ثورة الإمام الحسين تهدي إلى اتّباع نهج النبي الأمين
حسين بن محمد المهدي
الحليم من كان مطيعاً لربه، ومحسناً إلى خلقه، والكريم من جاد بنفسه ابتغاء رحمة ربه وإنقاذ نفسه وأمته وشعبه، وقضى حق الإسلام واستحق الثناء من الخاص والعام، فحمد فعله، وثبت أجره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ، يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
لقد عرف الناس أن سيد الشهداء الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- سيد شباب أهل الجنة، من أكمل الناس إيماناً، وأجلهم قدراً، وأحسنهم خلقاً، وألينهم كنفاً، وأوسعهم براً، وأشدهم على أعداء الله بأساً، وأشجعهم في القتال، وأكرمهم في العطاء والنوال، وأصدقهم حديثاً، وأجملهم وجهاً، وأتقاهم لله وأعلمهم بأحكامه.
ثورة الإمام الحسين نبهت المشاعر، وأيقظت النفوس إلى وجوب إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ كي لا يتسلط أهل الفسق والمجون على خيرات الأُمَّــة ومقدراتها، وما كان لأهل الهوى والأطماع والشهوات أن يسمحوا بأن تجتمع الأُمَّــة على الهدى، وتدير شؤونها وتصلح أوضاعها وفق منهج القرآن.
لقد كان الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- صادق اللهجة، عالي الهمة، قوي الفهم، ثاقب النظر، عزيز النفس، سامي الغريزة، لا يرضى لنفسه بالدون ولا يقنع بها دون الغاية، ولا يقعد عن الجد، ولا يرضى بالاستيلاء على مقدرات المسلمين وإذلالهم، وحرف مسيرة المسلمين عن الوجهة الصحيحة، فخرج ليصلح في أُمَّـة جده.
لقد كنا معشر المسلمين في غمرة حتى صرنا وقوداً لحرب نؤكل فيها ولا نأكل، وتستغل قوى الاستكبار والزعماء الموالون لها كُـلّ قوانا، ولا ننتفع إلَّا بالشيء اليسير من ثروات شعوبنا، وتستنزف كُـلّ خيراتنا، ولا ننال منها إلا النزر اليسير الذي يجود به علينا المتحكمون فينا.
لقد أراد المتحكمون في مصالح هذه الأُمَّــة أن نكون زُرَّاعاً وهم الحاصدون، وأن نكون مستهلكين وهم الصناع والمصدرون، لقد حملوا البعض على ترك مبادئ ديننا، ونزعوا من قلوب بعض الأُمَّــة حب الجهاد وألقوا فيها الوهن، وحب الرذيلة والدنيا الضئيلة، وذلك بما يبثونه من إغراءات، فصار أمر الأُمَّــة سدداً بدداً في كثير من الأحوال.
إذا كنا قد أهملنا في الماضي فعلى الأُمَّــة أن تستيقظ في الحاضر، فقد حدث عند إهمالنا لشؤوننا أن التهمتنا ذئاب الإنسانية وكلاب الصهيونية، فاحتلت أولى القبلتين وهي ترتكب الفظائع في فلسطين على مرأى ومسمع من العالم كله، فهل يستيقظ النائم من سباته، وتستيقظ العقول والكثير من قادة الأُمَّــة يراهنون على قوة أعدائهم.
إن أعداء الأُمَّــة قابضون على نواصي أكثر زعماء الأُمَّــة الإسلامية، وما كانوا ليسمحوا بأن تتلاقى الأُمَّــة على مائدة الإسلام؛ لأَنَّهم يرون في ذلك انتهاء استغلالهم وذهاب استعمارهم.
فطريق الخلاص مرهون باتباع ثورة الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- فقد كشف الواقع أن الإمام الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- كان يسير في طريق الهدى والرشاد مقتدياً بهدي النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي كان يغضب في الله ويجاهد في سبيله.
لقد آن الأوان لهذه الأُمَّــة أن تسير على درب الحسين فتتلاقى على عزة وحرية الإسلام، وأن يصلحوا شؤون دينهم ودنياهم، وأن يسمعوا صوت الحق يناديهم بالقرآن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ؛ إذ كُنْتُمْ أعداء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصبحتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّـة يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئك لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
فإذا كنا قد تفرقنا في الماضي فعلينا أن نتدارك أمرنا في الحاضر، وَإذَا كانت العنصرية والصهيونية قد فرقتنا فالانضواء تحت لواء القرآن يجمعنا، وَإذَا كانت الطائفية التي نبذها الإسلام ونعاها على اليهود والنصارى من قبل قد جعلت تفكيرنا الديني والسياسي ينحرف عن مساره فالاتّجاه صوب القرآن هو الحل (إِنَّ هذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) وهو ما نوّه إليه شهيد القرآن السيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رحمه الله.
إن تفرق المسلمين وتخاذلهم شجع اليهود على ذبح الفلسطينيين وارتكاب جرائم الإبادة، فعلى المسلمين أن يراجعوا حساباتهم وأن ينظروا إلى أقبح تحالف، وأبشع تعاهد على المنكر حدث ضد اليمن وكثير من المسلمين يتفرجون على ذلك، وها هم اليوم في عدن يرفعون سعر الدبة البترول إلى ٢٩ ألفاً على المواطنين الفقراء وكأنهم لا يريدون لهم الحياة الكريمة، إنهم يريدون إماتة هذا الشعب المسلم ونهب ثرواته.
إن المسلمين اليوم في أمس الحاجة إلى ثورة شبيهة بثورة الحسين -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- مقتدية به، تقارع الظالمين وترفع راية الجهاد في فلسطين، وتسير على نهج قائد المسيرة القرآنية السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- المسيرة الظافرة وعلى نهج أنصار الله وحزبه في كُـلّ أصقاع الأرض (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).