صمود وانتصار

مقاطعة المنتجات كابوس يلاحق “الكيان الإسرائيلي”

الصمود|| مقالات|| أنس عبد الرزاق

في فبراير 2014م رئيس الكيان بنيامين نتنياهو وقف أمام أعضاء مؤتمر رؤساء المنظمات الأمريكية اليهودية الكبرى وألقى خطاباً شن فيه هجوماً كاسِحًا على دعوات مقاطعة إسرائيل، واتهم مؤيدي المقاطعة بأنهم معادون للسامية ويهدفون إلى إنهاء الدولة اليهودية، نتنياهو كان غاضباً جِـدًّا من دعوات المقاطعة لأسباب كثيرة.

 

الآن مر أكثر من تسع سنين على تصريحات نتنياهو وبالرغم من ذلك الاحتلال الإسرائيلي لا يزال لديه خوف كبير من دعوات المقاطعة والتي اشتدت بعد الحرب الأخيرة، على قطاع غزة والتي استمرت لعدة أَيَّـام قبل أن يتم وقف إطلاق النار بوساطة مصرية.

 

ما يهمنا الآن هو أنه عندما نتحدث عن المقاطعة هناك العديد من الأسئلة تطرح نفسها من ضمنها: هل المقاطعة مؤثرة بأي شكل في اقتصاد الكيان الإسرائيلي؟ وإذا كانت مؤثرة ما هو حجم الخسائر المتوقعة؟ وهل حجم الخسائر هو سر خوف دولة الكيان الإسرائيلي؟ ولماذا؟ أصبحت العديد من الشركات تخاف أن يرتبط اسمها بدولة الاحتلال الإسرائيلي؟

 

إن مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية يعتبر من أكثر الأسلحة فاعلية يمكن أن تستخدمه فصائل المقاومة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

 

ففي يوليو 2005م مجموعة تضم أكثر من 170 منظمة من منظمات المجتمع المدني الفلسطينية أسست حركة سميت بالمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وعرفت باسم BDS وهذه الحركة تستخدم ثلاث أدوات أَسَاسية لتحقيق أهدافها.

 

الأدَاة الأولى هي المقاطعة والتي تشمل مقاطعة الشركات الإسرائيلية والشركات الدولية المتواطئة في انتهاكات حقوق الفلسطينيين، والأدَاة الثانية هي سحب الاستثمارات وهذا يتم من خلال الضغط على المستثمرين والمتعاقدين مع الشركات الإسرائيلية والشركات الدولية المنتهكة لحقوق الفلسطينيين لسحب استثماراتها من هذه الشركات أَو إلغاء العقود معها، أما الأدَاة الثالثة فهي فرض العقوبات والمقصود هنا هو إقناع الحكومات والمؤسّسات الدولية بفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي وقد بدأت بالفعل تأخذ تأثيرها بداية من العام 2008م؛ بسَببِ الحرب التي شنها الاحتلال على قطاع غزة في أواخر ديسمبر ٢٠٠٨م والتي كان لها تداعيات سلبية كبيرة على الاحتلال في المستوى الدولي، والذي استهدف عدة شركات فرنسية خَاصَّة والتي كان هدفها تنفيذ مشروع القطار الخفيف الذي يربط المستوطنات اليهودية بالقدس المحتلّة، والذي كان يريد شارون تنفيذه بأي ثمن وعندها تعرضت شركة Veolia لمقاطعة عالمية والتي أطلقت في نوفمبر ٢٠٠٨م وَشهدت احتجاجات واسعة في عدد من البلدان الأجنبية، حَيثُ خسرت العديد من المشاريع أحدها مشروع ستوكهولم الذي تقوم فيه بتشغيل قطارات ستوكهولم، وكذلك السويد، ونتيجة لذلك خسرت الكثير من العقود التي تقدر بحوالي 20 مليار دولار نتيجة للمقاطعة إلى أن قرّرت في عام ٢٠١٥م الخروج من السوق الإسرائيلي وبيع كُـلّ حيازاتها هناك، وكذلك تكرّر الأمر مع العديد من الشركات الإسرائيلية والشركات العالمية التي تساهم في انتهاك حقوق الفلسطينيين على سبيل المثال في سبتمبر ٢٠٠٩م صندوق التقاعد الحكومي النرويجي والذي يعتبر أكبر صندوق سيادي في العالم أعلن عن سحب كُـلّ استثماراته من شركة Elbit systems الإسرائيلية؛ لأَنَّها تزود جدار الفصل العنصري بأنظمة المراقبة وكذلك شركتي sharp و MIVNE أثناء العدوان على غزة في ٢٠٢١م؛ بسَببِ دورها في بناء المستوطنات.

 

وفي مارس ٢٠٢١م الصندوق النيوزلندي أعلن سحب استثماراته من بنوك إسرائيلية وهذا كان نتيجة لحملات المقاطعة التي شملت شركة Hp الأمريكية التي تزود الجيش والشرطة للكيان بالمعدات والخدمات التكنولوجية، من الناحية الأُخرى نجد أن الكيان الصهيوني لكي يجعل الشركات لا تقوم بالاستجابة لدعوات المقاطعة بدأت باللجوء إلى معاقبة الشركات التي تستجيب للمقاطعة.

 

فإلى أي مدى مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية تؤثر على اقتصاد الكيان بحسب التقرير السري لدولة الكيان منتصف ٢٠١٣م والذي حاول فيه الاقتصاديون الإسرائيليون التنبؤ بحجم الخسائر المتوقعة في حالة تعرض الاحتلال لمقاطعة دولية كبيرة والذي تم نشره في يوليو ٢٠١٥م الذي يتوقع خسارة دولة الكيان بحوالي ٤٠ مليار شيكل سنوياً أي 10.5 مليار دولار سنوياً، ولكن الذي يجب أن نعرفه هو أن المقاطعة ليست أكثر شيء مؤلم لحكومة الكيان وأكثر من ذلك هو صورة دولة الكيان أمام الرأي العام والذي يستلزم شرح جرائم الاحتلال في انتهاك حقوق الفلسطينيين الذي يوضح حقيقة مزاعم دولة الاحتلال والغرب في أنها واحة الديمقراطية في العالم؛ أي أن الرأي العام هو القاعدة التي يستند عليها السياسيون في الدول الغربية والذي أثبتت ذلك الطالبة اليمنية فاطمة موسى التي فضحت أمريكا خلال حفل تخرجها بجامعة نيويورك والتي وصفت بأنها تشكل خطراً استراتيجياً من الدرجة الأولى.

 

فهل يمكن للدول العربية مقاطعة المنتجات الإسرائيلية تحت أي ظرف أم لا؟