توسيع العمليات إلى المحيط الهندي .. الدخول إلى مرحلة الردع الاستراتيجي القوي
الصمود||
فاجأ السيد القائد عبد الملك الحوثي -يحفظه الله كل المتابعين بتوسيع عمليات القوات المسلحة اليمنية ضد السفن الصهيونية لتشمل حتى رأس الرجاء الصالح في المحيط الهندي.
وقال السيد القائد: “نتجه بتوفيق الله إلى منع عبور السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي حتى عبر المحيط الهندي ومن جنوب أفريقيا باتجاه طريق الرجاء الصالح، مؤكداً بقوله: “بدأنا ننفذ عملياتنا المرتبطة بها عبر المحيط الهندي ومن جنوب أفريقيا باتجاه طريق الرجاء الصالح”.
وبالتزامن مع هذا الإعلان للسيد القائد أكدت القوات المسلحة اليمنية، في بيان لها الجمعة ضرب ثلاث سفن أمريكية وصهيونية أخرى في المحيط الهندي، وحظر الملاحة الصهيونية في المحيط الهندي، إلى جانب ضرب سفينة صهيونية ومدمرة أمريكية في البحر الأحمر.
ولاقى هذا الإعلان أصداء واسعة عبر وسائل الإعلام العربية والدولية، ومن خلال منشورات الناشطين والمثقفين العرب والأجانب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصف رئيس تحرير صحيفة رأي اليوم الفلسطيني عبد الباري عطوان هذه الخطوة بأنها “إعلان حرب” لا تقدم عليه إلا دولة عظمى نووية.
ودعا في تغريدة له على منصة اكس المرابطين في القدس وغزة بأن يزدادوا ثقة بأنهم ليسوا وحدهم بعد خطاب السيد عبد الملك الحوثي الذي تعهد فيه بتوسيع دائرة الحرب على دولة الاحتلال وإغلاق المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح في وجه السفن الصهيونية.
قرار استراتيجي نوعي
ويصف الكاتب والمحلل السياسي زيد الغرسي هذا الإعلان بأنه “قرار استراتيجي ونوعي” لم يتوقعه الأصدقاء والأعداء، وأنه يؤكد على تطور القدرات اليمنية في فترة وجيزة.
وأوضح في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي أن لهذا القرار تداعيات كبيرة على مستوى المنطقة والعالم، كزيادة الضغط على كيان العدو من خلال اطباق الحصار عليه، فالطرق البديلة أصبحت مغلقة أمام سفنه، وهو ما سيترتب عليه من زلزال اقتصادي على مستوى العالم وكل ما هو مرتبط بكيان العدو اقتصادياً من شركات شحن وغيرها، حيث سيسعى لفك الارتباط والتخلي عنه.
ويضيف: “وهذا بدوره سيؤدي إلى زيادة الخسائر الاقتصادية لكيان العدو وعزل اقتصاده عالمياً، مؤكداً أن هذه خطوة استراتيجية كبيرة ستغير مسار المعركة في غزة والمنطقة بشكل لم يتوقعه الأمريكي والاسرائيلي، وأن خياراتهما تجاه هذه الخطوة شبه منعدمة، في حال فكروا بالتصدي في المحيط الهندي أو في توسيع المعركة؛ لأنهم لن يتحملوا النتائج.
ويجدد التأكيد على أن اليمن يصنع المتغيرات الاستراتيجية في المنطقة والعالم، لصالح الشعوب والمستضعفين، في حين يقف الأمريكي عاجزاً، وليس أمامه سوى المزيد من التخبط والهزيمة، أو الذهاب لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة وهو الهدف الذي يسعى له اليمن.
وتدشن اليمن بتوسيع مسرح عملياتها إلى المحيط الهندي مرحلة استثنائية لها الكثير من الأهمية، وتحمل العديد من الرسائل بحسب الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان.
ويؤكد عثمان أن جميع السفن المرتبطة بهذا الكيان التي تحاول المرور عبر هذه المحيطات ستكون في مرمى الاستهداف، لافتاً إلى أننا أمام مرحلة تصعيد استثنائية، فهذا ليس قراراً عادياً أو اعتباطياً، بقدر ما هو جزء من المفاجآت التي توعد بها السيد القائد، مؤكداً أن توسيع نطاق العمليات والذهاب بالمعركة إلى أسقف جديدة من التصعيد خصوصاً إلى المحيط الهندي هو قرار مدروس ومخطط له مسبقاً، حيث يأتي من واقع القوة والاقتدار العسكري الذي وصلت له بفضل الله تعالى قواتنا المسلحة، ومن واقع جهد عملياتي مسبق نفذ بشكل ناجح لضرب عدد من سفن العدو في مياه المحيط.
ويجدد التأكيد على أن القرار معادلة ردع حقيقية ضد كيان العدو الصهيوني وداعميه الأمريكي والبريطاني، فشعاع العمليات أصبح يشمل كل المساحات المائية من البحر الأحمر والعربي، إلى المحيط الهندي، وهذا تطور كبير جداً، حيث سيكون له تأثير مباشر في فرض خناق بحري مميت، وهذه المرة ضد ما تبقى من تجارة كيان العدو الصهيوني التي تمر عبر المحيطات (الهندي -راس الرجاء الصالح جنوب افريقيا -المحيط الأطلسي).
ويشير إلى أن هذا الخط هو آخر شريان يغذي كيان العدو بالبضائع والسلع التجارية، مواصلاً حديثه: ” وبالتالي طالما نيران قواتنا المسلحة تستطيع بلوغ هذا المستوى فهي أصبحت عملياً بفضل الله تعالى قادرة على قطع هذا الشريان، ووضع كيان العدو أمام أخطر حظر بحري يفتك بقوته الاقتصادية والتجارية.
ويوضح أن قواتنا المسلحة في هذه المرحلة بفضل الله تعالى تمتلك عوامل القوة المناسبة وتكنولوجيا متطورة من الأسلحة ذات الطابع الاستراتيجي التي يمكنها من ضرب أي هدف في أي نقطة في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، وكذلك المحيط الهندي، مؤكداً أن هناك أجيال متطورة من الصواريخ الباليستية والصواريخ الجوالة” كروز” وطائرات مسيرة هجومية، تستطيع التحليق لمدايات بعيدة والتعامل مع مختلف السفن المعادية واستهدافها بدقة عالية.
ويضيف: “لذا الأيام القادمة ستكشف مستوى هذه القدرات وستكشف الهوية الجديدة للمواجهة التي ستحصر كيان العدو الصهيوني والأمريكي والبريطاني في الزاوية.
رسالة واضحة
من جهته يقول الخبير العسكري العميد عابد الثور إن إعلان السيد القائد عبد الملك الحوثي يفهم منه أن القدرات العسكرية اليمنية وصلت إلى مستوى أبعد مما تتمركز به القوات الأمريكية، مشيراً إلى أن العدو الأمريكي يتمركز في جنوب البحر الأحمر، وتحديداً المناطق التي تطل عليها السعودية واريتريا ومصر والأردن.
ويضيف في تصريح خاص “للمسيرة”: “وبالتالي اليوم إعلان السيد القائد يكشف أن القوات المسلحة اليمنية وما تمتلكه من قدرات عسكرية صاروخية وطيران مسير تستطيع أن تضرب أهدافاً في عمق المحيط الهندي، بمعنى أننا لن نكتفي بالبحر الأحمر والبحر العربي، خاصة أن السفن الأمريكية والبريطانية التي تعتدي على بلادنا، دائماً ما تلجأ إلى مناطق أبعد لضرب اليمن من المحيط الهندي معتقدين أنهم بهذه الطريقة يحمون سفنهم.
ويؤكد أن هذا مؤشر ودلالة كبيرة أنه لم يعد هناك مجال للقوات الأمريكية البحرية بأن تتمركز أو أن تنتشر في أي مكان، فالبحر الأحمر أصبح تحت سيادة القوات المسلحة اليمنية، وتستطيع أن تحقق أي ضربات نوعية قوية وحساسة على أي سفن يمتلكها العدو الأمريكي البريطاني سواء كانت عسكرية أو غير عسكرية، حتى وأن حاول العدو الأمريكي أن يلجأ بسفنه إلى مناطق أبعد حتى يضمن سلامتها من الضربات اليمنية فهم واهمون.
ويوضح أن إشارة السيد القائد وتلويحه لهذه المسألة مهمة جداً، فمن الناحية العسكرية فالعدو الأمريكي دائماً يأخذ أبعاد من 700 إلى 100 كيلو، أي أنه يدخل في عمق المحيط الهندي، مؤكداً أن القدرات العسكرية والأسلحة المتطورة التي تمتلكها القوات المسلحة اليمنية تستطيع النيل من هذه القوات، وأنه مهما حاول العدو الأمريكي التمركز في عمق المحيط الهندي لمسافة تتجاوز أكثر من 100 كيلو، ليقوم بتوجيه ضربات عدائية على بلادنا، فنحن قادرون أن ننال منه.
ويرى العميد الثور أن كل السفن العسكرية وحاملات الطائرات أو المدمرات التي تمتلك قدرات عسكرية في المناورة، وتمتلك خواصاً ومميزات ومواصفات قتالية عالية، لن تشكل خطراً على اليمن، أو تهديد على المقاومة الاسلامية في فلسطين، حتى وإن تواجدت في مناطق بعيدة مثل طريق الرجاء الصالح، أو جنوب افريقيا، أو في عمق المحيط الهندي، فهي كلها ستكون بالنسبة لنا أهدافاً مشروعة.
ويؤكد أن إعلان السيد القائد يحمل الكثير من الرسائل ويفرض معادلة جديدة، بما تمتلكه القوات المسلحة من أسلحة حديثة تشكل ميزاناً عسكرياً يمنياً جديداً في المنطقة، معتبراً إعلان السيد قائد في إطار رفع مستوى التصعيد؛ لأن أمريكا وبريطانيا ودول حلف النيتو لا تزال تساهم وتدعم بكل قدراتها وامكانياتها الاقتصادية والعسكرية العدو الإسرائيلي لقتل أبنائنا وأهلنا في غزة.
وأشار إلى أن اعلان السيد القائد جاء رداً على موقف أمريكا وبريطانيا والامارات وحلفائهم المزعوم بإقامة جسر بحري يتجه إلى غزة، مخاطباً العدو بقوله: “حتى خطوطكم التي تعتمدون عليها وتظنون أنها آمنة عبر طريق رأس الرجال صالح هي اليوم تحت مرمى أسلحتنا”.
ويؤكد أننا دخلنا مرحلة الردع الاستراتيجي القوي، ولم يعد هناك مجال للتحذير أو التهديد أو التوعد، لافتاً إلى أن الرسالة واضحة، حيث ستنفذ القوات المسلحة قرارها بمنع السفن الاسرائيلية، وكل محاولات الحماية في أي مكان ستفشل، محذراً كل من يساند العدو الصهيوني بأن سفنه ومصالحه ستكون ضمن الأهداف المشروعة للقوات المسلحة اليمنية.