سراب الودائع .. السعودية تعلن وديعة جديدة إلى بنك عدن بمليار و200 مليون دولار
الصمود|
في خضم الأزمة العاصفة التي تطحن المناطق المحتلة والمنكوبة بفعل انهيار الريال والارتفاع في أسعار السلع وتردي الخدمات وانقطاع الكهرباء في موسم الصيف الحار عن عدن ولحج ، أعلنت مملكة العدوان السعودية عن وديعة بمليار ومائتي مليون دولار ، ستضعها في بنك عدن الخاضع لسيطرة مرتزقتها.
ونشر محمد آل جابر سفير السعودية المعين لليمن مشرفاً على المرتزقة ، صوراً تجمعه مع المرتزق بن بريك المعين في منصب وزير المالية ، وشخص ثالث يدعى أحمد المعبقي يدير بنك عدن الخاضع للمرتزقة ، وقال آل جابر إنه وقع اتفاقا على وديعة بمبلغ مليار و200 مليون دولار لمساعدة المرتزقة على العجز في موازنتهم ، ولدفع أجور ورواتب ونفقات التشغيل الضامن للغذاء الآمن في اليمن، حسب إعلان آل جابر.
وقد لاقى الإعلان السعودي عن الوديعة ردود فعل ساخرة من الناشطين والمحللين ، متسائلين عن مصير الودائع السابقة التي أعلنت عنها مملكة العدوان السعودية ودويلة الإمارات والتي لم يظهر منها شيء ، وبحسب مراقبين فإن ملياراً و200 مليون دولار ، ستغطي رواتب كافة موظفي الدولة اليمنية لمدة عام كامل ، وتساءلوا عما إذا سيتم بدء صرف رواتب الموظفين من هذه الوديعة ، أم أنها كسابقاتها من الودائع التي أعلن عنها وكانت مجرد سراب.
وليست المرة الأولى التي تعلن فيها مملكة العدوان السعودية عن وديعة إلى بنك عدن ، ففي السابع من أبريل (نيسان) 2022 تم إعلان وديعة بمبلغ ملياري دولار، وبموجبه تعهدت مملكة السعودية ودويلة الإمارات بتخصيصها بحسب البيان لدعم بنك عدن ، وعن مبلغ مليار دولار من السعودية لشراء مشتقات نفطية ، وإنجاز عدد من المشاريع التنموية.
وقد انتظر اليمنيون طويلا لتلك المليارات أن تعالج مشاكلهم لكنها كانت مجرد إعلانات دعائية إذ لم تشهد الأوضاع المعيشية والاقتصادية أي تحسن منذ ذلك الحين بل زادت سوءاً في عدن والمناطق المحتلة.
وكان كثيرون يتوقعون أن يروا مليارات الدولارات مكدسة في بنك عدن ، ويحصلوا منها على رواتبهم ، وأن تتحول عدن إلى نسخة أخرى من دبي مثلا ، لكن لم يروا شيئا ، وافترضوا بأن الوديعة اختفت عن الأنظار ، أو أنها ذهبت في مهب الرياح ، أو أنها لم تصل إلى بنك عدن ، أو أنها وصلت ولهفها مرتزقة العدوان كما حدث مع مبالغ ضخمة سابقة ابتلعها الفاسدون لغياب المحاسبة والرقابة على المال العام.
والحقيقة أن السعودية ودويلة الإمارات قيدتا الوديعة على حساب اليمنيين ، وستتقاضى فوائدها في المستقبل فالوديعة قرض بفائدة وليست مجانا ، ودون أن يستفيد اليمنيون دولارا واحدا منها.
وبعد طول اختفاء للوديعة ، أعلنت مملكة العدوان السعودية عن دعم لحضرموت يقدر بمليار دولار وذلك قبل شهرين ، اتضح بأن الدعم الذي روجته السعودية بمليار دولار ، هي ذات المليار الثالث الذي قالت إنه لدعم المشتقات النفطية ، وإنشاء مشاريع تنموية ، فقط أعادت المملكة السعودية تكرار ترويجه من جديد ، ولم يكن إلا عبارة عن كذبة مركبة أعيد تدويرها ويعاد من فترة إلى أخرى.
منذ ذلك الحين زادت الأوضاع في المناطق المحتلة تدهورا وانهيارا ، حيث تعاني عدن وبقية المحافظات المحتلة من انهيار اقتصادي مريع وانعدام كامل للخدمات ، وتضاعفت معاناة المواطنين المعيشية جراء انهيار سعر الريال الذي سجل رقما غير مسبوق في الأشهر الاخيرة إذ وصل إلى 1500 ريال للدولار الواحد ، مقارنة بالاستقرار في صنعاء عند 550 ريالاً للدولار الواحد ، ومع الانهيار في المناطق المحتلة تضاعفت معاناة المواطنين هناك واستمرت في التصاعد لتبلغ ذروتها هذه الأيام.
وفيما لا تزال الوديعة السعودية السابقة إلى بنك عدن ، مجرد أخبار إعلامية وجعجعة بلا طحين، زاد الانهيار الاقتصادي والمعيشي وتضاعفت المعاناة وانقطعت الكهرباء عن عدن وما جاورها ، وارتفعت الأسعار وتضاءلت القدرة الشرائية للمواطنين ، واتسعت رقعة الفقر ومعدلات البطالة، وعجز الناس عن توفير المتطلبات الحياتية الضرورية لدى غالبية الأسر.
وعلى ذات المنوال، جاء إعلان السعودية وديعة جديدة يوم أمس ، وفي حين كان المفترض أن تذهب السعودية لصرف رواتب الموظفين اليمنيين ومعالجة الملف الاقتصادي والإنساني ، بشكل شامل ، ذهبت إلى إعلان الوديعة الجديدة ، ولا يتوقع المتابعون أن تتحسن الحالة المعيشية في المناطق المحتلة على اعتبار أن ما أعلنته السعودية مجرد كذبة جديدة ووعود وهمية.
ستظل دوامة المعاناة مستمرة في المناطق المحتلة وفي المناطق الحرة أيضاً، وستظل الإعلانات السعودية مجرد دعايات جوفاء لن توفر لقمة عيش ليمني واحد ، ولو أنها جادة لأطلقت رواتب اليمنيين المنهوبة إلى البنك الأهلي السعودي فوراً ودون مماطلة.