صمود وانتصار

هل تأخر الرد اليمني على الهجمات “الإسرائيلية” على ميناء الحديدة الساحلية غرب الجمهورية؟

طالب الحسني
يوضع هذا السؤال من زاويتين:
الثانية كيدية ليس لها أهمية اعتبارية سوى أنها تنقل خصوم صنعاء من مربع التشكيك بهدف التقليل من أهمية العمليات العسكرية المساندة لغزة إلى مربع الاعتراف بالندية التي تمارسها صنعاء مقابل العدو الإسرائيلي.
والزاوية الأولى وهي موضوع هذه المقالة أن السؤال عن الرد اليمني نابع من الإدراك بأهمية جبهة الإسناد اليمنية والقيمة المضافة لهذه الجبهة ضمن هذه المعركة التاريخية المتقدمة مع العدو الإسرائيلي.

فكرة الوقت ليست أهم حتمية الرد الموازي وربما المتجاوز للغارات الإسرائيلية على مخازن وقود ومازوت في ميناء الحديدة بغرض محاولة استرداد “الردع” من صور الدخان والنيران المنبعثة من الاحتراق، وهي محاولة لا يمكن مقارنتها بتأثير عمليات اليمن في البحر الأحمر والعربي التي حاصرت الكيان وأغلقت البوابة البحرية له نحو آسيا ودفعت ميناء أم الرشراش المحتلة المسماة “إيلات” إلى الإفلاس، والأهم من ذلك سياسيا وعسكريا واستراتيجيا أن صنعاء أفشلت مهام أهم تحالفين عسكريين “اسبيدس” و”حماية الازدهار” بقيادة أمريكية وبريطانية قدما لحماية الملاحة الإسرائيلية من باب المندب المغلق أمامها لأول مرة منذ 1948 .
بالعودة إلى الرد المرتقب والحتمي والآتٍ بحسب تعبير قائد الحركة الثورية اليمنية السيد عبدالملك الحوثي فإن صنعاء تنظر إليه من مسارين:
الأول عملية عسكرية موسعة من المتوقع أن يستخدم فيها طائرات مسيّرة بينها “يافا” التي استخدمت لضرب يافا المحتلة المسماة “تل أبيب” في 19 يوليو الجاري وصواريخ فرط صوتية كشف عنها مطلع الشهر الجاري ولا بد أن تشمل يافا المحتلة “تل أبيب” ومدن أخرى ومن المرجح أن تشمل أيضا موانئ رئيسية على البحر الأبيض المتوسط.

إن لم يكن هذا الهجوم يشبه عملية الوعد الصادق التي نفذتها الجمهورية الإسلامية في إيران في 14 أبريل نيسان ردا على العدوان الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق، فإنه أي الهجوم اليمني سيقترب من العملية الإيرانية، وبالتالي فإن الكيان سيحتاج تدخلا دفاعيا أمريكيا وأوروبيا وربما عربيا أيضا لمواجهة العملية اليمنية.

وبغض النظر عن نسبة ما سيصيب الهجوم من أهداف فإن حدوث عملية هجومية يمنية موجهة نحو “تل أبيب” العمق الحيوي والاستراتيجي للعدو الإسرائيلية بنمط عملية الوعد الصادق الإيرانية سيعتبر تحولا مهما في الصراع مع “إسرائيل” ورعاتها الاقليميين والدوليين يضاهي 7 أكتوبر الفلسطيني و8 أكتوبر اللبناني و14 أبريل الإيراني.

المسار الثاني: الحفاظ على تحقيق هدف جعل يافا المحتلة “تل أبيب” منطقة غير آمنة ومعرضة للاستهداف ضمن المرحلة الخامسة من عمليات اليمن المساندة لغزة.
هذا المعادلة التي أعلنها العميد يحيى سريع المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية وأكدها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين في خطابه قبل الأخير غٌيبت من النقاش على الرغم من أهميتها وخطورتها بسبب أن عملية يافا خطفت الأضواء، لكن ذلك بقي موضع الاهتمام الإسرائيلي وكانت أحد أهم الدوافع لاتخاذ الكيان قرار تنفيذ هجوم على الحديدة اليمنية.

إذ أن الاعلان عن أن عاصمة الكيان بما تمثله من أهمية وثقل سياسي ودبلوماسي واقتصادي ومعنوي وعسكري، منطقة عمليات عسكرية وهجمات من اليمن تطور خطير وضاغط على “إسرائيل”.
ولذلك فإن أحد التعريفات المهمة للعملية الهجومية الإسرائيلية على اليمن والتي نوقشت مع الولايات المتحدة الأمريكية لساعات طويلة أنها أيضا عملية عسكرية استباقية لمنع تكرار الهجوم على يافا المحتلة “تل أبيب”.

وعلى علاقة بهذه التطورات من ساحات الإسناد، ثمة مخاوف إسرائيلية عكستها الصحف العبرية، معاريف، يدعوت أحرنوت عن محللين عسكريين وسياسيين صهاينة تتعلق بمدى إمكانية محور المقاومة من وحدة الساحات التي يعمل بها حاليا إلى الساحة الواحدة، بحيث أن لا يقتصر الرد على أي هجوم إسرائيلي على ساحة ما من الجبهة ذاتها بل من أي جبهة في المحور وهو ما سيؤدي إلى إجبار “إسرائيل” على التعامل مع محور المقاومة كجبهة واحدة وهو أمر مرهق للدفاعات الجوية والاستعدادات القتالية.
هذا المسار سيحصل حتما إذا توسع الصراع وانزلق العدو الإسرائيلي إلى حرب على ومع لبنان.