صمود وانتصار

الدخان لم ينطفئ بعد.. خيارات إيران ما بعد قصف القنصلية؟

الدخان لم ينطفئ بعد.. خيارات إيران ما بعد قصف القنصلية؟

الصمود../

تتزايد المخاوف من انفجار الوضع في المنطقة، وجرها إلى حرب إقليمية مدمرة في ظل استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة والإصرار الأمريكي على مساندته إلى أقصى حد.

ويترقب العالم مآلات الرد الإيراني على جريمة قصف الصهاينة للقنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق قبل أيام، وما الذي تنوي وتخطط له طهران للانتقام والثأر، وردع العدو الإسرائيلي عن تكرار مثل هذه الجريمة.

وحتى كتابة هذا التقرير، لا وجود لمؤشرات للحل في قطاع غزة، بالتوازي مع استمرار القادة الصهاينة في ارتكاب الجرائم ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم الاغتيالات، وآخرها ما حدث من اغتيال 6 من أسرة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بينهم 3 من أبنائه، وهو ما يدل على  أن “إسرائيل” لا تريد الذهاب نحو وقف جرائمها المتوحشة في القطاع، وأنها تريد الاستمرار حتى وإن كان الطريق موحشاً، والأهداف لم تتحقق.

وأمام الإخفاق العسكري للصهاينة في قطاع غزة، يسعى القادة الصهاينة للهروب إلى الأمام، وتفجير معركة أوسع وأشمل،تستهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المقام الأول، ومحاولة جرها إلى هذه الحرب، ولهذا يطلق المسؤولون الصهاينة هذه الأيام العديد من التصريحات، مؤكدين استعدادهم للمواجهة مع إيران، في حالتي الدفاع والهجوم.

ولعل ما يثبت أن إسرائيل تريد الانتقال إلى مرحلة أوسع من المواجهة هو إقدامها على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، واغتيال قادة بارزين في الحرس الثوري، فقصف السفارات والمقرات الدبلوماسية مخالف لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، واستهدافها كأنه تم استهداف البلد نفسه، وهذا ما أشار إليه قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي الذي أكد بأن قصف القنصلية هو قصف لأراضي إيرانية.

بالنسبة للإيرانيين، فكل التصريحات والتحركات تدل على أنهم قد عقدوا العزم على الثأر والانتقام، لكن لا أحد يفهم حتى الآن كيف سيكون ذلك، وهل ستقدم طهران على توجيه ضربة عسكرية كبيرة تستهدف “تل أبيب” أم أنها ستختار أماكن أخرى للصهاينة في دول أخرى، أم أن الرد سيكون من لبنان ومحور المقاومة؟

وأياً يكون الرد ونوعيته وحجمه، فإن الأمريكيين والصهاينة يعيشون حالة قلق، وترقب أكثر من غيرهم، وينتظرون ردة الفعل الإيرانية، التي بالتأكيد ستكون ذكية ومدروسة، وفي وقتها، بحث لا يحققون لنتنياهو حلمه بتوسع المعركة، وانتقالها إلى مرحلة تشمل المنطقة برمتها.

وفي حال اشتعلت المعركة، فإن شراراتها ستعم المنطقة بأكملها، لا سيما وأن محور المقاومة سيكون له دور بارز في الرد، وستكون المعركة مباشرة بين أمريكا وإسرائيل من جهة، وإيران ومحور المقاومة من جهة أخرى.

تدرك “إسرائيل” حجم الخطر على وجودها من فصائل المقاومة الفلسطينية التي تدعمها إيران بشكل مباشر، وعلى الرغم من ادعاءاتها بالقضاء على حماس وغيرها، من خلال التدمير الشامل لقطاع غزة وقتل الالاف من المدنيين، إلا أن الميدان عكس ذلك تماماً، فالمقاومة الفلسطينية لا تزال قوية ومتماسكة، أضف إلى ذلك بأن الكيان الصهيوني الذي أراد التخلص من حماس وأخواتها، بات الآن يعاني من مخاطر جمة، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني، والمقاومة العراقية، واليمن الذي فاجأ الجميع بقدراته العسكرية المرعبة، وقدرته على فرض حصار خانق عليه، ولهذا فإن “إسرائيل” في مأزق كبير جداً، وسيكون أكبر إذا رفع الغطاء والدعم الأمريكي والأوروبي.

وبالتوازي مع ذلك تلقت إيران اتصالات متعددة، بهدف تفادي الدخول في حرائق أوسع بالمنطقة، ومحاولة إقناع طهران بعدم الرد، وهو ما اتضح من خلال اتصال لوزيرة خارجية ألمانيا بوزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان، ومحاولة إقناعه بعدم التسرع في الرد على الصهاينة، لكن الوزير الإيراني رد عليها بالقول: “عندما يعرض الكيان الإسرائيلي حصانة الأشخاص والأماكن الدبلوماسية للخطر بانتهاك القانون الدولي واتفاقيات فيينا فإن الدفاع المشروع بهدف معاقبة المعتدي ضرورة”.

ويتضح من خلال الاتصال الألماني مدى المخاوف التي تعتري أمريكا وإسرائيل جراء الرد الإيراني المرتقب، فألمانيا كما هو معروف أنها حليف استراتيجي لواشنطن، وأداة تحركها أمريكا في أوروبا، وكان لها ظهور واضح في المساندة وتقديم الدعم الكبير للصهاينة في عدوانهم الغاشم على غزة.

تبقى كل السيناريوهات مطروحة على الطاولة، واتساع دائرة النار في المنطقة، يرتبط بمدى الرد الإيراني والرد المضاد لأمريكا وإسرائيل.

(المسيرة)