صمود وانتصار

اليمن بتطوير قدراته العسكرية النوعية .. قوة صاعدة في المنطقة

الصمود||

يستمر الإجرام الصهيوني المسنود بقوى الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وبريطانيا، في إزهاق أرواح الفلسطينيين في غزة والأراضي المحتلة، مسجلاً بذلك كيان العدو رصيداً إجرامياً هو الأول عالمياً منذ يقارب ثمانية عقود على احتلاله فلسطين، غير آبه بما ستحل به من لعنات تطارده مستقبلاً إزاء سفك دماء الأبرياء، وانتهاك الحرمات الإنسانية.

وفي صورة بشعة ومروعة، ودون حرمة للشهر الكريم واكتراث لآدمية البشر، تجاوز العدو حدود الجرائم وحرب الإبادة التي يرتكبها في غزة منذ ستة أشهر، لما هو أفظع من ذلك بقتل المدنيين وسحق أجسادهم ودهسها بالمجنزرات وترك جثثهم على طول الشوارع وعرضها تنهشها الكلاب، ودفن بعضهم بجرافات على الرمال وبين المخلفات في جريمة تُعد الأكثر وحشية في تاريخ البشرية، وتبقى وصمة عار ونقطة سوداء في جبين قادة العصابة الصهيونية وحكام وأنظمة العمالة والخيانة العربية والإسلامية الصامتة إزاء ذلك.

ومع دخول شهر رمضان للعام 1445هـ، الذي تصرّمت أيامه ولياليه، كان الفلسطينيون في غزة، يأملون من أشقائهم في الدول العربية والإسلامية الوقوف إلى جانبهم وإنهاء معاناتهم جراء ما يُمارس بحقهم من قتل يومي وحصار وتجويع ممنهج وما يتعرضون له من تهجير وتشريد، أو تدخل المنظمات الدولية من الأمم المتحدة ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية لإجبار العدو الصهيوني على إيقاف غطرسته وإنهاء عدوانه على القطاع، إلا أن الخذلان يظل السمة والعنوان الأبرز في قاموس الحكام الخانعين للسياسات الأمريكية والغربية.

جاءت معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023م، لتكشف بقوة خذلان الدول العربية والإسلامية للقضية الفلسطينية، خاصة دول الطوق التي تتآمر وتشارك العدو في القضاء على المقاومة في غزة بحصار الشعب الفلسطيني ومنع دخول الغذاء والدواء، وأصبح الملايين في القطاع مع الأسف الشديد يتضورون جوعاً ويتساقطون واحداً تلو الآخر في سياسة عقاب جماعية قل نظيرها بحق الفلسطينيين، “من لم يمت بالقصف مات جوعاً”.

والغريب أن ما يسمى بالقانون الإنساني الدولي، الذي طالما تشدّقت به أمريكا ودول أوروبا وصدّعت به الرؤوس ليلاً ونهاراً، سقط حينما صار الأمر يتعلق بما يرتكبه العدو الصهيوني من جرائم مستمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر، ما يؤكد أن لغة البطش لدى العدو باتت مفتوحة على مصراعيها وبلا حدود، ولا يستبعد أن تستخدم “إسرائيل” يوماً ما القنبلة النووية في حال شعرت بالهزيمة وعدم تحقيق أهدافها التي أعلنتها منذ يومها الأول للعدوان على غزة، وهو ما ألمح إليه وزير التراث الصهيوني اميحاى الياهو.

لقد ماتت القيم والمبادئ والضمير الإنساني بما يُمارس من ظلم وطغيان في غزة، وأصبحت أحياء القطاع محشورة بمقابر جماعية لآلاف الفلسطينيين الذين استشهدوا بقصف كيان العدو الصهيوني، الذي ارتكب منذ عملية “طوفان الأقصى حتى الخميس الماضي، نحو ألفين و950 مجزرة “، منها 58 مجزرة الأسبوع الماضي، أغلبها بحق أطفال ونساء وشيوخ، والعالم العربي والإسلامي متفرج وحكام أنظمة العار بما يمتلكونه من جيوش وعتاد وعدة وإمكانيات، في صمت رهيب، لم يسبق له مثيل في التاريخ.

ما يزيد عن ملياري مسلم، لم تحرك ضمائرهم مشاهد القتل والتدمير والتجويع التي يتعرض لها الأشقاء في غزة، باستثناء دول محور المقاومة في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، التي شاركت الفلسطينيين في غزة والأراضي المحتلة آلامهم وقاسمتهم أوجاعهم ووقفت إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطينية في مواجهة قوى الشر العالمي بقيادة أمريكا والكيان الصهيوني وأوروبا، وضد عنجهيتها وسياساتها الاستكبارية التدميرية في المنطقة.

اليوم دول محور المقاومة والشعوب الحرة، التي تدافع عن الأمة ومقدساتها، تدفع ثمن مواقفها المشرفة والمناهضة للعدو الصهيوني الأمريكي الأوروبي، بتقديم التضحيات في سبيل الحرية واستقلال القرار وتحرير الأراضي المحتلة من رجس الصهاينة وطغاة العالم.

وبالرغم مما تعرض له الشعب اليمني من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، على مدى تسع سنوات، إلا أنه لم يقف مكتوفي الأيدي، ونهض من بين الركام وأعلن قائد الأمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي منذ اليوم الأول لعملية “طوفان الأقصى”، وقوف اليمن إلى جانب الشعب الفلسطيني، ونصرة قضيته العادلة ودعم مقاومته الباسلة.

لقد توحدت مشاعر وقلوب اليمنيين من شرق البلاد وغربها وشمالها وجنوبها بمختلف مكوناتهم، مع فلسطين، لما تحتله القضية الفلسطينية من مكانة في وجدانهم، رغم محاولة تحالف العدوان على مدى السنوات الماضية تفكيك النسيج المجتمعي اليمني وزرع الأحقاد والضغائن، لكنها باءت بالفشل والخسران.

وتصدرت القوات المسلحة اليمنية المشهد بالوقوف المباشر مع فلسطين من خلال ترجمة أقوال قائد الثورة إلى أفعال بالاستهداف المتواصل للسفن الصهيونية والتي لها علاقة بكيان العدو أو المتجهة إلى الموانئ المحتلة، وكذا السفن الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي، وخليج عدن، وصولاً إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

وبخوض “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”، ضد أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، أصبح اليمن اليوم قوة صاعدة في المنطقة وصاحب اليد الطولى في المياه الإقليمية بما يمتلكه من قدرات نوعية وقوة ردع وترسانة عسكرية ضخمة صنعتها وطورّتها أيادٍ يمنية، لتكون مفخرة لليمنيين بتحقيق هذا الإنجاز النوعي والاستراتيجي الذي وضع الجمهورية اليمنية في مصاف الدول المنتجة للقدرات الدفاعية حسب محللين عسكريين.