صمود وانتصار

مقارعة أئمة الاستكبار في فكر الشهيد القائد وتحرك السيد القائد

الصمود||مقالات|| يوسف الحاضري

من الطبيعي أن نجدَ نُشُوءَ حركاتٍ مقاوِمة ومناهِضةٍ لأي احتلال يجتاحُ أية دولة، والنابِع عن مشروعية التحَرّك ضدهم، وَأَيْـضاً من الطبيعي جِـدًّا أن نرى الجميعَ يتفاعلُ مع مشروع القرآن الكريم عند التمكين للإسلام في الأرض، والنابع من انتفاء أية مخاطر ستواجههم من الأعداء، غير أن العظمةَ كُـلَّ العظمة والثقةَ كُـلَّ الثقة بالله -عز وجلَّ- والوعي الكامل الشامل أن نجد مشروعاً قرآنياً حقاً ينشَأُ في ظل وضع مأساوي كارثي تمُــرُّ به البشريةُ جمعاءُ ونسبة الخطورة عليه كاملة وتامة وتصل إلى ١٠٠٪، وهذا كان أهم ما ميَّز مشروعَ الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- والذي تحَرّك بعد أقل من ثلاثة أشهر من أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، والتي استطاع الأمريكان إخضاع كُـلّ دول العالم وشعوبها بما نتج عن رعب وخوف وقلق وعصا غليظة وغيرها من أحداث نفسية، وفي لحظات يمكن أن نصفَ المتحَرّكين ضد أمريكا بالمتهورين والسذج (إن نظرنا للأمر بمقاييسنا البشرية المادية)، غير أن الشهيدَ القائدَ هو الوحيدُ الذي قال: الموت لأمريكا، في لحظات صرخات الجميع بالحياة لأمريكا والدعم لأمريكا والمساندة لأمريكا والخضوع والخشوع لأمريكا؛ فمن أين جاءت هذه العظمة الحسينية لحفيد الحسين السيد حسين سلام الله عليهما؟

بطبيعة الحال إن نورَ الله بكل ما فيه من قوة وعظمة ورحمة وعدالة وثبات وسلامة وغيرها لا يظهر إلَّا في الظلام، وكلما اشتدت الظلمة اشتد النور وضوحاً وبياناً، وَأَيْـضاً ارتفع منسوب الحاجة إليه للاهتداء والهداية، وهذا ما رآه الشهيد في وقت عمي الجميع عن رؤيته؛ رغم وجود المنهجية القرآنية في أيدي مليار ونصف مليار مسلم في أكثر من ٥٨ دولة إسلامية؛ فكان النور الذي تحَرّك به فتجمعت كُـلّ ثقة القرآن الكريم في قلب هذا الرجل بعد أن خلا منه قلوب بقية المسلمين حكاماً وشعوباً، فلم يخش أحداً غير الله عز وجل، فماذا كانت أهم منطلقات هذه المنهجية؟

معايير ما جاء به كثيرة جِـدًّا سنتطرق لقطرات ماء من بحارها وعلى رأسها التالي:-

– (كُونُواْ أَنْصَارَ اللهِ) كاستجابة لأمر الله القرآني العظيم، وجوانب هذه الاستجابة من خلال تطبيق القرآن جملة وتفصيلاً على كُـلّ جوانب الحياة؛ لذا ما خلت ملزمة من دروس الشهيد من تعزيز هذه الرؤية بأعلى معايير أن يكون الإنسان من أنصار الله في إطار الهُــوِيَّة الإيمَـانية الكاملة الشاملة والتي تبدأ بالإيمَـان بالله حق الإيمَـان وتنتهي بمواجهة أعداء الله، وليس مُجَـرّد مسمى فضفاض للتضليل والانحراف كما يسمي كثير من الضالين المضلين تحَرّكاتهم بمسميات دينية ويكون تحَرّكهم منحرفاً.

– (عين على القرآن وعين على الحدث) وهذا أهم رؤية هذه المنهجية ومعايير التعامل مع كُـلّ الأحداث التي تحدث في الحياة، خَاصَّة بما يرتبط بدول الاستكبار العالمي الذين وصفهم الله بأنهم أشد الناس عداوة للحق، وأنهم مُستمرّون في السعي للإضلال والفساد، وعلينا أن ننظُرَ لكل تحَرّك يتحَرّكونه بمنظار القرآن الكريم، وهي النظرة الفاصلة التي لا هزل فيها والنظرة التي أخضعت كُـلَّ مخلوقات الله له وعلى رأسها الجن الذين ما لبثوا، إذ سمعوه حتى قالوا: (إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً).

وهذه النظرة ستحمينا من أن نزيغَ أَو نسقُطَ في التضليل الأمريكي الصهيوني الذين يستخدمون أشدَّ وأوسع وأخطر الوسائل في ذلك؛ لذا كان الشهيدُ القائد أولَ وأسرعَ من فضح تضليل أبراج نيويورك وتدميرهن وبكل سهولة بل وفضح أهدافهم وكلّ من تخندق معهم.

– (إن خلفَ القرآن من أنزل القرآن) وهي نظرةٌ تثبيتية وتعطي النفوس والقلوب قوةً لا يمكن أن تتزحزحَ حتى لو تزحزحت الجبالُ أمام قوى الأعداء؛ حيث إننا ننظر لوعود القرآن ونرجع للنظر إلى من أنزل القرآن فنثق بتحقّقها ووعوده الأرقى والأعظم، وبهذه الرؤية أَيْـضاً يتلاشى أمامها كُـلّ أُطروحات التخويف والإرجاف والإذلال التي مارسها ويمارسها سلاطين الدول العربية على شعوبها في سبيل إخضاعهم لقوى الطاغوت والجبروت.

– (لا عذر للجميع أمام الله) وهذه نظرة التحَرّك بمسؤولية كاملة وشاملة في الاضطلاع بالأدوار والمسؤوليات العظيمة التي وضعها الله عز وجل على البشرية عندما استخلفهم في الأرض، وأمام (لا عذر) أي انتفاء استخدام حروف وكلمات التثبيط والمتمثلة في (صحيح ولكن) وَ(أؤيدك بس) وَغيرها من جدر يستخدمها أصحاب الوعي الهش في تعاملهم مع وعود الله عز وجل، بل يجب أن تكون المسؤولية كاملة وشاملة ومُستمرّة لا تنتهي إلَّا بلقاء الله عز وجل.

هذه المنطلقات وغيرها الكثير والكثير أسست لهذه المسيرة القرآنية في اليمن أسساً عميقة ثابتة راسخة واسعة شاملة تحَرّك بها أخوه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- تحَرّكاً متناسباً تناسباً كليًّا مع المنهجية القرآنية العظيمة جاءت ثمارها تباعاً وتباعاً نذكر منها ما هو اليوم مرتبط بالأحداث التاريخية المفصلية للأُمَّـة في أرض فلسطين سواء بعملية “طُـوفان الأقصى” أَو حرب الإبادة الإجرامية التي يمارسها الصهاينة ضد أبناء غزة وأهم نتائج هذه المسيرة القرآنية التي جاء بها الشهيد القائد ما يلي:-

– عندما بدأت حرب الإبادة الصهيونية كانت اليمن قد أعدت خلال سنين سابقة أسلحة طويلة المدى رغم الظروف التي تمر بها اليمن فاستطعنا بالله -عز وجل- أن نقصف الأراضي الفلسطينية المحتلّة بصواريخ ومسيَّرات ذات مديات تتجاوز الـ٢٤٠٠ كم؛ أي أن هناك رغبةً مسبقةً في هذه العملية؛ لذا جاء الإعدادُ مطابقاً للرغبة فلم تكن أمنيات تبعها نوم وتكاسل (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)، والمسيرة القرآنية أرادت الخروج لذا جاء الإعداد مطابقاً للإرادَة القرآنية العظيمة.

– جاء الإعداد أَيْـضاً في معركة البحار والخلجان والمضايق خَاصَّة البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن ومضيق باب المندب بأسلحة وتدريبات نوعية مناسبة ممتلئةٍ بالإيمَـان قبل ملئها بارودًا ومتفجراتٍ؛ فاستطعنا ببساطة الإمْكَانيات وعظمة الإعداد أن نغلق الموانئ الصهيونية والتصدي للبوارج الحربية الأضخم والأشد على الإطلاق التابعة للأمريكان ولبريطانيا رأسا الشر في الأرض؛ فعذَّب اللهُ بأيدينا أعداءَه وأعداءنا في الكيان الصهيوني عذاباً اقتصاديًّا، وفي أمريكا وبريطانيا عذاباً عسكريًّا ونفسياً وإعلامياً وسياسيًّا وإنسانياً (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ).

– لم يكن هذا الإعداد العسكري الإيمَـاني في منأىً عن الإعداد النفسي الإيمَـاني للشعب اليمني والذي استند في هذا الإعداد على منهجية الشهيد القائد في ملازمة القرآنية والتي أصبحت هذه النفوس اليمانية الإيمَـانية منيعة أمام كُـلّ التخويف والترغيب والترهيب الأمريكي البريطاني، وهذا أحد أركان النصر الذي أهتم به الشهيد القائد وترجمه على الأرض السيد القائد خَاصَّة في الخمسة الأركان الهامة للنصر، والتي جاء بها وشدّد عليها الشهيد القائد -رضوان الله عليه- وأنتجها ثم فعلها السيد القائد والمتمثلة في (المنهجية القرآنية -القيادة القرآنية -الجيش القرآني -العلماء القرآنيون -الشعب القرآني) فتكامل هذه الأركان أنتج نصراً ثم فتحاً ثم تمكيناً ثم نور رحمة يعم العالم أجمع، وهذه وعود الله ونحن نثق به حق الثقة، وكلّ ذلك محصول بسيط مما زرعه الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي سلام الله عليه.