جرائم حرق القرآن الكريم في السويد .. الأدوات والأسباب والأهداف
الصمود|
تتباهى مملكة السويد، بأنها دولة متحضرة وتتباهى باحترامها للتعددية الدينية والثقافية، لكنها تمارس إساءات متكررة للقرآن والمقدسات الإسلامية.
مؤخرا سمحت لمعتوه القيام بحرق وتمزيق وإهانة نسخة من القرآن الكريم، أمام أكبر مسجد في ستوكهولم، وفي أقدس أيام المسلمين، وهو اليوم الأول لعيد الأضحى المبارك، وهو ما وضع العديد من علامات الاستفهام على الدور المشبوه الذي أخذت تضطلع به السويد، لإثارة الكراهية والأحقاد ضد الإسلام والمسلمين، وإشعال الفتن والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط.
لم ننطلق من فراغ في حُكمنا هذا، فالسلطات السويدية كانت على علم بما سيقدم عليه المجرم المدعو سلوان موميكا، وهي على علم بمدى قدسية القرآن الكريم لدى أكثر من ملياري مسلم في العالم، وهي على علم بقدسية عيد الأضحى المبارك لدى المسلمين، وكذلك هي على علم برمزية مكان تنفيذ الجريمة، إلا أنها ورغم كل ذلك، وفرت حراسة وحماية مشددة للجاني، الذي كشفت طريقة تنفيذه البشعة للجريمة، مثل ركل نسخة من القرآن الكريم بالأقدام، ووضع لحم الخنزير عليها ومن ثم حرقها، إنه بالتأكيد شخص مريض نفسيا، وإن الجهات التي جندته، تسعى لتحقيق أهداف في غاية الخطورة، تتجاوز كثيرا، ما قيل عن الترويج لظاهرة الإسلام فوبيا في السويد والغرب.
بعض الذين غفلوا عن الأهداف الحقيقية للجهات التي تقف وراء هذه الجريمة، دعوا إلى محاكمة المجرم، لتلقينه درسا لا ينساه، ولردع من هم على شاكلته، إلا أن هذه الدعوة، لم ولن تردع المجرم ولا أمثاله، فمثل هؤلاء يوجد منهم الكثير في العالم، وأغلبهم مرضى نفسيون، تتقاذفهم غرائز حب المال والشهرة، وتتلاعب بهم الأفكار المنحرفة والعنصرية، يكفي أن توفر لهم السلطات في أي بلد الظروف حتى يرتكبوا أبشع الجرائم بحق الإنسانية والأديان الإلهية، لذلك لا بد من ردع الجهات التي تجندهم وتستغلهم لتحقيق أهدافها ومخططاتها، ومن بين هذه الجهات السلطات السويدية، التي تتستر خلف مقولة حرية التعبير، لفرض ثقافتها، وتعميم شذوذها، والأهم من كل هذا وذاك، تحقيق أهدافها الخبيثة.
لم ولن ترتدع السويد، إلا من خلال الضغط عليها وبشكل حقيقي وجاد، من قبل البلدان الإسلامية في العالم، عبر وقف استيراد البضاعة السويدية، بالإضافة إلى سحب سفراء الدول الإسلامية من السويد، وطرد سفراء هذا البلد من جميع العواصم الإسلامية، وبهذا فقط سترتدع السويد وتحذف عبارة “حرية التعبير” من قاموسها السياسي، فهي عبارة عن زيف وتضليل، أمام كل صوت يندد بالشذوذ الجنسي، وأمام المشككين بالمحرقة، والمنتقدين لجرائم الكيان الإسرائيلي الغاصب للقدس.
أما الأهداف الحقيقية التي كانت تسعى لتحقيقها الجهات التي تقف وراء الجريمة النكراء، يمكن تلمسها وبسهولة من خلال هوية المنفذ، وإصرار السلطات السويدية على حماية كل المنحرفين والمرضى النفسيين الساعين وراء الشهرة والمال، فهذه المرة اختارت السلطات السويدية مواطنا عراقيا مسيحيا، لتنفيذ الجريمة، رغم أن المسيحيين في العراق وفي غير العراق براء من فعلته الشنعاء، إلا أن الجهات التي جندته، كانت تعمل من خلال ذلك على العزف على وتر الدين، والنفخ في نيران الأحقاد والحروب الطائفية والدينية، التي أشعلتها أمريكا في العراق وغير العراق، عبر الجماعات التكفيرية وعلى رأسها “داعش”، والتي اطفأها أبناء الشعب العراقي من المسلمين والمسيحيين وباقي اتباع الأقليات الدينية والقومية الأخرى، وفي مقدمتهم قوات الجيش والحشد الشعبي، بدعم وإسناد محور المقاومة.
إن الصورة الجميلة التي رسمتها قوات الحشد الشعبي وحزب الله وفصائل المقاومة والجيشان العراقي والسوري، في الدفاع عن أتباع الديانات الأخرى كالمسيحيين والايزديين و..، والتي عززت من الأواصر الإنسانية والوطنية بين أبناء الشعبين في العراق وسوريا، لم ترق للجهات التي جندت “داعش”، والتي فشلت في إيجاد شرخ بين أبناء الوطن الواحد، لذلك عمدت على تجنيد شخص معتوه محسوب زورا على المسيحيين، و صاحب سجل إجرامي معروف في العراق، لتنفيذ الجريمة الشنعاء، ظنا منها أنها ستنجح في إثارة الغرائز الطائفية والعنصرية في العراق، في قلوب من هم على شاكلة المجرم سلوان موميكا في العراق وغير العراق، من أتباع الديانات الأخرى، بهدف بث الحياة في فتنة “داعش” في المنطقة.
الهدف الآخر الرئيسي من تكرار مثل هذه الجرائم في الغرب وخاصة السويد، أخذ يتضح شيئا فشيئا ونحن نشاهد الهجمة الصهيونية التي يتعرض لها المسجد الأقصى من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، فالغرب ومن خلال استفزاز المسلمين، عبر جرائم حرق نسخ من القرآن الكريم، والإساءة إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وآله، يحاول قياس ردة فعل المسلمين، في حال نفذ الاحتلال الإسرائيلي مخططه الإجرامي في هدم المسجد الأقصى.. لذلك يجب أن يكون رد فعل المسلمين مدروسا، يبدأ بمقاطعة المنتجات السويدية وعدم التعامل مع الشركات السويدية، ويمر بتقديم شكوى على مستوى مجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، لاستحصال قرار، يجرم كل من يحاول خلق الكراهية والبغضاء والفتن والاضطرابات في العالم، عبر الإساءة إلى الرموز الدينية للأمم والشعوب، ولا بد أن يكون موقف المسلمين موحدا في هذا الشأن، ليكون أكثر تأثيرا، فالغرب لم ولن يرضخ، إلا في حال رأى مصالحه معرضة للخطر، وبذلك يرسل المسلمون رسالة واضحة الحروف للكيان الإسرائيلي، مفادها أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال تعرض المسجد الأقصى لأدنى تهديد.