صمود وانتصار

ماذا يعني القبض على خلية التجسس الأمريكية الإسرائيلية؟

الصمود||مقالات|| عاطف محمد عاطف

دائماً ما كنت أقول وأؤكد لكم من واقع معرفتي عن المرتزق طارق عفاش واسرته وحقارتهم. استعدادهم ان ينفذوا اي جريمة المهم يرضى عنهم الاماراتي والصهيوني والأمريكي.
ولأني رجل عسكري، وادعي ان لدي بعض المعلومات عن الجانب الأمني والعسكري، وماذا يعني أن تستطيع القاء القبض على خلية تجسس مرتبطة بالأمريكي والإسرائيلي مباشرة، وتحت إشرافه.
لا أخفيكم أني عندما سمعت ورأيت الإعلان للأجهزة الأمنية عن هذا الإنجاز أصبت بالدهشة والصدمة معاً لهول وحجم هذا الإنجاز، ولاحظت حسب تقييمي البسيط أن هذا الإنجاز لاقى ارتياحاً شعبياً واسعاً، ولكن هناك الكثير لا يعرف ماذا يعني ان تلقي القبض على خلية تجسس مرتبطة بالأمريكي والإسرائيلي بشكل مباشر، وسأحاول في هذه السطور أن أوضح بعض المعلومات.
بداية.. ماذا يعني ان تكون في مواجهة مباشرة مع أخطر أجهزة استخبارات في العالم:
كما هو معروف لدى الجميع ان الذراع الطولى لكل من أمريكا والكيان الصهيوني هي أجهزة مخابرتها ، والتي تمتلك احدث التكنولوجيا وموازنات مفتوحة وخطط استراتيجية ، وقرأنا وشاهدنا جميعاً عن عمليات خطيرة ومعقده نفذتها في عمق دول عظمى ومتطورة وكيف تم اختراق هذه الدول من قبل الموساد او السي أي ايه وبسهولة ولسنوات، ولكن ماهي الدلالة الحقيقية وراء تفكيك المخابرات اليمنية خلية التجسس الأمريكي الإسرائيلية المسماة قوة ٤٠٠ في الأراضي اليمنية؟ يمكن استنباط عدد من الملاحظات الهامة والدقيقة في هذا السياق:

أولا: ان انتقال الأمريكي ومن خلفه الإسرائيلي الى خيار الخلايا التجسسية الميدانية على الأرض للرصد والتخريب دليل على يأس لدى هذه الدول من الخيار العسكري وانعدام في الخيارات واعتراف بالهزيمة وعدم الجدوائية لكل المسرحيات المعلنة، كما انه يدل على حالة جهل مطبقة وعمى وتيه وضياع لدى هذه الدول تجاه قدرات القوات المسلحة اليمنية وجهاز الامن والمخابرات، ورغم اقمارهم الصناعية ورادارات التجسس لديهم، غير مخبريهم من العملاء والخونة وعلى راسهم الفار عمار عفاش، الذين اصبحوا الان مخبرين صغار لديهم، وقد اعترف بهذا الجهل والفشل اكثر من قيادي امريكي في تصريحات خلال هذه الفترة.

 

ثانياً: يعلم الجميع حجم القدرة المعلوماتية والتكنولوجية والتقنية لدى أجهزة مخابرات بحجم الموساد وكذلك السي آي آ وقد شاهدنا تدخلات لهذه الأجهزة في الميدان مثل اغتيال العالم الإيراني باحترافية في قلب طهران ، او كما حدث في تصميم ثورات ملونة في دول متعددة من القوقاز إلى الشرق الأوسط استخدمت أساليب الحرب الهجينة بين الأمني والإعلامي والحقوقي – وهو ما يحاول الأمريكي عمله الان في اليمن -، ما يثبت تفوق وقدرة لدى هذه الأجهزة ولكن ان تكتشف المخابرات اليمنية وتفكك خلية بهذا المستوى وبهذه السرعة وبالاحترافية التي شاهدناها دليل ان لدى المخابرات اليمنية مفاجآت هي الأخرى على وزن مفاجآت البحرية والصاروخية والجوية اليمنية.

 

ثالثاً: قد يبدو للوهلة الأولى ان تفكيك خلية التجسس الأمريكي الإسرائيلي بأشراف الموساد في الساحل الغربي حدث عادي، ولكن بالنظر الى كيف تم تصميم واستقطاب وتدريب الكوادر ، بالإضافة الى التقنيات وأجهزة التواصل المزودة بها والعمل الوقائي والدعم الأمريكي الإسرائيلي يتضح ان ما حدث هي عملية صيد مذهلة، لقد كانت هذه الخلية تؤسس لفكرة انشاء جهاز استخبارات كامل وفق الطريقة الإسرائيلية يسمى ( القوة 400) وهذا الجهاز كان منوط به آمال كبيرة لاختراق المشهد اليمني وتدمير التلاحم الوطني والجبهة الداخلية وكان واضح من هيكلية الخلية او طريقة عمل القوة الاستخبارية انها قائمة على التجنيد الهرمي وكان يراد لها ان تتوسع لتصل لكل منطقة وضمن كل مهمة وتصل لمرحلة تجمع معلومات قيمة بشكل لحظي من مواقع متعددة وتنفذ عمليات تخريبية متعددة في أماكن متعددة في نفس الوقت وتجند شخصيات متعددة من تخصصات مختلفة في نفس الوقت ما يمكن ان يحدث ارباك في المشهد، وكان المسار سيتطور تلقائياً إلى رصد قيادات ومن ثم تنفيذ اغتيالات حساسة وتثوير الشارع إلخ .

ان تفكيك هذه الشبكة يمثل رصاصة في رأس المشروع الاستخباراتي الأمريكي الإسرائيلي في اليمن ونسف لكل الجهود والوقت والقدرات والأموال التي انفقت فيه ونهاية مبكرة لمشروع القوة 400

 

رابعاً: انكشاف خليه بهذا القدر من الخطورة يديرها عمار عفاش لم يمثل ضربة لمشروع القوة 400 الاستخبارية في اليمن فقط ، بل يمثل ضربة للمشروع الصهيوني ككل في اليمن باعتبار ان المرتزق طارق واخيه عمار عفاش والامارات هي الاذرع الصهيونية في اليمن وعملوا من سنوات على التمركز في نقطة حساسة للكيان الغاصب في المخا تشرف على مضيق باب المندب ويمكن ان تؤدي دور جبهة متقدمة ضد صنعاء ، ان اصطياد اطراف الخلية ومن ثم رصد بقية العناصر ومن ثم استدراجهم وضبط القادة الميدانيين للعمل واعلانه بتلك الطريقة واعترافهم واقرارهم بارتباط هذه الخلية بالإسرائيلي والامريكي وانها تعمل تحت اشراف عمار عفاش الذي بدوره يعمل مخبر لدى الإسرائيلي والامريكي ضد بلده ودينه وقضية المسلمين فلسطين، يمثل ضربة قاسية لهذا المشروع، وتحصينا وتحذيرا لكل أبناء الشعب اليمني من الوقوع في وحل العمالة المباشرة للكيان الصهيوني، ويصعب مهام التجنيد والاستقطاب.

وفوق كل هذا لا يعلم الخائن الفار عمار عفاش ولا مشغليه في الموساد الى اي حجم وصلت المخابرات اليمنية في قدراتها، وامكانياتها، وكيف حصلوا على المعلومات في المقام الأول واذا مازال ثمة من مفاجئات في جعبة المخابرات ستعلن لاحقاً ، كل شيء وارد فمعروف عن عمل المخابرات انه يتحلى دائما بالصبر الاستراتيجي ولا يكشف أوراقه كلها مره واحده.

وخلاصة الامر ان ما قامت به صنعاء في المسار الاستخباري كبير ، واكبر مما يبدو لدى المتابع ومازال هناك فصول قادمة لهذا الإنجاز ستعمق جراح الأمريكي والإسرائيلي وهو انتصار تاريخي ومدعاة للفخر يجب على كل يمني ان يحمد الله ويشكره عليه وان يبذل ما بيده من موقعه ليكون عوناً للمؤسسة الأمنية اليمنية البطلة التي تخوض معركة موازية هي أيضا دفاعاً عن الشعب اليمني البطل وعن فلسطين والقدس وغزة.