صمود وانتصار

كنز النيجر الذي يتلألأ في باريس

الصمود|| تقرير|| محمد الحاضري

تتلألأ شوارع باريس والعواصم الأوروبية باليورانيوم القادم من النيجر، في حين يعيش 80% من سكان هذا البلد البالغ عددهم 25 مليونا بدون كهرباء، وباتت تعرف النيجر بأنها “البلد الذي يضيء شوارع باريس بينما يعيش في الظلام”.

النيجر رابع أغنى دول العالم من حيث احتياطيات اليورانيوم، وهي من أهم مصدري خام اليورانيوم في إفريقيا، وسابع أكبر منتج لليورانيوم على مستوى العالم، وفرنسا التي تعتمد على الطاقة النووية لحوالي 70% من طاقتها، هي مستورد رئيسي ليوارنيوم هذا البلد، كما تستحوذ الشركة النووية الفرنسية متعددة الجنسيات (أريفا) AREVA على الحق في معالجة موارد اليورانيوم لأكثر من 50 عاماً، في هذا البلد.

وعلى الرغم من ضخامة صادرات النيجر من اليورانيوم، إلا أن البلاد لم تستفد منه على مدار تاريخها، ففي 2020، لم تتجاوز مساهمته في الميزانية الوطنية 1.2%، حسبما ورد في تقرير لموقع “سكاي نيوز” عربية، وظل ما يقرب من 60% من سكان النيجر تحت خط الفقر، وبقيت البلاد قابعة في أسفل مؤشر التنمية البشرية العالمي من أفقر بلدان العالم، وتصنف من أكثر بلدان العالم مديونية بالنسبة لحجم الناتج المحلي.

وأوضحت منظمة “آغير إنمان” غير الحكومية المحلية لحماية البيئة، أن تعدين اليورانيوم كان من المفترض أن يساعد في مكافحة الفقر بالبلاد “لكن ما حدث هو أن مشاكلنا تفاقمت فقط”، و”اليوم، 80٪ من سكان النيجر لا يعرفون حتى أن بلادهم لديها يورانيوم، و99٪ لا يحصلون على أي فوائد منه”، حسبما قال المصطفى الحسن، مؤسس مجموعة مراقبة صناعة اليورانيوم لموقع Business Insider الأمريكي.

ذهب ونفط وثروات معدنية

بالإضافة إلى اليورانيوم لدى النيجر احتياطيات من النفط الخام، تقدر بأكثر من مليار برميل وفقاً لمنظمة منتجي البترول الإفريقيين ومن المتوقع أن تشهد طفرة قريبة، وأصبح هدفا للشركات الأجنبية الساعية للحصول على حق استخرجه.

أما الذهب، ففي عام 2021، صدرت النيجر ما قيمته 2.7 مليار دولار من الذهب، ما يجعلها المصدّر رقم 29 للذهب في العالم.

ومن بين ثروات النيجر الأخرى حجر القصدير (خام القصدير) والنحاس والحديد والليغنيت (الفحم الأسود البني) والموليبدينوم والزنك والفوسفات والتيتانيوم وهي موارد معدنية أصبحت هدفاً لمزيد من التنقيب.

أين تذهب الثروات

على الرغم من انحسار دورها الاستعماري المباشر في العقد الثاني من القرن الفائت، لا تزال فرنسا المسيطرة على الواقع السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي على دول غرب أفريقيا، ومن ضمنها النيجر.

وظلت فرنسا هي المهيمنة على مستعمراتها السابقة من خلال سياسة Françafrique “فرانكفريك” التي استخدمتها منذ نهاية حقبة الاستعمار، وفرضت من خلالها عملة الفرنك الإفريقي على 14 دولة في غرب ووسط إفريقيا بما في ذلك النيجر، وأجبرت تلك البلدان على تخزين 50% من احتياطياتها لدى بنك فرنسا، وربطته باليورو.

وكما الدولار الأمريكي، لا تخسر فرنسا إلا أورقا وحبرا لطباعة الفرانك الأفريقي لتحصل به على ثروات الدول والشعوب، بالإضافة إلى ذلك تشكل تلك الثروات والمعادن داعما رئيسيا للعملة الأوربية “اليورو”، وهذا يفسر ردة الفعل السريعة والكبيرة من قبل فرنسا وأمريكا عقب الإطاحة برئيس النيجر السابق محمد بازوم والتي فاقت ردود الفعل بعد الإطاحة برؤساء بركينا فاسو ومالي وكذلك الغابون، فالمسألة هي الخوف على فقدان ثروات هذا البلد، وكل ما يسمع من شعارات ماهي إلا لتغطية الإعلامية، وخصوصا مع الحرب الأوكرانية ورغبة الغرب في تقليص الاعتماد موارد الطاقة القادمة من روسيا.