صمود وانتصار

بأكبر مشروع منظومة طاقة شمسية.. مدارس مدينة الحديدة تتنفس الصعداء

الصمود| تقارير|| جميل القشم

طوت مدارس مدينة الحديدة جزءا من معاناة موجات الحر الشديد التي تكاد تشوي أجساد الطلاب والمعلمين الذين ظلوا طيلة عقود من الزمن يحلمون بنسمة هواء باردة، في ظل مشكلة انقطاع الكهرباء وعدم توفر السبل الكافية للخدمة.

عاش طلاب المدارس ومعلموهم في بيئة تعليمية غير ملائمة جراء الحرارة الشديدة التي تتسبب بأمراض جلدية وتسرب عدد كبير من الطلاب علاوة على ما يترتب على ذلك من معاناة نفسية ووضع قاس يصعب معه استيعاب الدروس وفهمها.

تسببت الحرارة المرتفعة بتداعيات خطيرة على سير العملية التعليمية، وفاقم العدوان والحصار من معاناة طلاب المدارس جراء أزمة الكهرباء وصولا إلى انقطاعها، وما ترتب عليها من توقف وسائل التبريد والتكييف.

ماساه حقيقية تعذر معها على العديد من الأسر إرغام أبنائها للذهاب الى المدارس، والتي بدت فصول بعضها خالية من الطلاب، فيما البعض الآخر لا يتواجد فيها سوى عدد قليل، يكابدون الحرارة بلا أجهزة تكييف أو مراوح وأخرى أغلقت تماما.

واجهت مدارس مديريات مدينة الحديدة معضلات كبيرة في البحث عن بدائل وخيارات تساهم في استقرار وانضباط العملية التعليمية، وتوفير الجو الملائم لمواجهة موجة الحر ومنع غياب وتسرب الطلاب، الا أن الإمكانات المادية مثلت العائق الأكبر لبقاء المشكلة.

وحسب أحد مديري المدارس، إن من ضمن أحد الحلول التي تم اللجوء إليها تحويل فترات التدريس إلى المساء بدلاً عن الصباح، وهو أمرٌ يحدُّ من المشكلة لكنه لا يحلها، إذ أن دوام المساء يتعارض مع جداول أعمال الأسر التهامية والمعلمين ممن لديهم أعمال أخرى.

وأمام هذه المعضلة حاول الأهالي لفت انتباه الجهات المسؤولة التي أغلقت أبوابها أمامهم لعقود دون حلول جذرية، وهي معضلة تتعلق بخدمة الكهرباء التي بالكاد تكون غائبة في المحافظة وتعاني في أحسن أحوالها من تراكمات خروجها عن الخدمة، وهكذا كانت تظل المشكلة تراوح مكانها عاماً إثر آخر.

اتجهت الحلول منذ مطلع العام 2021م لإيجاد معالجات طارئة بموازاة الحل الجذري للمشكلة التي تسببت بمعاناة مزدوجة للمعلم والطالب على حد سواء، وبادرت السلطة المحلية بالمحافظة إلى تقييم حجم الكارثة وتداعياتها بتقرير شامل تضمن آلية للحل لوضع هذه المدارس.

ومن بين ركام التحديات، قضت توجيهات عاجلة من القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبد الملك الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى، بسرعة إيجاد حلول طارئة لحل مشكلة مدارس محافظة الحديدة، وبشكل مستقل عن بقية الملفات الخاصة بالكهرباء التي لا تبدو قريبة الحل.

استقرت التوجيهات في إنجاز منظومة كهربائية بالطاقة الشمسية خاصة بكل مدرسة، وشرع المختصّون خلال فترة قصيرة في تنفيذ المشروع مدرسة تلو مدرسة بدءاً من المدارس الكبيرة وفق جدول أولويات جرى تحديده بالتنسيق مع السلطة المحلية ومكتب التربية بالمحافظة.

وفي غضون أسابيع نجح القائمون على المشروع في بدايته في تزويد أكثر من 66 مدرسة بعموم مديريات مدينة الحديدة التي يستفيد منها أكثر من 50 ألف طالبا وطالبة، بتكلفة إجمالية تتجاوز 420 مليون ريال.

واعتبر محافظ الحديدة، محمد عياش قحيم، المعالجات التي اتخذت في اطار هذا المشروع، انجازا نوعيا يترجم استشعار القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى للمسئولية ومدى الحرص على مساندة السلطة المحلية بالمحافظة على تخفيف معاناة شريحة هامة من سكان المحافظة وهم طلاب المدارس.

وأوضح قحيم، أن قيادة السلطة المحلية تعمل على التنسيق مع الجهات المعنية، لتوسعة مشروع منظومة الطاقة الشمسية ليشمل بقية المدارس في مديريات تهامة والمستشفيات والمرافق العامة والمنشآت الخدمية لتوفير احتياجها للكهرباء عبر الطاقة البديلة لتجاوز تحديات خدمة الكهرباء.

ووفق تقارير رسمية، فإن خطة المرحلة الراهنة ترتكز على تنفيذ حلول جذرية لمشكلة كهرباء الحديدة عبر إنجاز مشروع وطني عملاق، من شأنه وضع حد لمعاناة المواطنين في الساحل التهامي الناجمة عن انقطاع الكهرباء سيتم الكشف عنه لاحقا.

وقوبل هذا المشروع بارتياح كبير لأولياء أمور الطلاب والطالبات والوسط التربوي الذي عبر عن الامتنان للجهود التي بذلت في توفير منظومات طاقة شمسية مع كامل ملحقاتها لكل مدرسة في مديريات الميناء والحوك والحالي.

اذ تقول أم لثلاثة طلاب : ارتفاع الحرارة خصوصا في فصل الصيف تخنق الجميع في ظل الظروف الراهنة، لافتة إلى أن الفصول الدراسية التي تكتظ بالطلبة خاصة مع عدم توفر المكيفات والمراوح والكهرباء تسببت بأمراض ووضع صحي كارثي وانتقال العدوى وهروب من التعليم.

وثمنت استجابة القيادة لمعالجة هذه المشكلة ودور الجهات التي بادرت لتوفير هذه المنظومات الشمسية للمدارس للحفاظ على صحة الأبناء ومراعاة وضعهم النفسي داخل الفصول الدراسية بما يساعدهم على البقاء في المدارس.

فيما عبر مدير مكتب التربية والتعليم بالمحافظة، عمر بحر، عن الشكر لدور قائد الثورة والمجلس السياسي الأعلى وحكومة الانقاذ ووزير المالية والسلطة المحلية بالمحافظة وصندوق دعم احتياجات محافظة الحديدة، في انجاز هذا المشروع استشعارا لمعاناة طلاب ومعلمي المدارس.

وفيما يعاني سكان محافظة الحديدة من ارتفاع درجة الحرارة والتي تصل إلى 40 درجة صيفا، يظل الأمل مرهونا بمعالجة وضع أكثر من ألف و400 مدرسة في عموم مديريات المحافظة لتوفير أنظمة طاقة شمسية خصوصا المدارس غير المرتبطة بالتيار الكهربائي وتزويدها بأدوات التبريد.