رسالة السيد القائد عبدالملك الحوثي للسعودية هل تكون رسالة ما قبل الحرب؟
الصمود||مقالات|| أحمد عبدالله الرازحي
يعلمُ العالَمُ أجمعُ بالحرب السعوديّة الأمريكية على اليمن منذُ مارس 2015م، واستمرارُ هذه الحرب العدوانية المُكلفة على اليمن أرضًا وإنساناً، وعلى النظام السعوديّ والإماراتي فشلاً عسكريًّا ذريعًا، وهزيمةً مدوية بانتصار الإنسان اليمني صاحب الأرض والمبدأ الثابت.
٨ سنوات حرب وحصار وخسائر فادحة تكبدها التحالف العسكري على اليمن، الذي تتزعمه الرياض ويُقاد من واشنطن، أَدَّى الفشل العسكري إلى إعلان هُدنة للحرب بتاريخ ٢ إبريل ٢٠٢٢م إلى ما قبل أشهر والهدنة السعوديّة اليمنية تُمدد ويسود ذلك بعض التقارب الإيجابي، وما إن جاءت معركة (طوفان الأقصى) ونصرة اليمن لغزة، وكانت الضربات اليمنية إلى عمق الكيان الإسرائيلي وكأنها تصل الرياض!
ففي خضم المعركة وتصاعد وتيرة تصنيع وتطوير القدرات العسكرية اليمنية من طائرات مُسيّرة وصواريخ باليستية ومُجنحة، يقف اليمن قيادةً وشعبًا وقوات مسلحة بموقف واحد وثابت مع غزة وفلسطين، والتدخل العسكري بكل قوة ضد الكيان الإسرائيلي نصرةً لغزة وفلسطين، قام اليمن بعشرات العمليات العسكرية، وإعلان مراحل تصعيد عسكرية يمنية.
إن استمرار العدوان والحصار على غزة وفلسطين معناه استمرار القوات المسلحة اليمنية بعمليات عسكرية ضمن مراحل تصعيد تتلاءَمُ مع الوضع، وما يقوم به الكيان الإسرائيلي في غزة وفلسطين، فكلما استمر التصعيد على غزة؛ فالتصعيد اليمني مُستمرّ بمراحل عسكرية أشد فتكًا على الكيان الإسرائيلي ومن يقف معهُ.
يواكب السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي، ومعه الشعب اليمني والقوات المسلحة اليمنية آخر المستجدات وتطور الوضع في غزة وفلسطين بكل قدرة وكلّ قوة واقتدار، رغم الوضع اليمني ولكن الإرادَة والعزيمة والمسؤولية هي المحرك لوقفة العزّ اليمنية إسناداً لفلسطين وغزة…
على نقيض موقف اليمن الشجاع تقف الأنظمة العربية بما فيها النظام السعوديّ بمواقف إسناد ودعم للكيان الإسرائيلي، بل وصل الحال إلى أن شارك النظام السعوديّ في التصدي للصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المُسيّرة اليمنية، التي تتجه إلى الكيان الإسرائيلي ومحاولات كثيرة للتصدي للضربات اليمنية في الأيّام الأولى لقيام اليمن بعمليات عسكرية إلى عمق الكيان الإسرائيلي، بشكل قبيح وتواطؤ من الرياض تقف ضد أبناء فلسطين وتساهم في حماية ودعم الكيان الإسرائيلي بكل ما لديها من إمْكَانيات.
تحدث السيد القائد/ عبدالملك الحوثي، في خطابه الشهير كُـلّ خميس لمواكبة مستجدات غزة وفلسطين إلى الإشارات لهذا التواطؤ المهين للنظام السعوديّ، بل وحذر أن من سيقف مع الكيان الإسرائيلي سيتم ضمه إلى بنك أهداف القوات المسلحة اليمنية، وأنه سيتم التعامل معهُ كما يتم التعامل مع الكيان الإسرائيلي، وبالطريقة اليمنية وبعمليات عسكرية قوية رادعة ومؤلمة جِـدًّا.
أدرك النظام السعوديّ أنهُ لا يمكن حماية الكيان الإسرائيلي ويكون مُتخفيًا فأوقف التصدي للعمليات العسكرية اليمنية وخُصُوصاً البرية، التي هي صواريخ باليستية وطائرات مُسيّرة ومجنحة؛ خشية الاستهداف اليمني، ولكن المحرك الأَسَاسي للكيان الإسرائيلي “أمريكا” لم ترض بهذا الموقف للنظام السعوديّ، والذي هو موقف متضامن مع الإسرائيلي كما لو كان نظام الرياض فرعاً من نظام “إسرائيل” فقط باختلاف الجغرافيا، ولكن الصهيونية العالمية تُصر على أن يكون للرياض مواقف أكبر ضد اليمن للضغط عليه لوقف العمليات العسكرية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، وربما قدمت واشنطن مقترحات للرياض لاستهداف اليمن عبرها وهي بـ استخدام “الورقة الاقتصادية”..
أوعزت الرياض إلى عملائها في حكومة الفنادق اليمنية في الرياض وعدن باستخدام الورقة الاقتصادية كورقة ضغط واستهداف للاقتصاد اليمني في الشمال، والانهيار بهِ كما هو مُنهار في مناطق سيطرة مرتزِقة الرياض والإمارات جنوب اليمن؛ فلم يكُن لعملاء الرياض إلا إطاعة الأوامر الملكية السعوديّة بتوجيه الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني، كُـلّ هذه الخطوات التصعيدية الخطيرة التي تقودها السعوديّة؛ هدفها الانهيار بالاقتصاد اليمني الصامد منذُ ١٠ أعوام في وجه الحروب العسكرية والاقتصادية، هدفها الأَسَاسي والأول هو الضغط على صنعاء بوقف العمليات العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي، وانتقاماً من الموقف اليمني المساند لغزة وفلسطين، أعلن بنك عدن التابع للبنك الأهلي السعوديّ عن قرارات منها استبعاد العملات القديمة لما قبل ٢٠١٦م وبعض القرارات التي ليس لها نتيجة سوى الإضرار باليمن شعبًا جنوباً وشمالاً، ولن تنجح هذه المؤامرة وسأؤكّـد لكم في قادم الأيّام أنها ستفشل ومصيرها الهزيمة والتحطم فوق الصخرة اليمنية الصلبة والثابتة على الموقف المناصر لغزة وفلسطين..
في خطاب ٣٠ مايو ٢٠٢٤م للسيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي هو خطاب لمستجدات غزة وفلسطين، ويعطي جزئية للحديث عن التصعيد الخطير وغير المباشر، الذي قامت بهِ السعوديّة للإضرار والانهيار بالاقتصاد اليمني نتيجة موقف اليمن مع غزة وفلسطين، ويرسل رسائل واضحةً جِـدًّا، وبلهجة ربما لم يستخدمها من قبل ليقول بالحرف الواحد: “العدوّ يضغط على اليمن في الجانب الإنساني والحصار، والحملات الإعلامية المكثّـفة بمساندة قنوات تابعة لأنظمة عربية، وموقفنا ثابت في نصرة غزة، حتى لو تورطت دول عربية في قتالنا خدمة للعدو الإسرائيلي، استهداف البنوك في صنعاء خطوة أمريكية لخدمة “إسرائيل”، وأحذر السعوديّة من التورط في هذه اللعبة الخطيرة وأن لا تصُب الزيت على النار..!!”
هذا الوضوح في النصح أولاً ثم التحذير ينبئ عن ألم يمني من مؤامرات الرياض خدمة لـ “إسرائيل” ولكن الوضع اليوم لا يطاق، وأن رسائل تحذير السيد القائد/ عبدالملك الحوثي، واضحة جِـدًّا أن السعوديّة ستندم جِـدًّا إن استخدمت الورقة الاقتصادية ضد الشعب اليمني نتيجة موقفه مع غزة وفلسطين، وأنها بهذا التصعيد تصب الزيت على النار؛ أي إن النار اليمنية التي تصل إلى كيان العدوّ وتلتهم السفن الإسرائيلية والمرتبطة به في البحر الأحمر والعربي والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.
نارُ اليمن لن تقتصر على الكيان الإسرائيلي، بل ستورِّطُ السعوديّةُ نفسَها، وتجعلُ منها هدفًا مشروعًا للقوات المسلحة اليمنية إن استمرت في اللعبة الخطرة بالورقة الاقتصادية.. العجيبُ أن عمليات اليمن العسكرية إلى عمق الكيان الإسرائيلي تتعاملُ معها السعوديّة وكأنها تصلُ إلى الرياض!
ولماذا كُـلّ هذا الإذعان السعوديّ للأوامر الأمريكية الإسرائيلية باستهداف اليمن للضغط عليه لوقف العمليات العسكرية المناصرة لغزة وفلسطين؟!
أي غباء مركَّبٍ يقودُ النظام السعوديّ للتصعيد ضد اليمن الذي يقتصر بعملياته العسكرية على الكيان الإسرائيلي نصرة لغزة وفلسطين؟!
وهل سنشهد احتراقَ شركة أرامكو النفطية السعوديّة بعملية عسكرية يمنية واحدة في قادم الأيّام؟
أم أن الرياض ستوعز لعملائها بوقف استخدام الورقة الاقتصادية للتصعيد ضد اليمن نتيجة عملياته العسكرية المناصرة لغزة؟!
ولماذا لا يقف النظام السعوديّ ليس موقف الحياد مع فلسطين والكيان الإسرائيلي!!
بل إن يقف هذا النظام المطبع المرتهن موقف المشاهد والممول للكيان الإسرائيلي دون إقحام السعوديّة في حرب مباشرة مع اليمن؟!
ولماذا تُصر السعوديّة أن تجعل من نظامها فرعًا للنظام الإسرائيلي النازي في المنطقة، وتجعل اليمن فلسطين أُخرى؟!