صمود وانتصار

الذكرى السنوية لإستشهاد رجل المسؤولية.. محطة مهمة لمواصلة مشروع البناء ومواجهة العدوان

الذكرى السنوية لإستشهاد رجل المسؤولية.. محطة مهمة لمواصلة مشروع البناء ومواجهة العدوان

الصمود../

تأتي الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد رجل المسؤولية وأيقونة النضال والصمود والتضحية الشهيد الرئيس صالح علي الصماد – رضوان الله عليه – في الوقت الذي لا يزال أبناء الشعب اليمني يعيشون حالة الفقد والألم والوجع والحزن الكبير، ولم يستوعبوا بعد جريمة اغتيال العدوان الصهيو أمريكي السعودي الإماراتي لهذا النموذج القرآني والشخصية المعجزة والقائد الاستثنائي الذي قلما يجود الزمان بمثله.

رجلاً قرآنياً واعياً

كان الشهيد الرئيس صالح علي الصماد، “أمة قائمة بحد ذاته”، وشخصية كارزمية استثنائية متفردة احتوت كل خصال ومعاني النبل والإنسانية، والحوار والتسامح والشجاعة والإباء والتواضع والأخلاق والعلم وغير ذلك من الصفات العظيمة والنادرة، كان- رضوان الله عليه- رجلاً قرآنيا واعياً، يتحرك بحركة القرآن، مدركاً لأبعاده وتوجيهاته، ومجاهدا ضرغاماً، وسياسيا محنكا، ورجل الدولة الواعي والباني بمعنى الكلمة، يقف من الجميع بمسافة واحدة، ومثل شوكة الميزان بين جميع الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان، وكسب ود واحترام اليمنيين جميعا.

المسؤولية مغرماً

وخلال الفترة الزمنية القصيرة التي لم تتجاوز العام وثمانية أشهر، تولى الشهيد الصماد قيادة البلاد من منطلق إيماني، وبدافع الشعور بالمسؤولية، في ظل ظروف استثنائية قاهرة وتحديات كبيرة، وقاد السفينة بكل اقتدار رغم كل الصعوبات والمعوقات والأخطار، وعمل على توحيد صفوف اليمنيين لمواجهة العدوان، وسعى إلى الوفاق وتضميد الجراح في كل قضايا الخلاف، والمصالحة الوطنية واستئصال جذور الفساد، وإصلاح وتفعيل مؤسسات الدولة، يخاطب الجميع قائلا: “لا يوجد بفضل الله سبحانه ما نختلف عليه، صالح الصماد لو يستشهد غدا ما مع جهالة وين يرقدوا إلا يرجعوا مسقط رأسهم، وهذه نعمة كبيرة بفضل الله سبحانه وتعالى”، فكان المنصب عنده لايساوي شيئا، ولم يرى في المنصب مغنما لجمع المال والأراضي وتعيين ذوى القربى في الوزارات، لم يزده النصب إلا تحملا أكبر للمسؤولية واستشعارا ويقينا وقربا من الله، وخلال تلك الفترة القصيرة صنع الكثير من التحولات على كافة المستويات السياسية والإدارية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

مقومات رئيسية

اعتمد الشهيد الرئيس في تثبيت مشروع بناء الدولة، على ثلاث مقومات رئيسية، تمثلت في الاستقلال والخروج من التعبئة التي أصرت اليمن طوال العقود الماضية، والمصالحة والاستقرار السياسي من خلال تعزيز الشراكة في إدارة الدولة وثالثا الاعتماد على الذات في تقوية مؤسسات الدولة بمختلف قطاعاتها.

بناء الدولة الحديثة

فعلى الصعيد السياسي، نجحت حنكة الرئيس الصماد في إفشال محاولات العدوان شق وحدة الصف وإحداث أي اختراق للجبهة الداخلية، إذ كان قريباً من كافة المكونات السياسية، وتعامل مع الجميع بحكمة وحنكة وشجاعة ووضوح وتغلّب على الكثير من المؤامرات ومحاولات شق الصف واستطاع أن يجمع كلمة القوى السياسية وعمل وحدة الصف وتماسك الجبهة الداخلية وتضافر جهود كل أبناء الوطن في مواجهة تحديات ومخاطر العدوان، وبناء يمن حر مستقل خالي من الحروب والفتن وعودة جميع المغرر بهم إلى حضن الوطن من خلال الحوار والتصالح والتسامح والتعايش بين كل أبناء الشعب عل قاعدة القبول بالآخر والسلام الاجتماعي، وبناء الدولة الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات ومشاركة إخواننا في الجنوب المشاركة الكاملة في الثروة والحكم وإزالة اثار حرب ٩٤ ورفض كافة أشكال الوصاية والهيمنة الخارجية على الإرادة الشعبية اليمنية وإجلاء جميع قوى الغزو والاحتلال من كل الأراضي اليمنية المحتلة.

إصلاحات إدارية

وعلى الصعيد الإداري ومنذ الأيام الأولى بدأ الشهيد الرئيس صالح الصماد بسلسلة من الإصلاحات الإدارية، عمل جاهداً على تنفيذ الكثير من الإصلاحات الإدارية والهيكلية التي ساهمت في تعزيز صمود مؤسسات الدولة والحيلولة دون انهيارها رغم كل ما تعرضت له من استهداف مباشر وغير مباشر من قبل العدوان وأدواته، وفي سبيل تحقيق تلك الغاية، أطلق مشروعه الوطني النهضوي وشعاره الخالد”يد تحمي .. ويد تبني” الهادف إلى شحذ الهمم لمواجهة العدوان حتى تحقيق النصر بالتوازي مع المضي قدماً في بناء دولة المؤسسات والتوجه نحو الاكتفاء الذاتي في كافة المجالات.

نموذجاً وطنياً

كما عمل على تكليف لجنة وطنية من خيرة أبناء اليمن لإعداد مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وعمل على إصلاح كل أشكال التسيب المالي والإداري وازدواجية القرار في جميع أجهزة ومؤسسات الدولة بما يجعل من المحافظات الحرة نموذجا وطنيا يسوده الأمن والاستقرار والإدارة الحكيمة والعدالة والانصاف بين كل أبناء الوطن نموذجا يحتذى به في بناء الدولة اليمنية الموحدة الحديثة، مؤكدا في أكثر من مناسبة أهمية تفعيل الجانب الرقابي واستخدام التكنولوجيا الممكنة للحد من السلبيات الموجودة، والاستفادة من الدراسات والأبحاث العلمية التي لا يجب أن تبقى حبيسة الإدراج لإيجاد أنظمة متطورة ومواكبة للتقدم العلمي الذي وصلت إليه بلدان العالم الأخرى.

الجبهات ومواجهة العدوان

وعلى المستوى العسكرى وتعزيز الصمود ورفد الجبهات ومواجهة العدوان، فقد كان عظيما في تخطيطه وأهدافه وكل توجهاته، عين له على الجبهات وتطوير الصناعات العسكرية بمختلف الإنجازات، وأُخرى على حياة المواطنين ومؤسّسات الدولة وتوفير الفرص وبناء الحياة رغم العدوان الكوني، وكل ما تعانيه اليمن من الويلات، ومنذ تولية قيادة البلاد ظل فخامة الرئيس الشهيد صالح الصماد كابوساً يقض مضاجع العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، وجعلهم يعيشون في حالة هستيريا وقلق دائم؛ من خلال خطاباته القوية وأفعاله الصادقة التي ترجمها ميدانيا في جبهات العز وميادين الكرامة، والتي كان لها الأثر القوي والفاعل في إلحاق الهزائم والخسائر في صفوف العدوان، ورفع معنويات المجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبية.

لم تغره حياة القصور، ولم يوفر جهدا في سبيل الدفاع عن الأرض والغرض والحرمات بل كان يتقدم الخطوط الأمامية بما فيها زيارة المرابطين والإشراف على العمليات العسكرية في جبهات ما وراء الحدود، وكذا المناطق الساحلية لعلمه بخطورة المعركة هناك وأهميتها كي لا تسقط بأيدي الغزاة والمحتلين، وفي ذات الوقت لم يغب عنه للحظة تحرير المناطق الواقعة تحت احتلال المجرمين والطغاة، فلم يتوان عن التضحية بنفسه فداء للوطن، ودفاعا عن عزته حتى قضى شهيدا في مدينة الحديدة التي ذهب إليها لمتابعة جهود التحشيد والتعبئة بعد تصعيد العدوان في الساحل الغربي وسعيه لاحتلاله.

ترسيخ الأمن والاستقرار

تصدر الجانب الأمني وتثبيت دعائم الاستقرار ومعالجة الاختلالات الأمنية السابقة أولويات اهتمامات الشهيد الرئيس الصماد، حيث بذل جهود كبيرة ومضنية، وإشراف متواصل لأداء الأجهزة الأمنية من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والتعامل بجدية مع كل من يحاول زعزعة الأمن والاستقرار، وكان الجانب الأمني من أولويات وصميم أعماله وكان أكبر همه ترسيخ الأمن والاستقرار والسكينة العامة وسلامة المواطنين والحفاظ على أمن العاصمة صنعاء التي أعيا صمودها الأعداء والعدوان وأصبحت في عهده رمزاً من رموز كرامة الشعب اليمن وعنوانا من عناوين انتصاره على العدوان.

ولم يكن يمر يوم إلا وهو يناقش مستجدات الأوضاع الأمنية في أمانة العاصمة ومختلف المحافظات وسبل تعزيز جهود الأجهزة الأمنية في الحفاظ على الأمن والاستقرار وتعزيز السكينة العامة.. وبذل الكثير من أجل تعزيز مهام الوحدات الأمنية على ضوء خطط وزارة الداخلية والإجراءات الكفيلة بتجاوز الصعوبات التي تواجه العمل الأمني وخاصة في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية التي يمر بها الوطن جراء استمرار العدوان والحصار.

ختاما

لقد كان الشهيد الرئيس الصماد ولا يزال وسيبقى الرئيسَ الذي تفّرد عن غيره من الزعماء والرؤساء بأن جمع بين العالم القرآني والسياسي المحنك والإداري الناجح والمجاهد الفدائي الذي لا يتوان عن تقديم روحه ودمه فداء للوطن، واستطاع أن يثبت مدى حبه للوطن والشعب ويقبل بالتحديات الصعبة ويقوم بدوره ويؤدي مسؤوليته بكل ما يستطيع في تفعيل مؤسّسات الدولة وترميم جدار السلطة الذي حاول العدوان تحطيمه وكان همّه الأكبر استقلال القرار الوطني والتحرر من الهيمنة والوصاية، وبناء دولة حرة قوية تلبي طموحات كل أبناء الشعب اليمني في العيش الكريم.

*المصدر: يمني برس