زمن الشرعنة الأمريكية العبرية للعرب انتهى
الصمود||مقالات|| مطهر الأشموري
عندما هبّت أطراف تمثل أنظمة عربية هي قطر ومصر والأردن، تبادر إلى ذهني تحول الجامعة العربية إلى رباعية وثلاثية بعد أول ” كامب ديفيد “، ومن تحول الجامعة العربية إلى ” أمركة “، وذلك تجسد في بيان صاغته أمريكا للجامعة العربية في قمة شرم الشيخ، وكل المطلوب من زعماء القمة مجرد تصويت على بيان أمريكي بنعم أو لا..
الأطراف العربية ذهبت إلى ما يسمى ملتقى باريس للتطبيع مع إسرائيل وأمريكا والرأس والرئيس ما سُميت ” ورقة باريس”..
كنت أردت وقتها أن أكتب في ذات الذي بدأت به، ولكني تراجعت أو تريثت على افتراض تغيير ومتغير من ناحية، ومن أخرى فالحدث والحديث من المنطلق الباريسي وقد يسبق ما كتبته في النشر..
وهو ما تسارع كحدث وحديث، حيث طرح مقترح أو ورقة باريس على الفلسطينيين الذين قدموا ورقة مقابلة موضوعية وواقعية..
لقد ضحكت من ” نتنياهو ” ليس فقط لرفضه الورقة الفلسطينية، ولكن لقوله ” نحن لا نتفاوض إلا على أساس ورقة باريس”..
هذا ببساطة يؤكد أن الأطراف العربية التي ذهبت إلى باريس لإعطاء مشروعية عربية لهذا الطرح من قبل ” نتنياهو “..
ما حدث في باريس هو قمة عربية مصّغرة، وحيث لم تتحول الجامعة العربية إلى جامعة مؤمركة بل جامعة ” عبرية “، ولم يعد يوجد فهم أو تفسير غير ذلك من منظور ” التفعيل ” وتصريح نتنياهو يؤكد عبرية الجامعة التي كانت تسمى ” عربية “..
لقد أرادوا وضع خطوط عريضة تقييدية للمقاومة ولم يترك لها إلا هوامش لتبصم، على طريقة شرم الشيخ ، وما لم تعمل فهي المقاومة – وليس العربان – من تعطي مشروعية لمزيد من الإبادة والجرائم لحكومة التطرف في الكيان الصهيوني..
في ميثاق الجامعة لا تكون قرارات القمة إلا من خلال قادة الدول، ولكنها بوقع الأمركة ربطاً بالعبرية أصدرت أهم القرارات في تاريخ الجامعة كإعطاء مشروعية أو غطاء عربي للتدخل في ليبيا وتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية من خلال اجتماع لوزراء الخارجية الذين هم مجرد سكرتارية تُعِدَ للقمم ولا تصدر قرارات قممية..
العرب كأنظمة لم يتوحدوا ضد إسرائيل أو غيرها، ولم يحاربوا إسرائيل أو غيرها كما توحدوا ضد اليمن وكما حاربوا الشعب اليمني في عدوان هو انحطاط اللاعروبة وأسموه ” التحالف العربي “..
بداهة المنطق أن تدعى فلسطين المقاومة لمفاوضات لتقبل بما يمكنها قبوله من خلال هذه المفاوضات، وبالتالي من حقها رفض ما أسس من غيرها في باريس كأمر واقع، وإذا كان أي من العرب قبل دور الأداة والمطية أمريكياً وحتى إسرائيل ففلسطين المقاومة ومحور المقاومة وللمتطرف المتجبح والأرعن ” نتنياهو ” أن يرتكب المزيد من الإجرام والإبادة الجماعية لأنه لم يعد لدى الشعب الفلسطيني ما يخاف عليه، وهذا ما حدث في اليمن خلال تسع سنوات من العدوان وهو في ارتباط عضوي بالعدوان الأمريكي البريطاني، وهو ما كان كذلك مع حاجية لتغيير المسمى أو التسمية..
إنني بهذا الطرح لا أهاجم ولا حتى أهجو أنظمة عربية، ولكنه أدنى ما يوجبه الدفاع عن فلسطين الشعب والقضية، لأن المفترض أنه حتى مسمى نظام عربي وأنظمة عربية يجبر هؤلاء للحفاظ على أدنى حد من الحياء أو حتى ” حمرة خجل ” ولا يقبلوا انبطاحاً علنياً ومعلناً لمنح نتنياهو إبادة الشعب الفلسطيني من شرعنتهم الأمريكية والعبرية التي بها يباهي ويتباهى..
إذا هؤلاء لا يريدون لأسبابهم أياً كانت أن يفيدوا فلسطين الشعب والقضية، فنحن أصبحنا نطلب منهم أن لا يكونوا شركاء في العدوان عليه بالمباشرة أو بدونها، وكل ما أرادوه مما سميت ورقة باريس، الشرعية للمزيد من جرائم الإبادة ولا شيء غير ذلك يمكن أن يستشف أو يُفهم..
لقد طرحت وأكدت أنه ليس من مصلحة محور المقاومة السير في خلافات حتى سياسية أو إعلامية مع أنظمة عربية، ولعل هذا الهدف أمريكياً وإسرائيلياً من ملتقى وورقة باريس، لأنهم يدركون أن تفعيل أي شرعية أو مشروعية من أمركة وصهينة مسألة تجاوزها الزمن والواقع..
لذلك لازلت عند هذه القناعة، ولكننا نحتاج إلى سقف وصحوة لدى الأنظمة وبذات معيار مصالحه المفترضة من خلال أمركة أو صهينة أو غيرها..
فاستمرار هذا الغي والتخبط ربطاً بأمريكا وإسرائيل لا يكفي أن يظل طرف واحد يحتويه ويتحمله، والمفترض وجود سقف عقلانية وتعقل من هذه الأنظمة وحالة إسرائيل أمام المقاومة وحتى أمريكا في البحر الأحمر لا يعطي حداً أدنى من ثقة حماية أمريكية أو إسرائيلية لأي أحد وتوضيح الواضح عبث..
باختصار، لقد رفضت المقاومة ورقة باريس أو قدمت ورقة بديلة ” سيان “، فهل المعطى والبديل هو تصريح نتنياهو ربطاً بشرعنتكم أو التهديد باجتياح رفح؟..
ما الذي سيفضي إليه ذلك في ظل واقع صراعي ومتغيرات ساخنة وكاسحة، أثق أنكم عنها تعرفون أكثر مما يعرفه مثلي؟..
هل كل هذه الدماء والدمار الواقع بالشعب الفلسطيني هو من أجل وصول إلى شرعنه أمريكية إسرائيلية بتواطؤ عربي معلن؟..
لعلي أرى أن سقف التعايش والسلمية في منطقتنا هو الخيار الواعي والمستقبلي لمن يتفق أو يختلف مع أنظمة وشرط ذلك تجسيده في الأفعال والتفعيل، وبالتالي فإنه حتى مع المواقف المرنة للمقاومة في التفاعل حتى الإشادة بنظام أو أنظمة عربية كما قطر ومصر مثلاً، ولكنني لا أرى حاجية تستحق لحضور ملتقى باريس ومعطى ذلك ليس أكثر من سخف ومسخ فيه من الدناءة ما لا يحتاج إليه..
إن كان هذا قسوة فمن اجتهاد شخصي للحفاظ على هذا التعايش الذي يرتسم، وربما تحسباً من تفعيل أمريكي إسرائيلي خالٍ من حسن النوايا تجاه المنطقة كأنظمة ومحور مقاومة..!!.