“اتفاق الإطار”.. فصائل المقاومة الفلسطينية تقول كلمتها وتطرح شروطها والعدو الصهيوني يدرس التفاصيل بدقة وتمُعن
الصمود| غزة
وفي هذا السياق كشف مكتب رئيس وزراء الكيان الغاصب بنيامين نتنياهو في بيان له صدر الليلة الماضية: بأن المسؤولين الصهاينة المشاركين في المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى هدنة جديدة في حرب غزة يدرسون رد حماس على اتفاق إطار لها.
وقال البيان: “رد حماس نقله الوسيط القطري إلى (جهاز المخابرات الصهيوني) “الموساد”.. والمسؤولون المشاركون في المفاوضات يعكفون على تقييم تفاصيله بدقة”.
فيما نقلت القناة 12 الصهيونية عن مصادر مطلعة على المفاوضات، قولها: إن الكيان الصهيوني يدرس الآن الرد الذي جاء من حماس عبر مصر وقطر في وثيقة مفصَّلة تشير فيها إلى جميع بنود المقترح.. مضيفة: “نحن ندرس التفاصيل ونتحقق مما إذا كان من الممكن المضي قدمًا نحو الاتفاق وكيفية القيام بذلك”.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس، قد أعلنت مساء الثلاثاء، أنها قدمت ردها حول اتفاق الإطار إلى مصر وقطر، وذلك بعد إنجاز التشاور القيادي في الحركة، ومع فصائل المقاومة.
وقالت الحركة في بيان لها نشرته عبر تليغرام، الليلة الماضية: “قامت حركة حماس قبل قليل، بتسليم ردها حول اتفاق الإطار للإخوة في قطر ومصر، وذلك بعد إنجاز التشاور القيادي في الحركة، ومع فصائل المقاومة”.
وأضاف البيان: “لقد تعاملت الحركة مع المقترح بروح إيجابية، بما يضمن وقف إطلاق النار الشامل والتام، وإنهاء العدوان على الشعب الفلسطيني، وبما يضمن الإغاثة والإيواء والإعمار، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإنجاز عملية تبادل للأسرى”.
وثمنت الحركة في بيانها، بدور مصر وقطر وكل الدول التي تسعى إلى وقف العدوان الغاشم على الشعب الفلسطيني، وحيت الشعب الفلسطيني وصموده الأسطوري ومقاومته الباسلة، خاصة في قطاع غزة.. مؤكدة أنها مع جميع القوى والفصائل الوطنية ماضون في الدفاع عن أبناء فلسطين على طريق إنهاء الاحتلال، وإنجاز حقوقه الوطنية المشروعة في أرضه ومقدساته.
وأكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أنهم تسلموا ردا من حركة “حماس” بشأن الاتفاق الإطاري، يتضمن ملاحظات للحركة، وأن الرد في مجمله إيجابي.. مشيراً إلى أن رد حركة حماس يبعث على التفاؤل، وأنه لن يخوض في التفاصيل الآن لحساسية المرحلة.
وسرّبت وسائل اعلام العدو الصهيوني ووسائل إعلام فلسطينية ودولية الخطوط العريضة لـ”اتفاق الإطار” التفاوضي، بحسب وصف البيت الأبيض، والذي تمّ التوصّل إليه في باريس.
وفي تفاصيل الاتفاق الذي نشرته مصادر إعلامية فلسطينية اليوم الأربعاء، وفقاً لما جاء في رد حركة “حماس” على مقترح إطار اتفاق التهدئة في غزة والذي قدمته للوسطاء.. أفادت المصادر بأن حماس وافقت على إطار اتفاق للتوصل إلى هدنة تامة ومستدامة على ثلاث مراحل، تستمر كل مرحلة 45 يوما وتشمل التوافق على تبادل الأسرى وجثامين الموتى وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار.
وطالبت حركة حماس، أن يتم الانتهاء من مباحثات التهدئة التامة قبل بدء المرحلة الثانية وضمان خروج القوات الصهيونية خارج حدود القطاع وبدء عملية الإعمار.
وأضافت حماس على المقترح المقدم ملحقا مُفصلا بخطوات تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق واشترطت أن يكون جزءا منه.
وذكرت المصادر ذاتها، أن حماس عرضت في المرحلة الأولى إطلاق سراح المحتجزين الصهاينة من النساء والأطفال والمسنين والمرضى مقابل 1500 أسير بينهم 500 من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، إضافة إلى جميع النساء والأطفال وكبار السن في سجون العدو الصهيوني.
كما اشترطت حركة حماس إدخال ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميا من المساعدات والوقود إلى كافة مناطق قطاع غزة خلال المرحلة الأولى.. وطالبت أيضا بعودة النازحين إلى أماكن سكناهم وضمان حرية الحركة بين شمال وجنوب القطاع وفتح المعابر.
واشتمل رد حماس أيضاً على ضرورة الموافقة على إدخال ما لا يقل عن 60 ألف مسكن مؤقت و200 ألف خيمة إيواء إلى القطاع خلال المرحلة الأولى، إضافة إلى إقرار خطة إعمار البيوت والمنشآت الاقتصادية والمرافق العامة التي دمرت، خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
وطالبت حماس بوقف اقتحام المستوطنين الصهاينة للأقصى وعودة الأوضاع في المسجد الأقصى إلى ما قبل 2002.. كما طالبت بأن تكون قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وروسيا ضامنة لتنفيذ الاتفاق.
فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة أكدت أنّ الردّ على “اتفاق الإطار” جاء بالتشاور بين الأطر القيادية للفصائل.. مشيرة إلى أنّ المقاومة أدخلت لورقة باريس المبادئَ الأساسية التي تمسكت بها.
فيما شدد الخبير العسكري والاستراتيجي، الدكتور نضال أبو زيد، على أن الاستراتيجية الصهيونية في الحرب على غزة قامت على ثلاث نقاط رئيسة؛ الردع والانذار المبكر والحسم السريع، وذلك بعدما نجحت المقاومة الفلسطينية بتجريد العدو من الردع في السابع من أكتوبر وكسر نظرية الإنذار المبكر وجرّت العدو لقتال شرس طويل تجاوز (122) يوما لغاية الآن.
وقال أبو زيد في حديث صحفي لموقع “الأردن 24”: “إن المعطيات الحالية التي تكشفها العمليات في قطاع غزة تؤكد أن طرفي المعادلة يريد أن يفرض أكبر قدر من الضغط على الآخر من أجل فرض إرادته في مفاوضات صفقة التبادل”.. مشيرا إلى أن المقاومة تحقق نجاحات ميدانية تتجسد في إعادة التمدد في المناطق التي انسحب منها العدو.
وأضاف: إن “الواقع الميداني يؤكد أن المقاومة مازالت قادرة على إيقاع الخسائر بقوات العدو وفرض شروطها، فيما المؤشرات تدلّ على أن العدو مرتبك ويريد أي تنازل من المقاومة عن شروطها التي تصرّ عليها وعلى رأسها وقف إطلاق النار”.
وأوضح أن المسار السياسي متعلق بالمسار الميداني، ولذلك العدو الصهيوني يتعنت بالموافقة على شروط المقاومة، إلا أن الراعي الإقليمي والدولي للمبادرة السياسية يريد الخروج بصيغة لا تُحرج الكيان المُحتل على الأقل أمام الشارع الصهيوني وتخرجه بصيغة أقل حدة من الظهور بمظهر المهزوم.
هذا وقد أظهرت قيادة حركة حماس قوة وحنكة وبُعد نظر في التعامل مع كيان العدو الصهيوني، وكسرت إرادته وجعلته يغُير توجهاته ويرضخ ويستجيب لشروطها.
وأثبتت معركة “طوفان الأقصى” المباركة في السابع من أكتوبر الماضي أن العدو الصهيوني فشل استخبارياً وأمنياً في التنبؤ بالقدرات العملياتية لحركة المقاومة الإسلامية حماس وفصائلها المسلحة.
وصرّح ساسة وقادة العدو على مدى أيام التوغل البري الهمجي في غزة، برفض الهُدن الإنسانية ووقف القتال؛ لعدم منح حماس والفصائل المسلحة التابعة لها أي فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم صفوفها.
ويؤكد خبراء سياسيون وعسكريون أن نتنياهو وحكومته المتطرفة لن يتمكنوا أبداً من إطلاق سراح الأسرى الموجودين في قبضة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة من دون تقديم تنازلات، وإنْ واصلوا عملياتهم العسكرية لتحقيق مزيدٍ من الضغط، فإنّ خسائرهم ستكون في ازدياد، وسيرضخون أخيراً لطلبات حماس وقيادتها.
وأراد العدو الصهيوني فرض شروطه للتفاوض بخصوص شروط الهدنة من موقف القوي المنتصر، بإدامة زخم عملياته الوحشية على جميع مناطق القطاع وسكانه المدنيين، وانتزاع مزيدٍ من التنازلات من قيادة حركة حماس، من وجهة نظرها؛ لكسر الإرادة السياسية للحركة، لكن بلا جدوى.
وقرّرت قيادة حماس فرض شروطها من موقع القوي وعدم الانصياع لإملاءات الجانب الصهيوني، فأظهرت موقفاً صلباً لفرض شروطها وأجبرت -عبر الوسطاء- الجانب الصهيوني على قبول شروط الحركة، وأن تكون صياغة اتفاق الهدنة وفق رؤيتها ومحدداتها، وليس الرؤية الصهيونية أو الأمريكية.
الجدير ذكره أن حركة “حماس” نجحت في تحطيم الروح المعنوية للعدو الصهيوني، وتجديد بث روح الجهاد في المجتمعات العربية والإسلامية، وتعزيز مسيرة الكفاح الفلسطيني في الواجهة العالمية من أجل إقامة دولته المستقلة، ولن ينعم العدو الصهيوني بالأمن والسلام أبداً، بسبب ما زرعه من بذور الحقد والكراهية والغضب في المنطقة.