100يوم في غزة أعادت صياغة كـل شيء في المعمورة
الصمود||مقالات|| يوسف الحاضري
مِئة يوم من النصر لعملية “طُـوفان الأقصى” صاحبه مِئة يوم من الانحطاط الإجرامي الصهيوني الأمريكي البريطاني، اختلطت فيه كُـلّ الأوراق السياسية والاقتصادية والعسكرية والمجتمعية والأخلاقية والإنسانية، فتم إعادة صياغتها جميعاً بأقدام وسواعد وصمود المجاهدين في غزة وبدماء وأشلاء الأطفال والنساء وبحمية محور المقاومة في اليمن ولبنان والعراق وبإنسانية كُـلّ الشعوب العالمية الحرة، تم إعادة صياغتها أَيْـضاً بدموية وإجرام الصهاينة والأمريكان والبريطانيين والمنافقين في أمتنا العربية والإسلامية فلم يصل العالم إلى اليوم المِئة إلَّا وقد تغربل ما اختلط فيها وأنتجت لنا ما يلي:-
– ١٠٠ يوم من صمود عسكري جهادي أُسطوري للمجاهدين في غزة لم يشهد له التاريخ مثيلاً فأثبت ذلك الصمود والانتصار رؤية القرآن الكريم (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ) والفئة هنا تعني الفئة البشرية والعتاد العسكري والمال والإعلام والأنظمة وغيرها.
– ١٠٠ يوم من صبر أبناء غزة في أرضهم ومنازلهم رغم تساقط أحجار وأسمنت منازلهم فوق رؤوسهم مختلطة بأصوات وَبارود الصواريخ والقنابل فوق رؤوسهم التي أثبتت أَيْـضاً أن قوة الصبر والصمود تعطي للرأس هذا صلابة أقوى من صلابة من يسقط فوقها.
– ١٠٠ يوم من تنكيل المجاهدين بالعدوّ الصهيوني الأمريكي البريطاني الفرنسي الألماني ومن معهم من منافقي العرب على رأسهم البحريني الإماراتي فينبعث من تراب غزة من خلقه الله من التراب ليصبح صواريخ ومسيّرات تسير إلى العدوّ رغم سعي الصهيوني لتحويل هؤلاء المجاهدين إلى تراب تمتزج بتراب أرضهم فيتحول التراب إلى برداً وسلاماً وإعادة تكوين وتشكيل لهم.
– ١٠٠ يوم من إعادة صياغة مفهوم القيام بالمسؤولية فوق ما تم تحديده من قدرة وإمْكَانية قدمها لنا كوادر غزة الطبية والأمنية والإعلامية والتعليمية وبقية الخدمات الأُخرى لا يمكن أن نرى ذلك في أية دولة أُخرى حتى لو امتلكت ثروات الأرض وإمْكَانياتها وهي تتعرض لنصف ما تعرضت له غزة في ١٠٠ يوم.
– ١٠٠ يوم من البعث السابق للبعث الأعظم يوم القيامة، حَيثُ بعثت نفخة صور غزة الحياة في نفوس شعوب الأرض باختلاف ألوانهم وأجناسهم وجغرافيتهم وألسنتم وأفكارهم وثقافاتهم فتحَرّكوا بإنسانيتهم تضامناً مع غزة ولم يبق ميتاً إلَّا ميت الشعور والإنسانية من هم أضل من الأنعام.
– ١٠٠ يوم من التحَرّك المساند والمساعد والمتضامن مع غزة من قبل الأحياء العظماء في محور المقاومة في اليمن ولبنان والعراق ضد الكيان الصهيوني وأمريكا فتم إغلاق البحر الأحمر عن الصهاينة وإغلاق شمال فلسطين المحتلّة أمام الصهاينة وتم إغلاق قواعد أمريكية في العراق وسوريا فأحيت ملاجئ الصهاينة بالبشر أكثر من حياة الأدوار العليا لمنازلهم فاختلطت وامتزجت دماء اليمنيين واللبنانيين والعراقيين وأشلائهم بدماء وأشلاء الفلسطينيين في أعز وأشرف وأرقى اختلاط يريده خالق الدماء والأجساد ومعيدهن خلقاً جديدًا.
قابل ذلك جوانب فضح تمثلت في التالي:-
– ١٠٠ يوم من فضح نفسية اليهود الحقيقية القرآنية التي تشرح وتفصل دمويتها وإجرامها وخبثها ونظرتها الدونية لبقية بشر الأرض وليس بشر غزة فقط فأسقطت في ١٠٠ يوم ما يقارب ٦٥ ألف طن من الأسلحة (٦٥ مليون كجم)؛ أي ما يقارب ٣ كجم لكل مواطن غزاوي في إجرام لم يشهد له التاريخ مثيلاً على الإجرام.
– ١٠٠ يوم من فضح هشاشة وأكذوبة الأمم المتحدة ومنظماتها كمجلس الأمن والتي لم تستطع تقديم قطرة ماء (وليس فقط أمن وسلام) لطفل فلسطيني في أكبر فضيحة لهذه المنظمات كفيلة بنسفها نسفاً وسيتم نسفها.
– ١٠٠ يوم من فضح انتماء حكام العرب والمسلمين إلى الإسلام وحقيقة إيمَـانهم بالقرآن وتعبدهم اليومي الذي يتم بثه مباشرةً على قنواتهم وألسنة إعلاميهم وأنهم مُجَـرّد عبيد للبيت الأبيض، الذي اعتبروه قبلتهم الدينية والسياسية والاقتصادية ورأوا فيه أنه من يحييهم ويميتهم ويرزقهم ويفقرهم ويعزهم ويذلهم.
– ١٠٠ يوم من توصيف حقيقي بأن أسلحة الدول العربية التي جمعوها وحشدوها وكدسوها في مخازنهم وجيوشهم التي أنفقوا عليها ترليونات الدولارات في التدريب والتأهيل كلها لا تسمن ولا تغني من ألم ووجع وقهر وأنها فقط لا تتحَرّك إلَّا عندما يتعلق الأمر بتدمير أوطانهم العربية وقتل أبناء بلادهم المسلمين.
– ١٠٠ يوم من أكبر فضيحة لمن وضع نفسه في منابر أول وأشرف وأطهر بيت وضع للناس ومنبر رسول الله ومعظم منابر المسلمين فتساقطت حتى لحاهم أرضاً وظهرت حقيقتها الزنارية (شعر اليهود المميز لهم) وارتفعت أثوابهم أكثر حتى وسط بطونهم ليتعروا أكثر ما بين منافقين منبطحين للحكام الذين هم منبطحون لأمريكا وبريطانيا والصهاينة، وما بين يهود في الحقيقة فاخترقوا مجال علماء المسلمين خدمةً لمشاريعهم الخبيثة.
– مِئة يوم تلاشت فيه كُـلّ مواثيق الأمم المتحدة والقوانين الدولية الإنسانية واتفاقيات جنيف الثلاث وبنود إضافية وغيرها من مجالات يتحدثون فيها عن حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة وأنها كلها لا تتحَرّك وتتفعل إلَّا عندما يتعلق الأمر بالباطل والشر والمثلية والإجرام والدمار والخراب.
– ١٠٠ يوم افتضح أقوى جيش في المنطقة المسمى الجيش الإسرائيلي وأنه أعجز عن الوقوف أمام مجاهد فلسطيني لا يمتلك شيئاً وأن محور قوته متمركز فقط في القصف من آلاف الأمتار من السماء على أطفال لا يمتلكون حتى حفاظات يرتدونها؛ لأَنَّه تم استخدامها من قبل هذا الجيش الكرتوني أَو ما يمكن أن نطلق عليه (نمر من ورق أَو أسد المفرشة).
لو نكتب مِئة مقال ونؤلف مِئة كتاب فلن نعطي إنجازات وإعجازات مِئة يوم من الانتصار الغزاوي العظيم، وكلما يتعلق ويرتبط به والظلم الإجرامي الإرهابي الصهيوني الأمريكي البريطاني وكلما يتعلق ويرتبط به، غير أننا نثق أنه لن تمضيَ مِئة يوم أُخرى إلَّا وقد انتهى هذا الظلم وانتصرت الفئة القليلة على الفئة الكثيرة بإذن الله، وانقلب المبطلون هنالك منكسِرون منهزمون.
والسؤال الأخير بعد ١٠٠ يوم من كُـلّ ذلك، أين كنت أنت في خضم هذه المعركة العسكرية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والمجتمعية والدينية والإنسانية، أين كان موقعك وأين سيكون منذ هذه اللحظة لما سيأتي؟!