الصمود | شكلت 2022 مرحلة جديدة لتعاطي السعودية مع عقوبة الإعدام، مع عودة الأرقام القياسية في التنفيذ، واستمرار في التعسف في إصدار الأحكام، ومناقضة الوعود الرسمية، بالتوازي مع استخفاف تام بالتوصيات والانتقادات الدولية.
مقارنة أرقام الأحكام المنفذة بين عامي 2021 و2022، تبين أن هناك زيادة بنسبة 119%، حيث بلغ عدد أرقام الإعدامات المنفذة في 2021، 67 حكما، بينما بلغت نسبة الزيادة في مقارنة بالعام 2020، 444% حيث كان عدد أرقام الإعدامات المنفذة بحسب هيئة حقوق الإنسان الرسمية، 27 حكما.
بحسب بيانات وزارة الداخلية، أعلنت السعودية عن تنفيذ 147 حكم إعدام، توزعت على عدة جنسيات: سعودي (114)، سوري (6)، يمني (9)، باكستاني (3)، أثيوبي (3)، مصري (3)، أردني (3)، أندونيسي (2)، نيجري (2)، فلسطيني (1)، ميانماري (1). من بين الذين أعدموا امرأة واحدة، من الجنسية الأثيوبية، قتلت بحد الحرابة.
شكلت الأحكام التعزيرية، التي لا تستند إلى نص شرعي صريح وتعتمد على تقدير القاضي، النسبة الأعلى من أنواع الأحكام المنفذة، حيث تم قتل 88 شخص بها، فيما أعدم 15 شخصا بأحكام قصاص، و4 أشخاص بحد الحرابة، فيما لم تعلن وزارة الداخلية عن نوع الأحكام التي نفذت بحق 40 شخصا.
في ظل انعدام الشفافية في التعاطي الرسمي مع ملف الإعدام، وفي ظل عدم وجود أي دور للمجتمع المدني، تصعب مهمة توثيق مسار القضايا، وبالتالي الانتهاكات التي يتعرض لها المحكومون.
على الرغم من ذلك، فإن تتبع المنظمة الأوروبية السعودية يبين نهجاً من الانتهاكات، يبدأ من الاعتقال وصولا إلى تنفيذ الأحكام وحجز الجثامين.
القضايا التي تمكنت المنظمة من تتبعها أكدت حرمان المعتقلين من حقوقهم الأساسية، من بين ذلك الحق في الدفاع عن النفس وفي التواصل مع العالم الخارجي، فيما بينت صكوك الأحكام شكوى المعتقلين أمام القضاة، تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة وانتزاع اعترافات منهم تحت التعذيب.
لم يتم رصد أي تحقيق جدي أو مسائلة فيما يتعلق بالتعذيب، بل اعتمد القضاة على الاعترافات المنتزعة في إصدار احكام الإعدام.
إلى جانب الانتهاكات في مسار المحاكمات، وثقت المنظمة انتهاكات في التنفيذ، حيث استمرت السعودية في حرمان العائلات من حقها في الوداع، وبالتالي تنفيذ أحكام القتل بسرية، دون معرفة مكان وطريقة التنفيذ، والحرمان من الحق في الدفن وفي إقامة مراسم العزاء العلنية، حيث استمرت السعودية في سياسة احتجاز الجثامين.
إضافة إلى الأرقام القياسية، والسياسات الممنهجة التي تكرس الانتهاكات، بين مسار ممارسات السعودية في 2022، أن هناك إصرار على الاستخدام التعسفي والسياسي لعقوبة الإعدام، كما أظهرت واقع تحكم ولي العهد محمد بن سلمان بالقضاء.
المجزرة الجماعية
في 12 مارس 2022، نفذت السعودية أكبر مجزرة إعدام جماعية، طالت 81 شخصا، من بينهم 7 يمنيين وسوري واحد.
وثقت المنظمة الأوروبية السعودية بعض القضايا ضمن الإعدام الجماعي، وبيّن التوثيق انطواء المحاكمات على انتهاكات شنيعة للعدالة، بين ذلك التعذيب وسوء المعاملة والحرمان من الحق في الدفاع عن النفس، كما أن 41 شخصا تقريبا من الذين تم إعدامهم واجهوا تهما تتعلق بالمشاركة في مظاهرات والتعبير عن الرأي.
وكانت الأمم المتحدة عبر آلياتها المختلفة، قد تواصلت مع الحكومة السعودية حول قضايا عدد من الذين تم إعدامهم بينهم أسعد شبر ومحمد الشاخوري، وأكدت انطواء محاكماتهم على عدد من الانتهاكات من بين ذلك التعذيب وعدم الحصول على الحق في الدفاع عن النفس بشكل كاف.
القتل بجرائم مخدرات:
في 10 نوفمبر 2022، وفي خطوة لم تكن متوقعة، عادت السعودية إلى تنفيذ أحكام القتل التعزيري بتهم تتعلق بالمخدرات فقط، وذلك بعد توقف تنفيذها منذ يناير 2020.
ومنذ 10 نوفمبر حتى 23 منه، أعدمت السعودية 20 شخصا بجرائم مخدرات، من جنسيات مختلفة، بمعدل إعدام ونصف في اليوم، ونشرت بيانات رسمية حول ذلك.
العودة إلى تنفيذ هذه الأحكام، كذّب الوعود الرسمية التي أطلقها رئيس هيئة حقوق الإنسان السابق، عواد العواد، والذي صرح فيها أن السعودية أوقفت تنفيذ أحكام القتل بجرائم مخدرات بهدف “إعطاء الأفراد الذين يواجهون تهما غير عنيفة فرصة ثانية”.
لا يوجد بيانات رسمية حول عدد المعتقلين الذين يواجهون عقوبة الإعدام بتهم مخدرات في السعودية، إلا أن المعلومات التي تؤكد أن هناك العشرات، على الأقل، من جنسيات مختلفة يواجهون هذه العقوبة وبالتالي فإن حياتهم في خطر.
الإعدامات السرية:
في سابقة وتطور خطير في ملف الإعدامات، وبعد أيام من توقف وزارة الداخلية عن نشر أي بيان يتعلق بتنفيذ أحكام بالقتل، تلقت المنظمة الأوروبية السعودية معلومات متقاطعة من عدة مصادر أكدت تنفيذ إعدامات سرية في السجون، دون الإعلان الرسمي عنها كما جرت العادة.
المعلومات أشارت إلى أن معتقلين في سجون مختلفة من جنسيات عدة تم إعدامهم، بينهم معتقلون يواجهون تهما تتعلق بالمخدرات في سجن تبوك
وفي 29 ديسمبر 2022، اتصل كل من محمد مقبل الواصل، وشاجع صلاح جميل المعتقلان في السعودية بعائلتيهما في اليمن، حيث أبلغا أنهما في ساحة تنفيذ الحكم وسوف يتم إعدامهما.
وبحسب العائلة كان الواصل قد سافر إلى السعودية للعمل بسن 15 عاما، ولم تعرف العائلة أي تفاصيل عن أسباب اعتقاله ومسار محاكمته.
العائلتان أكدتا أن الحكومة السعودية امتنعت عن إعطاء أي معلومة حول ظروف الإعدام، وأنهم لم يتلقوا أي معلومات عن وصيتهما أو أغراضهما الشخصية أو مصير جثمانيهما.
لا يمكن معرفة الأرقام الدقيقة للأفراد الذين يواجهون عقوبة القتل في السعودية بسبب انعدام الشفافية، كما أن هناك عوائق أمام متابعة المراحل القضائية لمن يواجهون هذه العقوبة.
على الرغم من ذلك، تؤكد متابعات المنظمة الأوروبية السعودية أن هناك العشرات من مختلف الجنسيات يواجهون الإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات.
إضافة إلى ذلك، رصدت المنظمة الأوروبية السعودية 61 قضية يواجه فيها الأشخاص عقوبة الإعدام، موزعون على مختلف درجات التقاضي. من بين المهددين من قد ينفذ حكمهم في أي لحظة وهما المواطنان البحرانيان، صادق ثامر وجعفر سلطان اللذان صادقت المحكمة العليا حكمي القتل تعزيرا بحقهما.
ومن بين المهددين حاليا، 8 قاصرين على الأقل هم: عبد الله الحويطي، عبد الله الدرازي، وجلال الباد الذين يواجهون أحكاما مصادقة من الاستئنتاف وينتظرون حكم المحكمة العليا، وحسن زكي الفرج، ويوسف المناسف، جواد قريريص، علي حسن السبيتي، مهدي المحسن الذين يواجهون أحكاما ابتدائية بالقتل.
إضافة إلى القاصرين، يواجه العشرات أحكاما بالقتل التعزيري، بتهم بينها ما يتعلق بالمشاركة في مظاهرات وترديد هتافات وتهم أخرى لا تعد من الأشد خطورة في القانون الدولي.