“طُـوفان الأقصى”.. بين سقوط المشاريع الإسلاموية الوهَّـابية وانتصار المشروع القرآني
الصمود||مقالات|| إبراهيم محمد الهمداني
كانت حالة الشعور بالعجز والخذلان والاستلاب الجماهيري، السائدة في سياق التعاطي مع قضية فلسطين، هي عين رغبة العدوّ الصهيوني المحتلّ، الذي أوكل إلى الحكام العرب، وأنظمتهم البوليسية القمعية، تنفيذها وتكريسها والإشراف على ديمومتها، لتقف تلك الأنظمة بشعوبها في منطقة التعاطي السلبي، ومواقف العجز ذات القيمة الصفرية، التي سارع فقهاء البلاط لتبريرها، بفتاوى مدفوعة الثمن مسبقًا، أسقطت واجب الجهاد في سبيل الله بالنفس، ضد عدو الله وعدو الأُمَّــة، بحجج واهية وذرائع زائفة، وافتراءات كاذبة مفضوحة، وأقامت باب الجهاد بالمال، بديلا عن الجهاد بالنفس، وفتحت أمام الشعوب باب التبرعات لفلسطين، تحت الكثير من الشعارات، مثل “هنا غزة، وغزة تنزف، وغزة تستغيث”، مستغلين العاطفة الشعبيّة، ومكانة فلسطين في الوجدان الجمعي، ليجمعوا باسم أقدس قضية، أموالا طائلة وأرقاما فلكية، لم يكن لغزة وفلسطين منها نصيب إطلاقا.
لذلك كان لا بُـدَّ من وجود موقف عربي إسلامي رسمي وشعبي، يقوم على مشروع ديني حقيقي، ينتصر لأهل الحق والأرض على المحتلّ الغاصب، ويؤيد ويدعم حق المقاومة والحرية، في وجه آلة الاستعمار ومشاريعها الإجرامية الظالمة، وتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة، وُصُـولاً إلى حمل السلاح، والشراكة الفعلية في معارك التحرّر، إلى جانب أصحاب الحق الفلسطينيين، بوصف ذلك واجبا دينيا وقوميا وإنسانيا، لا جدال فيه ولا خلاف عليه؛ لكن الأنظمة الحاكمة تقاعست عن حمل الواجب كاملا، واكتفت منه بالقول دون الفعل، وبالتفاعل الكلامي والخطابات الحماسية الرنانة، عن المشاركة الفعلية في ميادين المواجهة العسكرية، والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال، وحصرت دورها في “رد الفعل المعتاد”، وسعت إلى تكريس استراتيجية “الاعتياد”، في التعاطي مع القضية الفلسطينية، على كافة المستويات والأصعدة.
يمكن القول إن سقوط المشاريع السياسية القومية، وفشلها في تبني قضية فلسطين، والانتصار لها من منطلق قومي عنصري، نزولا عند حجم المصالح السياسية، ومستوى الضغوط الواقعة عليها، كان أقل خطرا وضررا، من خطورة سقوط المشاريع الإسلاموية الوهَّـابية، في دائرة الارتهان العلني والمباشر، لكيان العدوّ الصهيوني المحتلّ، وتبنيها مواقفه وخطابه ورؤيته جملة وتفصيلا، وبدلا عما اعتدنا عليه منها، من إصدار الفتاوى بوجوب الجهاد المقدس في اليمن، ضد من تسميهم أذرع إيران الرافضة، وفتاوى وجوب جهاد النكاح في سوريا، ضد نظام بشار الأسد، الكافر في نظرهم بالإجماع، ها هم في معركة “طُـوفان الأقصى”، قد تساقطوا وبدت سوأتهم، وانكشفوا على حقيقتهم، حين أفتوا بأن حركة حماس، وكل فصائل الجهاد والمقاومة في فلسطين، شر مطلق وخطر محض، لا تمثل الإسلام ولا تعبر عن حال المسلمين، وأنها تتحمل جرم عمليات حرب الإبادة والمجازر الوحشية، التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني، بحق المدنيين الأبرياء من أبناء قطاع غزة، وهي ذات الرؤية التي تبناها الكيان الصهيوني، وقوى الاستكبار العالمي، وصدق الله العلي العظيم القائل:- “ومن يتولهم منكم فَــإنَّه منهم”.
ولعل في هذه الفتاوى والمواقف المنحطة، ما يجيب على تساؤل الكثيرين من أبناء الأُمَّــة الإسلامية، عن سبب عدم انتصار المقاومة الفلسطينية، على مدى سبعين عاماً، رغم مساندة معظم التيارات الإسلاموية الوهَّـابية لها، ووقوفها إلى جانبها بالدعاء والتبرعات، وَإذَا حقيقة الأمر تحكي غير ذلك؛ لتؤكّـد معركة “طُـوفان الأقصى” الخبر اليقين، وتعلن تلك الأنظمة والتيارات الوهَّـابية، عن حقيقة تموضعها ودورها الديني والسياسي، في خدمة اليهود الصهاينة على كُـلّ المستويات، والانتصار لمشروع إسرائيل الكبرى، وهدم الدين الإسلامي وقتل المسلمين، واحتلال أرضهم ومحوهم من الوجود، دون أن يرف لهم جفن، ليثبتوا أنهم أكثر صهيونية وإجراما وكذبا وتحريفا وفسادا، من إخوانهم الصهاينة المحتلّين، وأكثر انحطاطا وشذوذا وانحرافا من أسيادهم النصارى الضالين؛ لذلك لا غرابة إن نظروا للمشروع القرآني بعين البغض والعداء، واجتمعت كلمتهم وجهودهم، على حرب أئمة الحق وأعلام الهدى، وتوحدت تحالفاتهم وقواهم وعتادهم، ضد أبناء اليمن -شعبًا وجيشًا وقيادة-.
ولا غرابة إن أبدوا انزعَـاجَهم من هذا المشروع العظيم، والمسيرة القرآنية وقائدها العَلَم الرباني المجاهد سيد القول والفعل، سماحة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله؛ لأَنَّ الوهَّـابيين كما أسيادُهم من اليهود والنصارى، يدركون حقيقةَ هذا القائد الرباني، وخطورة هذا المشروع القرآني، على أهدافهم ومشاريعهم الإفسادية الشيطانية.