معركة البحث عن الحقيقة
الصمود||مقال|| سند الصيادي /
هناك فرق بين أن تصل الحقيقة اليك قبل أن تنشدها أو تبحث عنها ، وبين أن تكون الحقيقة قد وصلت اليك بعد صراع مضني و شاق، هناك فرق بين الحالتين في حجم الحاجة والقناعة والشعور واللهفة وفي مقدار الرضاء والانسجام.
لا أحد يمكن أن يعي عظمة المنهجية القرآنية ، ويستشعر فضائلها على نفسه ، إلا شخصاً كان ضالاً قبل أن ينتهجها ، وقبلها كان يعرف أنه ضال، وعلى هذه القناعة ظل يطرق أبواب الهداية ، لم يبقي فكر ولا منهج إلا و قرأه و لم يشفى غليله.
امضى مشوار طويلا من التيه بين كتب الفلسفات النظرية الدينية والانسانية ، ومسار مضني في بهرج وزقازيق التسويق للحداثة ، وبحث بين سطورها عن بصيص من نور، غير أنه لم يكن يرى في زوايا كل ما سبق سوى الضياع و العتمة، وانعدام الفضيلة والواقعية، والنهايات غير الحميدة.
من عتمة الطريق و كثافة الدروب والمسارات التي تعترض الاختيار بقي الهدف البحث عن ذاته ، عن الفطرة ، عن حكمة الله من الخلق ، وعلى طريق إبراهيم النبي في تسلسل القناعات كانت المناهج تأفل ، ومع كل أفول تبدا محطة جديدة مفعمة بالعزيمة للبحث عن محطات أخرى.
في كل منعطف كان السؤال متوسلاً للخالق أن يتكرم بالهداية ، أن يهبها اليوم قبل الغد ، أن يختزل بقية المحطات التي قد لا تكتمل مع اكتمال العمر القصير ، أن لا يجعل المشوار في الحياة عبثيا ، إنها فلسفة الفطرة ، التي لم يتقمصها أو يستمدها من كل التجارب الانسانية ، كما لم تفلح هذه التجارب من افسادها.
ليس أجمل من شعور من كان يبحث عن ضالته فوجدها.. صحيح أن ثمة جدلا قد يثار ، ما بين تشكيك أو انتقاص أو انتقاد أو سخرية، غير أن كل هذا الجدل بات يدور اليوم خارجه ، أما في داخله فقد سكنته السكينة والسلام مع نفسه ، بعد عقودا من الصراع في معركة البحث عن الذات، البحث عن القدوة ، البحث عن القائد ، وفي الأول والأخير البحث عن الله، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه ان يكون.