صمود وانتصار

الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام: جهاد العظماء وعدل الحكماء.

 

الإمام الهادي (عليه السلام) أحد عظماء العترة وسليل بيت النبوة ورمز من رموز الإسلام العظماء حمل مشعل الهداية والنور في زمن كانت فيه الأمة الإسلامية تعاني من الظلم والانحراف.

نشأ هذا الإمام الجليل محاطًا بأجواء العلم والتقوى، فتعلم من جده الإمام القاسم عليه السلام، واكتسب منه علوم آل محمد. ولم يكن الإمام الهادي مجرد عالم نظري؛ بل كان رجلًا يجسد تعاليم الإسلام في أفعاله وأقواله، يقود الناس إلى الحق والعدل في زمن انتشرت فيه الفتن والاضطرابات وهو القائل : “إن هي إلا سيرة محمد أو النار”.

تميز الإمام الهادي بفضائله التي لا تعد ولا تحصى، فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحيي به الله الحق، ويميت به الباطل. الإمام الهادي كان شخصا كاملاً فإلى جانب كونه عالمًا مجتهدا، يجيب عن المسائل الفقهية وعلوم الدين ويؤلف في ذلك المؤلفات فقد كان أيضا مجاهداً عظيما وله فضل كبير في القضاء على فتنة القرامطة في اليمن وهو مؤسس الدولة الزيدية في اليمن حتى ومع هذا، كان زاهدًا في الدنيا، متواضعًا في حياته، عابدًا يخشى الله في كل لحظة.

سيرة الإمام الهادي ليست مجرد حكاية تاريخية؛ بل هي مشعل يهتدي به المسلمون في كل زمان ومكان، لتكون مصدر إلهام لكل الساعين لإقامة الحق والعدل في مجتمعه.

في هذا التقرير نستعرض جزء من مسيرة طويلة من الجهاد والإصلاح لهذا الرجل الرباني من بداية خروجه إلى اليمن حتى استشهاده:

نسبه الشريف

هو الإمام الهادي إلى الحق المبين أمير المؤمنين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.

مولده: ولد-عليه السلام-بالمدينة المنورة سنة (245هـ)، وعندما حُمل إلى جده (وارث علم آل محمد) الإمام القاسم عليه السلام-، وضعه في حجره المبارك، وعوَّذه ودعا له، ثم قال لابنه: ما سمّيته؟ قال: “يحيى“. فقال: “والله هو يحيى صاحب اليمن”.

بعض ما ورد فيه

روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يخرج في هذا النهج -وأشار بيده إلى اليمن- رجل من ولدي اسمه يحيى الهادي، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، يحيي به الله الحق، ويميت به الباطل)).

وروي عن الإمام علي -عليه السلام-أنه قال: (يا أيها الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، أيها الناس إنا أحلم الناس صغاراً، وأعلمهم كباراً، أيها الناس، إن الله تعالى بنا فتح، وبنا ختم. أيها الناس، ما تمر فتنة إلا وأنا أعرف سائقها وناعقها، ثم ذكر فتنة بين الثمانين ومائتين، قال: فيخرج رجل من عترتي اسمه اسم نبي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يميز بين الحق والباطل، ويؤلف الله بين قلوب المؤمنين على يديه كما تتألف قزع الخريف، انتظروه في الأربع والثمانين ومائتين في أول سنة واردة وأخرى صادرة).

وقال عنه الإمام الناصر الأطروش عليه السلام وهو يحث الناس على نصرة الإمام الهادي يحيى بن الحسين: ((من يمكنه أن ينصره، وقرب منه؛ فنصرته واجبة عليه، ومن تمكّن من نصرتي وقرب منّي فلينصرني)).

خروجه إلى اليمن:

نظرا لما أصاب أهل اليمن من جور الجائرين من حكام الدولة العباسية، شاعت الفتن والاضطرابات والاقتتال، وعم الانحراف والضلال، على يد القرامطة والباطنية الذين نشروا الغواية والانحلال، وشرعوا كل مجالات الانحراف، فأحلوا الحرام وحرموا الحلال.

وفي هذا الواقع المخزي فزع أهل اليمن إلى رجل ذاع صيته علما وورعا وشجاعة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو “الإمام الهادي عليه السلام”، فتوجه وفد من مشائخ ووجهاء أهل اليمن إلى ذلك الإمام العظيم، وطلبوا منه أن يتوجه معهم إلى اليمن لإصلاح أحوالهم، وأعطوه العهود والمواثيق على نصرته، فلبى الإمام الهادي طلبهم، وتوجه عليه السلام مع أولئك الوجهاء إلى اليمن.

الخروج الأول 280هـ

وقد كان خروجه إلى اليمن في المرة الأولى في عام 280هـ فقضى معهم وقتا قصيرا فلما امتنع بعض جيشه من تنفيذ ما أمر الله، ولما لم يجد من يعينه على القيام بالحق، تركهم وعاد إلى موطنه في الحجاز في الرس، معلنا أنه لن يكون كالشمعة تحرق نفسها وتضيئ للآخرين (والله لا أكون كالشمعة تضيئ لغيرها وتحرق نفسها).

 الخروج الثاني 284هـ

وفي تلك الفترة اضطربت الأحوال في اليمن، وهاجت الفتن وانتشر القتل والتناحر والاقتتال، حتى عاد إليه أهل اليمن مرة ثانية عام 284هـ وأعطوه العهود والمواثيق على النصرة في الحق، والقيام بما أوجب الله فخرج معهم مرة أخرى.

وقد كان قدوم الإمام الهادي (عليه السلام) إلى اليمن بداية بالوصول إلى صعدة في السادس من شهر صفر سنة 284هـ، ليكون هذا التاريخ محطة يقف عندها اليمنيون، ويوماً فارقاً في مسار التاريخ الإسلامي في اليمن خاصة، فهو اليوم الذي وصل فيه الهدى والنور والأمن والإيمان.

أخلاقه وشمائله

كان الإمام الهادي يتمثل أخلاق رسول الله-صلوات الله عليه وآله-ويسير في الناس بسيرته، فهو القائل (والله لئن أطعتموني لا فقدتم من رسول الله صلوات الله عليه وآله إلا شخصه إن شاء الله تعالى).

 ويكشف لنا مؤلف سيرته عن جوانب من أخلاق الإمام الهادي نذكر منها:

  • فضله: ويكفيه فضلا وشرفا ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قال وهو من لا ينطق عن الهوى: ((يخرج في هذا النهج -وأشار بيده إلى اليمن- رجل من ولدي اسمه يحيى الهادي، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، يحيي به الله الحق، ويميت به الباطل)).
  • علمه: وتكشف لنا مؤلفاته التي تنضح بالعلم والرصانة، وبالرغم من اشتغاله بالجهاد إلا أنه ترك تراثاً علمياً عظيماً، وقد فاقت مؤلفاته 40 مؤلفاً، فضلا عن الرسائل والردود على المسائل، ويروى عنه أنه كان يملي العديد من المسائل على صهوة جواده في أثناء القتال.
  • سرعة البديهة والقدرة على الإقناع: فكما كان عليه السلام عالماً موسوعياً، فقد آتاه الله سرعة البديهة، واستحضار الجواب المقنع والملزم.
  • زهده وورعه: فقد كان عليه السلام من أشد من جاد بهم الزمان زهداً وورعاً، فهو القائل: “والله الذي لا إله إلا هو ما أكلت مما جبيت من اليمن شيئاً، ولا شربت منه الماء إلا من شيء جئت به من الحجاز”.
  • عبادته: كان عليه السلام صوَّاماً قوَّاماً، يصوم أكثر أيامه، ويحيى أكثر لياليه تهجداً وصلاة، ويسهر ليله ركوعاً وسجوداً حتى يسمع وقع دموعه على الأرض.
  • قوته وشجاعته في جهاده: كان (عليه السلام) يباشر المعركة بنفسه مع العدو ويتقدم الصفوف، (وأتقدم عليكم عند لقاء عدوي وعدوكم).
  • القيادة القرآنية: فمن منطلق قوله “والله لا يغيب عنكم من محمد إلا شخصه” وقوله: “إن هي إلا سيرة محمد أو النار” مثلت حكومته كل معالم العدالة، فكانت دولته مثالاً للدولة الرشيدة، القائمة على العدل والإنصاف والمساواة

وعن هذه القيادة يقول الشهيد القائد سلام الله عليه [الإمام الهادي خرج إلى اليمن بمفرده، بنى اليمن, وأقام دولة إسلامية في اليمن, وما تزال بركاته إلى الآن قائمة، آخرون كثيرون من أمثاله انطلقوا إلى المغرب، وإلى إيران وإلى بقاع أخرى في الدنيا فكان الواحد منهم يصلح أمة بكاملها]

  • القيادة العسكرية الحكيمة: تميز الإمام الهادي (ع) إضافة إلى شجاعته بالقيادة العسكرية، التي تضمن له ولأتباعه النصر-بفضل الله وتأييده- ولو كانوا قلة في المواجهة، (لو كان معي ألفا رجل وخمس مائة فارس مؤمنين لدوخت بهم عامة الأرض(.
  • جهاده: لم يتوانَ الإمام لحظة واحدة في قتال الطغاة، يطلب بذلك إحدى الحسنيين، إما النصر على الطغاة والمستكبرين، أو نيل الشهادة، فهو القائل )والله لو أطاعني الناس ما تركت قتال هؤلاء الظلمة يوما واحدا في حرّ ولا برد، حتى ألحق بالله، أو ينصرني الله عليهم، وودت أني لا أنزل عن سرجي ليلاً ولا نهاراً إلا لوقت صلاة، حتى يظهر الله الحق بي أو ألحق به سبحانه، فالله المستعان على عجز الناس، وقلة ثباتهم، وضعفهم عن إقامة الحق(.
  • الحرص الشديد على إصلاح أمة الإسلام: )والله لوددت أن الله أصلح أمر هذه الأمة، وإني جعت يوماً وشبعت آخر( وفي رواية (وأجوع يومين وأشبع يوماً).
  • العدل والإنصاف: حيث كانت القرابة والمناصب لا تجد لها مكاناً في ميزان الهادي(ع) فكان عليه السلام يعامل الضعيف والقائد بالسواء، على مبدأ ” القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه” ، وبتعامله بالعدل حتى مع أهل الذمة، وكان (عليه السلام) لا يقاتل قوماً إلا بعد دعوتهم وإقامة الحجة عليهم، وعرف عنه الصفح والعفو ممن يتكرر منهم النكث والغدر.
  • الحرص على سماع شكاوى عامة الرعية: كما عرف بعدم احتجابه عن الناس )أدخلوا عليّ من لا يصلني من الناس إلا بكم فإنكم إلا تفعلوا تحرقوني وتحرقون أنفسكم بالنار(.

دوره في القضاء على القرامطة و الباطنية

من أهم أسباب توجه أهل اليمن إلى الإمام الهادي عليه السلام، انتشار الفساد والجريمة والنهب والسلب على أيدي القرامطة.

والمصيبة أن القرامطة والباطنية يتحركون بضلالهم وفسادهم تحت مسمى ديني، وينشرون شعائرهم تحت مسمى إسلامي ينخدع به الجاهلون، ويغتر به أهل المبطلون من ذوي الأهواء والشهوات.

من هذا المنطلق لم يكن تحرك الإمام  لمواجهتهم عسكريا فحسب، فقد تحرك الإمام -عليه السلام-لمواجهة هذه الأفكار والشبهات فكريا، وله كتاب في الرد على الباطنية أسماه (بوار الباطنيّة)، بيّن فيه وفي غيره من الكتب والرسائل حقيقتهم، وكشف زيفهم في إظهارهم الدين وإخفاء الكفر المحض،  إلى جانب  أن لهم تأويلات فاسدة بحق القرآن الكريم، من خلال قولهم إن للقرآن ظاهرا وباطنا كما هو مشهور عنهم.
وحينما وجد الإمام -عليه السلام- القرامطة قد فتنوا الناس واستحلوا الحرمات واتبعوا الشهوات بقيادة (علي بن الفضل( الذي ادعى النبوة، وسفك الدماء، وحول اليمن إلى ساحة للأهواء،  ونشر فيه المعتقدات الفاسدة؛ ولم يكتف بذلك فقد بلغ به الإجرام إلى استباحة صنعاء.

لهذه الأسباب وغيرها كان جهاد الإمام الهادي -عليه السلام وتحركه لقتال القرامطة ضرورة دينية،  وواجبا شرعيا.
ومن هذا المنطلق وبعد أن خاض الإمام الهادي -عليه السلام-العديد من المواجهات الفكرية مع القرامطة، ولكن ذلك لم يردعهم عن ضلالهم، فقد كانوا يسلمون له تارة، وينكرون تارة أخرى، وينقلبون على أعقابهم منكرين  وجاحدين.

ونظرا لخطورة هذا الفكر المتمثل في (القرامطة والباطنية) استل الإمام (ذا الفقار) سيف جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وجاهدهم جهاداً شديدًا، وجرى له معهم نيف وثمانون وقعة كان يقودها بنفسه لم ينهزم في شيء منها بفضل الله وتأييده.

أبرز ما ميز الإمام الهادي في جهاده

أولا- الالتزام الدقيق بأحكام القرآن الكريم.

ثانيا-استحضار سيرة ومنهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثالثا- التقيد بسيرة أمير المؤمنين عليه السلام.

 أبرز مجالات بناء الدولة والحكم الرشيد في الدولة الهادوية

لم يأت الإمام الهادي إلى اليمن طمعا في منصب أو جاه، فهو أبعد ما يكون عن أن يطلب المناصب، أو أن يسعى إلى المكاسب، فهو من أعلام أهل البيت، يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه(ولكنهم يرون أنه لا يجوز بحال أن يكون لدى حتى علي أو الحسن أو الحسين أو زيد أو الهادي أو أي شخص من تلك النوعية أن يكون لديه عشق للسلطة، عشق للمنصب). فخروجه كان بناء على طلب أهل اليمن منه أن يقدم إليهم لما سمعوا من علمه وفضله وحكمته، وذلك بعد أن هاجت بهم الفتن، وانتشر القتل وسفك الدماء، وعمّ الفساد، فاستجاب لهم، ولبى دعوتهم.

أولاً / طلب البيعة

حين حط الإمام الهادي عليه السلام رحاله في اليمن؛ بدأ في إرساء قواعد الحكم الرشيد، ووضع أسس الولاية العادلة؛ إذ أعلن عند وصوله تلك القواعد، وطلب من الناس البيعة عليها، وتشمل:

  • تحديد الحقوق(حقوق الرعية على ولي الأمر)

ألزم الإمام الهادي عليه السلام نفسه بالتزامات تضمن حقوق الرعية، أكثر مما طلب من الرعية الالتزام به؛ فقال عليه السلام: ” أيها الناس إني أشترط لكم أربعاً على نفسي:

1- تحديد المنهج:– “الحكم بكتاب الله وسنة نبيه”.

 2- الأولوية للرعية:– “والأثرة لكم على نفسي فيما جعلته بيني وبينكم، أوثركم فلا أتفضل عليكم”.

 3- المبادرة في لقاء العدو:- “وأتقدم عليكم عند لقاء عدوي وعدوكم”.

 4- التقديم للرعية في العطاء:– “وأقدّمكم عند العطاء قبلي”.

  • تحديد الواجبات (واجبات الرعية تجاه ولي الأمر)

وفي مقابل تلك الالتزامات التي ألزم بها الإمام عليه السلام نفسه كحقوق للرعية، لم يشترط عليهم إلا شرطين فقط، قال عليه السلام:- “وأشترط لنفسي عليكم اثنتين”:

  • الولاء لله سبحانه وتعالى:- “النصيحة لله سبحانه وتعالى في السر والعلانية”.

وهذا المبدأ يشير إلى مدى حرص الإمام على ربط الحكومة وإقامة الدولة على أساس الدين الإسلامي، وهذا ما أكد عليه الشهيد القائد سلام الله عليه بقوله [هذا مبدأ إسلامي: أن الدولة الإسلامية, أن الحكومة الإسلامية هي جزء لا يتجزأ من هذا الدين].

2-الطاعة والتسليم بما لا يخالف أوامر الله تعالى:- “والطاعة لأمري على كل حالاتكم ما أطعت الله، فإن خالفت فلا طاعة لي عليكم، وإن ملت وعدلت عن كتاب الله وسنة نبيه فلا حجة لي عليكم، فهذه هي سبيلي (أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني).

  • إرساء دعائم التصالح بين القبائل المتناحرة.
  • نشر الأمن والطمأنينة، في عموم البلاد.
  • تعزيز الأخوّة الإيمانية بين أبناء المجتمع اليمني.
  • تأسيس الاقتصاد المقاوم الذي يقوم على الزكاة بشكل أساسي، ضمن برنامج يعتمد على تحقيق الاكتفاء الاقتصادي.
  • صياغة الدستور المعروف بـ “عهد الإمام الهادي للولاة“.

وفيما يلي خلاصة سريعة لأبرز ما ورد في عهد الإمام الهادي للولاة:

  • التأكيد على الوالي بالعهود والمواثيق في أداء عمله المكلف به.
  • الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر
  • استشعار الرقابة الإلهية، والتذكير بها.
  • التواضع والبعد عن كل مظاهر التكبر والغرور وعدم قبول الوالي للهدية.
  • الدعوة إلى موالاة من أمر الله بموالاتهم من أهل بيت الرسول صلوات الله عليه وآله.
  • تعليم الناس ونشر الوعي في البلد بأمور الدين(القرآن الكريم-الصلاة…الخ).
  • نشر الوعي بفضل الجهاد والمجاهدين

وفي كتيب العام الماضي تفاصيل أكثر، تشمل نص العهد، ونقاطاً تفصيلية لما ورد في عهد الإمام الهادي عليه السلام للولاة، فمن أراد التوضيح أكثر؛ فيمكنه العودة إلى كتيب ذكرى وصول الإمام الهادي إلى اليمن للعام 1445هـ.

 

استشهاده عليه السلام:

 بعد مسيرة حافلة بالجهاد في سبيل الله، ونشر العلوم، وإقامة دين الله قبضه الله إليه شهيدا بالسم، وهو في ثلاث وخمسين سنة، ليلة الأحد (20 من ذي الحجة 298هـ).

 ودفن يوم الإثنين في قبره الشريف المقابل لمحراب جامعه الذي أسسه بصعدة، وروى السيد أبو العباس عليه السلام أنه لما نُعيَ إلى الإمام الناصر الأطروش بكى بنحيب ونشيج، وقال: “اليوم انهد ركن الإسلام”.

 

ختاما

سيرة العظماء من آل البيت ومنهم الإمام الهادي عليه السلام كتاب سطوره من نور الهدي المحمدي الأصيل، وكلماته ضياء لنا في دروب الحرية والاستقلال، وقوة لنا في مواجهة الطغاة والمستكبرين، وحصنا منيعا من رياح التطبيع التبعية لقوى الطغيان، وبوصلة للأمة في بحار الضياع والانحراف التي تعصف أمواجها بالأمة الإسلامية على كافة الصعد والمستويات.

فعلينا أن نتأسى بهم، وأن نقتدي بهم في كل الجوانب، وخاصة في الجانب الإيماني والجهادي، يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه:

[لو أخذنا الدين من القرآن الكريم ومن أهل بيت رسول الله لما عشنا أذلاء أبداً، ولا شعباً واحداً. ولو لم يكن العرب بكلهم إلا كشعب واحد من الشعوب الموجودة لكانوا هم من يقهرون العالم، ولكانوا هم من يوصلون هذا الدين إلى الأمة كلها، ومن كانوا يؤمنون بهذه الفكرة.

الإمام الهادي نفسه كان يقول: ((لو أن معي خمسمائة شخص مخلصين لدوخت بهم الأرض)). خمسمائة شخص كان يقول.. يفهمون الإسلام بشكل جيد يقدم لهم الإسلام بشكله الصحيح، يفهمون القرآن ومناهجه التربوية وخطابه للنفس، خطابه للوجدان، خطابه للمشاعر، يثقون بالله الذي نزل القرآن لكانوا نوعية أخرى تدوخ العالم بكله ولكانوا كتلا من الحديد، كتلا من الصلب.]

ومن الأهمية بمكان أن نكون على علم ودراية بسيرته وجهاده، وللأسف لا يزال هناك قصور كبير في نشر سيرته، وهذا الأمر هو ما جعل الشهيد القائد يتساءل [متى رأينا في وسائل إعلامنا حديثا عن الإمام الهادي وعن أثره في اليمن؟ متى سمعنا برامجاً تتحدث عن أخباره وسيرته الحميدة وما عمله من أعمال عظيمة في اليمن وفي أوساط اليمنيين]

 الحقيقة