ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى
الصمود| من هدي القرآن |
ولما كان المال, أو النعم بصورة عامة, سواء كانت نعم معنوية، أو نعم مادية، لها أثر عاطفي في نفس الإنسان يشده إلى الطرف الذي منحه هذه النعمة، إلى من أسدى إليه هذا المعروف, يشده نحوه، كانت النعم فيما يتعلق بعلاقتنا بالله سبحانه وتعالى ذات تأثير كبير فيما إذا تذكرنا أنها نعمة، هي مربوطة بالتذكر{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى:11) بالتذكر، أما إذا كنا ناسين للنعم هذه فلا تعطينا أي معنى من المعاني، أنها تشدنا عاطفياً نحو الله سبحانه وتعالى.
لكن إذا كان للمال أثره العاطفي، إذا كان للنعم أثرها العاطفي، والقاسم المشترك ـ ما بين تعامل الله مع الإنسان على هذا النحو وفيما يتعامل الناس مع بعضهم بعض ـ هو الجانب العاطفي، فهو بالنسبة لله مضمون، وبالنسبة لله سبحانه وتعالى إيجابي متكامل، متى انشديت إليه كلما كان انشدادك إليه في صالحك وتكريم لك وتعظيم لك، هو تكامل فيك، وسمو لروحيتك، وطهارة لنفسك، وتعطي ما تحدثنا عنه سابقاً.
لكن بالنسبة للإنسان ماذا سيحدث؟ بالطبع لو بقي المجال مفتوحاً فيما بين الناس أنه على كل واحد أن يتذكر ما أعطى إليه الآخر فيقابله بنفس الشعور، ويقف منه نفس الموقف الذي يقفه ويشعر به مع الله سبحانه وتعالى فيما أعطاه عليه من نعم، لو كان المجال مفتوحاً على هذا النحو لكان في المسألة خطورة بالغة: هو أن كثيراً من أصحاب الأموال، كثيراً من أهل الباطل أليسوا يسيرون الباطل بأعمال من هذا النوع.. إحسان, وبذل مال, وتسهيلات معينة، وبذل معروف؟ نِعم ـ إن صح التعبير ـ أليس هذا هو ما يستخدمونه؟.
فمن اللازم للتأثير السلبي لهذه القضية فيما إذا كانت مفتوحة أن يبعد الجانب الفكري الثقافي الديني بالنسبة للإنسان عن أن يخضع للتأثيرات المادية، فيبعد الجانب الديني والثقافي، الفكري، التوجهات، المواقف، تبعد
عن الجانب المادي وعن تأثيرات ما قد تتركه المادة من عواطف ومشاعر في النفس تشد نحو من يسديها؛ لأن المادة ـ سواء كانت أموالاًََ نقدية، أو كيفما كانت ـ هي سلاح ذو حدين، لها أثر كبير في الجانب الإيجابي، ولها أثر كبير في الجانب السلبي، حتى المؤمنين نهوا عن هذا، إقفالاً للموضوع من أساسه، نهوا عن المنّ.
والمنّ الذي يعني التذكير بما أسديت للآخر [أنا عملت لك كذا وعملت لك كذا، وأنا كذا] تريد من وراء ذلك إخضاع مشاعره وعواطفه ومواقفه بالشكل الذي يستجيب لما أردت من وراء إعطائك ذلك المال, أو وقوفك معه ذلك الموقف الذي تعتبره نعمة منك عليه، هذا يتنافى مع كرامة الإنسان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة معرفة الله الثقة بالله الدرس الثالث
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ:20/1/2002م
اليمن – صعدة