عرض عسكري مهيب قد يدشن مرحلة جديدة
الصمود||مقالات|| محمد حسن زيد
العرض العسكري المهيب لجيش عربي مسلم يرفض منطق النعاج، لجيش يمني مستقل عن الهيمنة الخارجية ينفض الغبار عن منكبيه الشامخين بعد سنوات من الحرب والحصار الخانق والمؤامرات الداخلية وهو مكتفٍ ذاتيا في مجال التصنيع الحربي وأشمل وأكثر تنظيما وأقوى مما كان عليه قبل 2015.. هذا الإنجاز الوطني الاستراتيجي ينبغي أن لا يكون غاية بل وسيلة لتحقيق الأهداف الأسمى لثورة 21 سبتمبر التي جسدت الأمل في الانعتاق من الوصاية السعودية على اليمن تلك الوصاية التي امتدت لعقود من الزمن ووأدت النضال الشعبي الطويل نحو الحرية والاستقلال والتقدم وأعاقت البلد من أن يقوم بدوره العربي والإسلامي أو أن يبني شيئا يليق بإمكاناته الهائلة وبشعبه العظيم وهو البلد الذي ينعم بمختلف الخيرات والبركات والرحمات، فالشعب اليمني هو ثروة بشرية كبيرة إذ انه شعب نشيط وعملي، شعب شاب ويافع، والمغتربون اليمنيون هم من أفضل الجاليات وأكثرها تميزا والتزاما بالقوانين ووفاء لوطنهم وشعبهم، لكن الفشل السياسي والفساد الإداري والاضطراب الأمني المزمن الذي كان ينخر جسد الوطن كانت كلها عناصر طاردة لمساهمة المغتربين اليمنيين الفاعلة في جلب الاستثمارات لبلدهم.
إلى جانب الثروة البشرية المعطلة داخل البلد وخارجه تملك اليمن ثروات طبيعية أخرى إلى جانب النفط والغاز نظرا لاختلاف الخصائص الجيولوجية لأرضها فهناك المعادن النفيسة وهناك خزان محترم للمياه العذبة وهناك شاطئ ممتد غني وهناك أرض زراعية متنوعة المحاصيل ذات جودة عالية لو تمت الاستفادة منها في الجانب الصناعي والتجاري لشكلت ثروة كبرى لليمن تتجاوز الثروة النفطية حسب ما يُفيد خبراء الاقتصاد، فالبن اليمني مثلا هو من أجود السلع في العالم ومن أغلى المنتجات قيمة وجودة ولديه اسم معروف يتهافت عليه المشترون في العالم أجمع.
أما الجانب السياحي فهو من الجوانب المهمة التي من الممكن أن يكون اليمن غنيا بها، فاليمن هي مهد الحضارات في العالم بآثارها ومواقعها حسب علماء التاريخ وهي بذلك تتجاوز الخصوصية العربية التي نعتز بها جدا فإلى جانب أجوائها الطبيعية المتنوعة والخلابة يكفي أن نتحدث عن جزيرة سقطرة والقابليات السياحية الفريدة التي تتميز بها على مستوى العالم أجمع لندرك الجواهر المدفونة في وطننا الحبيب.
يمكننا أن نُسهب في الحديث عن الثروة السمكية وعن الموقع التجاري الهام لمضيق باب المندب وميناء عدن وغيرها من المعطيات التي تشير كلها إلى حصيلة واحدة وهي أن شعب اليمن ينبغي أن يكون شعبا غنيا وأن دولة اليمن ينبغي أن تكون دولة غنية، لكن الواقع كان واقعا مؤسفا ومحبطا خلال عقود الوصاية السعودية فقد عانت اليمن من الإفقار والتدمير الممنهج رغم أن ظاهر الحال لم يكن هو الحرب ولا الحصار وكانت الفرصة مهيأة وسانحة لكنها لم تُستغل رغم المنح والقروض الكبيرة فقد كانت الأوضاع تنتقل من سيئ إلى أسوأ ويكفي أن نقارن بين سعر الدولار نهاية حكم الرئيس الحمدي سنة 1977 وبين سعر الدولار قبل ثورة 21 من سبتمبر 2014 لندرك مدى الانحدار والسقوط المطرد حيث بلغ الاحتقان الطائفي والسياسي مبلغ اللا عودة ومزقت الاختراقاتُ الساحتين السياسية والاجتماعية إلى أن وصل الحال أن تجد يمنيا يقف على الحياد وهو يُشاهد عدوانا دوليا على وطنه فلا يُستنفر طالما ذهنه مشغول بالصراعات الداخلية بينما ينبغي أن يكون قلمُه ورصاصُه وسلاحُه موجها نحو العدو الذي استباح كل شيء في بلده فحاصر اليمن كل اليمن ولم يُحاصر فئة ولا حزبا ولا طائفة وارتكب المجازر المروعة التي خجل منها حتى العملاء وكانوا يضطرون إلى إنكارها من شدة بشاعتها وقسوتها ولا يمكن أن ينساها الإنسان اليمني مهما تقادم به الزمن فأي عار في السكوت عنها وتجاهلها وعدم مشاركة أخوته في مواجهتها؟
إن هدف الانعتاق من الوصاية السعودية والانعتاق من أي وصاية خارجية هو هدف كل حر وشريف وهو كلمة السر لتحقيق مصالح الوطن والمواطن والتي تتناقض بطبيعتها مع أي وصاية خارجية لكن الانعتاق لا يمكن أن يتحقق إلا بالصبر والصمود لا بالخضوع والانهزام فقد جربنا الخضوع والانهزام فماذا كانت النتيجة؟
اليوم وعهد الوصاية في نزعه الأخير لا يملك إلا أن يقايضنا على لقمة العيش ويعتمد في بقائه واستمراره على مرتزقة لا قضية لهم ولا مستقبل إلا بعث العصبيات وترديد الأكاذيب لا بد أن نُكمل المعركة وأن نخرج منها شامخين منتصرين حتى لا تضيع التضحيات الجليلة والدماء الزكية هدرا.
نسأل الله أن يرحم شهداءنا ويشفي جرحانا ويفك قيد أسرانا وأن يربط على قلوبنا حتى يتحقق النصر المبين وما ذلك على الله بعزيز.
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين