الشهيد الحمزي .. اللواء الذي حلّق بالقوات الجوية في سماء اليمن وحماها من استباحة الأعداء
الصمود|| تقرير|| يحيى الشامي
تنشر صحيفة الثورة تقريراً يُلقي الضوء على شخصية قائد القوات الجوية والدفاع الجوي اللواء أحمد علي أحسن الحمزي الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى يوم الأحد 6 أغسطس 2023 م، وشيع يوم أمس الثلاثاء إلى مسقط رأسه.
الشهيد اللواء أحمد علي الحمزي (مطيع)، قائد القوات الجوية والدفاع الجوي، بطلٌ من قادة اليمن العظماء، وعظيمٌ من رجالِها المؤمنين، حضرت يده معظم عمليات معركة التحرير وشارك أغلب إنجازاتِ القوات المسلحة في خطِ الصمود والنصر اليماني لثمانِ سنوات.. لمحة موجزة من سيرة الشهيد الحافلة بالمفاخر الجهادية والمواقف البطولية.
ولد في محافظة صعدة مديرية سحار منطقة الحمزات عام 1972م
تعلم القرآن لدى عدد من العلماء، منهم العلامة الراحل السيد يحيى راويه.
التحق بالعمل في الجانب العسكري الجهادي أثناء الحروب الست على صعدة.
تولى عدداً من المهام الجهادية في الجبهات وفي الجانب اللوجستي وفي التصنيع العسكري.
تلقى العديد من الدورات العسكرية التخصصية.
عمل نائباً لقائد القوة الصاروخية منذ بداية العدوان.
عمل على بناء وتطوير القوات الجوية والدفاع الجوي.
تولى قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي، وكان له الدور البارز والأساسي في إعادة بناء منظومة الدفاع الجوي.
في الـ19 من محرم 1445هـ الموافق 6 أغسطس 2023م لقي الله شهيداً صابراً محتسباً، إثر مرض عضال نتيجة مضاعفات أحد الجروح التي أصيب بها سابقاً أثناء قيامه بمهامه الجهادية.
الحمزي المتميز في الجهاد والإنجاز
كان الشهيد اللواء أحمد الحمزي واحدا من أهم القادة الذين أحدثوا نقلة نوعية في البناء الاستراتيجية لقوات اليمن المسلحة، بالإضافة إلى ما يعرف عنه من الانضباط العسكري والتميز في البساطة والأخلاق والتواضع والمحبة والاهتمام بالناس، وتحلّيه بالأخلاق حتى في ميدان الحرب التي يخوضها الشعب اليمني في مواجهة العدوان.
حين بدأ العدوان على اليمن في مارس 2015م، لم يكن لليمن أي سلاح دفاعي في مواجهة أسراب الطائرات التي احتشدت في سماء اليمن تقصفه ليلا ونهارا، فقد دمرت الدفاعات الجوية التي كان يمتلكها الجيش اليمني سابقا، أما الطائرات الجوية فقد استهدفت وفُككت ولم تعد تعمل وكذلك المروحيات العسكرية، وقد ركز اللواء الشهيد الحمزي في بداية المطاف على إلغاء التفوق الجوي لتحالف العدوان ووضع مسارا لإنجاز دفاعات جوية متطورة.
وكان الشهيد الحمزي بمثابة همزة الفصل بين القاصف والمقصوف، حيث أغلق الأجواء نسبياً أمام طائرات الأعداء، وكان فاتحاً لعهد الدفاعات الجوية اليمنية وفق سقف تدريجي بدأ من التجسسيات الأمريكية والطائرات غير المأهولة على اختلاف أنواعها، وصولا إلى دفاعات جوية تحمي اليمن من الطائرات الحربية الحديثة.
الشهيد الحمزي هو واحد من طلاب مدرسة مطرة، وقسم التصنيع العسكري تحديداً، فهو من دفعته الأولى ونواته الصلبة، وعلى قدر التحدي وسّع الحمزي قدراته، الموهبة الفنية المحدودة ميكانيكياً تنمو خبرةً وتخبر من حوله بمستقبله الواعد ودوره الرائد.
ينتمي اللواء الحمزي إلى منطقة همدان صعدة، ومن حمزاتها ومزارعها من ترابها السحاري وصعيدها الريفي جاء احمد علي الحمزي، مدفوعاً بأحزان الحرب وحروب السنين الظالمة، وبطموحات المجاهد المتفاني والصابر المحتسب، والقدوة دائما.
– كان لليمن قوات جوية مكسرة الأجنحة مقصوفةٌ مكومة خراب لا تنفع المقاتلين لا هي تقصف ولا هي تطير، حتى حلّق بها اللواء الحمزي المكنى «مطيع» على جناحٍ من عزم وجناح من يقين، محققاً واحداً من أهداف الثورة ومنفذاً واحداً من وعود السيد القائد، وها هي طائرات اليمن تحلق في سماواته وتستعرض وتتنقل بعد أن كانت دمارا وخرابا.
إنها المرة الأولى للقوات الجوية اليمنية تحلّق بلا إذن من سفير وتطير بقرار يمني خالص السيادة خالي من التبعية، استشرف اللواء الحمزي المشهد وبهمة عالية وثقة بالله أنجز ما أنجز فحلق بالطيران وحلقت بجثمانه المروحيات اليمنية، وقيل عنه روحُ الصاروخية حين كان نائبا لقائدها، وفيها جرح مع بعض رفاقه، وهناك حقق بعضا من معجزاتها في بواكير المعركة، وحين أضحى في هرم قيادة القوات الجوية تبيّن أن ( المسؤولية ما زادته إلا نشاطاً وتواضعا وحضوراً).
جريحٌ تغلب مشاعر عزمه وصبره وقوة إرادته، فقد نالته إصابة سابقة، كبرت حتى سببت له داء خبيثاً دبّ في جسده حتى رحل إلى الرفيق الأعلى، وهو لم يتوقف يوما ولم يكترث بجراحه ولا بمعاناته ولم يشعر أحدا بها، هو ذا لم تهدأ جراحه ولا استقر باله بغير انجاز المهام وتسيير الأعمال حتى استوى بالفعل على سرير مرضه وكرسي مكتبه من موقع مترسه الجهادي المتقد بالهمة والمتقدم بالمهمة.
في الجبهة تجده حيث يشتد النزال، وفي المجتمع تجده في الروضة يقلب وجوه الشهداء ويحفظ وصاياهم وما هم عليه، ويوماً إثر شهر، إثر عام يحاول الحمزي نسيان جراحه مكابرةً، لكنها لا تنساه ولا تفتأ تكبر في جسده، مبكرةً فيه الرحيل، رحيل ما أوجعه على رفاقٍ ما أضعفهم عن فراقه.
– كبرى العمليات تقريباً تُقر باسمه وتشهد بدوره كثير من الضربات، بين إسقاط طائرات العدوان وسقوط أهدافه، كان اللواء الحمزي، المكنى «مطيع» يملأ الفراغات بصمت وبعزم، ولو قدّر له أن يصل الأرض بالأجواء لفعل، وقد وفقه الله وفعل الكثير.
– من قبل أن يأتي هو، كان الجو حكراً للعدوان يقصف متى شاء أنى يُريد الى وضع مطيع ورفاقه حداً لا ستباحة الأجواء، وبعد أن أنجز لم تعد سماء اليمن مستباحة للأعداء، وتلك المعادلة التي أنجزها الشهيد الحمزي.
فرض عليه مجلس الأمن عقوبات، وأصدر قراراً بحقه ليضعه في لائحة الشخصيات اليمنية التي وضع لها عقوبات، ذلك لم يزد اللواء الحمزي إلا قوة وإصرارا في معركة السماء وحمايتها، ولم يكترث يوما بقراراتهم ولا بتهديداتهم.
وقد أصدر مجلس الأمن قرارا بفرض عقوبات على اللواء الحمزي في العام 2020م، مع ثلاثة شخصيات أخرى، وتهمة الحمزي أنه طوح الحدود بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وتهمته أنه نفذ العمليات اليمنية في مواجهة تحالف العدوان، وتلك ليست تهمة بل شرف عظيم وفق الله هذا الشهيد في تحقيقه.
وكانت اليمن قد شيعت صباح أمس الشهيد المجاهد اللواء أحمد الحمزي قائد القوات الجوية والدفاع الجوي، في موكب جنائزي مهيب تقدمه المشير الركن الرئيس مهدي المشاط، وأعضاء المجلس السياسي الأعلى، والوزراء وكبار قادة الدولة مدنيين وعسكريين، في العاصمة صنعاء، وفي صعدة شيع الشهيد إلى مسقط رأسه وسط جموع المشيعين الغفيرة.