نذير شعبي للنظام السعودي
الصمود||مقالات||عبدُالحميد الغُرباني
فوَّتت فرصةَ النجاة من انتقام يمني وشيك إن لم تكن الأجهزةُ المعنية التابعة لنظام المملكة السعوديّة قد راقبت ورصدت واستمعت لصوت اليمن في ساحات وَميادين مسيرات “ثابتون مع غزة وَسنتصدى لأمريكا ومن تورط معها”.
وَبطبيعة الحال إن هي لم تبنِ على الشيء مقتضاها ولم تُعِد حساباتها وتعُد إلى جادة الحق والصواب وقد أرشدها اليمنيون الطريقَ في يوم تاريخي فارق سجَّل أكبرَ وأقوى وأولَ نذير شعبي يمني للنظام السعوديّ؛ إذ انبعثت عاصمةُ العواصم إلى أكبر ميادينها من كُـلّ حدب وصوب وَتدفّقت إليه سيولٌ من البشر؛ استجابةً للسيد القائد تُردّد أهازيجَ شعبيّةً تنوعت ألحانُها وشلاتها وتوحد مضمونها، وقد سجلتُ بعضًا من ذلك، وهذا نموذجٌ لحشد تقلد كُـلّ من انتظم فيه لامةَ الحرب:
يعرف الكل أبو جبريل لا حذّر
ويله الويل من يجهل محاذيره
شعبنا يا قوى الشيطان قد قرّر
يسمعش بالبنادق نَص تقريره
من مِنصة مليونية “ثابتون مع غزة وسنتصدى لأمريكا ومن تورط معها” تردّد هتافٌ لافتٌ كانت الجماهير تتفاعلُ بشكل مُغاير معه وتردّده من صميم القلوب:
“يا شوقنا لو تقرح الهُدنة.. حرام فرصتنا من الباري”
لم يكن الهتافُ المُقَرُّ ترديدُه ضمن برنامج مليونية اليمن في الأسبوع الأربعين من التضامن والوفاء مع فلسطين والإسناد لمجاهديها البواسل، لم يكن بعيدًا عن نبض المُحتشدين؛ فرسائلُ الغضب قد تزاحمت على ألسنة الجموع وَقد سجلت منها قولَ شيخ طاعن في السن “أبو جبريل حذّر والبادي اظلم والله إن احنا متعطشين لكم واحد واحد نقول للنظام السعوديّ”.
في مليونية النذير اليمني للنظام السعوديّ صادفت الشاعرَ محمد الأسدي ذائع الصيت وحين تجاذبتُ معه أطرافَ الحديث.. أسمع النظامَ السعوديّ رسائلَ نظمها في زواملَ قصيرةٍ، منها على سبيل المثال:
عودوا إلى الله يا الخليجيين
ومصر والأردن ومن طبّع
عودوا إلى الله والعرب والدين
وسُنة المختار ذي نتبع
وإنْ با تموتوا قوم مرتدين
مع النصارى واليهود مَقلَع
احنا مع السيد جهاديين
جهاد لو نفنى ونتقطع
هذا تعبيرٌ آخرُ عن رسائلَ أراد القائدُ أن يسمعَها نظامُ مملكة قرن الشيطان بلسان الشعب وقد فعل بطرقٍ مختلفة عبَّرت عنها أهازيجُ تردّدت بشكل جمعي في مشهد فريد، وهذا نموذجٌ آخر لها:
قل للسعوديّ يقع رجّال
وإلا لعنّا أبو شكله
بعد ابن طه رجال رجال
با نثبت العِز والرُّجْلَه
لا نبالغُ في اعتبار هذا الاحتشاد الاستثنائي الكبير -وفي العاصمة صنعاء فقط بمفرده- تحذيرًا ونذيرًا للنظام السعوديّ يرمي لصده عن غيه وعدوانه وحربه على اقتصاد اليمن، وفي الوقت نفسه جدَّدت هذه المليونيةُ لفلسطين العهدَ والوعدَ باستمرار تموضعه في ذات الخندق، يُبلِّغُ العالَمَ أن دعمَ اليمن وإسناده لفلسطين ومجاهديها البواسل ثابت ومتصاعد، رسائل الجماهير المُحتشدة في هذه المليونية تصيبُ أكثرَ من هدف ولها أكثرُ من دلالة عابرة للمكان والزمان.. اليمنُ وجعٌ دائم لليهود والمطبِّعين وَالسعوديّة أولًا.
إن كنت في وسط الجموع وفي قلبها أَو كنت تتقدمُها وتطلُّ عليها من مِنصةٍ هنا أَو أُخرى هناك وإن كنت في طريق الذهاب إلى الميدان أَو الإياب منه ستجدُ صنعاءَ كلها تتفاعلُ مع نداءاتِ القائد في خطابه في الأسبوع الأربعين من التضامن والإسناد لغزة وَسلاح الجماهير يُجلجِلُ ورايات فلسطين خفَّاقةً، تفاصيل المشهد كليًّا تأكيدٌ مُتجدِّدٌ لأولوية الصراع مع ثلاثي الشر وتجسيدٌ لثبات معادلة وحدة الساحات وَتأييدٌ لتوسيع مسرح المواجهة وامتداداتها.