إجماع أممي غربي على التهرب من التزامات الحل : رعاة العدوان يواصلون التعنت
إجماع أممي غربي على التهرب من التزامات الحل : رعاة العدوان يواصلون التعنت
الصمود../
جدد الرعاة الدوليون لتحالف العدوان تأكيد إصرارِهم على المراوغة ومواصلة الحرب والحصار، خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة بشأن اليمن، حيث واصل كل من المبعوث الأممي ومندوبي الولايات المتحدة وبريطانيا، محاولاتهم ترويج الأكاذيب والتصورات الخاطئة التي تعيق السلام وتمثل التفافاً واضحاً على مطالب الشعب اليمني؛ الأمر الذي ردت عليه صنعاء بالتأكيد على أن الخيارات كلها ما زالت مطروحة، وأنه لا مجال للتفريط بثوابت السيادة والاستقلال التي تحكم الموقف التفاوضي الوطني.
إجماع على المراوغة:
أبرز التضليلات التي ركز عليها كل من المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، ومندوبي رعاة العدوان خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة بشأن اليمن، كان الحديث عن “ضرورة التوصل إلى اتفاق يمني يمني”، وذلك في إطار محاولات تكريس رواية “الحرب الأهلية”، التي تمنح دول العدوان ورعاتها فرصة للظهور بمظهر “الوسطاء”؛ وللتنصل عن مسؤولية الجرائم التي ترتكب بحق الشعب اليمني منذ أكثر من ثماني سنوات، وأيضاً التنصل عن التزامات السلام الحقيقي، بما في ذلك التزامات رفع الحصار، وإنهاء الاحتلال، من خلال إلقائها على عاتق المرتزقة الذين لا يملكون أي قرار.
الإصرار على هذا التضليل، والإجماع المشبوه بين المبعوث الأممي ومندوبي أمريكا وبريطانيا على هذه النقطة، يمثل دليلاً إضافياً على إصرار الإدارة الدولية للعدوان على مواصلة المراوغة، وعرقلة جهود السلام، والعمل على إبقاء حالة العدوان والحصار والاحتلال قائمة.
هذا ما أكده السفير اليمني لدى إيران، إبراهيم الديلمي، الذي أوضح في حديث للمسيرة: أن “الإحاطات السلبية للمبعوث الأممي تعقد المسار السياسي، وتبعد كل الأطراف عن الحل المسؤول والمقبول”، مشيراً إلى أن هذه الإحاطات لم تعد مستغربة من جانب غروندبرغ والمسؤولين الأمميين “المصرين على المضي في المسار الكارثي بالتعامل مع الملف اليمني”.
وأضاف الديلمي: أن تصريحات غروندبرغ “مدفوعة من جهات لا تريد إنهاء العدوان ورفع الحصار”.
وحول مضمون تلك التصريحات، أوضح سفير اليمن لدى إيران: أن “المرتزقة الذين تم تجميعهم بعد العدوان لا يمثلون قوة على الأرض، ولا يملكون قرارهم”، وأن “السعودية التي ترأست تحالف العدوان لا يجوز أن ترمي المسؤولية على مجموعة من الشخصيات البهلوانية الذين تسميهم حكومة أو مجلساً رئاسياً”.
وأضاف: أنه “لا يمكن أن يمضي المسار التفاوضي مع مجموعة من فاقدي الهوية، وأي حديث عن تحول المعتدي إلى وسيط هو محض هراء”.
تمسك أمريكي بريطاني بذرائع التصعيد:
مندوبا أمريكا وبريطانيا حاولا أيضاً استغلال جلسة مجلس الأمن؛ لترويج دعاية أخرى مضللة، هي دعاية “تهريب السلاح إلى اليمن” التي تحاول واشنطن ولندن منذ أشهر تكريسها؛ من أجل استغلالها لتبرير توسيع وتثبيت وجود القوات الأمريكية والبريطانية في المحافظات المحتلة وفي السواحل اليمنية والممرات المائية؛ وهو ما يمثل مؤشراً واضحاً على حرص رعاة تحالف العدوان على إبقاء الاحتلال، وتحويله إلى أمر واقع؛ الأمر الذي من شأنه أن يُفشل أية جهود للسلام.
وفي السياق نفسه، وبشكل مثير للسخرية، حاول المندوبان أيضاً ربط هذه الدعاية باتفاق التقارب الإيراني السعودي، لصرف الأنظار عن حقيقة ما مثله الاتفاق من سقوط واضح لكل ذرائع ومبررات العدوان وعلى رأسها ذريعة “النفوذ الإيراني”؛ وهو ما يعبر عن تخبط واضح وإفلاس كبير لدى الإدارة الدولية للعدوان التي بات واضحاً أنها تتمسك حتى بالأكاذيب المكشوفة؛ لتبرير إصرارها على مواصلة الحرب والحصار؛ ولإبقاء المجال مفتوحاً للمراوغة وتحويل استحقاقات ومتطلبات السلام إلى أوراق تفاوضية مرتبطة بعناوين لا أساس لها.
وقد جدد السفير اليمني لدى إيران، إبراهيم الديلمي، الرد على ذلك بالقول: إن “القيادة الإيرانية أكدت للسعودية أن الشأن اليمني خاص بصنعاء”، وهو أيضاً ما أكدته الخارجية الإيرانية التي كشفت الخميس: أن “الرياض كانت تريد مناقشة ملف اليمن في المحادثات مع طهران، لكن الأخيرة موقفها واضح بأن الأزمة اليمنية شأن يمني”.
ولعل الأكثر استفزازاً في تصريحات مندوبي أمريكا وبريطانيا خلال جلسة مجلس الأمن كان حديثهما عن صعوبة الوضع الإنساني في اليمن، متجاهلين أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هما من خلق الأزمة الإنسانية اليمنية، وجعلاها الأسوأ على مستوى العالم.
وقد علق عضو الوفد الوطني المفاوض، عبد الملك العجري، على ذلك قائلاً: إن “مداخلة مندوبي أمريكا وبريطانيا في مجلس الأمن تذكر بشخصية الثعلب الواعظ؛ إذ تحدثا عن الوضع الإنساني، لكن لم يتحدثا عن الحصار الغاشم، وتحدثا عن زعزعة الاستقرار، لكن لم يتحدثا عن صفات الأسلحة التي تصب فوق رؤوس اليمنيين، وتحول حياتهم إلى جحيم”.
الخيارات كلها مطروحة على الطاولة:
إجمالاً، لم تحمل تصريحات المبعوث الأممي ومندوبي أمريكا وبريطانيا خلال جلسة مجلس الأمن بشأن اليمن أي جديد، بحسب عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، لكنها أكدت بشكل واضح على استمرار تمسك رعاة العدوان بالموقف المتعنت الرافض لمطالب الشعب اليمني، والذي يهدف لإبقاء حالة الحرب والحصار والاحتلال مستمرة لكن بدون عواقب على دول العدوان؛ وهو ما يعني بدوره عدم وجود أية نوايا يمكن البناء عليها لإحراز أي تقدم في ملفات الحل، بما في ذلك الملف الإنساني، الذي يبدو أن الولايات المتحدة وبريطانيا لا زالتا مُصرتين على إخضاعه لمساومات سياسية وعسكرية وأمنية تحقق مصالحهما ومطامعهما ليس في اليمن فحسب، بل في المنطقة بكلها.
من أجل ذلك، حرصت صنعاء على تجديد تأكيداتها الحاسمة بشأن ثبات موقفها الوطني، واستعدادها لاتخاذ كل الخيارات اللازمة لانتزاع الحقوق، في رسائل واضحة تؤكد لتحالف العدوان ورعاته أن مجلس الأمن والحشد الدولي لن يجدي هذه المرة أيضاً كما لم يجد سابقاً.
وفي هذا السياق، أكد عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي: أن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة”، وأضاف مخاطبا رعاة العدوان: أنه “لا جديد في مداولاتكم ولكن ولوا وجوهكم نحو صنعاء؛ لأن القرار هنا”.
وقال السفير الديلمي بدوره: إنه “لو تحدث العالم كله بلغة غير واقعية؛ فنحن لسنا معنيين إلا بالواقع، وبما يؤدي لانتزاع حقوق شعبنا كاملة”، مضيفاً أن: “الأفق التفاوضي هو عدم التفريط في سيادة واستقلال بلدنا، والبدء بالمسار الإنساني الذي يؤدي لخروج القوات الأجنبية، وإعادة الإعمار، والتعويضات المستحقة لشعبنا”.
(صحيفة المسيرة)