مسيرات يمانية تستنهض الأمة لنصرة القرآن والمقدسات الإسلامية: قراءة في الرسالة
الصمود | جميل القشم
لم يكن مستغربًا ما وجدنا عليه الغضب اليماني الذي تجلى في مسيرات عجت به مختلف المحافظات استنكارًا واستهجانًا لإحراق متطرفين في السويد وهولندا نسخ من القرآن الكريم… فاليمنيون مرتبطون بعروة وثقى بدينهم وهويتهم الايمانية، وما تعبيرهم عن رفضهم لكل محاولات الإساءة لدينهم إلا تعبيرًا قويًا عن مدى إيمانهم واعتزازهم بهذا الدين ورفضهم لكل محاولات الإساءة له.
كما جسدت مسيرات الغضب اليمانية الموقف الثابت والمبدئي لليمن تجاه المقدسات، في صورة حقيقية لاستنهاض الأمة لنصرة كتاب الله والدفاع عن مقدسات الإسلام.
لقد مثلت مسيرات الشعب اليمني، التي تعد الأكبر على المستوى العربي والإسلامي، الموقف الإيماني الصحيح تجاه هذه الممارسات الشنيعة، بل عكست النموذج الرفيع لمدى الارتباط بالهوية الإيمانية، التي تتجلى في صحوة القيم والمبادئ والغيرة على الدين وكتاب الله ومقدسات الأمة…وهي غيرة لا تأتي من فراع بل من علاقة راسخة في أرض الإيمان وفرعها في سماء اليقين.
حشود يمانية من مختلف فئات الشعب، لا تزال تتداعى بوعي وهوية دينية جامعة رافضة التطاول والإساءات للإسلام والكتب السماوية، والتي تمثل استفزازا لمشاعر المسلمين في كافة أرجاء المعمورة.
أثار إحراق نسخ من المصحف الشريف، والتي يقف خلفها اللوبي الصهيوني، سخط اليمنيين ليس فقط لكونهم أنصار الرسول الأعظم وأحفاد مَن آمنوا به وناصروه، بل لكونهم أهلا للإيمان كما وصفهم الرسول الكريم بقوله “الإيمان يمان والحكمة يمانية ” وتجسيدًا عمليًا لقوله بإن الدين سيكون له كلمته على يد رجال من أهل اليمن.
تصدر موقف اليمن الرسمي والشعبي المشهد الإسلامي الرافض للممارسات العدائية ضد الأديان.. وكان واضحًا وصريحا في استنكار هذا العمل العدواني، الذي يمس أهم المقدسات الإسلامية…مؤكدا ضرورة التحرك الجاد لردع ومحاسبة المتورطين في هذه الجرائم وكل من يتمادى في الإساءة للمقدسات.
مسيرات الغضب، التي بدأت الاثنين الماضي، أكدت أن هذه الجريمة لن تمر مرور الكرام، مطالبة بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه هذا العدوان السافر على كتاب الله، من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي تنتهك حرمة المقدسات الإسلامية ومقاطعتها اقتصاديا، في تعبير عن غضب حقيقي وإدانة يجب أن يكون لها أبعادها العملية.
أبناء الشعب اليمني أكدوا أن هذه الممارسات الإجرامية لن تزيدهم إلا تمسكا بهويتهم الإيمانية والمضي على نهج الرسول الكريم واستعدادهم للتضحية في سبيل الدفاع عن الدين والقرآن الكريم.
القيادة في صنعاء كانت مدركة للمخططات التي تستهدف المقدسات الإسلامية، منذ وقت مبكر، حيث دعا قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1444هـ، الدول والمجتمعات الغربية إلى الكف عن الإساءة والعداء للأنبياء وكتاب الله والكف عن إحراق المصاحف.
وطالب الدول الغربية إلى التحرر من الصهيونية اليهودية التي سيطرت عليهم وأضلتهم وأفسدتهم وأحكمت سيطرتها عليهم بشكل تام واستعبدتهم إلى حد رهيب.
يدرك اليمنيون في خروجهم بهذه المسيرات الحاشدة، أن المجد والرفعة لن يتحقق إلا بالتمسك بالقرآن الكريم وتطبيق تعاليمه كمنهج حياة في مواجهة الهجمة التي تستهدف الأمة ومقدساتها.
وفيما تتهافت العديد من الأنظمة العربية نحو التطبيع مع كيان العدو الصهيوني الذي يقف خلف كل هذه الممارسات الإجرامية، يعزز اليمنيون من مظاهر ومواقف ارتباطهم بالهوية الإيمانية ونصرة كتاب الله ورسوله، ما جعل بلدهم عرضة للحرب العدوانية منذ ثمانية أعوام.
ولأن المشروع القرآني الذي يترسخ في وجدان أبناء اليمن ويتنامى الوعى بأهميته لمواجهة مخططات ومؤامرات أعداء الإسلام، يضع هذا العدو وأدواته من الأنظمة العميلة، اليمن في قائمة الاستهداف، نظرا لما تشكله هذه الصحوة من خطر حقيقي على مشاريع ومؤامرات اليهود والنصارى التي تستهدف الأمة وهويتها.
يجمع اليمنيون من خلال واحدية الموقف الذي تنطلق من أجله مسيرات الغضب الجماهيرية، أن الانتصار للدين وكتاب الله العزيز هو جوهر النصر الحقيقي الذي يحثون في سبيله الخطى في مواجهة تحالف العدوان الأمريكي ورفض مشاريع الوصاية على القرار اليمني.
لم يقتصر الغضب اليمني تجاه هذه الإساءات على تنظيم المسيرات والوقفات الحاشدة المنددة بجريمة حرق نسخ من المصحف الشريف في السويد وهولندا، بل اتسعت هذه الردود لتشمل وسائل الإعلام وتنظيم الندوات والحلقات والبرامج الثقافية من منطلق المسئولية الدينية.
على مدى ثماني أعوام من العدوان والحصار، أثبت الشعب اليمني تمسكه بمشروع القرآن وتجسيد مضامين الهوية الإيمانية وترجمتها قولا فعلا، ولعل هذه المسيرات الغاضبة أحد عناوين الهوية الايمانية التي تفرد بها أهل اليمن على سائر شعوب العالم.