بدون غطاء قانوني .. تحالف أمريكي في البحر الأحمر
الصمود||تقرير|| محمد الحاضري
دأبت الولايات المتحدة الأمريكية خلال عقود على تصوير نفسها أنها راعية ما تسميه (القوانين والشرعية الدولية)، لكنها لم تكترث لذلك عندما أعلنت إنشاء تحالف دولي في البحر الأحمر، مورطة دولا غيرها، ومفتعله صراعا دوليا في الممر المائي الأهم عالميا ستكون له آثار كارثية على الاقتصاد الدولي، في حين أن صنعاء ملتزمة بسلامة الملاحة الدولية باستثناء سفن كيان العدو الصهيوني الذي تخوض حربا معه.
دخلت اليمن الحرب ضد كيان العدو نصرة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة في غزة منذ السابع من أكتوبر الفائت، ونفذت ضربات صاروخية وبالطائرات المسيرة على أهداف صهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأوقفت ملاحة كيان العدو بشقيها الحربي والتجاري في البحر الأحمر، ونفذت عمليات بحرية دقيقة ضد سفن يمتلكها العدو كليا أو جزئيا أو في طريقها إلى الموانئ في كيان العدو.
دقة العمليات اليمنية وحصرها على استهداف السفن الصهيونية، بالإضافة إلى تطمينات صنعاء أكثر من مرة على لسان كبير الوفد الوطني المفاوض، محمد عبدالسلام، وحتى في جميع البيانات العسكرية التي تعلنها القوات المسلحة اليمنية عقب عملياتها ضد السفن “الإسرائيلية، والتي أكد فيها أن عمليات اليمن لا تستهدف الملاحة الدولية ولا تشكل خطرا عليها بل إن اليمن يحمل على عاتقه حمايتها، في مقابل ذلك تحاول واشنطن الالتفاف على مجلس الأمن وبصورة غير شرعية وفقا للقوانين الدولية، أعلنت تشكيل تحالف “دولي” في الـ19 من ديسمبر الجاري غلفته بشعار “حماية الازدهار” ولحماية البحر الأحمر أما التجارة الدولي.
متكئا على الشرعية الإلهية والحق الذي يمتلكه اليمن في مواجهة السفن الصهيونية أو السفن المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة وبعد إعلان الحرب ضد كيان العدو، أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الاستثنائي، الأربعاء 20 ديسمبر، أن التحالف الأمريكي “متطفل” على المنطقة و”لا شرعية” له وأنه لحماية “إسرائيل” ويحاول “توريط” دول العالم في حرب أمريكية تنتهك حتى المبادئ “الليبرالية”.
شرعية موقف صنعاء أمام التفاف واشنطن على القانون الدولي
وأوضح الكاتب والباحث اللبناني تيسير الخطيب في حوار مع قناة المسيرة على “أن موقف اليمن، وموقف صنعاء وموقف الجيش اليمني وأنصار الله هو موقف شرعي وقانوني، لأن اليمن كدولة أعلنت الحرب على الكيان الصهيوني، ودخلت معه في حالة حرب، وفي حالة الحرب يحق لليمن أن يمنع مرور السفن المؤازرة والمساندة للعدوان الصهيوني من هذا الممر الذي تشرف عليه اليمن.”
وأضاف الخطيب أن “التحالف الذي أنشأته الولايات المتحدة الأمريكية تحالف لا يتوافق مع ما يسمى بالشرعية الدولية، لأن الولايات المتحدة الأمريكية حتى تتمكن من إنشاء تحالف وتطلق عليه اسم تحالف دولي لا بد أن تعود إلى مجلس الأمن، وهي لم تعد إلى مجلس الأمن أسوة بما فعلته في العراق وأفغانستان وفي لبنان، وشكلت هذا التحالف وأطلقت عليه اسم تحالف دولي وهو ليس تحالفا دوليا”.
وخلص الخطيب بقوله “إذا أردنا أن نقارن بين شرعية الموقف اليمني وشرعية الموقف الأمريكي نجد أن الموقف اليمني شرعي قانوني 100%، ونجد أن الموقف الأمريكي غير شرعي وغير قانوني ويلتف على القانون الدولي”.
اليمن يحصر هامش الاشتباك بما لا يؤثر على مسار التجارة العالمية
من جانبه، الكاتب والباحث اللبناني حسن شعبان في تصريحات لقناة المسيرة أوضح “أن اليمن حصر هامش الاشتباك بما لا يؤثر على مسار التجارة العالمية وحركة النفط في العالم وحركة اقتصاد أوروبا وأفريقيا وسائر دول العالم”، مؤكدا أن “اليمن على لسان القائد حدد الأهداف حدد وجهة وأهداف البحرية اليمنية والإرادة السياسية اليمنية هي الكيان بموانئه وبسفنه”.
وبيّن شعبان أن “اليمن قام باستهداف قطع بحرية إسرائيلية كليا أو جزئيا ومنع مرور السفن التي تريد أن ترسو في الموانئ الفلسطينية المحتلة لدى الكيان، أما باقي سفن العالم أياً كانت جنسيتها أيا كانت وجهتها ما دامت لم تكن إسرائيلية كليا أو جزئيا ولم تكن متوجة إلى الكيان هي بأمان وبإمكانها أن تبحر كيفما شاءت وفق القواعد والقوانين والأعراف المرعية في الملاحة البحرية”.
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية، حسب التوصيف الدقيق الذي قدمه السيد في خطابه، تقول نريد أن نحشد وأن نأتي بالقوات والأساطيل لنشتبك مع كل من يريد أن يمنع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل من العبور عبر البحر الأحمر أو باب المندب”.
وقال شعبان إن “الأمريكي فتح الصراع إلى المدى الأقصى قال سنحشد وسنأتي بقوات وسنشتبك وسندافع وسنمنع، وهذا يعني أن الأمريكي قد اتخذ قرارا بأنه وبهدف كسر الإرادة اليمنية يريد وضع كل الملاحة الدولية وكل السفن أيا تكن جنسيتها وأيا تكن وجهة سيرها ضمن دائرة النار”.
تهديد التحالف الأمريكي على الملاحة واقتصاد العالم
وأوضح شعبان “أن أي اشتباك مسلح في البحر الأحمر واسع النطاق بين قوة بحرية دولية وبين بر مسلح هو صاحب المشاطئة وصاحب السيادة وبين قوات بحرية وافدة من خارج هذه المنطقة يعني أن كل الملاحة الدولية في دائرة الاستهداف والخطر ليس من اليمن إنما من القرار الأمريكي “الأرعن والمستكبر الذي يأبى الخضوع لأصحاب الحقوق أبناء هذه الأرض”.
وأكد أن “الذي يهدد اقتصاد العالم وتجارة العالم ونفط العالم والأسعار في العالم والملاحة في العالم وشركات الملاحة في العالم هو الغطرسة الأمريكي والاندفاع الأمريكي لخوض حربه في غزة ولو على حساب العالم”، متسائلا في الوقت ذاته “لماذا يخضع الساسة لهذا العبث الأمريكي بالأمن والاستقرار العالمي، أرادت أمريكا أن تفتح حربا في أوكرانيا وقامت بافتعالها وتدفع أوروبا الثمن، السيد القائد يقول لهم الآن يريد الأمريكي أن يفتح حربا وسيخسرها حتما في البحر الأحمر ولك ستكون على حسابكم قبل حسابنا “
كما تسائل قائلا “على أي أساس شُكلت هذه القوة وما هو مستندها القانوني والسياسي، ومن الذي يعطيها الشرعية، وبمنطقة القانون الدولي” فأمريكا والناتو “ليسوا أصحاب وجود حقيقي في المنطقة وهم آتون من خلف البحار والمحيطات”، واليمن هو من أهل هذه المنطقة وهو صاحب قرارها.
ونوه حسن شعبان إلى “أن الولايات المتحدة تعتبر أن البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن، وباب المندب هي مصالح حيوية أمريكية وتعتبر أن لها اليد العليا والكلمة الفصل والقرار الأول والأخير في هذا المجال، وكل الدول المشاطئة للبحر الأحمر تخضع لهذه الإرادة الأمريكية وتلتزم هذه السياسة الأمريكية وتعتقد أن هذه المنطقة تخضع للأسطول الخامس وللقيادة الوسطى الأمريكية”.
وأردف قائلا ” لكن أتى اليمن ليقول لواشنطن إن هذه المنطقة ليست منطقة سيادة أمريكية ولا للقرار الأمريكي لستم أنتم من يقرر من يمر ومن لا يمر، نحن على شواطئ البحر الأحمر ولنا حدود ومشاطئة على البحر الأحمر وباب المندب المندب يخضع لسيادتنا”.
أمريكا تدعو نفسها لتشكيل التحالف لأجل “إسرائيل”
من جانبه نوه الكاتب الفلسطيني الدكتور محمد البحيصي إلى أن أي من الدول المشاطئة في المنطقة لم يستدعي أمريكا لتكون “حارسة الازدها” وتنشئ تحالفا، مضيفا “أمريكا دعت نفسها وأمريكا شكلت هذا التحالف وأمريكا رسمت له خطة، كل هذا من أجل إسرائيل والمشروع الصهيوني الذي تمثل إسرائيل حلقته المتقدمة وتمثل أمريكا قاعدة ارتكازه”، معتبرا “أن أمريكا أتت إلى البحر الأحمر كنوع من “البلطجة” وفرض الذات على المنطقةـ ودون حتى مشاورة الدول”.
اعتادت أمريكا أن تقفز على القوانين الدولية التي تزعم حمايتها ورعايته، ولليمن سابقة مع هذه التصرفات الأمريكية حينما أعلنت الحرب عليه، ومن باحة البيت الأبيض في واشنطن وباللغة الإنجليزية في 26 مارس 2015، وحينها ظنت الولايات المتحدة أن حربها ستكون حاسمة وسريعة في غضون أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، فلم تلتفت إلى مجلس الأمن.
لكن حينما لم يتمكن الحسم ورأت أن حربها ستطول لجأت إلى مجلس الأمن وأصدرت قرارا يشرعن عدوانها وتحالفها على اليمن، وأصدرت قرار 2216، وهو ما وجهه السيد القائد بالشرعية الإلهية والحق الذي يمتلكه الشعب اليمني في مواجه الطواغيت والمعتدين والمحتلين، ليخرج اليمن بعد 9 سنوات من العدوان والمجازر والحصار منتصرا أمام أقوى تحالفات العصر الحديث.