كلمات في استقبال الرسول الأعظم
الصمود||مقالات|| سند الصيادي
نحن أجيال العقود القريبة الماضية كانت قد انحصرت معرفتنا بالرسول الأعظم ببضعة مقرّرات دراسية في مراحل دراستنا الأَسَاسية والثانوية، إلَّا من خطب مكرّره في منابر الجمعة، أما في دراساتنا العليا فقد انتقلنا إلى التخصصات التي اخترناها وَالمقرّرات المكثّـفة التي انشغلنا بها وَخلت تماماً من هذه الشخصية ومنهاجها، أَو حتى من الإشارة اليها أَو الاستدلال بها كقُدوة متى ما دعت الحاجة إلى ذلك.
غاب عن تقويم السنوات وحتى منابر المساجد الإشارة إلى يوم ميلاده ولو من باب الحديث عن عظمة المولود وما جاء به للعالمين، حتى كدنا أن ننسى اليوم والشهر الذي ولد فيه، فيما تزاحمت المناسبات الدنيوية على صفحات التقويم، وتفردت هذه المناسبات بالاهتمام والحشد والتبجيل، وفي ذروة التهميش لسيرته ومولده ومنهاجه، شغلت أسماء الزعماء والمشاهير ونجوم الفن والرياضة مساحة الحديث وَالقُدوة والتقمص الوجداني والسلوكي لها. كُـلّ الحيز الذي كان من المفترض أن يشغله سيد الخلق أجمعين.
وحين وصلت المسيرة القرآنية الينا.. وتوسعت دائرة انتشار الثقافة القرآنية في جغرافيا البلد وبدأت تنعكس على واقع وسلوكيات شعبنا وعيا وعملا، أُعيد ليوم ميلاد النبي الأعظم حضوره وحفاوته وَتميزه بين أَيَّـام العام، وابعد من ذلك ساهم اهتمام القيادة وَتدين الشعب في اعلاء هذه المناسبة على كُـلّ المناسبات الأُخرى، وأحرى بهذه المناسبة أن تصبح يوماً إسلاميا عالميًّا يعيد ترتيب أولويات الأُمَّــة ويصوبها نحو مشروعها الإنساني والديني الأعظم والأقوى.
نحيي هذه المناسبة بزخم أكبر كُـلّ عام، تاركين خلفنا أبواق التشهير والتحريض، وكم كبير من أدعياء الدين وفتاويهم وكتبهم المزخرفة التي لم تعد تنطلي على عاقل بعد كُـلّ ما ظهر من نفاقهم وخذلان لقضايا الأُمَّــة، وَقبل أن تتكشف الحقائق، كنا نتساءل عن الجرم الذي ارتكبناه باحتفائنا برسول العالمين، وعما إذَا كان هذا التعظيم لرسول الله يخل بديننا وَادميتنا، أَو يمثل خطرا على حاضر ومستقبل أوطاننا وشعوبنا، غير اننا ومع تصاعد الوعي الذي تراكم بفضل المنهجية القرآنية، وجدنا أين يكمن الخطر وأين منبع كُـلّ هذا الدجل، ولماذا كُـلّ هذا الاستنفار؟
والخلاصةُ أن عودة الرسول الأعظم إلى واقع حياتنا بهذه الفعاليات بعد قرون من تغييبه بفعل الحروب الناعمة والغزو الفكري، يمثل خيبة أمل لأعداء الله ورسوله، ويرسم لأجيالنا القادمة خطوط العزة والرفعة وَالقائد والقُدوة والطريق.