الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر وتؤكد انتشار الكارثة في هذه المناطق اليمنية وبشكل غير مسبوق
الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر وتؤكد انتشار الكارثة في هذه المناطق اليمنية وبشكل غير مسبوق
الصمود|
أعلنت الأمم المتحدة يوم الأحد عن انتشار حاد وغير مسبوق لحالات سوء التغذية الحرج للغاية، في المناطق الواقعة تحت سيطرة المرتزقة.
ويأتي ذلك نتيجة انعدام الأمن الغذائي وتدهور الخدمات، الأمر الذي يسلط الضوء على ضرورة إنهاء الحرب الاقتصادية العدوانية على اليمن وإنهاء سيطرة العدو وعملائه على مقدرات البلد وعبثهم غير المحدود بالموارد الوطنية.
وقالت “مجموعة العمل الفنية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في اليمن” وهي مجموعة دولية تضم وكالات الأمم المتحدة ومنظمات أخرى، إن “سوء التغذية الحاد يتزايد بسرعة” في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة المرتزقة، مشيرة إلى أن “الساحل الغربي يشهد مستويات حرجة للغاية لأول مرة” بحسب تقرير نشرته اليونيسيف.
وأفاد التقرير أنه “بحسب أحدث تحليل لسوء التغذية الحاد في التصنيف المرحلي المتكامل، ارتفع عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد أو الهزال بنسبة 34% مقارنة بالعام السابق” وذلك في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة المرتزقة، الأمر الذي “يؤثر على أكثر من 600 ألف طفل، بما في ذلك 120 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد”.
وأوضح التقرير أن “هذا الارتفاع الحاد يعود إلى التأثير المركب لانعدام الأمن الغذائي الشديد، والوصول المحدود إلى مياه الشرب الآمنة، والتدهور الاقتصادي وتفشي الأمراض (الكوليرا والحصبة)” في تلك المناطق.
وأشار إلى أن “حوالي 223 ألف امرأة حامل ومرضعة تعاني من سوء التغذية الحاد هذا العام” في مناطق سيطرة المرتزقة.
وأكد التقرير أن “المستوى الأكثر شدة في تصنيف سوء التغذية الحاد، وهو سوء التغذية الحاد الحرج للغاية (المرحلة 5 من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)، ينطبق على المناطق التي يتجاوز فيها انتشار سوء التغذية الحاد 30%، ولأول مرة، تم الإبلاغ عن هذا المستوى في مديريتي الخوخة وحيس بمحافظة الحديدة، ومديرية المخا بمحافظة تعز، وذلك خلال الفترة من نوفمبر 2023 إلى يونيو 2024”.
وأضاف أنه في مناطق سيطرة المرتزقة بمحافظة الحديدة “ارتفع معدل انتشار سوء التغذية الحاد إلى 33.9 % من 25.9 % على أساس سنوي”.
وتوقع التقرير أن “جميع المديريات الـ117” في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة المرتزقة، والمشمولة بالمسح “ستشهد مستويات خطيرة من سوء التغذية الحاد أو ما هو أسوأ خلال الفترة من يوليو إلى أكتوبر من هذا العام”.
وأضاف أنه “من المتوقع أيضًا أن تنزلق مديرية موزع في تعز إلى مستوى حرج للغاية”.
وقال بيتر هوكينز، ممثل اليونيسف في اليمن: إن “التقرير يؤكد وجود اتجاه مثير للقلق لسوء التغذية الحاد بين الأطفال في جنوب اليمن، ولحماية النساء والفتيات والفتيان الأكثر ضعفًا، فإن الاستثمار في جهود الوقاية والعلاج وتوسيع نطاقها أمر بالغ الأهمية أكثر من أي وقت مضى”.
واعتبر الدكتور حسين جادين، ممثل منظمة الأغذية والزراعة في اليمن: “إن الارتفاع المثير للقلق في سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة” في مناطق سيطرة حكومة المرتزقة “يؤكد التأثير الشديد لتفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد وضعف الوصول إلى الخدمات الأساسية”.
وذكرت اليونيسيف أن مناطق سيطرة المرتزقة في الحديدة وتعز اللتين أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد “تواجه بالفعل أعلى معدل لتأخر النمو أو سوء التغذية المزمن، وهذا يعني أن الحرمان المتكرر يؤدي أيضاً إلى تفاقم سوء التغذية المزمن بين الأطفال في هذه المناطق”.
وقال بيير هونورات، ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القطري في اليمن: “إن برنامج الأغذية العالمي مضطر حالياً إلى توفير حصص أصغر حجماً، وينبغي أن تكون هذه النتائج بمثابة جرس إنذار بأن الأرواح على المحك، ومن الأهمية بمكان تكثيف الدعم للفئات الأكثر ضعفاً والتي قد تغرق في انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بشكل أعمق إذا استمرت مستويات التمويل الإنساني المنخفضة الحالية”.
وقال الدكتور أرتورو بيسيجان، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن: “إن ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة في اليمن يشير أيضًا إلى أن الأمراض تثير القلق، فالخدمات الصحية والتغذوية المتكاملة، بما في ذلك إدارة أمراض الطفولة وضمان التحصين المحدث وممارسات التغذية المناسبة، تشكل أهمية بالغة لمعالجة حالات الطوارئ الصحية والتغذوية. هذا بالإضافة إلى ضمان الوصول إلى الغذاء المغذي الكافي ومياه الشرب الآمنة. يجب على الجهات الفاعلة الإنسانية والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات فورية لحماية مستقبل أطفال اليمن”.
وأكدت اليونيسيف على أن “إنهاء الصراع المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمان واستعادة السلام أمر بالغ الأهمية لمواجهة التحديات وبناء القدرة على الصمود لدى الشعب اليمني الذي دمره نقص الخدمات الأساسية والنزوح المتكرر وانهيار النظم الاقتصادية”.
ضرورة إنهاء الحرب الاقتصادية واستعادة موارد البلد
هذه الكارثة الإنسانية في المناطق المحتلة تمثل مظهرا جديدا من مظاهر الحرب الاقتصادية العدوانية على اليمن، والتي تجلت بوضوح من خلال السياسات الاقتصادية التدميرية التي فرضها تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي ومرتزقته في مناطق سيطرتهم، حيث لا يمكن فصل ارتفاع حالات سوء التغذية الشديدة، عن انهيار العملة المحلية في تلك المناطق وهو الانهيار الذي جاء نتيجة نقل البنك المركزي وطباعة كميات مهولة من العملة بقرار أمريكي ورعاية سعودية، وأدى إلى ارتفاع مهول في أسعار المواد الغذائية الضرورية وحرم الكثير من المواطنين من الوصول إليها.
كما تعكس هذه الكارثة حجم العبث الذي يمارسه العدو ومرتزقته في مناطق سيطرتهم، ذلك أن “تدهور الخدمات” الذي تحدث عنه التقرير الدولي، يعود بشكل أساسي إلى الفساد واسع النطاق الذي يمارسه المرتزقة والتدمير الممنهج والمتعمد لكل المؤسسات الخدمية ونهب كل المقدرات التي يمكن أن يستفيد منها المواطنين، حيث تتعامل سلطات المرتزقة مع كل الموارد والمؤسسات في مناطق سيطرتها كثروات وأماكن نفوذ شخصية يتم تقاسم فوائدها ومنافعها بضوء أخضر من تحالف العدوان.
وفي مقابل ما يكشفه هذا الوضع الخطير في المناطق المحتلة من حرب اقتصادية إجرامية وعبث واسع بمقدرات البلد، فإنه يؤكد على ضرورة وأهمية إنهاء العدوان والحصار على اليمن بشكل عاجل، ووقف السياسات الاقتصادية التدميرية التي يفرضها الأعداء ومرتزقتهم في المناطق المحتلة بما في ذلك طباعة العملة وتبديد ونهب الموارد، كما يؤكد على ضرورة مضي النظام السعودي في المعالجات الإنسانية والاقتصادية المتفق عليها بما في ذلك توحيد البنك وإعادة إيرادات النفط والغاز لصالح المرتبات والخدمات بدلا عن نهبها وتهريبها إلى البنوك السعودية.