رمضانُ صومٌ وتقوى ونصرٌ على الأعداء
رمضانُ صومٌ وتقوى ونصرٌ على الأعداء
صومُ رمضان ركنُ الإسلام وعمادُه القويم وعنوان الفلاح والاستقامة، يتجلى به إخلاص المؤمنين الذين يتلون آيات رب العالمين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
الصومُ به يزدادُ الإيمان، وبه تنقى صحيفة المسلم من الذنوب والآثام، ويزول ما اقترفه من الخطايا والأدران.
فهو مجلبة للفضائل والإحسان (ذاكر الله في رمضان مغفور له) كما ثبت ذلك عن نبي الإسلام.
وثمرة الصوم التقوى التي بها صيانة النفس عن كل ما يضر ويؤذي، وبه السعادة.
فلست أرى السعادة جمع مال، ولكن السعيد هو التقي.
الصوم خلق كريم وسلوك مستقيم، به يحفظ الإنسان جوارحه وتزكو نفسه وتعلو همته ويبلغ به مراده ويكون من المتقين.
الذين يحبون الاستقامة في الخلق والدين ويوفون بالعهد ليحبهم الكريم (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).
ولما كانت قريش قد نقضت عهدها مع النبي الصادق الأمين، حَيثُ أعانت بني بكر بالسلاح وقاتل معهم أشرافٌ من قريش مستخفين.
فقد خرج عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة مستنجدًا للنبي الأمين مخبراً إياه بأن قريشًا أخلفوه الموعد، ونقضوا ميثاقَه المؤكّـد، وقتلوهم رُكَّعاً سُجَّداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (نُصرت يا عمرو بن سالم).
وقد امتحن الله قلوب المؤمنين للتقوى، حَيثُ فاض ظلم قريش وعدوانها وجحودها للحق، ومحاربتها للإسلام وأهله؛ فاراد الله ترسيخ هذا الدين وحصول الفتح المبين لمكة المكرمة في شهر رمضان وتوجّـه -صلى الله عليه وآله وسلم- لفتح مكة وتطهير البيت الحرام، الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً من رجس الأوثان في رمضان.
وقد هيَّأ الله لرسوله (ص) أسبابًا فأعدَّ ما استطاع من القوة النفسية التي تربى عليه المسلمون في شهر الصوم، والقوة العسكرية الظاهرة أخذاً بقول العزيز الحكيم: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ).
فنصر الله رسوله في شهر الصيام وفاء بوعده لنصر رسله والذين آمنوا (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ).
نصرهم؛ لأَنَّهم قائمون بدينه.
نصرهم؛ لأَنَّهم أخذوا بأسباب النصر فكان عندهم من العزم وصدق الإيمان ما يؤهلهم.
نصرهم ليبين لهم ظهور هذا الدين على الأديان والأمم كلها (هُوَ الَّذِي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
فما أحرى المسلمين اليوم أن يشحذوا هممهم، ويعدوا عدتَهم لقتال الصهيونية اليهودية في فلسطين التي استباحت المقدَّسات، وانتهكت الحرمات، وأن يجدوا في قتال عدوهم، ونصر إخوتهم في فلسطين؛ مِن أجل استئصال شأفة الفساد، وترحيل الغزاة اليهود الذين دنسوا الأقصى وأرض فلسطين، وطردهم منها إحياء لفريضة الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهما دعامتان قويتان لبقاء الأُمَّــة وعزتها ووحدتها، حتى لا تتفرق بهم الأهواء، وتتشتت بهم المسالك (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّـة يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئك لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
فالنصر مع الأخذ بتوجيه الله، وهدي نبيه (ص) آت لا ريب فيه.
فتدبر أخي الصائم في هذا الشهر الكريم قول العزيز الحكيم: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيّام نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ)، وقول البارئ الحكيم: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّـهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً).
وقول الحق المبين: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ).
إن هذا التثبيت والتقوية التي جاء بها القرآن، ويسير عليها قائد المسيرة القرآنية السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بقوة وعزم يجسده أنصار الله وحزبه في ضرب القوة الصهيونية في معقلها وفي البحر العربي والأحمر نصرة لفلسطين، ورجالها الأبطال المجاهدين، وقد وعدوا بالنصر (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
فبشائر النصر تلوح.
والأخذ بالأسباب بحزم وعزيمة وإعداد قوة ظاهر للعيان.
فثقوا بنصر الله الذي وعد به (وَعْدَ اللَّـهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أكثر النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غافِلُونَ).
فيا أيها المتخاذلون، المتباطئون، القاعدون عن نصرة فلسطين أفيقوا من غفلتكم فَــإنَّ سنن الله مع من قبلكم، الذين كفروا بأوامر الله واعتدوا وعصوا سيكون معكم والعياذ بالله إن لم تفيقوا من غفلتكم وتعلنوا توبتكم (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والذلة والصغار على الكافرين والمنافقين.