المكملات الغذائية.. أكذوبة تجارية أم ضرورة صحية؟
تُعتبر المكمّلات الغذائية بالنسبة لبعض الأشخاص بوليصة تأمين ضد نظام غذائي غير مثالي، بينما قد يتناولها الآخرون لأنهم لا يستطيعون أو لا يريدون تناول أطعمة معينة. أيًّا كانت الأسباب، يمكن أن يبدو تناول مكملات الفيتامينات والمعادن طريقا مختصرا ممتازا لحياة صحية. لكن في الأشهر الأخيرة أُثيرت شكوك جادة حول ما إذا كانت هذه المكملات الغذائية في الواقع مفيدة لنا. لدينا “أوميغا 3″، على سبيل المثال، بالنسبة للعديد من الناس، يعتبر تناول هذه الكبسولات الذهبية طريقة للحصول على الأحماض الدهنية الأساسية التي يُقال لنا بأن أجسادنا بحاجة إليها دون الحاجة إلى استهلاك الأسماك الزيتية. ومع ذلك، تشير الدراسات الحديثة إلى أن تناول “أوميغا 3” أو مكملات زيت السمك لا يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية أو الوفاة المبكرة على عكس تناول السمك.
هي قصة كل المكملات الغذائية الأخرى، بما في ذلك الفيتامينات المتعددة؛ حيث تشير نتائج من سلسلة دراسات بحثت تأثيرها على صحتنا أنها كانت مخيبة للآمال. في بعض الحالات، قد يكون تناول جرعات عالية من بعض العناصر الغذائية ضارا. كما أنه قد تشكّل لدينا وعي أكبر بأهمية التفاعلات بين الأطعمة المختلفة التي نأكلها وكيف تؤثّر على امتصاص العناصر الغذائية التي تحتوي عليها. اتضح أن المغزى ليس في ما نأكله، وإنما في كيف نأكله. فهل المكملات الغذائية مجرد تبذير للمال؟ وإن لم يكن الأمر كذلك، فما تلك المكملات التي ينبغي لنا تناولها، وكيف؟
بدأنا في القرن الماضي فقط في تحديد وإدراك أهمية العناصر الغذائية المختلفة التي تدعم الصحة والتي توجد في غذائنا. عام 1913، صاغ الكيميائي البولندي كازيمير فانك، كلمة الفيتامين المشتقة من “فيتا” التي تعني (الحياة) و”أمين” وهو مركب عضوي نتروجيني، بعد ملاحظة أن المركبات التي تسمى “الأمينات” في قش الأرز يمكن أن تحمي الدجاج من مرض نقص الثيامين. يمكن لهذه الحالة الخطرة التي تؤثر أيضا على البشر أن تؤدي إلى تلف الأعصاب أو قصور عضلة القلب. نعلم الآن أن مرض نقص الثيامين ناجم عن نقص في فيتامين (B1) المعروف أيضا باسم الثيامين. كانت أوجه القصور التغذوية المماثلة شائعة في ذلك الوقت، ولكن أسبابها لم تكن مفهومة بشكل جيد، فمثلا لم يتم التعرف على فيتامين “B1” حتى عام 1926.
شهد العقدان التاليان اكتشاف المزيد من الفيتامينات وفهما متزايدا لكيفية تسبب نقصها في الأمراض الشائعة. وأدى ذلك إلى صياغة إستراتيجيات غذائية شفت من أمراض مثل الإسقربوط والكساح وفقر الدم الخبيث الناجمة عن نقص في فيتامينات “C” و”D” و”B12″ على التوالي. دفعت بداية الحرب العالمية الثانية إلى نشر حصص يومية موصى بها لمختلف مجموعات الأغذية والفيتامينات والمعادن في العديد من البلدان. كما بدأت بعض الدول في إغناء بعض الأطعمة بالعناصر الغذائية، مثل إضافة الحديد إلى الدقيق وفيتامين “D” إلى الزبدة النباتية.
ومع ذلك، فضلا عن جعل السكان أكثر صحة، فإن هذا النهج الاختزالي في المواد الغذائية قد عزز نمو ما أصبح الآن صناعة مكمّلات تُقَدَّر بمليارات الدولارات. لا تركز هذه الصناعة فقط على سد النقص الغذائي، ولكنها تسعى أيضا لبيع الفيتامينات والمعادن إلى الأصحاء القلقين الذين يتخذون إجراءات احتياطية بتناولهم المكملات الغذائية. في المملكة المتحدة وحدها، ينفق المستهلكون 420 مليون جنيه إسترليني على المكملات الغذائية كل عام حيث أقراص الفيتامينات هي الأكثر شعبية، يليها زيت السمك.
يبدو أن الأدلة تشير إلى أن هذا كله فكرة جيدة على المستوى السطحي؛ حيث تُظهر الدراسات الوبائية التي تدرس مدى انتشار المرض في مجموعات معينة أن الأشخاص الذين يتناولون الكثير من الأسماك أو الكثير من الخضراوات والحبوب الكاملة وزيت الزيتون، لديهم معدلات أقل من الأمراض مثل أمراض القلب والخرف. لقد اقتنع الكثيرون منا بفكرة أن حفنة من العناصر الغذائية الفائقة الموجودة في هذه الأطعمة، والتي يتم تعبئتها في كبسولات أو أقراص، يمكن أن توفّر الفوائد نفسها دون المتاعب المتصوّرة ونفقات إعداد وجبات طعام صحية.
تكمن المشكلة في أن هذه الفوائد لم تكن موجودة بالضرورة عند اختبار المكملات الغذائية نفسها. وتُستخدم التجارب المنضبطة المعشّاة (Randomised controlled trials) للنظر فيما إذا كان نوع طعام ما أو المكمّل الغذائي مفيدين وكيف تكون فائدتهما. ضمن هذه التجارب، يتم تحديد الناس عشوائيا لتناول إما عنصر من هذا النظام الغذائي مثل أحماض أوميغا 3 الدهنية وإما العلاج الوهمي[1] (بلاسيبو placebo). كانت نتائج هذه التجارب مختلطة: بعض التجارب المنضبطة المعشّاة أظهرت وجود فائدة، أما التجارب الأخرى فلم تجد لها فائدة على الإطلاق. ويقول أندرو برنتيس، رئيس مجلس البحوث الطبية لمجموعة التغذية الدولية في مدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة: “لقد اجتذبت أقراص وكبسولات المكملات الغذائية الصناعةَ لأنها قليلة التكلفة وتركيبها في كبسولات تحاكي طلقات الرصاص أمر سهل. ولا ضير من تناولها إن كانت مفيدة، لكن المشكلة أن تلك الفائدة لم تظهر عند تناول المكملات الغذائية؛ ونحن بحاجة إلى فهم السبب وما علينا فعله حيال ذلك”.ربما كانت الفضيحة الكبرى الأخيرة هي دراسة ضخمة نُشرت في يونيو/حزيران عن طريق تعاونية كوكرين المرموقة؛ في تحليل تلوي (وهو نهج إحصائي يجمع بين البيانات من تجارب عشوائية متعددة لمحاولة الحصول على تقدير أكثر دقة للتأثير)، نُظِر في 79 دراسة لتقييم التأثير البعيد المدى لأحماض أوميغا 3 الدهنية أو مكملات زيت السمك على صحة القلب والأوعية الدموية. وخلصت إلى أن لها تأثيرا ضئيلا أو معدوما على خطر الإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية أو الوفاة المبكرة. وتدعم التحليلات التلوية الأخيرة هذه النتيجة، وقد توصّلت إلى استنتاجات مماثلة مخيبة للآمال لآثار الفيتامينات “A” و”B” و”C” و”D” و”E” على مختلف جوانب صحتنا.
ومع ذلك، يتساءل بعض الباحثين عن أهمية التحليل التلوي لأبحاث التغذية؛ فعلى عكس تجارب الأدوية أو العمليات الجراحية حيث يكون لديك تدخل معياري ومجموعة متجانسة إلى حد كبير يتم اختبارها، فأبحاث التغذية عادة ما تتسم بفوضوية أكبر. عند دراسة مكمل غذائي مماثل لأحماض أوميغا 3 الدهنية، فإنك تجمع دراسات متباينة على نطاق واسع معا؛ والتي قد تنطوي على جرعات أو تركيبات أو حتى أنواع مختلفة من العناصر الغذائية. كما أن العثور على العلاج الوهمي المناسب أمر صعب، ويقول جيفري بلومبرغ الذي يدرس مضادات الأكسدة في جامعة تافتس في بوسطن: “إن كنت سأُجري دراسة تبحث مكمّلات الفيتامين “E”، فجدير بالذكر أنني قد تحصلت على هذا الفيتامين مذ كنت جنينا، طيلة حياتي وطيلة مدة هذه الدراسة، لذا فليس هُناك ما يُقال إنه ضبط العلاج الوهمي”.
لا تقوم التجارب المنضبطة المعشّاة للمكملات عادة بتسجيل ما يأكله المشاركون الآخرون، ولا تقيس المستويات الأساسية للعناصر الغذائية في أجسامهم. وهذا أمر مهم لأن تزويد شخص لديه بالفعل مستويات كافية من فيتامين ما أو معدن ما بمكمل غذائي يختلف اختلافا كبيرا عن إعطائه لشخص يعاني من نقص فيه.
يتحتّم على شركات الأدوية استثمار مبالغ طائلة من الأموال في دراسات معمقة لكي تتخطى العقبات التنظيمية الرقابية التي يجب المرور بها لكي تحوز على اعتماد مصدَّق لأدويتها. من ناحية أخرى، فهناك حافز أقل لشركات المكملات الغذائية للقيام بذلك، إذ إن اعتماد المكملات الغذائية يتم بطريقة اعتماد الأغذية نفسها وليس بطريقة اعتماد الأدوية؛ فيجب أن تكون آمنة للاستهلاك ومصنّفة بشكل صحيح، ولكن ليس عليهم إثبات أن هذه المكملات تحسّن الصحة. يعلّق سايمون ديال من جامعة روهامبتون في لندن على ذلك قائلا: “تنحو دراسات المكملات الغذائية لأن تكون أصغر حجما وأقصر مدة. لكن المكملات الغذائية ليست بالأدوية، لذلك من غير المحتمل أن ترى تأثيرا على صحة الناس بعد تناولها لمدة عشرة أسابيع أو حتى أربعة أو خمسة أشهر. أنت تحتاج إلى دراسة لمدة لا تَقِلُّ عن عام كامل، ومن غير المرجح بتاتا أن تموّل شركات المكملات الغذائية هذا النوع من الدراسات”.
غالبا ما تحاول التحليلات الوصفية تفسير شيء من هذا التفاوت، لكن المشكلة الأساسية تظل كما هي وفقا لديال. ومع ذلك، فإن التجارب المنضبطة المعشاة هي أفضل طريقة جربناها حتى الآن. إلى أين سيقودنا كل ذلك؟ يتفق معظم الباحثين في مجال التغذية على أن تناول المكملات الغذائية مناسب لأولئك الذين يجدون صعوبة في اتباع نظام غذائي متوازن، إما بسبب الحساسية أو خيارات نمط الحياة مثل النباتية أو النباتية الصرفة.
ومع ذلك، ينقسم الخبراء بشأن ما إذا كان ينبغي للأفراد الأصحاء وذوي التغذية الجيدة تناول المكملات الغذائية. تقول جوان مانسون أخصائية الأوبئة في مدرسة هارفارد تشان للصحة العامة في بوسطن: “أعتقد أن علينا أن ندرك بأن المكملات الغذائية قد لا تكون خالية تماما من المخاطر خاصة عند تناول جرعات عالية منها”. على سبيل المثال، يبدو أن تناول الكثير من “بيتا كاروتين” يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة لدى المدخنين، في حين ارتبط فيتامين “E” بزيادة خطر الإصابة بسكتة دماغية نزفية وربما سرطان البروستاتا.
مؤخرا، نشرت مانسون توجيهات تخطر الأطباء بما يجب عليهم إخباره لمرضاهم بشأن المكملات الغذائية. وكان استنتاجها بأن: “المكملات الغذائية الروتينية الدقيقة ليست للجميع”. ويوافقها برنتس الرأي حيث أوضح: “برأيي أنه لا ينبغي للناس تناول المكملات الغذائية إلا إذا كان هناك ما يؤكد حاجتهم إليها، وفي بلد مثل بريطانيا مثلا فإن معظم الناس لا يحتاجون إلى مكملات غذائية”.
الجوع الخفي
غير أن بلومبرغ في جامعة تافتس يجادل بأن ثروة بلد ما هي مؤشر ضعيف على الحالة التغذوية لسكانه: فيمكن أن يكون لديك الكثير من الطعام، ويظل السكان يعانون من سوء التغذية. يقول بلومبرج: “ستة وستون في المئة من الأميركيين يعانون من السمنة المفرطة أو السمنة، والسبب هو أنهم يتناولون أغذية عالية الطاقة وفقيرة غذائيا”. لا يؤثر هذا “الجوع الخفي” فقط على الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. منشور مشترك بين دوائر الزراعة في الولايات المتحدة والخدمات الصحية والإنسانية، وجد أن الفيتامينات “A” و”C” و”D” و”E” والكولين والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والبوتاسيوم والألياف يتم “استهلاكها بصورة أقل من اللازم” من قِبَل العديد من الأشخاص في الولايات المتحدة. أما أولئك الذين يتناولون الفيتامينات اليومية يمتلكون كميات تكون أقرب بكثير إلى الحصص اليومية الموصى بها بحسب عمل بلومبرغ.
يقول بلومبرغ الذي قاد الدراسة: “نعرف أن الناس في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وحول العالم لا يتناولون الطعام بالطريقة الصحيحة. يجب أن نحاول تغيير ذلك، لكنني أعتقد أيضا أنه من الحكمة إخباركم بتناول الفيتامينات المتعددة”. ويذكر بلومبرغ الذي يعمل مستشارا للعديد من شركات المكملات الغذائية في دراسة “صحة الأطباء الثانية”، وهي إحدى أكبر التجارب المعشاة للمكملات الغذائية التي أُجريت حتى الآن، بقيادة باحثين في مستشفى النساء بريغهام في بوسطن. وتتبعت صحة أكثر من 14 ألف رجل في الولايات المتحدة فوق سن الخمسين لأكثر من عقد، وخلصت إلى أن الذين يتناولون الفيتامينات اليومية لديهم انخفاض ضئيل ولكن مؤثر بنسبة 8% في حالات الإصابة بجميع أنواع السرطان.
لا يزال هناك المزيد من الدراسات تحاول معرفة ما إذا كان يمكن تكرار هذه النتائج، وإن كانت النتائج تنطبق على النساء أيضا. يقول بلومبرج: “بصفتي كبيرا في السن، فأنا سعيد بأن أتلقى فوائد متواضعة لأي من الأنظمة الفسيولوجية الخاصة بي”. وبالنسبة لأولئك الذين يتّبعون نظاما غذائيا ضعيفا، فإن تناول المكملات الغذائية يمكن أن يقربهم من الجرعة اليومية الموصى بها، ولكن ذلك لا يترجم دائما إلى الفوائد الصحية التي قد تتوقعها؛ لسبب واحد وهو احتواء الأطعمة على ما يفوق العناصر الغذائية التي قد تجدها في مكمل غذائي نموذجي. قد يكون هذا سببا آخر لعدم تطابق نتائج تجارب المكملات الغذائية مع الدراسات الرصدية الخاصة بالسكان الذين يتناولون كميات كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على تلك العناصر الغذائية.
ما لا يوجد في أقراص المكملات الغذائية
يقول ريتشارد هوفمان من جامعة هيرتفوردشاير بالمملكة المتحدة: “أحد الأشياء الرئيسية التي يفتقر النظام الغذائي في المملكة المتحدة إليها هي الألياف، ولا يمكنك الحصول على الألياف من أقراص المكملات الغذائية”. وهناك المواد الكيميائية النباتية والمركبات الموجودة في النباتات مثل الكاروتينات والفلافونيدات التي يُعتقد أنها تساعد في تقليل الضرر في الخلايا، والذي تسببه الجذور الحرة والجزيئات غير المستقرة شديدة التفاعل التي تطلقها عمليات الجسم الطبيعية. يقول هوفمان: “من المؤكد أن هذه الأمور ستكون مفقودة إذا كنت تتناول غذاء من الأطعمة المصنَّعة مع أقراص الفيتامينات المتعددة”.
ويبدو أن توازن هذه العناصر الغذائية مهم. على سبيل المثال، يستخدم الجسم زيوت أوميغا 3 من الأسماك الزيتية لصنع المواد التي تثبط الالتهاب. لكن أحماض أوميغا 6 الدهنية الموجودة في اللحوم وذات الصلة الوثيقة بأوميغا 3 تصنع جزيئات تعزز الالتهاب. قد يكون هذا أحد الأسباب التي تجعل تناول الكثير من اللحوم الحمراء سيئا بالنسبة لنا، مما يفسر أيضا صحة المجموعات السكانية التي تستهلك أسماكا أكثر. ولكن ليس من المهم فقط اتّباع نظام غذائي متوازن بشكل عام، إذ إن تناول خليط من الأطعمة في كل وجبة أمر مهم أيضا. يقول جوليان ماكلمينتس من جامعة ماساتشوسيتس: “إن كمية الطعام التي تتناولها ومتى تتناولها ومزيج الأطعمة التي تتناولها يمكن أن يكون له تأثير كبير على صحتك”.
في دراسة غير منشورة حتى الآن، أعطى ماكلمينتس وزملاؤه الناس الفواكه والخضروات الطازجة لتناولها إما لوحدها وإما مع المستحلبات التي تحتوي على مختلف الدهون أو التوابل أو كليهما. عند استهلاك الفاكهة والخضروات مع مستحلب، دخلت العناصر الغذائية في مجرى الدم بكميات أكبر. يوضح ماكلمينتس قائلا: “يشير ذلك إلى أننا نستطيع تصميم الأطعمة لزيادة كمية المواد الغذائية المفيدة التي يمتصها الجسم”. ولكن لها أيضا آثار على تصميم التجارب السريرية لاختبار المكملات الغذائية حيث أشار: “إذا لم تكن تتحكم في تأثير مصفوفة الطعام، يمكن للناس أن يأكلوا الكمية نفسها من الكاروتينات مثلا، وقد يمتص جسم أحدهم الكثير، بينما يمتص جسم شخص آخر القليل”.
خير مثال على هذا التأثير خارج المختبرات هو زيت الزيتون. يزيد زيت الزيتون من كمية كاروتينويد يسمى الليكوبين والذي يمتصه جسمنا عندما نأكل الطماطم، لأن الكاروتينات يجب أن تذوب في الدهون ليتم نقلها إلى الدم. وينطبق مبدأ مماثل على فيتامينات “A” و”D” و”E” و”K” القابلة للذوبان في الدهون. يمكن أن يكون للجمع بين الأطعمة المختلفة التي تتناولها وموعد تناولها تأثير كبير. هذه النتائج مهمة بالنسبة لمتناولي المكملات الغذائية، فوفقا لبلومبرج: “إذا كنت لا تتناول مكملات غذائية، فإن الكثير من هذه المواد الغذائية سيكون امتصاصها أقل من النحو الأمثل”. في بعض الحالات، قد تؤدي هذه التأثيرات إلى تقويض صحتك. على سبيل المثال، ارتبطت مكملات الكالسيوم بزيادة مخاطر حصى الكلى، في حين أن الكالسيوم الغذائي يبدو أنه يقلل من مخاطرها.
من الواضح أنه ما زال لدينا الكثير لنتعلمه عن كيفية تفاعل الأطعمة المختلفة. عندما نكتشف أكثر في هذا الخضم، قد يكون من الممكن تعزيز القيمة الغذائية للأطعمة التي نأكلها، بالإضافة إلى تصميم مكملات غذائية أفضل. الغذاء إذن هو أفضل مصدر للمواد الغذائية التي نحتاج إليها. ولكن بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على كل ما يحتاجون إليه من غذاء مما يأكلونه، فهناك بعض الأشياء البسيطة التي يمكنك القيام بها لضمان حصولك على أقصى استفادة من المكملات الغذائية: تناولها دائما مع الطعام، بما في ذلك القليل من الدهون، واتبع التعليمات على العلبة لتجنب جرعة زائدة من بعض المواد الغذائية. اسأل طبيبك عن أي مكملات تتناولها حيث تبيّن أن بعض الفيتامينات تتداخل مع الأدوية، مثل دواء “وارفارين” (warfarin) دواء مضاد لتخثر الدم. الأهم من ذلك كله، لا تفترض أن تناول المكملات الغذائية يمكن أن يعوّض عن مساوئ تناول نظام غذائي غير صحي. هناك الآلاف من المكونات النشطة في الأطعمة، وبعضها بدأنا للتو في معرفتها، كما أن طعمها أفضل بكثير أيضا.
اعرف الفيتامينات
يمكن فصل الفيتامينات إلى أنواع قابلة للذوبان في الماء، وقابلة للذوبان في الدهون. يتم امتصاص النوع القابل للذوبان في الماء مثل فيتامين “C” في نظامنا الغذائي حتى نصل إلى نقطة التشبع، وبعد ذلك يتخلص جسدنا من أي فائض بالبول. ومع ذلك، لا يمكننا تخزينها؛ لذلك إذا توقفت عن استهلاك هذه الفيتامينات فسوف تنخفض مستوياتها بسرعة. من ناحية أخرى، يمكن تخزين الفيتامينات التي تذوب في الدهون في الجسم وخاصة في الكبد. ولكن الإكثار مما هو جيد يمكن أن يتسبب في الوصول إلى مستويات سامة. في حين أن معظم الفيتامينات المتعددة يحد من كميات الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون التي تحتويها، إذا كان الناس يتناولون مكملات غذائية متعددة في وقت واحد قد يكثرون من استهلاكها دون علمهم.
من يجب أن يتناول المكملات الغذائية وأيها تحديدا؟
على الرغم من عدم وجود بديل عن الأكل الصحي، فإن بعض المجموعات الفرعية من السكان أكثر عرضة للنقص في بعض العناصر الغذائية. هنا، قد تلعب المكملات الغذائية دورا أكثر فائدة:
- النساء الحوامل
يجب على النساء الحوامل أو أولئك اللاتي يفكرن في الحمل أن يأخذوا بعين الاعتبار تناول حمض الفوليك. وقد قدّر هذا إلى أكثر من نصف حالات الإصابة مثل السنسنة المشقوقة، وهو عندما لا يتطور العمود الفقري والنخاع الشوكي بشكل صحيح في الرضيع. يتم تعزيز بعض الأطعمة مثل بعض أنواع الحبوب الغذائية وقريبا الطحين في المملكة المتحدة بحمض الفوليك.
- الأطفال الرضّع
توصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بأن يتلقى الرضّع الذين يتغذون بالرضاعة بشكل حصري أو جزئي على فيتامين “D” التكميلي الذي لا يوجد إلا في مستويات منخفضة جدا في حليب الأم. تقول جوان مانسون التي قامت مؤخرا بمراجعة الأدلة الخاصة بالمكملات الغذائية في مجموعات سكانية مختلفة: “لا نعلم كم كان فيتامين “D” موجودا في حليب الأم لأسلافنا، لكننا نعرف الآن أنه محدود على الأقل لدى سكان البلدان الواقعة على دوائر العرض العالية، من الدائرة القطبية الشمالية حتى القطب الشمالي ومن الدائرة القطبية الجنوبية حتى القطب الجنوبي”.
وتضيف جوان بأن الأطفال الأصحاء الذين يستهلكون نظاما غذائيا متوازنا لا يحتاجون إلى مكملات متعددة الفيتامينات أو مكملات معدنية، على الرغم من وجود بعض الأدلة على أن أحماض أوميغا 3 قد تقلل من أعراض “فرط الحركة وتشتت الانتباه” لدى الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم والسلوكيات.
- البالغون فوق خمسين عاما
مع تقدمنا في العمر، فإننا نبدأ بإنتاج حمض المعدة بكميات أقل، والذي يمكن أن يعوق قدرتنا على امتصاص بعض العناصر الغذائية من نظامنا الغذائي. من ضمنها فيتامين “B12” الذي يشارك في صنع خلايا الدم الحمراء والأعصاب والحمض النووي. وبالتالي، فإن البالغين فوق سن الخمسين غالبا ما يكون لديهم نقص في هذه المغذيات، وينبغي أن يفكروا في الحصول على المزيد منها من المكملات الغذائية أو الأغذية المعززة بما في ذلك بعض حبوب الإفطار.
كما أن العظام تضعف مع تقدمنا في العمر، وهناك حاجة إلى تعزيز فيتامين “D” والكالسيوم. يُصنع فيتامين “D” في الجلد من أشعة الشمس، ولكن خلال فصل الشتاء في البلدان الواقعة عند دوائر العرض العالية، قد تساعد المكملات الغذائية على الرغم من أنه من غير المؤكد ما إذا كانت تقلل من معدل كسور العظام. خلص تحليل تلوي أخيرا إلى أن مكملات الكالسيوم تقلل من خطر التعرض للكسور وفقدان كثافة العظام بين النساء والرجال الذين بلغوا سن الخامسة والستين من العمر ما بعد سن اليأس. لكنها تزيد أيضا من خطر حصى الكلى. إن كانت لديك مشكلة صحية، فعليك التحدث إلى طبيبك قبل تناول المكملات الغذائية.