الى تدميرهما وخروجهما عن الخدمة بشكل كامل.

وقد أدى تدمير المركزين إلى نزوح مرضى الفشل الكلوي الذين يتلقون الخدمات فيهما إلى أقرب مركز غسيل كلوي لهم، ما أدى إلى زيادة العبء والضغط على المراكز التي قامت باستيعابهم، والتي تعاني في الوقت نفسه من شح وشبه انعدام لمواد ومستلزمات الغسيل نتيجة الحصار، بحسب التقرير.

كما تسبب توقف خدمات المركزين، في معاناة أخرى للمرضى تتمثل في تحمل تكاليف السفر والسكن والغذاء، وهو أمر مرهق للغاية، لكن ليس لديهم خيار آخر لتأمين جلسات الغسيل.

وأكد التقرير أن الحصار سبب في انعدام الأدوية وشحتها، حيث يحتاج مرضى الفشل الكلوي إلى أدوية مزمنة مثل “الهيبارين الارثروبايتين والكالسيوم جلوكونيت وغيرها” والتي لا تتوفر إلا بكميات قليلة لا تفي بالغرض مما يزيد من معاناة مرضى الفشل الكلوي والقطاع الصحي على حدٍ سواء.

ودقت وزارة الصحة ناقوس الخطر نتيجة نفاد المحاليل وأدوية ومواد ومستلزمات وجلسات الغسيل من مخازنها والتي كانت تغطي 17 مركزاً في مختلف المحافظات.

وحذرت الوزارة من أن أكثر من خمسة آلاف مريض بالفشل الكلوي مهددون بالوفاة إذا توقفت جلسات الغسيل، مؤكدة أنه لا يوجد إلى الآن أي دعم من المنظمات الدولية الداعمة لشراء مواد ومستلزمات وجلسات الغسيل الكلوي مما ينذر بكارثة كبيرة وشيكة.

وللمرة الثانية خلال شهر واحد عقدت وزارة الصحة مؤتمرين صحفيين تؤكد خلو مخازنها ومراكز الغسيل الكلوي من المحاليل والأدوية.

وأفادت الوزارة في بيان لها أن مرضى الغسيل الكلوي بحاجة إلى 500 ألف جلسة غسيل سنوياً حيث يتراوح سعر الجلسة بين 30 إلى 40 دولاراً، ناهيك عن الأدوية المصاحبة والتحاليل لكل جلسة، مبينة أن هيئة مستشفى الثورة العام بأمانة العاصمة تستقبل 170إلى 220 حالة يومياً من مناطق مختلفة من محافظات الجمهورية.

ولفت البيان إلى استمرار منع دخول مستلزمات صيانة أجهزة الاستسقاء الدموي وعددها أكثر من 498 جهازاً بحاجة للصيانة.

وطالبت الوزارة، الأمم المتحدة بالقيام بواجبها من أجل وقف العدوان ورفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي والسماح بدخول الأدوية والمستلزمات الطبية لإنقاذ حياة المرضى بمن فيهم مرضى الفشل الكلوي.

وأوضح مسؤولون في وزارة الصحة أنه تمت مخاطبة منظمات الأمم المتحدة منذ شهور بشأن توفير أدوية الفشل الكلوي للعام 2023، لكن التلكؤ سيد الموقف، مؤكدين أنه بسبب الحصار المفروض على مطار صنعاء وميناء الحديدة، لم تعد الدولة قادرة على استيراد الأدوية، ولذا تلجأ لمنظمات الأمم المتحدة.

يقول وكيل وزارة الصحة لقطاع الطب العلاجي الدكتور علي جحاف: “خاطبنا الأمم المتحدة والمنظمات الصحية العاملة في اليمن أننا بحاجة لتوفير مخزون دوائي كافي لجلسات غسيل الكلى للعام 2023م، إذ نحن نحتاج كل عام ما يقارب من 500 ألف غسلة دون أن نلقى استجابة على الرغم من المخاطبات واللقاءات المتعددة بهذا الخصوص”.

وأضاف: “لقد عقدنا أكثر من مؤتمر وتم التحذير من كارثة إنسانية تهدد حياة الآلاف من مرض الغسيل الكلوي في مختلف المحافظات ولكن لا توجد استجابة”.

وحمل الدكتور جحاف المجتمع الدولي والأمم المتحدة مسئولية توفير جلسات غسيل بشكل عاجل لإنقاذ حياة المرضى، مؤكداً أن مراكز الغسيل تقف اليوم على حافة التوقف والمخزون فيها لا يكفي لأقل من أسبوعين.

فيما أكد وكيلا وزارة الصحة لقطاع الرعاية الدكتور محمد المنصور وقطاع السكان الدكتور نجيب القباطي أهمية أن تتضمن خطة الاستجابة الإنسانية، الاحتياجات الطارئة للقطاع الصحي.

وطالبا الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في القطاع الصحي، عدم غض الطرف عن المأساة الكارثية التي أودت بحياة الآلاف من المرضى ومنهم مرضى الفشل الكلوي المهددون بالموت نتيجة شحة مستلزمات الغسيل الكلوي.

ألقى استمرار الحصار بظلاله على مرضى الفشل الكلوي، الذين فقدوا حقاً من حقوقهم الأساسية المتعلق بالصحة، ولم يحصلوا على جلسات الغسيل المقررة لهم أسبوعيا، والتي كفلها لهم القانون الدولي ما يعرض حياتهم للخطر، وبعضهم يفارق الحياة.

*سبأ : تقرير – مهدي البحري