كيف استقبل اليمنيون قرار تصنيفهم بالإرهابيين؟ وكيف ردت قيادتهم الثورية والسياسية على هذا القرار؟ وما هي تداعيات وتأثير هذا القرار على البلاد وفي موقف اليمن تجاه القضية الفلسطينية؟
كيف استقبل اليمنيون قرار تصنيفهم بالإرهابيين؟ وكيف ردت قيادتهم الثورية والسياسية على هذا القرار؟ وما هي تداعيات وتأثير هذا القرار على البلاد وفي موقف اليمن تجاه القضية الفلسطينية؟
الصمود||تقرير|| أحمد السعيدي
التصنيف ضد اليمن خطوة بائسة لتخفيف الضغط عن الكيان الصهيوني
دائماً عندما يعجز النظام الأمريكي عن استهداف خصومه في مواجهة مباشرة يلجأ إلى استخدام الوسائل السياسية والاقتصادية ، والتي في مقدمتها التصنيف في ما تسميه بقائمة «الإرهاب»، وذلك بقصد إيجاد المبرر أمام العالم لارتكاب الجرائم ضد هذه الشعوب التي ترفض أن تكون خاضعة لقوى الاستكبار العالمي، ومن هذه الشعوب الشعب اليمني الذي أعلنت واشنطن تصنيفه بالإرهابي بعد العجز عن إيقافه عسكرياً وسياسياً وفشلها في محاولة ثنيهم عن إيقاف الهجمات التي تشنها قواتنا المسلحة ضد السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى موانئ الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى فك الحصار عن غزة وإدخال الغذاء والدواء، كما أعلنها سابقاً قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي…
كيف استقبل اليمنيون قرار تصنيفهم بالإرهابيين؟ وكيف ردت قيادتهم الثورية والسياسية على هذا القرار؟ وما هي تداعيات وتأثير هذا القرار على البلاد وفي موقف اليمن تجاه القضية الفلسطينية؟…كل هذا في السطور القادمة:
قرار التصنيف الجديد الذي أقرته إدارة بايدن يوم 17 يناير من العام الحالي، ربما لا يتعدى كونه أحد الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليمنيين لمحاولة ثنيهم عن قرارهم بمنع مرور السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ المحتلة، وهذا ما ألمح إليه مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الذي قال إن «التصنيف سيسري خلال 30 يوماً لمنحنا الوقت لتقليل آثار هذا القرار على الشعب اليمني، وأوضح أنه إذا أوقفت صنعاء هجماتها في البحر الأحمر، فإن واشنطن ستدرس رفع هذا التصنيف».
وفور إعلان هذا القرار قالت قيادتنا الثورية ردها المباشر بمواصلة العمليات البحرية، وأكد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، أن أمريكا هي منبع الإرهاب والإجرام والطغيان، وأن الأمريكي لا يمتلك الآلية ليصنف الآخرين بأي تصنيف، لأنه في وضعية لا إنسانية ولا أخلاقية ولا يمتلك شيئاً من القيم، وعدّ هذه الخطوة بأنها تأتي في سياق حماية الإجرام الصهيوني فقط، مشيراً إلى أن اعتداءاته وغاراته وتصنيفاته ليس لها أي أهمية، ولا قلق منها ولا من تبعاتها.
تصنيف أخف
كما أن التصنيف الذي اعتمدته إدارة بايدن أخف من التصنيف الذي اعتمدته إدارة ترامب في العام 2021م، والفرق بينهما أن تصنيف إدارة ترامب كان تحت مسمى «منظمة إرهابية أجنبية»، وتعني منع أي تعاملات مالية مع المصنف وأي نشاطات داعمة لهم، ومعاقبة أي دول أو كيانات تتعامل معهم، وتوجه تهما جنائية لمن يرفع شعاراتهم أو يعلن تأييده لهم من داخل الأراضي الأمريكية، حتى لو بمشاركة في الفيس أو تغريدات في تويتر سابقاً.
أما الفئة التي أعلنتها إدارة بايدن فهي تحت مسمى «كيان إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص» وإجراءاتها مخففة، فهي تتيح تقديم الدعم الإنساني، وتعاقب فقط المنظمة بإجراءات محددة، مثل: عرقلة وتقييد نشاطهم المالي وتطبيق إجراءات إنسانية استثنائية، حسبما ذكر مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان حيث أوضح في بيان صادر عن البيت الأبيض، أن التصنيف هو «أداة مهمة لقطع تمويل قيادة صنعاء، وتقييد وصولهم إلى الأسواق المالية، ومحاسبتهم على أفعالهم».
ولكن مع ذلك يبقى التصنيف تعبيراً عدائياً واضحاً من قبل أمريكا تجاه اليمن بسبب عملياته المساندة للشعب الفلسطيني والهادفة لرفع العدوان وفك الحصار عن غزة.
رد يمني رسمي
القرار الأمريكي لاقى استنكاراً شعبياً كبيراً حيث اعتبره المواطنون وسام شرف عظيماً ما دام المبرر هو الجهاد الواجب مع الأشقاء الفلسطينيين الذين تخلى عنهم القريب والبعيد من الدول العربية والإسلامية، ومن المستوى الشعبي إلى المستوى الرسمي، حيث أكد ناطق أنصار الله – رئيس الوفد الوطني اليمني المفاوض، محمد عبد السلام، أن قرار تصنيف المدافعين عن قضايا الأمة الإسلامية بما يسمى «الإرهاب» يعكس جانباً من نفاق أمريكا المكشوف والمفضوح، وأن أمريكا تريد الإضرار باليمن دعماً لإسرائيل وتشجيعاً لها على مواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لافتاً إلى أن اليمن لن يتراجع في موقفه المبدئي والإيماني والإنساني المساند لغزة، وأوضح أن أمريكا هي من تشجع وتدعم وتساند الإرهاب العالمي بدعمها إسرائيل، ومجيئها إلى بحارنا والاعتداء على أراضينا، ولسنا نحن من ذهب إلى شواطئها وسواحلها، ولفت إلى أن أمريكا وإن كانت قد ألِفت واعتادت على استكانة عدد من الأنظمة لسياستها الاستعلائية والإرهابية فذلك لن يكون لها مع اليمن، وهو مستمرٌ في إسناد غزة بكل الوسائل المتاحة، ومستمرٌ في منع السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي ويرفع الحصار عن غزة.
من جانبها أكدت وزارة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبر نائب الوزير حسين العزي، أن التصنيف هذا سيؤدي لإطالة أمد الحرب مع أمريكا ما يعني عدم توقف الحرب بمجرد وقف العدوان الإسرائيلي لكنها في كل الأحوال لن تكون حربا عابرة للأجيال كحربنا مثلا مع العثمانيين التي استمرت 300 سنة متصلة لأنه لم يتبق من عمر أمريكا إلا القليل وبالتالي لن تتجاوز15عاما كحد أقصى.
تداعيات التصنيف
بينما رأى محللون عرب أن اعتماد هذا القرار من قبل إدارة بايدن ستكون له تداعيات سلبية على عملية السلام بين صنعاء والرياض، وربما خفض التصعيد القائم بين الطرفين سيتلاشى وينتهي، وهو ما ألمّح له المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن؛ تيموثي ليندركينغ، الذي اعتبر «التصعيد الأخير في البحر الأحمر وباب المندب وما تبعه من قرار تصنيف قيادة صنعاء بالإرهاب، ليس في صالح تحقيق السلام في اليمن»، ما يعني أن واشنطن ستتجه نحو التصعيد وستكون الرياض في مأزق حقيقي فهي تسعى بكل جهد للخروج من المستنقع اليمني والتفرغ لسياساتها الاقتصادية الداخلية أو ما يسميها محمد بن سلمان برؤية 2030م، بينما يرى آخرون أن الخطوة الأمريكية بإعادة تصنيف قيادة صنعاء يأتي في وقت غير مناسب للمنطقة العربية التي تشهد حرب إبادة بحق الشعب الفلسطيني وكذلك مشروع السلام في اليمن»، مؤكدين أن هذا التصنيف لا يخدم سوى أمريكا وكفيل بإشعال الصراع بشكل أوسع في المنطقة.
تحديات إنسانية
وفي ما يخص تداعيات هذا القرار على الوضع الاقتصادي وما يترتب عليه من أزمة إنسانية في اليمن، فقد اعتبر المجلس السياسي الأعلى والمكتب السياسي لأنصار الله ومعهم خبراء اقتصاديون، أن من أهداف هذا القرار هو مواصلة الحصار الاقتصادي المفروض على اليمن منذ ما يقارب عشرة أعوام بقصد زيادة الوضع تعقيداً لتعيش اليمن أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ورغم أن هذا القرار جاء ليفاقم المأساة ويضع ملايين من اليمنيين على حافة المجاعة، إلا أن موقفهم ثابت وراسخ رسوخ الجبال في مساندة إخوانهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذين يتعرضون لأبشع المجازر الوحشية اليومية على يد الكيان الصهيوني الغاصب الذي يقتلهم بالقصف والتجويع ولا يهتم بمنظمات دولية أو محاكم عالمية.
الرد الثابت
ولعل خروج اليمنيين في الساحات كل جمعة لمناصرة فلسطين هو الرد الثابت الذي لن يتزحزح لقرار أمريكا الفاشل والذي وضعه الملايين من الأحرار تحت أقدامهم غير مبالين بفزاعة أمريكا وكل الوسائل التي تستخدمها لخدمة الكيان الصهيوني المحتل، فهم قد أعلنوا التفويض الكامل والمطلق لقائد المسيرة القرآنية السيد عبد الملك الحوثي، ليمضي بهم حيث أراد حتى لو كان الفناء مصيرهم جميعاً.