حَرْبُ غَزَّة الكَاشِفَة .. أمْرِيكَا قَاتِل مُخْتَلّ مُتَعَطِّش للدَّمِ ودِيمُقراطِيّتها حِبْرٌ عَلَى وَرَقٍ
الصمود||مقالات|| عبدالرحمن الأهنومي
خلال جلسة مجلس الأمن قال نائب المندوبة الأمريكية في المجلس: إن أمريكا لا تؤيد الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، هذا الموقف الأمريكي لم يكن الأول بهذا الشأن، إذ سبق وأن أكد متحدث البيت الأبيض أن أمريكا تعارض أي وقف للحرب على غزة، الموقف نفسه تكرر على لسان وزير الخارجية الأمريكي بلينكن خلال الأسابيع الماضية، الجديد فيما صرح به ممثل أمريكا أنه يأتي بعد ما يقارب سبعين يوما من حرب الإبادة على غزة، وهو ما يؤكد أنّ أمريكا ما زالت متعطشة لمزيد من الدم، لم ترتوِ بعد بدماء ما يقارب عشرين ألف إنسان نصفهم من الأطفال في غزة، ولم تشبع من الجثث المقطعة لما يقارب عشرين ألف شهيد فلسطيني في غزة.
ما قاله المندوب الأمريكي هو إفصاح عن التعطش لمزيد من دماء الأطفال في غزة، هو إفصاح عن الحقيقة كلها، حرب غزة هي في مجملها إبادة وحشية متوحشة لا هدف من ورائها إلا الإبادة لغزة بمن فيها من الأطفال والنساء والرجال والكبار والصغار، وتدمير كل ما فيها من بنى ومقومات للحياة، ولا هدف من وراء استمرار الحرب إلا سحق ما تبقى فيها، وهو ما تريده أمريكا وما تسعى إليه.
منذ ما يقارب سبعين يوما تتعرض غزة لحرب إبادة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، حرب الإبادة الصهيونية استباحت غزة حجرا وبشرا، وبلغت مستوى غير مسبوق من التوحش، القتل الجماعي للأطفال والرضّع والنساء، تدمير البيوت فوق رؤوس أصحابها الأبرياء، القصف المركَّز والوحشي على المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء والمساجد والكنائس وسيارات الإسعاف والنازحين، استخدم الصهاينة أفتك الأسلحة وقصفوا بالفوسفور كل شيء، قتلوا النساء والأطفال، وأعلنوا عزمهم إماتة 2.2 مليون شخص بقطع الماء والغذاء والدواء والوقود عنهم، أفظع ما رأته الأعين في التاريخ كله، ومع أن العالم يشاهد وشاهد كل الفظاعات التي يرتكبها الكيان اللقيط ورعاته وداعموه في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبا وتوابعها، لم يخجل وزير خارجية أمريكا وهو يكذب على العالم بأنه لم يعثر على دليل يثبت قيام إسرائيل بقصف المدنيين في غزة، وقاحة فائضة بالإجرام والتوحش والإرهاب الذي تنطوي عليه نفسيات أركان هذه الدولة المارقة.
حرب الإبادة الصهيوأمريكية على غزة – وما فيها من جرائم مروعة – يسجلها التاريخ كسابقة في الوحشية والتوحش، هذه الجرائم المتواصلة دون هوادة منذ أكثر من شهرين لم يشهد لها العالم مثيلاً، وخلال 64 يوما شكلت هذه الحرب واحدة من أبشع حروب الإبادة الجماعية، وفيما لم يخف زعماء عصابات الكيان الصهيوني طبيعتهم الوحشية المتأصلة، والراسخة لدى الكيان اليهودي القائم على منطق الإبادة ونهج الأرض المحروقة، لم تخف أمريكا حقيقتها الإجرامية المتوحشة حينما منحت الضوء الأخضر لهذه الحرب، ومولت وسلحت وأرسلت عشرات الآلاف من أطنان الأسلحة، بل ومارس مسؤولوها الأكاذيب الوقحة لتبرير المذابح وإنكارها في آن، والتأكيد على استمرارها ودعمها في أحيان أخرى.
ما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة برعاية أمريكا ومساندة الغرب، يفضح كذبة الوجه الإنساني للحضارة الغربية، ويعريها، ويفضح ويعري أمريكا ويكشف طبيعتها ككيان مارق غير أخلاقي يمارس الإبادة بوقاحة ودون خجل، ومستوى الإجرام الذي رأيناه وشاهده العالم في حرب الإبادة الصهيوأمريكية الغربية على غزة يجسد الوجه الحقيقي للغرب وأمريكا، ويكشف لنا وحشية الكيان الصهيوني وعدوانيته المتأصلة.
تشن إسرائيل المارقة حرب إبادة استهدفت بها، ليس فقط الأحياء السكنية في غزة، بل والمستشفيات والنازحين وسيارات الإسعاف ومراكز الإيواء في شمال وجنوب القطاع والمشافي والمدارس، فيما لا تتورع أمريكا عن تأكيد حق ربيبتها فيما تفعل، تمارس إسرائيل المارقة أوحش أنواع الإبادة وأشكالها وتستبيح كل شيء في غزة، وتواظب على قصف جميع مشافي غزة، حيث لجأ الأطفال والنساء للاحتماء بها، وحيث تكتظ بالشهداء والجرحى والمرضى، وتؤكد أمريكا حق إسرائيل في ذلك!
ومذ بدأت حرب الإبادة الإجرامية على غزة في 7 أكتوبر، أكدت أمريكا دعمها الحاسم والقاطع، دعمها ومساندتها ليس للكيان الصهيوني فحسب، بل دعمها العلني والمطلق لحرب الإبادة الإجرامية على غزة، ويوم 10 أكتوبر أعلن الرئيس الأمريكي الحرب على الشعب الفلسطيني بوضوح ودون مواربة، وبحضور أركان إدارته تتقدمهم نائبته، ووزير خارجيته، ورئيس مجلس الأمن القومي، وقال من البيت الأبيض – الذي كان مضاء حينها بعلم الكيان الصهيوني – “إن أمريكا تدعم بكل قوتها الكيان الصهيوني في الرد السريع والحاسم على عملية طوفان الأقصى”، مؤكدا أنه تحدث لثلاث مرات خلال ليلتين مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني واتفقا على ضرورة شن حرب تؤدي إلى تغيير طبيعة الأوضاع في غزة بشكل كامل، وتغيير الأوضاع في غزة، الذي قصده بايدن، مسحها وإبادتها بما نشاهدها من فظاعات.
هرع الرئيس الأمريكي إلى تل أبيب ليقول جملة واحدة «نحن مع إسرائيل، ولو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إيجادها»، أرسل قبله وزيري الدفاع والخارجية ليرددا جملة واحدة «دعم أمريكا لإسرائيل لا يتزعزع»، حشدت أمريكا بوارجها وحاملات طائراتها ومدمراتها وأساطيلها إلى المنطقة لدعم الكيان وتهديد كل قوة تنصر غزة، أرسلت الأسلحة والصواريخ والأموال إلى الكيان الصهيوني، ولم تكتف بمنح الكيان الضوء الأخضر لاستباحة غزة، ولم تكتف بتوفير الدعم السياسي والعسكري والإعلامي لحربه الإجرامية على غزة، بل وقام المسؤولون الأمريكيون بكل مستوياتهم بممارسة الأكاذيب الوقحة لتبريرها والتغطية عليها، ورأيناهم منذ اللحظة الأولى يتنافسون في ما بينهم بإطلاق الدعوات للإبادة والتدمير لغزة، وبكل انكشاف لا يتورعون حتى اليوم – بعد المذابح التي حدثت – عن تأكيد تعطشهم لمزيد من الدماء.
وفي دعمها للكيان الصهيوني ولحرب الإبادة التي يشنها على غزة، وصلت أمريكا في دعمها إلى حد ممارسة الرئيس الأمريكي بايدن التضليل والكذب الوقح، ولعلنا نتذكر في الأيام الأولى ادعاءه مشاهدة صور أطفال قطعت رؤوسهم حماس، وهو بذلك كان يطلق التبريرات لحرب الإبادة، ونتذكر إنكاره مسؤولية الكيان الصهيوني عن مذبحة المستشفى المعمداني التي ارتكبها العدو الصهيوني ليلة السابع عشر من أكتوبر، قائلا «بأنه على علم أن الفلسطينيين هم من ارتكبوها»، ليوجه وسائل الدعاية الغربية بأن تشن حملات التضليل بقوة ، واستمر في مسلسل الدجل المروع في إنكار حقاق حرب الإبادة على غزة، بإنكار أعداد الشهداء الذين يرتقون في المذابح، حين قال في مؤتمر صحفي “لا أثق بأرقام الضحايا الصادرة عن الفلسطينيين»، وحينما واجهه الجمهور، ردد “صحيح أني شاهدت صورا لضحايا، لكن هذه حرب ضرورية”.
وعلى نفس سياسة هذا الشيطان العجوز، مضى وزير الخارجية الدجال الأمريكي أنتوني بلينكن في مسلسل الأكاذيب المروعة، والتي ليس آخرها قبل أيام قليلة، حينما قال إن أمريكا لم تعثر على دليل يؤكد أن الكيان الصهيوني يقتل المدنيين في غزة، ودون خجل قال ذلك حتى والعالم يشهد ويشاهد خلال ستين يوما مذابح مشهودة يرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة، حتى والبشرية تتحدث عن حرب إبادة لا سابق لها في التاريخ!
يضرب العدو الصهيوني المشافي وسحق من فيها من المرضى والجرحى، فيما يؤكد المسؤولون الأمريكيون – مع كل مذبحة – حق إسرائيل المارقة فيما تفعله، ويطلقون الذرائع والتبريرات ولا يخجلون من تأكيد تعطشهم لمزيد من الدماء بما يقولونه عن ضرورة استمرار الحرب على غزة.
يحاصر العدو الصهيوني أهالي غزة جميعهم بعددهم البالغ مليوني نسمة، يشن عليهم حرب إبادة جماعية متوحشة، بالقصف بآلاف الأطنان من الأسلحة يوميا على رؤوس الساكنين والمرضى والجرحى والنازحين وفي كل الأحوار والظروف التي يعيشها المواطنون في غزة، مع تجويعهم وقطع المياه عنهم وتشريدهم من منازلهم وقصفها على رؤوس الأطفال، ويتعثر وزير الخارجية الأمريكي في البحث عن دليل يثبت أن ربيبتهم إسرائيل تتعمد استهداف المدنيين، وحشية وإجرام بفائض من الوقاحة، لا يدلل إلا على أننا أمام دولة مارقة وإرهابية ومجرمة تسمي نفسها الولايات المتحدة الأمريكية.
يظهر المسؤولون الأمريكيون يوميا ليؤكدوا الدعم للكيان الصهيوني ولكل ما يفعله من مذابح، والعالم يتحدث عن حرب إبادة غير مسبوقة في وحشيتها وتوحشها، تتضاعف المذابح ويتزايد أعداد الشهداء تتكثف المجازر يوميا، ولم تخف أمريكا رغبتها في مزيد من الدماء، ورغبتها وتعطشها لقتل مزيد من الأطفال، ومرارا وتكرارا عبّر مسؤولوها رفض أمريكا لوقف الحرب وتأكيدهم على ضرورة مواصلتها، وما قاله المندوب الأمريكي في مجلس الأمن يوم أمس هو من باب إعادة التأكيد.
لا تبالي أمريكا المارقة بعدد الشهداء الذين يرتقون يوميا، فهم فلسطينيون في نظرها لا يستحقون الحياة، بل لا تعتبرهم أرقاما ولا تعترف بأي أرقام لتعداد من ارتقوا من الشهداء، لا أخلاق ولا قيم لدى أمريكا حتى تأمر ربيبتها بوقف حرب الإبادة التي بلغت مبلغا غير مسبوق من الوحشية والإجرام، لا تكترث أمريكا بكل الشعارات والقوانين الدولية إذا كانت تمنع ربيبتها من إبادة غزة، لا ديمقراطية ولا حريات ولا حقوق، ولا شيء من الشعارات التي تشدقت بها أمريكا رأيناه في أوزار الحرب على غزة!
الحقيقة المؤكدة والقاطعة اليوم هي أن أمريكا كيان استعماري لا يؤمن بأي قيم أخلاقية، ولا يسعى إلا لتحقيق مصلحته ولو على حساب ملايين البشر لا يهم ذلك، وعلى رغم المحاولات فيما مضى إخفاء وجه هذا الكيان بقناع مزيف بترويج لشعارات الإنسانية والحريات، إلا أنه اليوم لم يخف الحقيقة التي باتت غير خفية على أحد.
أمريكا قاتل مختل متعطش للدماء، وهذه الحقيقة التي نراها بكل وضوح ويؤكدها المسؤولون الأمريكيون بالتكرار أيضا، فمنذ البداية أباحت للكيان الصهيوني كل غزة بما فيها من بشر وحجر، أرسلت الأموال والسلاح وكل ما يحتاجه الكيان المارق، بهدف مسح غزة وإبادتها، وما يؤكده المسؤولون في أمريكا برفضهم وقف الحرب لهو تأكيد على أن أمريكا لا تريد أن تضع نهاية لهذه الحرب الدموية الفاجرة قبل إبادة غزة ومسحها، وأن أمريكا ترسم بوضوح حقيقتها الإجرامية المتوحشة التي لم تراع طفلا ولا امرأة ولا صحفيا ولا طبيبا ولا مريضا ولا جريحا، ولا مستشفى ولا مركز نزوح ولا سيارة إسعاف ولا قافلة مساعدات.. منتهكة كل شيء بلا خجل!
لطالما استخدمت الولايات المتحدة أكذوبة الحريات والديمقراطية، وادعت حرصها على حقوق الإنسان، لكنها كاذبة كالشيطان، تستخدم هذه الشعارات كسلاح تجيّره خدمة لمصالحها عند الحاجة، وتوجهه إلى الدول التي لا تسير في ركبها، أما انتهاك الحقوق وقتل البشر وحروب الإبادة فسياسة أمريكية ثابتة لا تتغير.
اليوم نحن أمام الحقيقة بكافة تفاصيلها، أمريكا كيان إجرامي متوحش، تنسلخ من الشرعية الدولية بممارسة كل صنوف الإرهاب وحروب الإبادة بالعلن وبدون تورع، أمريكا كيان إرهابي تمارس لعبة حقوق الإنسان كلما أرادت الضغط على بلد يخالف أوامرها، وتدفن هذه الشعارات حينما تكون مصلحتها أو مصلحة ربيبتها إسرائيل في ذلك، تستخدم هذه الورقة كسلاح موجه وجاهز للإطلاق ضد الشعوب والدول التي لا تخضع لسياساتها.
تتاجر بالشعارات وتتاجر بالقيم الإنسانية، وموقفها وتصريحات مسؤوليها بشأن غزة يعريها بالكامل، أمريكا لا تلقي بالاً لآلاف الشهداء الذين يرتقون في حرب الإبادة على غزة، يحتشد كل مسؤوليها لتبرير ما ترتكبه إسرائيل من مذابح، ينكرون الحقائق دون خجل، يجددون دعمهم لإبادة غزة بلا توقف ، ويتنصلون عن كل الأسئلة حول انتهاكات القوانين الدولية والشعارات الإنسانية، لكنهم يتشدقون بالقوانين والقيم الإنسانية ويزعمون حرصهم عليها عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا مثلاً وليس مثالا واحدا!
بلغت الحرب على غزة مبالغها في التوحش، والواضح أن المسؤولين الأمريكيين ما زالوا يتلذذون بسفك الدماء، ويغوصون كل يوم بأقدامهم في بحر الدم المتلاطم في غزة، شذاذ آفاق يعلنون بكل وقاحة تماديهم في حرب الإبادة، ويعبرون عن تعطشهم لمزيد من الدم علانية وبدون خجل.
ما يحدث في غزة من جرائم إبادة جماعية لن ينساها التاريخ، تكشف حرب الإبادة التي تتحشد فيها أمريكا والغرب والكيان المارق ما تكشف من الحقائق الكبرى، حول الإبادة والتوحش الصهيوني اليهودي المتأصل، حول أمريكا المجرمة ووحشيتها، حول الغرب العاري عن كل الشعارات التي يتشدق بها، حقائق لا يستطيع أحد تمزيقها وإخفاءها من أسفار الزمان.
ما نحتاجه من الآن فصاعداً هو أن نوثق هذه الشواهد، ونعكف على دراسة كل الدروس المستفادة مما يحدث، لنثبت الحقائق ونتصدى لمحاولات أمريكا والغرب وكل أبواقهم لحرف مسار التاريخ، ولتعي شعوب العالم أن أمريكا هي عبارة عن قاتل مختل يتعطش للدماء، ودولة مارقة تتبندق بالوحشية وبالشعارات الكاذبة.