المحافظات والمناطق المحتلة .. انفلات أمني ومعاناة كبيرة وأوضاع معيشية صعبة
الصمود||
فساد ونهب المرتزقة يضاعف معاناة المواطنين والإجراءات التي أعلنوها لوقف الانهيار كانت كلاماً لامتصاص الغضب
توقف محطات الكهرباء بسبب انعدام الوقود في لحج وعدن والظلام يصل إلى مارب وحضرموت
الوديعة السعودية كذبة ووعودها بتوفير وقود الكهرباء كوعود عرقوب وكيس الدقيق يصل إلى 50 ألف ريال
العدوان ومليشياته تغرق المحافظات المحتلة في المخدرات وتستغل الوضع الاقتصادي لتجنيد الأطفال في صفوفها
بعد ثمانية أعوام من الحرب على اليمن، يعيش أغلب اليمنيين تحت خط الفقر، بسبب الحصار والقصف والتدمير المتعمد الذي استهدف البنى التحتية وتقويض مقومات الاقتصاد والمعيشة ونهب الثروات النفطية والغازية، ويسعى تحالف العدوان من وراء ذلك إلى إخضاع اليمنيين وتركيعهم لتحقيق ما فشل في تحقيقه بالحرب العسكرية.
وفي خِضَمِّ هذه الحرب، تحتل دول العدوان المحافظات الجنوبية والشرقية ومناطق في الساحل الغربي وبعض مناطق تعز ومحافظة مارب وشبوة، ومنذ ذلك الحين تشهد هذه المناطق والمحافظات أوضاعاً اقتصادية وأمنية متدهورة للغاية.
في البدء كان تحالف العدوان يطلق الوعود لأبناء هذه المناطق بأن تتحول إلى نسخ مشابهة لدبي وأبو ظبي، لكن عدن التي اجتاحها تحالف العدوان في بداية الحرب تعيش اليوم أشد الظروف والأوضاع المعيشية ضراوة، وتشهد انهيارات أمنية واقتصادية وخدمية كبيرة.
ممارسات الاحتلال السعودي الأمريكي الإماراتي وفصائله العميلة وتنظيماته الإرهابية، وسيطرتهم على مفاصل الحياة والخدمات الأساسية، أدت إلى فقدان الطعام والشراب والأدوية والمستلزمات الطبية، وبالتالي انتشار العديد من الأمراض وسوء التغذية، بالإضافة إلى معدلات الوفيات خصوصاً بين الأطفال والنساء، ناهيك عن عمليات الخطف والقتل بحق والاغتيالات وانقطاع الكهرباء في تلك المناطق.
وفي الوقت الذي يعيش فيه اليمنيون معاناة قاسية بسبب العدوان والحصار، تتضاعف المعاناة في المناطق المحتلة التي تعاني من الانفلات الأمني والغلاء وانعدام الخدمات وانهيار سعر العملة وارتفاع أسعار الوقود والسلع الأساسية.
تدهور الأوضاع المعيشية بعد طبع العملات النقدية بتوجيهات أمريكية وفرضها على المناطق المحتلة
ما زاد الأمور تعقيداً في أوضاع المواطنين بالمحافظات والمناطق المحتلة المعيشية أكثر عندما بدأ الاحتلال الأمريكي السعودي الإماراتي يطبع عملات نقدية ضخمة وفرضها على المناطق المحتلة في العام 2018 و2019 و2020م، حيث اكتوى المواطنون بنار انهيار قيمة العملة النقدية في المناطق المحتلة، التي تراجعت أمام الدولار الأمريكي بنسبة تصل إلى 500%، حيث سجل الدولار الواحد أكثر من 1500 ريال في تلك المناطق، بينما حافظ الريال على قيمته في المناطق الحرة عند 550 ريال.
تدهور قيمة العملة في المناطق المحتلة أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل فاحش، حيث وصلت قيمة الدبة البنزين في عدن إلى 22,000، اثنين وعشرين ألف ريال (20 لتر)، والديزل 27,000 ريال (20 لتر)، بينما في صنعاء المحاصرة، 9000 تسعة ألف ريال سعر الدبة البنزين، و9000 تسعة ألف ريال للدبة الديزل 20 لتر.
وفي مارب وصلت قيمة الدبة البنزين، إلى 22,000 ريال (20 لتر) والديزل (تجاري) = 20,000 ريال (20 لتر)، وفي تعز 24,000 ريال (20 لتر) بنزين، و22,000 ريال (20 لتر) ديزل، وفي حضرموت، 19,600 ريال (20 لتر) بنزين، و20,000 ريال (20 لتر) ديزل، وفي سيئون 19,600 ريال (20 لتر) بنزين، و19,000 ريال (20 لتر) ديزل.
وارتفعت السلع الأساسية كالقمح والأرز بشكل جنوني في المناطق المحتلة، جعلت المواطنين يواجهون أعباء يومية في توفير قوتهم الضروري، ووصل سعر الكيس القمح إلى نحو خمسين ألف ريال، للكيس الواحد، بينما في صنعاء ب 14 ألف ريال.
وتواصل العملة في المناطق المحتلة انهياراتها التاريخية مع فساد متصاعد من قبل مرتزقة العدوان وبدفع من دول العدوان نفسها، وهو ما فاقم الحالة المعيشية للملايين من المواطنين الذين يعيشون في هذه المناطق.
ووصل الدولار إلى نحو 1500 ريال، في المناطق المحتلة، وقال اقتصاديون إن الريال مرشح لفقدان مزيد من قدرته الشرائية أمام سلة العملات الأجنبية، مما ينذر بموجة ارتفاع جديدة لأسعار المواد الغذائية والضرورية في المناطق المحتلة، ومع الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها تلك المناطق تتفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ عالمياً، ووسط توقعات بمزيد من التدهور خلال الأيام المقبلة جراء استمرار هذه المناطق بلا دولة وطنية، وبقاءها تحت سطوة المرتزقة اللصوص وتحت احتلال العدوان.
ويعود السبب الرئيسي للانهيار المعيشي المروع في المحافظات والمناطق المحتلة إلى السياسات التي يتبناها العدوان وينفذها مرتزقته، والتي تهدف إلى تجويع المواطنين وإغراقهم في المعاناة اليومية ليسهل تجنيدهم كمرتزقة، إضافة إلى عامل الصراعات التي تنخر فصائل العمالة، إضافة إلى الفساد والنهب الذي يمارسه مرتزقة العدوان ومن ضمنه صرف مليارات الدولارات على البعثات الدبلوماسية الكبيرة التي تتشكل بحسب محسوبيات الفساد على غير الاحتياج المنتشرة في أنحاء العالم، وصرف ملايين الدولارات إلى جيوب المرتزقة المقيمين في العواصم الخارجية.
ووفقاً لذلك فإن ما يحدث من زيادة في قيمة الدولار نتيجة طبيعية ومتوقع حدوث مزيد من الانهيار مستقبلاً في هذه المناطق التي تخضع السياسات النقدية والمالية والاقتصادية فيها لسيطرة المرتزقة والعدوان.
تدهور قيمة العملة وارتفاع الأسعار يدفع المواطنين والنقابات إلى الاحتجاجات والإضرابات والخروج في احتجاجات شعبية بين فترة وأخرى، جراء سوء أوضاعهم المعيشية وارتفاع الأسعار وانقطاع الخدمات وأهمها المياه والكهرباء وتدنّي الأجور التي يتقاضونها بالعملات المطبوعة بشكل غير قانوني، والتي لا تكفيهم حتى لشراء أبسط احتياجاتهم الأساسية.
هذه التحركات دفعت بالمرتزقة إلى الإعلان عن إجراءات قالوا إنها ستعالج الأوضاع، غير أنها لم تثمر أي نتائج ملموسة توقف حالة الانهيار المتلاحق والأزمة التي يعانيها المواطنون في المناطق المحتلة، ولم توقف التصاعد الطردي في موجات الغلاء الفاحشة في السلع الأساسية بمدينة عدن وكافة المحافظات والمناطق المحتلة، وهو ما يزيد المخاوف من شبح مجاعة تلوح في الأفق القريب.
وعلى خلاف الأمر من المحافظات والمناطق المحتلة، تستقر الأوضاع بشكل ملحوظ في المناطق الحرة التي تحكمها حكومة الإنقاذ الوطنية سواء في قيمة الصرف وفي أسعار السلع، وفي استمرار الخدمات وفي تحقيق إنجازات يومية، فقد حافظ الريال على سعر ما بين 550 و530 ريال للدولار الواحد.
وانعكاسا للأزمة العاصفة بالمناطق المحتلة، بدأت نقابة المعلمين بالتلويح بالإضرابات في المحافظات المحتلة، وطالبت نقابة المعلمين في تعز وشبوة ومارب وعدن بزيادة الحد الأدنى للأجور والمرتبات بما يتناسب مع الحالة المعيشية للمعلمين والموظفين (بمقدار 100 دولار) نتيجة التدهور الكبير والمستمر في القيمة الشرائية للعملة، وتنفيذ التسويات الوظيفية المتوقفة منذ عام 2012، وصرف مرتبات المعلمين المتأخرة لدى المرتزقة في عدن منذ عامي 2016 و2017 (وهي ثمانية أشهر ونصف)، وصرف العلاوات السنوية بفوارقها للأعوام (2014 – 2020) التي صدر بها تعزيز مالي من وزارة المالية منذ عام ولم يصرفها البنك المركزي، وكذا صرف مستحقات معلمي 2011م.
ونددت النقابات بقرارات وزارة المالية بتحويل رواتب المعلمين عبر البنوك التجارية بهدف خصم عمولات عليها من قبل البنك، وقالت إن القرار لم يراع المرحلة الراهنة والظروف الجغرافية للمحافظات وسيزيد شرخ النقص في الكوادر التعليمية.
المأساة التي يعيشها المعلمون والموظفون والمواطنون ومن لا رواتب لهم في المناطق المحتلة، كبيرة وعاصفة وشبح المجاعة يلوح في الأفق، وهذه المأساة مغيبة في وسائل الإعلام حيث تسعى آلة الدعاية السعودية والإماراتية وحتى الغربية على تغييبها، مع التركيز على إثارة الأوضاع واستغلال المعاناة وتوظيفها للتحريض في المناطق الحرة وغير الخاضعة لسيطرة العدوان ومرتزقته.
• الوديعة السعودية كذبة وهمية لم تحدث أي آثار إيجابية
أعلنت السعودية تقديم منحة بمبلغ 1.2 مليار دولار، دعماً للموازنة العامة والإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية، وتعزيز الأوضاع الخدمية والأمن الغذائي في المناطق المحتلة، وأطلقت مملكة العدوان السعودية بروباغندا إعلامية لتغطية الإعلان بالمنحة، غير أنها وحتى الأن لم تنتج أي آثار حقيقية في التخفيف من حدة الأزمات المعيشية على المواطنين.
ووفقاً لوسائل الإعلام السعودية، فإن الدعم يأتي تخفيفاً للأعباء على اليمنيين ودعم الميزانية التشغيلية ودفع المرتبات والأجور للموظفين في المناطق المحتلة، وتوفير المشتقات النفطية لضمان تشغيل الكهرباء بانتظام، والمحافظة على سعر صرف الريال من الانهيار ما يعني وقف ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
الكهرباء تعاني من الانقطاعات المستمرة رغم الإعلان بأن المنحة السعودية ستوفر الوقود لمحطات التوليد، لكن محطات كهرباء لحج يوم أمس أعلنت بأنها ومنذ ثلاثة أيام بلا وقود، بينما أعلنت كهرباء عدن ارتفاع ساعات الانقطاع إلى نحو عشر ساعات يومية.
الواقع المُعاش يكشف بأن هذه الوديعة لم تكن إلا إعلانا في وسائل الإعلام، إذ لم يظهر تحقق أي هدف من الأهداف الاقتصادية المعلنة في سياق الإعلان عن المنحة، فلم تصل أي مساعدات للشعب اليمني واستمرت العملة في التدهور والأسعار في الارتفاع.
وقبل أن تصل المنحة بدأت الصراعات تنشب بين فصائل الارتزاق والعمالة على الاستحواذ عليها، وتقول مصادر أن خلافات حادة بين قادة الارتزاق حول أولويات الصرف وحول التصرف فيها.
وكانت السعودية أعلنت مع مطلع أغسطس الجاري، عن منحة تقدر بمليار ومائتي مليون دولار، للمرتزقة في عدن عدن، في خطوة وصفها محافظ بنك عدن المركزي بأنها ستعالج كثيراً من الاختناقات المالية للدولة، وستوفر جزءاً من العملات الصعبة لاستخدامها في التحكم في أسعار الصرف ومعدلات التضخم.
وتُضاف المنحة إلى ودائع أخرى، هي وديعة المليار دولار في فبراير 2023، ووديعة 2018 البالغة 2.2 مليار دولار والتالية لمليار دولار تم إيداعه سابقاً، لكن لم تحدث أي آثار إيجابية.
• المحافظات والمناطق المحتلة تغرق في ظلام دامس.. الوديعة السعودية كذبة.. لحج بلا كهرباء وعدن تعيش صيفا حارا
تعصف بالمناطق المحتلة أزمة الكهرباء، إذ وصلت إلى حد كارثي، حيث تغرق المحافظات والمناطق المحتلة في الظلام الدامس بعد توقف محطات الكهرباء، وانخفاض التوليد في المحطات التي ما زالت تعمل وتواجه أزمة توفر الوقود اللازم لتشغيلها.
فيما أعلنت مؤسسة الكهرباء في لحج نفاذ الوقود بشكل كامل منذ ثلاثة أيام، أعلنت مؤسسة الكهرباء في عدن أنها على وشك التوقف بعد نفاذ كمية الوقود التي وصلت قبل أيام من حضرموت، وأعلنت رفع عدد ساعات الإطفاء إلى عشر ساعات.
وخلال الأشهر الأخيرة، انهارت خدمات الكهرباء في المحافظات والمناطق المحتلة بشكل عام، وليس في عدن وحدها، إذ تعاني محطات التوليد من أزمة توقف إمدادات الوقود اللازم لتشغيل المحطات، ما دفع لجنة مناقصات شراء الوقود إلى تقديم استقالة جماعية من مهامها في عدن، وذلك في شهر يونيو/حزيران الماضي 2023.
يُشار إلى أن انهيار خدمات الكهرباء في المناطق والمحافظات المحتلة امتدت إلى محافظة مارب الغنية بالنفط والتي يسيطر عليها مرتزقة العدوان، إذ توقفت الكهرباء خلال الأسبوع الماضي في ظل ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وتزامنا مع ارتفاع وتيرة المعاناة المعيشية في كافة المناطق والمحافظات المحتلة بين المواطنين.
• فصائل العمالة والارتزاق تغرق المحافظات المحتلة في المخدرات وتستغل الوضع الاقتصادي لتجنيد آلاف الأطفال في صفوفها
واقع المحافظات المحتلة المعيشي والأمني وانتشار المخدرات والخمور لم يسلم منه الأطفال، فأعوام الاحتلال جعلت الألاف منهم ينخرطون، إما في القتال في صفوف المرتزقة مع العدوان مقابل أجور شهرية، وتوظيفهم في معسكرات يتم استدعاؤهم منها إلى جبهات قتال ليلاقوا حتفهم في أغلب الأحيان، وبعضهم أدمن على الخمور والمخدرات، حيث ما زالت ظاهرة تجنيد الأطفال في المناطق والمحافظات المحتلة مستمرة من قبل متزعمي الفصائل العميلة.
وبحسب معلومات فإن تحالف العدوان يجند أكثر من 50 ألف من الأطفال من المحافظات والمناطق المحتلة، ضمن صفوف الفصائل العميلة ومليشيات المرتزقة بسبب الوضع المعيشي والاقتصادي المتردي للأسر التي تدفع بأولادها للهلاك في سبيل كسب المال والطعام.