الفطرة الإيمانية تقتضي تعظيم من أحسن إلى الإنسانية
الصمود||مقالات|| عدنان أحمد الجنيد
مؤخرا انهى وزير الاتصالات بحكومة الكيان الإسرائيلي شلومو قرعي زيارته إلى السعودية للمشاركة في المؤتمر الرابع للبريد، وتأتي هذه الزيارة كثاني زيارة رسمية لوزير صهيوني في اقل من أسبوع، حيث سبق هذه الزيارة زيارة وزير السياحة حاييم كاتس بحكومة الكيان آخر الأسبوع المنصرم والذي عبر عن ارتياحه وفرحته بتلك الزيارة بقوله : استقبالنا في الرياض كان حميما وتجولنا فيها كأننا في تل ابيب. وقد وصفت مواقع إخبارية تابعة للعدو هذه الزيارة بالتاريخية، وصنفتها كأول زيارة علنية !!
وهو ما يشير ببساطة ويؤكد أن هناك زيارات رسمية بين الجانبين غير معلنة، وهذا امر لا يحتاج إلى تأكيد، فعلاقة النظام السعودي الوطيدة مع الكيان الصهيوني وحالة الانسجام التام بينهما أمر لم يعد خافيا على أحد ولا نبالغ إن قلنا أن عمر العلاقات بينهما يمتد لعقود خلت لكنها ظلت علاقة سرية وغير معلنة لشذوذها عن كل القيم الإسلامية والعربية، وقد تكون ابعد من كل التوقعات والتكهنات تؤكدها شواهد كثيرة تتوافق مع الأهداف والرغبات الصهيونية منها على سبيل المثال ما يلي:
1 -تحول سياسة نظام الرياض من اقصى التشدد الإسلامي إلى اقصى الانفتاح والإباحية بمفهومها الشامل، واستبدال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهيئة الترفيه، وإغلاق مكبرات الأذان في المساجد ورفع مكبرات الكبريهات والبارات والمسارح والملاهي الليلية واستضافة أشهر المغنيين والمغنيات من شواذ المثلية في العالم.
2 – أقدم النظام السعودي منذ وقت مبكر على طمس كل المعالم الإسلامية الأثرية التي ترجع إلى عهد الرسالة المحمدية على صاحبها وعلى آله ازكى الصلاة واتم التسليم في مكة والمدينة وغيرهما وهي تعد من أعظم وأقدس التراث الإنساني على سطح الأرض في الوقت الذي حافظ على الآثار اليهودية وحصون خيبر وفرض عليها حراسة لحمايتها من أي عبث قد يطالها ومنذ وقت مبكر أيضا.
3 -قيام النظام السعودي خلال السنوات الأخيرة بتغيير مناهج التعليم لجميع المستويات وحذف كلما يحث على عداوتهم والدعوة إلى التعايش معهم ونعتهم بالأصدقاء والحث على كل ما ينسجم مع أهداف وتطلعات حكومة الكيان وحذف كل النصوص القرآنية التي تأمر بمواجهتهم وجهادهم من جميع مناهج التعليم وغير ذلك الكثير والكثير من الشواهد التي لا حصر لها.
اليوم بات الأمر اكثر وضوحا وبدى نظام الرياض أكثر جرأة في انبطاحه العلني للصهيونية، دون ذرة حرج أو خجل في ظل استمرار تبادل الزيارات الرسمية لمسؤولين من الجانبين لبحث تطبيع العلاقات بينهما، وتحت رعاية أمريكية، وبحسب ما نشرته الكثير من المواقع الاخبارية العالمية أن الطرف السعودي في هذه المباحثات اشترط على النظام الأمريكي الالتزام بحمايته من أي طرف يعتدي على أراضيه وطلب تقديم ضمانات على ذلك كشرط للتوقيع النهائي على مسودة التطبيع مع حكومة الكيان الصهيوني، وقد عزى الكثير من المحللين أن الشرط السعودي هذا نتيجة لخوفها من هجمات الجيش اليمني الذي اصبح اليوم يملك ترسانة أسلحة استراتيجية رادعة وقوية إلى جانب قدرات وحداته القتالية ومهارتها العالية في خوض المعارك والتحكم في مجرياتها وهو ما أثبتته قوات صنعاء خلال ثمان سنوات من عدوان دول التحالف بقيادة الرياض، وسبب تخوف السعودية من تطبيعها العلني مع الكيان الصهيوني هو أنها تدرك أن ذلك سيتعارض مع مصلحتها الأكيدة في توقيع اتفاقية سلام دائم مع حكومة صنعاء وهو ما يعني عودة تصعيد صنعاء في لحظة اوشك صبرها أن ينفذ، وصدى تحذيرات قيادة صنعاء لا يزال يتردد في آذان الرياض، إلى جانب انها تملك الشجاعة الكاملة والجرأة للتصعيد في أي لحظة تتيقن فيها إغلاق الرياض لطريق السلام، من جهة أخرى وصف الكثير من المحللين الشرط السعودي بالغير مجحف أمام أمريكا قائلين انه لن يكلفها سنتا واحدا بل على العكس ينسجم مع سياستها وهذه حقيقة معلومة للعالم عن النظام الأمريكي فهو من جهة يفتح أمامه فرصة ثمينة لاستنزاف السعودية وتمكينه من استمرار حلبها ومن جهة أخرى بماذا ستحمي أمريكا السعودية؟ فلا جديد لديها لأنها جربت احدث أسلحتها ومنظوماتها الدفاعية خلال ثمان سنوات وثبت للرياض فشلها أمام الأسلحة اليمنية التي زادت تطورا وقدرة وكفاءة عما كانت عليه، ثم ما هي الضمانات التي ستقدمها أمريكا للرياض؟ لا شيء … غير أن أمريكا ستستغل هذه الفرصة لتبيع وهم حمايتها للسعودية مقابل سقوطها الأخير في وحل التطبيع.