صمود وانتصار

دول تدعي الديمقراطية.. تحارب الإرهاب بقتل الأطفال!!

أقامت فرنسا الدنيا ولم تقعدها سياسياً وإعلامياً بسبب قتل طفل فرنسي يبلغ من العمر 12 عامًا رميًا بالرصاص، وهو بداخل حافلة مدرسية في مدينة هيجينهيم الفرنسية، الأسبوع الماضي، ونقلت شبكة “فرانس 3″ الإخبارية عن دومينيك آلزياري، المدعي العام في مدينة الألزاس، أنه لم يتضح ما إذا كان إطلاق النار حادثًا عارضًا أو عملًا متعمدًا، وأفادت الشبكة الإخبارية أن الشرطة احتجزت زميل الضحية “13 عامًا”، وصادرت مسدسًا، وكان على متن الحافلة المدرسية في وقت إطلاق النار 34 طفلًا.

تعامل الدول الغربية مع أطفالهم يختلف تماماً مع تعاملهم مع أطفال العالم الثالث، فموت طفل ذو منشأ غربي له قيمة عندهم، بينما الأطفال ذوي الأصول العربية فلا قيمة لهم مجرد أرقام تضاف على قوائم الموتى.

المجزرة البشعة والإرهابية التي ارتكبتها فرنسا أمس في حق الطفولة العراقية، خير شاهد على ازدواجية معاييرها الديمقراطية التي كثيرا ما تتغنى بها، حيث قال العميد ذنون السبعاوي من الفرقة الثانية في الجيش العراقي بمدينة الموصل بمحافظة نينوى: إن الطائرات الفرنسية قصفت مدرسة فاطمة الزهراء الإبتدائية في منطقة الزهور شرقي الموصل ما أسفر عن مقتل 28 تلميذاً وتلميذة وإصابة خمسة آخرين في حصيلة أولية، وأضاف السبعاوي أنه تم نقل الضحايا إلى المستشفيات القريبة.

فرنسا والتي لم تمض أيام على معاناتها من العمليات الإرهابية التي استهدفت باريس وراح ضحيتها أكثر من 130 شخصا، راحت تمارس الإرهاب في العراق وبشكل مباشر وعلني ضد المدنيين العراقيين وعلى الأطفال خاصة دون رحمة.

النظرة الدونية لأطفال العالم الثالث والعربي خصوصاً لا تقتصر على فرنسا، فهناك دول “ديمقراطية” أخرى لها نفس هذه النظرة، دينيس هاليداي” منسق الأمم المتحدة في العراق الذي قدم استقالته في 1998 احتجاجًا على أثر العقوبات على الشعب العراقي، قال في أحد تصريحاته: نحن نشن حربًا، من خلال الأمم المتحدة، على أطفال وشعب العراق، لقد أمرت أن أطبق سياسة أشبه ما تكون بالإبادة الجماعية، سياسة متعمدة قتلت أكثر من مليون شخصًا من الأطفال والبالغين.

منع الغذاء والدواء من دخول العراق الذي أشرفت عليه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا أدى خلال الأشهر الثمانية الأولى من العقوبات إلى وفاة 47.000 طفلاً تحت سن الخامسة، بحلول عام 1997 أصبح معدل الوفاة للشهر الواحد ما يقارب 7000 طفل بسبب الجوع والمرض، حسب إحصاءات الأمم المتحدة مات ما يجاوز المليون عراقيًا بسبب العقوبات.

تصريحات هاليداي تتماشى مع الواقع المعاصر، فالجمعة الماضية وبعد مرور أكثر من 8 أشهر على الحادثة، اعترف البنتاجون، بأن غارة جوية أمريكية على هدف تابع لتنظيم “داعش” في العراق مارس الماضي من المرجح تسببها بمقتل أربعة مدنيين، قد يكون أحدهم طفلا، علماً أن هذا الاعتراف انتزع بعد تحقيق دام عدة أشهر طالبت به إحدى المنظمات غير الحكومية التي أبلغت الجيش الأمريكي باحتمال مقتل مدنيين في الهجوم، وقال الفريق “سي كيو براون”، قائد القوات الأمريكية الجوية للقيادة المركزية، في بيان مكتوب: نأسف لخسائر الأرواح غير المقصودة، وسنبقي الأسر المتضررة في أفكارنا.

وعلى صعيد متصل، قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال– فلسطين، إن أكثر من 1996 طفلا فلسطينيا استشهدوا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين منذ اندلاع الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) في سبتمبر عام 2000، رقم هائل لم يتطرق له المجتمع الدولي في منظماته الإنسانية التي تتشدق بالحفاظ على حقوق الإنسان والأطفال، بل سادته حال من الصمت المطبق، ووجدناه يتحالف مع أذرعه في المنطقة العربية ليقتل المزيد منهم كما هو الحال في العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” في وقت سابق مقتل أكثر من 505 أطفال وإصابة 702 آخرين خلال الستة أشهر الأولى من العدوان المستمر على اليمن.

يبقى السؤال مطروحا، هل يكفي اعتذار الدول الديمقراطية عن جرائمها البشعة بحق المدنيين عموما والطفولة خصوصاً للتكفير عن خطاياهم، وهل سيعوض هذا الاعتذار أهالي الضحايا ما فقدوه؟.