مجزرة تنومة وأخواتها.. ذكرى فاضحة للعدو الحقيقي
الصمود|| مقالات||نادر عبدالله الجرموزي
تعتبر هذه الذكرى القاهرة؛ فاجعة أليمة، الذكرى التي مكثت حاضرة في كُـلّ زاوية من زوايا بيوت ما يقارب 3500 حاج -قاصد بيت الله الحرام- ما زالت حاضرةً في أوساط أهاليهم، لا يزال هذا الألم في مشهدٍ حي في قلب كُـلّ غيور حر على عزة دينه، في قلب كُـلّ حريصٍ على مقدساته الطاهرة وما يدور ويتوارى حولها من مخطّطات عدائية يهودية تحاول إلا أن تطمس هذه البوصلة الإيمانية للأمة الإسلامية.
مجزرة تنومة الدامية التي تعرض لها الحجاج وهم قاصدون بيت الله -بمعنويات إيمانية وأرواح مريدة للتقرب زلفى إلى رضوان ربهم وتزكية أنفسهم وتحصنهم من منهل هُــوِيَّتهم الإيمانية-؛ إذ حصل آنذاك تنفيذ تخطيط بريطاني يهودي يقوده (عبدالعزيز بن إبراهيم بن سعود) بواسطة جيش الغطغط [قوة من قطاع الطرق التكفيريين] التي تتبعه؛ مهمتها مراقبة سير الحجاج عن كثب للنيل وتنفيذ مخطّطهم الإجرامي الحاقد اللعين، وما أن وصلوا لمشارف أبها حتى يلتقوا بالقاتل/ عبدالعزيز بن سعود، ويطمئنهم “الحجاج” بأن الطريق آمنة، وما أن تابعوا ووصلوا إلى “وادي تنومة” والذي يعتبر محطة استراحة للحجاج وكان آنذاك هناك مجاميع تتلاحق لتلتقي، وما أن بدأوا لأداء فريضة الظهر؛ إذ شرع أعداء الله بتنفيذ مخطّطهم المحكم والمدبر بقتل الحجاج ولم يكتفوا بالقتل، إذ عملوا على متابعة قتلهم للحجاج بالطعن بكل حقد ونذالة.
يجب أن تكون الأُمَّــة العربية والإسلامية في صحوة ويقظة عالية، يجب عليها أن تربط أحداث ماضيها بحاضرها لتترجم واقع مستقبلها، لتدرك واقع المؤامرات العدائية التي تعصف بها وما يخططه أعداء الله تجاه هذه الأُمَّــة، وما ينسجون ويحيكون لها من فتن ومشاريعَ تمزيقية تضعف بدواخلها وتفتت لحمتها -لكي يتمكّنوا من تمرير مشاريعهم اليهودية- منتهجةً محاورَ مواجهةٍ متعددةً، منها: الحرب السياسية العبثية، وَالحرب العقائدية، وَالحرب الأشد فتكاً وأقذر وسيلة بسيطة سهلة لتحقيق آمالها الهدامة إنها الحرب الناعمة، وكيف ما اختلفت وتنوعت ديناميكية واستراتيجية المواجهة إلا أن الهدف ذاك الهدف الذي يتضمن في إغواء وإضعاف وإبعاد وحرف الأُمَّــة العربية والإسلامية عن نورها الإيماني ومنهلها -مقدساتها الإسلامية- الإيماني.
ها نحن ننظر ببصيرةٍ ورشد -ولله الحمد والفضل أن أظهر الحق وأزاغ الباطل- من خلال هذه المجزرة التاريخية؛ نرى أخوات “مجزرة تنومة” حاضرة في صور متعددة وبحجج واهيةٍ، نرى سقوط الرافعات في مكة أكثر من مرة، نرى مجازر القصف السعوديّ الإماراتي البشعة التي تجاوزت الآلاف من المجازر، نرى قصف الأسواق الشعبيّة، نرى قصف البنى التحتية والثروة السيادية القومية الوطنية، نرى هذه الحرب العبثيةِ الظالمة التي جاءت شرعيتها من بريطانيا وأمريكا وإسرائيل ودول الكفر بواسطة أدواتهم اليهودية أصيلة الانتماء الفكري والمذهبي والعِرقي إلا أن لهم جلباب الإسلام وعباءته لا أكثر.
يجب أن نفيق من هذا السبات الرهيب نحن كأمة عربية وإسلامية، وأن نلتف حول أعلام هدانا ومصابيح ظلماتنا قادتنا وولاة أمرنا، من أمرنا الله بتوليهم آل بيت رسول الله الأطهار خلف قائدنا وهادينا السيد القائد -حفظه الله وحماه وأعانه وأمكنه- عبدالملك بدرالدين الحوثي، وأن نبعد عنا الخلافات الدنيوية والفتن السياسية الحاصلة التي غرزَها أعداء الله في خاصرتنا بلغة السلطة والحزبية والقومية؛ بغية التشطير والتقسيم ليسهل التمكّن منها وتحقيق أهدافهم التي سبق أن سلطنا الضوء عليها أعلاه.
نريد أن نذكر -إن نفعت الذكرى- ما حصل وما يحصل بالقدس الشريف من مؤامرات استيطانية وتوسعية لليهود وضرب الأُمَّــة، وَأَيْـضاً ما يحصل وما حصل في الأيّام الحاضرة من تدنيس وتهويد وتنجيس لبيت الله الطاهر “مكة المكرمة” من خلال دخول اليهود والنساء المتبرجات والشواذ “المثليين”، إلى أين يتجه بنو سلول؟! وهذا جانب دامغ لفضح هذا النظام اليهودي وكشف خبثه وحقده التاريخي الأزلي للدين الإسلامي وإعادة إبداء هُــوِيَّتهم الحقيقية التي هي “اليهودية” وتعرف الأُمَّــة حقيقة أعدائها.
لقد جاء الحق وزهق الباطل، وعرف الشعب أجمع حقيقة ما تمر به الأُمَّــة المؤمنة على الامتداد التاريخي من مؤامرات ومخطّطات تضرب هُــوِيَّتها الإيمانية وتحاول طمس أنجمها الدينية (مقدساتها) وأبعاد الأُمَّــة عن هدايتها لتتجه وتنحرف بطريقة أَو بأُخرى ويتحقّق مآرب اليهود التي لن يجعلَ اللهٌ لها من قوام؛ لأَنَّ الله -عز وجل- قد جاء بالحق في قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).