السيد القائد يُشدد على دور الخطباء والعلماء ومسؤولياتهم تجاه المجتمع
الصمود|
وفضّل الله تبارك وتعالى الشهر الكريم، على بقية أشهر العام ليكون محطة إيمانية يتزود المسلم فيه بالطاعات والعبادات، خاصة في ظل حاجة الأمة التي تمر بظروف قاسية، للتزود من تعاليم كتاب الله الكريم والسنة النبوية المطهرة، بما ينفعها في الدنيا والآخرة.
ولا يقتصر دور العلماء والخطباء والمرشدين، على شهر رمضان، فحسب، وإنما على مدار العام، باعتبارهم ورثة الأنبياء في التغيير والإصلاح، وحَمَلة مشاعل الهداية، وصمَام الأمان للعباد من الضلال والهلاك، بما يقومون به من جهود البيان والبلاغ، والنصح والإرشاد.
قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وخلال لقاءه العلماء والخطباء الأحد الماضي، شدد على أهمية دور العلماء والخطباء، خاصة في خطب الجمعة بالمساجد، من خلال التذكير بهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وسعيهم لهداية الناس بالدعوة إلى الله جل وعلا.
وقال:” مسؤولية العلماء والخطباء، عظيمةٌ ومقدَّسة، كما أن دورٌهم مهمٌ للغاية، يحتاج إليه المجتمع إلى جانب أنه فضلٌ كبير، وإذا توفَّق الخطيب أو الداعية في مسجدٍ معين، وفي واقع المجتمع، لهداية شخصٍ واحد، أسهم في هدايته، ففي ذلك فضلٌ عظيم، وأجرٌ كبير، بل كما ورد في الحديث النبوي الشريف: خَيرٌ لك مِمَا طَلَعت عَليهِ الشمس”.
وأكد قائد الثورة حاجة المجتمع للتبليغ والعلم والمعرفة بدين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكتابه الكريم وهدي الله، وإيصال صوت الحق إلى المجتمع، لما يعانيه من استهدافٍ من قبل أعدائه الضالين المضلين من اليهود والنصارى، وأتباعهم والموالين لهم، الذين يسعون لإضلال المجتمع، وإفساده، وهو ما تحدَّث عنه القرآن في آياتٍ كثيرة: عن رغبتهم الشديدة في إضلال المسلمين، وإعادتهم إلى حالة الكفر والارتداد عن دين الله.
نصائح مهمة قدّمها قائد الثورة في خطابه للعلماء والخطباء، سيما ما يتعلق بالخطابة في المساجد وأهميتها ودورها التوجيهي والتوعوي والإرشادي، وما يتطلب من كل خطيب وعالم يتحمل مسؤولية الاسترشاد بها، وتكون ضمن أولوياته لإيصال مضمون الخطاب الديني.
يقول “بعض من الخطباء يعتمد أسلوباً غير دقيق، في طريقة ما يقدمه، ليس عنده برنامج محدد يركِّز عليه في خطابه، وفيما يقدمه للحاضرين وهو أسلوب مشتت للأفكار، ليس هناك قضايا أساسية يسعى لترسيخها، وبناء معرفي وتوعوي للمستمعين وحالة الشتات تغيب عنها كثيرٌ من الأشياء المهمة، ما يتطلب أن يكون الخطيب ملماً بما سيتحدث عنه ولديه اهتمامات محددة وواضحة وفي مقدِّمتها: ترسيخ الانتماء الإيماني، وهي مسألة جامعة وعنوان أساس، تتفرع منه بقية التفاصيل، إضافة إلى التركيز على الجانب الإيماني في عناوينه الكبرى”.
يشكل المنبر الإسلامي أهمية عظيمة لما له من تأثير على واقع المجتمع وتبصيره بما يصلح الشأن، ومعالجة الكثير من القضايا، ما يستدعي من الخطيب أن يكون قدوة وأنموذجاً يحتذى به في كل أمور الحياة.
وفي هذا الصدد يقول قائد الثورة “من أهم ما يفيد في أداء الخطيب، والتأثير من جانبه، هو: أن يكون نموذجاً وقدوةً حسنة، وهي أمور متعلقة بمدى تأثيره وانتفاع الناس بخطبه وتذكيره عندما يكون هو القدوة، ويقدّم صورة لائقة عن الدين، في التزامه الإيماني، وتدينه، وروحيته الإيمانية، وهذا شيءٌ يجب أن يكون الإنسان مهتماً به ما بينه وبين الله”.
وحث على أن يكون الخطيب مهتماً بالتحضير الجيد للخطبة، ولا يكون حديثه ارتجالياً من دون سابق تحضير وإعداد، وأن يكون المضمون حسناً، مفيداً، نافعاً، مرتباً، منظماً؛ حتى يخرج المستمع بما يفيده وينتفع به.
وشدد السيد عبدالملك الحوثي على ضرورة حرص الخطباء على أن تكون خطاباتهم غير مطولة، ولا مرهقة للمستمعين، وأن تكون موجزةً بقدر الإمكان، فالاختصار بالقدر الممكن أمرٌ مهمٌ وخاصةً في خطب الجمعة التي يحضرها من هو طاعنٌ في السن، ومن له ظروف معينة.
ولفت إلى ضرورة مراعاة من يتم التخاطب معهم، والحديث إليهم في الجامع، وتقديم العبارات الواضحة، والمفهومة، التي تلامس واقعهم والاستشهاد ببعض الأمثلة التوضيحية التي يتطلب التركيز عليها.
صمت العلماء والخطباء وإغفالهم لمسألة التبليغ والدعوة والتذكير للأمة، في أحكام الدِّين الإسلاميّ والمعارف الإلهيّة، وترغيبهم بالعمل للحصول على رضا الله تعالى، وتحذيرهم من مخالفة أوامر الخالق جلّ وعلا، جريمة خطيرة، يقتضي التنبه لها.
ذلك ما ذهب إليه قائد الثورة بقوله” المقام يتطلب التبليغ، والدعوة إلى الله، وإيصال الهدى إلى الناس، والتذكير والتوعية والتبصير لهم، وإذا كتم الإنسان أمام ذلك، أمام هذا الواقع الذي يتطلب التبيين والتبليغ والتذكير، يعتبر ذلك جرماً خطيراً، وأمراً سيئاً للغاية، والوعيد في القرآن الكريم ورد في قوله الله “إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ”.
وأضاف” في هذه الظروف التي تعيش فيها الأمة حالةً من الاستهداف الكبير من جانب أعدائها، لإضلالها، وإفسادها، وإغوائها، لابدَّ من البيان، البيان هو مسؤولية، التبليغ، إيصال الهدى إلى الناس وتذكيرهم، السعي لهدايتهم، وحمايتهم من الاستهداف مسؤولية كبيرة، إلى جانب أنه فضلٌ عظيم، والأجر عليه كبير كما وعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
وتابع” كان من المهام الأساسية لرسول الله وخاتم أنبيائه محمد بن عبد الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، أن يذكِّر لله، وهي المهمة الأساسية لكل أنبياء الله، ورسله: أن يذكِّروا وأن ينذروا، أن يوصلوا هدى الله وتعليماته إلى عباده، فهي مسؤولية عظيمة، ومقدَّسة، القادة والقدوة فيها والمعنيون الأوائل فيها هم الأنبياء والرسل “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم”، فهي مسؤولية في غاية القداسة والأهمية”.
وأشار السيد عبدالملك الحوثي إلى أن رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” كانت مهمته الأساسية تتمحور حول التبليغ والتذكير والإنذار بالقرآن، وهو ما تكرر في الآيات في عدد من سور القرآن الكريم.
شهر رمضان المبارك، من المواسم الإيمانية العظيمة، التي تتطلب العمل بشكل مكثف في تذكير الناس وربطهم بالله تعالى من خلال الصيام والقيام وقراءة القرآن والإكثار من الدعاء والاستغفار وغيرها من العبادات والطاعات، وأبرزها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.
يقول قائد الثورة في هذا الصدد “من المهم التركيز عليه خلال شهر رمضان بشكل مكثف، تذكير الناس، وربطهم بالله َتَعَالَى”، وأن يعوا الأهمية التربوية لهذا الشهر في صيامه وقيامه، وبركاته، وفرصة العمل الصالح فيه”.
وأضاف” من الأشياء المهمة التي تأتي عادةً مع شهر رمضان: الحث على الزكاة، والاهتمام بأمرها، لأن أموال التجارة وما يتصل بذلك مما الزكاة فيه سنوية، عادةً ما يكون موسمها في شهر رمضان، وهناك غفلة في هذا الموضوع، وإهمال لهذا الركن، أثَّر على الكثير من الناس، مع أنها ركنٌ عظيمٌ من أركان الإسلام، واقترنت في القرآن الكريم بالصلاة”.
قائد الثورة عرّج على أهم المشاكل التي تشكل خطورة على الناس ومنها “مسألة الأوقاف” لأهميتها في واقع الأمة وما تمثله من مورد مهم، وتم إهمالها خلال المرحلة الماضية ما أدى إلى ضياع الكثير من أعيان وممتلكات الأوقاف.
يقول السيد عبدالملك الحوثي” من أهم المشاكل التي تشكل خطورة على الناس: مسألة الأوقاف، لأنها كذلك تأثرت في المرحلة الماضية بشكل كبير، فضاعت الكثير من الأوقاف، ويحتاج الناس لتذكير بمثل هذه الأمور، وكذلك التذكير بمظالم الإرث، والمهور باعتبارها من الأشياء المهمة التي ينبغي الحذر من تجاهلها”.
ودعا إلى الاهتمام بالواقع الداخلي، من خلال دفع الناس للتعاون على البر والتقوى وإغاثة الملهوفين والضعفاء والفقراء والمساكين، لحث الإسلام عليها، وكذا الاهتمام بمعطيات الواقع والمتغيرات التي تشهدها الأمة.
ومضى يقول ” من أهم ما نعيشه في هذه المرحلة هو أن الصراع مع أعداء الإسلام على أشده، هم يتحركون بكل إمكاناتهم وبكل الوسائل، ويشنون حرباً شاملةً على الأمة، واستهدافها عسكرياً، وأمنياً، وسياسياً، ثقافياً، فكرياً، اقتصادياً، ما يستدعي من الخطيب التحرك كمجاهد في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، مقتدياً بذلك بأنبياء الله ورسله، وأن يكون متصدياً للأعداء في حربهم الثقافية، وسعيهم لإفساد وإضلال الأمة”.
وتوقف السيد عبدالملك الحوثي عند الحملة التي تتعرض لها الأمة حتى من داخلها .. وقال” هناك حملة تستهدف الأمة، فهناك من يُشَغِّل علماء السوء في بعض الدول والبلدان التي هي موالية علناً لأمريكا وإسرائيل، لتقديم صورة محرفة عن الإسلام في قيمه وأخلاقه، وتماشياً مع توجهات أعداء الإسلام، فيما يركزون عليه من التمييع، والإفساد، والإضلال، والتضييع للأمة، وتجريدها من روح المسؤولية، والروحية الإيمانية، ما يجب التنبه واليقظة لذلك”.
تظل رسالة الخطباء والعلماء، مسموعة وخطابهم الدعوي والتنويري مؤثراً، خاصة في وقت الأمة بحاجة ماسة لأدوارهم القيّمة للتوعية بأهمية الحفاظ على وحدة الصف ونبذ الخلاف وتفويت الفرصة على كل من يسعى لإحداث الفتنة بما يخدم أعداء الأمة والمتربصين بها.