لا خوف على المقاومة
الصمود||مقالات|| حمدي دوبلة
سواء انتهت الهدنة بين كيان الاحتلال الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة إلى التمديد، أو وقف نهائي للعدوان- وهذا ما أرجّحه شخصياً- أو عاد الجنون الإسرائيلي إلى سابق عهده في قتل الأبرياء وتدمير الحياة الإنسانية بلا ضوابط أو معايير، فلا خوف على المقاومة المحصَّنة بإرادة شعب عظيم أثبت أن لديه استعداد أسطورياً للتضحية بكل شيء في سبيل الحرية والكرامة ومن أجل دحر الاحتلال وتمريغ أنفه في الوحل.
– في غزّة يتنفس الناس نسائم الحرية ويعشقون الكرامة ويركبون أمواج الخطر بحب ويواجهون الأهوال بصدر رحب ويرون في دمائهم الطاهرة ثمنا ضئيلا لا يستحق الذكر عندما يتعلق الأمر بالأرض والوطن والسيادة والمقدسات.
-هناك في القطاع الذي لا تزيد مساحته الجغرافية عن مساحة حديقة العاب أو متنزّه في بلدان عظمى على غرار أمريكا التي ألقت بكل ثقلها وقوتها العسكرية والمادية والتقنية لكسر إرادة الفلسطينيين وفرض رغبات وأهواء الاحتلال ونزواته الانتقامية، رأينا معجزات وآيات من التأييد الرباني الذي أحاط المجاهدين بالعناية واللطف والنصر والتمكين فقهروا أعتى قوى الغطرسة والطغيان والجبروت ودفنوا أمانيهم وأحلامهم في التراب بأقل الوسائل والإمكانيات.
-وضع العدو -وقد حصل على تطمينات ودعم لا محدود من أمريكا ودول الغرب العظمى- أهدافا كبيرة لعدوانه الشامل تمثلت في القضاء النهائي على حركة حماس ومعها كل فصائل المقاومة وقتل وأسر قادتها وإعادة الأسرى بالقوة ورسم واقع جديد في القطاع يحكمه المحتل أو من يراه ويزكيه من الخونة والعملاء، لكن ما أعلنه على الملأ صار وبالا عليه وعلى داعميه ليتبخر تحت وطأة صمود وبسالة الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال الذين دمروا أسطورة الجيش الذي لا يقهر وأحرقوا دبابة الميركافا “المعجزة” ونسفوا ناقلة النمر المحصّنة من مسافة صفر وأوسعوا قتلاً وتنكيلاً في ضباط وجنود العدو وآلياته ومدرعاته الأحدث والأكثر تحصيناً على مستوى العالم.
-واشنطن باشرت منذ الأيام الأولى من “سيوف نتنياهو الحديدية” وفي دهاليز الغرف المغلقة كعادتها بحث ومناقشة المستقبل السياسي للقطاع بمشاركة المتواطئين والخانعين من أنظمة الخزي والعار في المنطقة وهي واثقة بأن غزة ما بعد السابع من أكتوبر لن تكون كما قبله معتمدة في ذلك على ما سيحققه المحتل من نتائج محسومة، وقد دعمته بأحدث أدوات القتل والدمار وأعطته الضوء الأخضر لفعل ما يحلو له بنحو ثلاثة ملايين فلسطيني دون الالتفات إلى أي قواعد أو ضوابط أخلاقية أو قانونية وإنسانية وإذا بها أمام الهزائم المذلة للكيان تتراجع عن أغلى أمانيها وتتهاوى إلى الحضيض وتتعلق بقشة البحث والتسول السياسي عن إنجاز شكلي جاء على شكل هدنة وتبادل أسرى ورهائن وكان من وجهة نظر الأمريكي المهزوم عملا جبارا، يستحق أن يظهر رئيس أكبر دولة في العالم شخصياً لإعلانه والتقوّل بإسهامه الفاعل فيه.
-لم تفلح شلالات الدماء التي سفحها الإسرائيلي والأمريكي من نساء وأطفال غزة ولا الحصار ولا الابتزاز ولا التجويع ولا التخويف والترويع ودفع الناس قسراً للهجرة عن بيوتهم ومنازلهم في كسر إرادة الشعب الفلسطيني فظل وفيا لمقاومته الباسلة فتهاوت أحلام وتطلعات العدو تحت أقدام المجاهدين لينتصر الدم على السيف وتكسب حماس ومعها فصائل المقاومة في فلسطين الأبية وكل أحرار الأمة في اليمن ولبنان والعراق احترام العالم الحر الذي شاهد تجليات الانتصار مرتسمة على شفاه وملامح النساء والأطفال الفلسطينيين المحرّرين من سجون الاحتلال قابلها علامات الهزيمة والذل والانكسار والعار على وجوه القتلة المجرمين والإرهابيين في تل أبيب وواشنطن.