ما تطفئ النار إلا النار.. والرد لم يأتِ بعد
الصمود||مقالات||عدنان باوزير||
ما فتىء كيان العدو يشعل النيران في أنحاء غزة غير آبه بشيء ولا مقيم أي اعتبار لأحد، لا لعرب الصمت والهوان ولا للقوانين الدولية حمالة الأوجه والتي يفصلها على مقاس إجرامه، ضارباً بعنجهيته المقيتة وغطرسته الوقحة بكل القيم الإنسانية عرض الحائط ومتحدياً ما يسمى بالمجتمع الدولي والذي ثبت أن إرادته مسيرة ومسخرة فقط لخدمة مغامرات العدو الدموية وتبرير جرائمه.
ولم ينحصر ضرام حرائق حقده الرهيب داخل قطاع غزة الصغير والمحاصر والمقطوع وحرفياً من جغرافيا واهتمام واكتراث العرب، بل أمتد إلى جنوب لبنان ثم حملت رياح طيشه شرار حقده الأسود إلى أقصى غرب اليمن ليغطي دخانها الأسود الكثيف سماء (الحديدة) الزرقاء.
ولطالما واكب ماراثون حرائق العدو تلك حرائق أخرى أشد وأفتك كانت تشتعل بين جنباتنا في تداع وطني وعربي وإسلامي وإنساني طبيعي جداً مع ما يحدث من حرائق في ديارنا ولأخوتنا وفي محيطنا. فجاء مشهد النيران معبراً للغاية ومهد -إن لم يكن مخمد- معنوي مطلوب وملح لحرائقنا تلك وكنا نحتاجه للغاية.
لقد كانت عملية (سونيون)عملية جريئة ومعقدة عملياتياً واستخبارياً بحسب آراء المحللين، ولكني أجزم بأنها لم تكن بهذه الصعوبة والتعقيد بالنسبة لمنفذيها الشجعان ولن يفهم هذا الكلام سوى العارفين بثقافة الأنصار.
الرسالة المراد إيصالها من عملية (سونيون) :
أولاً – لابد من التوطئة بهذه المعطيات:
أن يكون أمامك عدة طرق لتنفيذ المهمة وتحقيق الهدف، فإن اختيارك للطريقة الأصعب وبفائض جرأة و(بذخ) شجاعة مذهل إذا صح التعبير، فهذا ليس ترفاً بل هو تعبير مقصود عن القوة لخدمة السيناريو العام للحدث الدرامي المؤثر بغية حسن استيعابها وفهمها فهماً قاطعاً لا لبس فيه، ويحمل في طياته رسالة قوية وجلية لا يخطئ قراءتها الا أحمق. رسالة بسيطة ومباشرة ولكنها في نفس الوقت مركبة ومتعددة الوجهات.
وقد اُريد لهذه العملية تأكيد أو بالأصح إعادة تأكيد التالي:
• نحن أسياد البحر الأحمر، ونحن قوة عسكرية بحرية إقليمية صاعدة بقوة ومؤثرة ولا ينبغي تخطينا أو تجاهل إرادتنا أو الاستخفاف بقدراتنا، ونحن نتحرك في بحارنا وفي محيطنا، ونحن بالمقابل مرة أخرى أصحاب قضية وطنية وعروبية وإسلامية وإنسانية لا مناص ولا جدوى من الإمعان في تجاهلها أو فصلها عن السياق العام.
• لأمريكا وحلفائها الغربيين ضمن ما يسمى بتحالف (حارس الازدهار) :
حاملات طائراتكم وبوارجكم وفرقاطاتكم وغواصاتكم ومدمراتكم و.. و .. الخ، لا تخفينا ولا تمنعنا، وهي لا تجدي معنا نفعا، القرار القديم الجديد كان ولا يزال كما هو : ممنوع مرور سفن الكيان الغاصب أو تلك المتعاونة معه في مياه البحر الأحمر حتى وقف العدوان على غزة، لا شيء تغير والقواعد ما زالت هي نفسها، وهي الى تصعيد لا الى تراجع أو انحسار أو تجميد.
• لشركات و وكالات الشحن التجاري الدولي قاطبة ولكل دول ما يسمى بـ (حارس الازدهار) وللجميع :
لن نحميكم أو يهب لنجدتكم في داخل مناطق عملياتنا أحد ولن يهب لنجدتكم من وعدوكم بالحماية، كلها ترهات ومحض هراء ولم يدع هذا لدى أي مراقب ذرة شك بعد الآن في فشل هذا التحالف المهترئ الذي ولد ميتا، وهو بنفسه غارق الى أذنيه ومن لم يستطع حماية نفسه فلن يحميكم، وأن لا حل عسكري لهذه القضية، لا حل سوى حل واحد فقط هو إيقاف العدوان على غزة وما خلاه ليس سوى كلام فارغ وتضييع وقت وحسب.
بل لن يجلي حتى طواقمكم أو يقطر ناقلاتكم إذا أصيبت، الا بموافقة القوات البحرية اليمنية صاحبة القرار، هل تعتقدون حقاً أن قطع الحلف الغربي المنتشرة الجوار لم تسمع نداء استغاثتكم؟ قطعاً إنها سمعت النداء ولكنها عملت نفسها ميتة !!
وقبل الختام فهناك رمزية أخرى لا أدري هل هي مصادفة أو مقصودة بالفعل، في تشابه مشهدي: حرائق دخان خزانات النفط بميناء الحديدة بفعل قصف العدو مع حرائق (سونيون) الناقلة المارقة المنكوبة.
وأخيراً لا نقول هذه بتلك فالحساب مفتوح وطويل، ولكنا نؤكد أن هذا ليس سوى فصل من فصول الحصار اليماني التجاري البحري المعلن للعدو، وهو مجرد عمل روتيني ضمن هذا النشاط ويندرج في سياقه، أما الرد المنتظر على عدوان الحديدة فهذا موضوع آخر منفصل تماماً وسيأتي في توقيته المختار وبتفاصيل وظروف أخرى كما هو منتظر، ولا ينسى اليمانيون ثاراتهم، ولكل حدث حديث والأيام حُبلى بالمفاجآت!