الثقافة القرآنية.. وثقافة غرس الأشجار
الصمود||مقالات||يحيى صلاح الدين||
الحمد لله على نعمة الأمطار التي تهطل على بلدنا منذ أيام والذي لم يشهدها اليمن منذ عقود عجاف ولا بد من العمل على الاستفادة منها وأتمنى لو تقوم الجهات المسؤولة ببناء حاجز بحيرة كبيرة في منطقة الخارد باحب، لربما عاد نهر الخارد العظيم الذي كان موجودا ويصب في وادي حضرموت .
نريد أن نفهم جميعا كمجتمع رسمي وغير رسمي، هل ثقافة غرس الأشجار وزرع الأزهار من الأمور التي إهتمّ بها الله عز وجل والأنبياء وأعلام الهدى عليهم صلوات الله أم لا؟
عندما نراجع الآيات القرآنية، نرى أن في بعض الآيات، إشارة إلى الأشجار والزرع والأزهار والله أحصى الأشجار والزرع والأزهار في ضمن الآيات الدالة على التوحيد والتي يجب على الناس التأمل فيها والتدبر حولها.
الأشجار مظاهر قدرة الله ومظاهر لقدرة الله سبحانه وتعالى. حيث يقول الله عز وجل (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَکُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا کَانَ لَکُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ یَعْدِلُونَ.
وفي الآية الأخرى، يجعل الأشجار علامات دالة على حكمة الله وقدرته سبحانه وتعالى حيث قال (یُنبِتُ لَکُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّیْتُونَ وَالنَّخِیلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن کُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیَةً لِّقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ).
التأمل في الأشجار
وفي الآية الأخرى يحث العباد على التأمل والتدبر في الأشجار والأزهار والزرع ويقول (أَفَرَءَیْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّ ارِعُونَ لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَکَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ).
وأيضا يعبر القرآن عن الأشجار والفواكه بالنعم التي يجب على العباد شكر الله عليها، فقال (فَلْینظُرِ الإِنسَانُ إِلَی طَعَامِهِ، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا، ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا، فَأَنبَتْنَا فِیهَا حَبًّا، وَعِنَبًا وَقَضْبًا، وَزَیتُونًا وَنَخْلاً، وَحَدَائِقَ غُلْباً، وَفَاکهَةً وَأَبًّا، مَّتَاعًا لَّکمْ ولأنْعَامِکم).
فعلى هذا نرى أن الله سبحانه وتعالى أعطى أهمية كثيرة للأشجار والفواكه والأزهار والنباتات بشكل عام وجعلها عبرة ونعمة وعلامة وسبباً للتدبر والتأمل، فغرس الأشجار والأزهار وزرع النباتات يكون مطلوبا لله سبحانه وتعالى.
الروايات عن ترغيب الاسلام بغرس الأشجار كثيرة
والملفت للنظر أن الحث على غرس الأشجار كان موجودا من زمن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأن النبي كان يحث ويشجع أصحابه على غرس الأشجار وعدم قطعها، ومن الأحاديث الواردة في هذا المجال والدالة على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حث على غرس الأشجار في حديث بليغ إذ يقول: “إذا قامت القيامة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها”.
واعتبر رسول الله غرس الأشجار صدقة جارية إذ يقول: “سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علّم علماً، أو كرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس شجرة، أو بنى مسجداً، أو ورّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته”.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله (ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كانت له صدقة).
وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال (من غرس غرسا فأثمر، أعطاه الله من الأجر قدر ما يخرج من الثمرة).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله (من بنى بنيانا بغير ظلم ولا اعتداء، أو غرس غرسا بغير ظلم ولا اعتداء، كان له أجر جار ما انتفع به أحد من خلق الرحمن).
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (ما من رجل غرس غرسا إلا كتب الله له من الأجر قدر ما يخرج من ثمر ذلك الغرس).
أمير المؤمنين علي -عليه السلام- مازالت آثار غرسه إلى يومنا هذا المعروفة ببساتين آبار علي في المدينة المنورة وغيرها من الأماكن، حيث مع أعماله الكثيرة في زمن حياة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ومن بعده، لم يترك الزراعة وغرس الأشجار، بل لم يزل يغرس الأشجار ويزرع النباتات، فقد روي أن أمير المؤمنين -عليه السلام- لما كان يفرغ من الجهاد يتفرغ لتعليم الناس والقضاء بينهم، فإذا فرغ من ذلك اشتغل في حائط له يعمل فيه بيديه وهو مع ذلك ذاكر الله تعالى.
وعن الإمام الصادق -عليه السلام- قال كان أمير المؤمنين -عليه السلام- يضرب بالمر، ويستخرج الأرضين، وكان رسول الله يمص النوى بفيه فيغرسه فيطلع من ساعته، وإن أمير المؤمنين أعتق ألف مملوك من ماله وكدّ يده).
وروي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام (إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عليه السلام كَانَ يَخْرُجُ وَمَعَهُ أَحْمَالُ النَّوَى، فَيُقَالُ لَهُ: يَا أَبَا الحَسَنِ! مَا هَذَا مَعَكَ؟ فَيَقُولُ: نَخْلٌ، إِنْ شَاءَ اللهُ، فَيَغْرِسُهُ فَلَمْ يُغَادِرْ مِنْهُ وَاحِدَة).
بفضل الله تعالى وبقيادة قائد الثورة الحكيم السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، سيعود اليمن السعيد وخاصة بعد تحرك عجلة التغيير الجذري التي ستشمل كل الجوانب وعلى رأسها القوة العسكرية والأمنية والاهتمام بالزراعة وعملية التشجير .