يا خاتم الرسل هذا يومك.. انبعثت ذكراك في اليمن الميمون
الصمود||مقالات|| عبدالرحمن الأهنومي
فاخضرت صنعاء وتزينت مع قدوم الربيع النبوي.
ما عسى الكاتب أن يقول حتى لو امتلك كنوز المعارف كلها!
ما عساه أن يكتب لهذا المشهد العظيم المتشكل من عاصمة اليمن صنعاء ومن الحواضر والقرى والمدن والأرياف اليمانية فرحا بقدوم مولد رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
إنها لوحة محبة تتضوع بها الأرض والسماء والجبال والبيوت والهواء والقلوب نورا وأنوارا.
ولوحة فرح وبهجة فريدة لا نظير لها ‘ تستدعي تاريخاً يمانياً عريقاً مع المصطفى صلوات الله عليه ‘ وتستنهض هذه العلاقة من جديد ‘ لتحدث تغييرا شاملا للواقع.
دخل شهر ربيع الأول فإذا بالليالي والأيام تحتفل بالأنوار والأفراح وبالمباهج وبالمظاهر التي زينت السماء والجبال والبيوت والمدن والقلوب.
وإذا بالسماء تتشح جمالا كأنها كانت تعكس جمال وبهاء من صلّى عليه الله، وصلّتْ عليه الملائكة، وصلّتْ عليه الخلائق كلها، وصلّى عليه المؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها، وصلى عليه اليمانيون سابقاً وحاضراً وإلى قيام الساعة نصروه، وحملوه في قلوبهم حبا واقتداء وولاء، وفي مواقفهم وحروبهم وسلامهم قائداً وموجهاً ومعلماً ونبياً وقدوة وأسوة ومنهاجاً متكاملاً.
أي دولة يمكن أن تزين السماء والأرض والجبال والبيوت والشوارع والأحياء والقرى والأرياف والوديان بالأنوار المتلألئة التي تتزين بها سماء وأرجاء اليمن اليوم.. ولمن ستفعل تلك الدولة كل هذا!
لكن الشعب اليمني فعل ويفعل ذلك محبة وولاء وانتماء وتقديسا للحبيب المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم.
الكل يبادر بنفسه، يزين منزله تجارته سيارته شارعه‘ الكل يعبّر عن محبته لنبيه العظيم، وفي ذلك يتنافس المتنافسون.
كل عام يتبدى هذا المشهد الأعظم من أطراف اليمن إلى خارجها، يلون السماء ويضوي الأرض بالأنوار‘ وسيكبر كل عام حتى يصبح من معجزات اليمنيين احتفالاتهم التي لا نظير لها بالدنيا بمولد رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
إنها بيعة تتجدد كل عام‘ ومذ أنشدت الأنصار (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع).. وإلى أن قالها بدر التمام عليه الصلاة والسلام: ألا ترضون أن يعود الناس بالشاة والبعير وتعودون يا مشعر الأنصار برسول الله إلى دياركم..
وما زال رسول الله في ديار الأنصار إلى اليوم وحالنا كما قال شاعر اليمن البردوني:
أنا ابن أنصارك الغر الألى قذفوا
جيش الطغاة بجيشٍ منك جرار
نحن اليمانين يا “طه” تطير بنا
إلى روابي العلا أرواح أنصار
إذا تذكرت “عماراً” ومبدأه
فافخر بنا: إننا أحفاد “عمار”
إنها المحبة التي لا تشبهها محبة.. فلا أحد يحب رسول الله كما اليمانيين ‘ ولا أحد أحب اليمانيين كما أحبهم رسول الله ص ..فبينما قال الله تعالى لرسوله قل للأعراب «قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا»
قال رسول الله بأن الإيمان يماني والحكمة كذلك.
وما نشاهده اليوم يجسد معنى «الإيمان يمان والحكمة يمانية»
لا دولة ولو كانت بأعظم الإمكانيات يمكن لها أن تزين الأرض والسماء كما نشاهد اليوم، ولا أحد يمكن أن يزين الملايين لمولده بيوتهم وسياراتهم وأرضهم وسمائهم بالأضواء.. ولو كان أكبر زعيم في الدنيا
لكنه رسول الله سيد الخلق أجمع في حضرة اليمانيين ‘ إنها المحبة اليمانية الصادقة لرسول الله – صلوات الله عليه وآله وسلم أعظم قائد وسيد الخلق أجمعين
لا يماثل عظمة ولا يضاهى فضلا ولا ينافس منزلة، ولهذا النبي عليه أزكى صلوات الله مع هذا اليمن الذي يتلألأ اليوم بالأضواء والأنوار علاقة عميقة وبينهما صلات وتاريخ عريق، ونصرة وسبق وفضائل وبيعة العقبة الأولى، والعقبة الأخرى ثم الهجرة ثم الفتح.. وبالعلاقة اليمانية برسول الله سيعود كل شيء إلى نصابه بإذن الله.
من يضوي هذه الأنوار ‘ إلا محبة امتلأت بها القلوب والضمائر والأرواح فاحتشدت تفرح حبا لمولده صلوات الله عليه ليرى العالم هذا البهاء والنور في الأرجاء كلها بمناسبة المولد النبوي الشريف، وليشهد العالم الحشود المليونية حين تحتشد إلى ساحات الرسول الأعظم بالملايين وله أن يسأل من هؤلاء ولمن كل هذا!
وسيعرف الإجابة
لقد شهد العالم سنوات من الحرب العاصفة على اليمن لم تترك حجراً ولا بشراً إلا واستهدفته بذخائرها ولم تدع وسيلة وأسلوباً من أساليب الإعدام والموت إلا استخدمته في أساليبها، ولقد شهد العالم انتصارات يمانية تتعاظم وتتراكم ومفاجآت تتوالى وتسجل كل يوم، وغدا سيشهد ذلك بعيد الثورة أيضا.
نحن نكبر ونتقدم وقوتنا تتعاظم وقدراتنا تتصاعد بعون الله وقوته، وبحبنا وولائنا لرسول الله ولأنا أحببنا رسول الله ووقرناه وعظمناه واقتدينا به وتأسينا ووالينا، سنكبر ونتقدم وسنفاجئ العالم وسنقدم الشاهد الأجلى لعظمة هذا النبي عليه الصلاة والسلام وعظمة مشروعه ومنهجه ورسالته وسيبقى الآخرون صغاراً ما داموا بعيدين عن المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله.