صمود وانتصار

المرحلة الخامسة من التصعيد.. ما السيناريوهات المتوقعة؟

تجلت ملامح سيناريو المرحلة الخامسة من التصعيد ضد كيان العدو الإسرائيلي، والتي تشهد تصعيداً نوعياً، من خلال استهداف يافا المحتلة، والتي يطلق عليه العدو اسم “تل أبيب”.
وحددت العملية النوعية للقوات المسلحة، أول المهام خلال هذه المرحلة، مخترقة كل الدفاعات الجوية للأعداء على امتداد مساحة جغرافية كبيرة، لتصل إلى قلب “تل أبيب” وتحقق الهدف بدقة ونجاح كبير، وبنجاح هذه العملية أعلن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- عن تدشين المرحلة الخامسة من التصعيد.. فما هي السيناريوهات المتوقعة لهذه المرحلة؟
ترى الكاتب والصحفية في الشؤون السياسي مريم السبلاني أنه ومع انتقال القوات المسلحة اليمنية إلى المرحلة الخامسة من التصعيد، فقد تتسع رقعة الاستهداف لتشمل أهدافاً أكثر حساسية بالنسبة لكيان الاحتلال؛ في حين أن الاستهداف الإسرائيلي للحديدة، وهو هدف طال البنى التحتية المدنية، يفتح الباب أمام القوات المسلحة لإدراج المنشآت النفطية في البحر الأبيض المتوسط، أو قبالة السواحل الفلسطينية المحتلة، ضمن بنك الأهداف.
وتضيف: “من ناحية أخرى فإن المعركة التي اختار اليمن أن ينخرط فيها لمساندة الشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة، بالتنسيق مع دول وحركات محور المقاومة، تتكيّف بمرونة مع متطلبات الميدان ومستجداته، وهذا ما لاحظناه في المراحل السابقة”، مؤكدة أن الأهداف التي كانت خلال المرحلة الأولى تقتصر على السفن المتواجدة في البحر الأحمر، ومن ثم اتسعت رقعتها لتشمل مختلف المسطحات المائية المحاذية لليمن في المراحل اللاحقة، أي أن الأهداف التي ستندرج في اللائحة العسكرية للقوات المسلحة اليمنية، ستكون بالضرورة أكثر ايلاماً عما كانت عليه بداية الحرب، وعلى كيان الاحتلال أن ينتظر المزيد من الخسائر الاقتصادية بالدرجة الأولى.
وبحسب السبلاني فان الواقع على كيان العدو أن يطرح سؤالاً جدياً، هو اليوم أشبه بالأمر الواقع، إذا كان اقفال ميناء “أم الرشراش” تسبب بخسائر تزيد عن 14 مليون دولار، فكيف سيكون الحال مع استهداف “تل أبيب” مرة أخرى، وهي العاصمة الاقتصادية والمالية والتكنولوجية للكيان، وما هو موقف المستثمرين من ذلك أيضاً؟ وهل يستطيع حماية كل منشآته النفطية وتلك المتواجدة على امتداد فلسطين المحتلة في ظل الاستنزاف الذي يتعرض له جيشه ومؤسساته الأمنية في الشمال وفي قطاع غزة؟
مفاجآت مرعبه للعالم
وعن سيناريو المرحلة الخامسة من التصعيد ضد كيان الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي، يقول رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة صنعاء، الدكتور خالد يحيى علي العماد إن سيناريو المرحلة الخامسة مليء بالمفاجآت للعالم، وسوف يكون مزلزلاً ومرعباً لهم، ومؤثراً على كيان العدو، من عدة نواحي اقتصادية وسياسية واجتماعية، فمن الناحية الاقتصادية وعلى غرار إغلاق ميناء “ايلات”، وتوقفت الحركة التجارية فيه نتيجة عمليات القوات البحرية والجوية اليمنية في البحر الأحمر، فان العمليات المفاجئة ضمن المرحلة الخامسة ستجبر كبار التجار والمستثمرين على مغادرة مدينة “يافا” المحتلة التي جعلها العدو عاصمة له، وتتركز فيها القوة التجارية، وفيها أكبر الشركات والاستثمارات والبنوك، وهذا ما هو حاصل الآن في “يافا” نتيجة دخولنا في المرحلة الخامسة، والتي سوف تركز ضرباتها على “يافا” التي لم تعد مدينة آمنة كما ذكر السيد القائد عبدالملك في خطابه.
لقد أفقد إعلان المرحلة الخامسة من التصعيد العدو الإسرائيلي هيبته المزعومة، والذي كان يصف نفسه بالجيش الذي لا يقهر، وأصبحت الدول الحليفة له تنظر اليه بازدراء، وتقف مرعوبة وخائفة من المرحلة الخامسة التي زلزلت عروش الظالمين بحسب كلام الدكتور العماد.
ويشير الدكتور العماد إلى أن قادة الكيان الصهيوني يصرحون بأن “الحوثي” لا يخاف، وأنهم مرعوبون من أنصار الله كونهم يمتلكون أسلحة متطورة وفعالة ولا يخافون من أحد حتى أمريكا لم تستطيع أن توقف أنصار الله، ولهم في البحر الأحمر عبرة.
ويؤكد الدكتور العماد أن المرحلة الخامسة من الناحية الاجتماعية، قد جعلت المستوطنين اليهود في “يافا” يسكنهم الخوف والرعب، وفي نزوح كبير، وكذلك في تكديس وتخزين للأغذية، والأهم من هذا فأفراد المجتمع الصهيوني المحتل قد لا يجدون مكاناً للنزوح اليه، لاسيما محدودي الدخل، مؤكداً أن الصهاينة يعلمون جيداً نهايتهم المخزية، ولهذا فان جرائم الإبادة والمجازر التي يرتكبها العدو في قطاع غزة تعجل بزوالهم.
تداعيات العمليات العسكرية
وحول المرحلة الخامسة يقول الصحفي والمحلل السياسي يحيى محمد الشرفي إنه من المرجح جداً أن تشهد المرحلة الخامسة من التصعيد اليمني ضد كيان العدو الإسرائيلي تصعيدًا نوعيًا، والمزيد من الضربات الموجعة بقوة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، بمقابل محاولات الكيان الرد على هذه الضربات بعدوان مباشر ضد اليمن، في محاولات بائسة منه لاستعادة الردع، لكن العدوان الإسرائيلي لن يعيد الردع للعدو الإسرائيلي أبدًا، فالقوات اليمنية لم تكن في حالة ردع قبل هذا التصعيد، بل كانت تسعى دائماً لتطوير قدراتها العسكرية، وهذا النهج يعكس استراتيجية طويلة الأمد تعتمدها القوات المسلحة لتحسين القدرات العسكرية لتكون أكثر فاعلية وضررًا على العدو الصهيوني، وهو ما ظهر بوضوح في الهجوم الأخير على يافا “تل أبيب”.
ويؤكد أن موقف الشعب اليمني قوي وثابت، ولن يتزحزح مهما كانت ردة الفعل من قبل العدو الإسرائيلي خلال مرحلة التصعيد اليمني الخامسة ضده، مشيراً إلى أن العمليات الاستعراضية للعدو كتلك التي استهدفت خزانات الوقود في ميناء الحديدة ومحطة الكهرباء لن تؤثر على تصميم الإرادة اليمنية، بل ستزيدها إصراراً على الانتقام، ومواصلة نصرة الشعب الفلسطيني، وهذا الثبات يعكس روح المقاومة لدى اليمنيين التي لا تتأثر بالضغوط الخارجية، وستستمر في عملياتها التصعيدية.
وعن العمليات العسكرية في مسارات المواجهة مع العدو الصهيوني ومصالحه في المنطقة، يؤكد الشرفي أن العمليات العسكرية ستستمر في البحار، وإلى عمق فلسطين المحتلة، ومن حديث السيد القائد عبدالملك الحوثي -يحفظه الله- والقيادة السياسية والعسكرية اليمنية تُظهر التزامًا واضحًا بمواصلة العمليات العسكرية رغم التحديات، مع التركيز على توجيه ضربات نوعية تهدف إلى شل قدرات العدو وفرض توازن الردع.
أما الرد اليمني على العدوان الإسرائيلي الاستعراضي في ميناء الحديدة، فلم يأت بعد، وعلى العدو ألا يطمئن لهذا الهدوء الذي يسبق العاصفة، ومهما كانت تداعيات الرد اليمني فلن يتراجع اليمنيون عن الثأر لشهدائهم وجرحاهم، وكل ما أعاد العدو الصهيوني العدوان على اليمن رداً على ما سيتعرض له من هجمات من اليمن في سياق المرحلة الخامسة من التصعيد اليمني، لن يجد من اليمن سوى الثأر، والرد في الوقت والمكان المناسبين.
وإلى جانب ما سيحققه الإسناد اليمني في عملياته العسكرية ضمن المرحلة الخامسة من انهيار للمزيد من الردع الإسرائيلي، ووفقاً للشرفي، سيكون هناك أيضاً تداعيات مهمة للعمليات اليمنية الإسنادية من هذه المرحلة داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي من خلق للصراعات والانقسامات سواء بين سلطات الاحتلال فيما بينها، أو بين الاحتلال والمستثمرين في القطاعات الاقتصادية التي سيطالها أو تطالها حالياً تأثيرات العمليات الإسنادية اليمنية في الاحتلال الصهيوني.
وكمثال على ذلك، أشار تقرير عبري، الى أن تداعيات الهجمات اليمنية وصلت إلى خلق صراعات وانقسامات بين المسؤولين الإسرائيليين والمستثمرين حول تحمل مسؤولية توقف ميناء “أم الرشراش” عن العمل، وهذا يوضح التأثير الاقتصادي والإداري الذي يمكن أن تحدثه العمليات التصعيدية، مما يزيد من الضغط على العدو.
في المحصلة فإن سيناريو المرحلة الخامسة من التصعيد اليمني يعكس استراتيجية محكمة تهدف إلى قلب معادلات الردع والردع المضاد لمصلحة الجبهة الفلسطينية وحلفائها بوجه الجبهة الإسرائيلية الأمريكية وأدواتها العميلة، وذلك عبر تطوير القدرات العسكرية، وتعزيز الثبات في الموقف اليمني، واستمرار العمليات التصعيدية، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني.
هذه الاستراتيجية تضيف أبعادًا جديدة للصراع، مع التركيز على الضغط المتزايد على العدو الإسرائيلي من جوانب متعددة، عسكرية، اقتصادية وإدارية.
المسيرة